شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توضح الآداب التي يجب اتباعها من أجل الأمر بالمعروف، اهتم علماء الدين الإسلامي والفقهاء بتوضيح الآداب الواجبة على كل مسلم حين ينصح أي شخص أو يأمره بالمعروف ويقوم بنصح وإرشاده من أجل الابتعاد عن المنكر، لذا سنعرض لكم من خلال منصة وميض شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حمل الدين الإسلامي رسالة قيمة وعظيمة تعمل على انتشار الخير بين الناس، كما يرغب الإسلام أن يسود السلام والمودة بين الأشخاص، لذا يجب على كل مسلم أن يعرف دوره الواجب عليه في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أمر الله تعالى المسلمين أن ينصحوا غيرهم بالمعروف من خلال بعض الشروط، وقد تتلخص شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الآتي:
1- امتلاك العلم
يجب على من يقوم بأمر الآخرين أو النهي في أي فعل أن يكون من الأشخاص الذين يمتلكون علم وفير بالأحكام الشرعية والدين الإسلامي، ولا يجدر بأي شخص النهي عن أي فعل دون امتلاكه ما يكفي من العلم للنهي عن هذا الأمر، ولا يجب عليه أن يتبع ما يظنه هو أو يقدره أو ما يتبعه من عادات وتقاليد ولا ينص عليه الشرع.
فقد ذكر الإمام النووي “فإن كان من الواجبات الظاهرة أو المحرمات المشهورة، كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فكل المسلمين علماء بها، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم إنكاره بل ذلك للعلماء“.
هذا يعني أنه هناك بعض الأمور التي يعلمها جميع المسلمين والتي من الممكن الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر فيها، لكن هناك بعض الأمور الدقيقة في الدين التي يختص بها العلماء والفقهاء، وذكر أن المسلم يعرف عن أمور الصوم والصلاة فيأمر بالمعروف فيها، ويعرف عن الربا وكشف العور فيعمل على النهي عنها.
لكن ما غير ذلك فهو يختص به أهل العلم ويجب على المسلم معرفة ذلك وأنه لا يجدر به الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر فيما يختص بأهل العلم، وهو من أول وأهم شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
اقرأ أيضًا: معلومات عن عمر بن الخطاب
2- الأولى فالأولى
معنى شرط الأولى فالأولى أنه يجب على المسلم أن يقوم بالأمر بالمعروف في الأمور التي تتعلق بالواجبات قبل السنن وأنه يجب أن ينهى عن الأمور المحرمة قبل الأمور المكروه، وفي كثير من الأحيان قد يواجه المسلم وجود الاثنان معًا سواء الأمر عن الفرض والسنة أو النهي عن المحرم والمكروه فيجب في هذه الحالة الأمر بالفريضة والنهي عن المحرم.
مثال على ذلك إذا وجد بائع يغش ويحلف في البيع ويعتبر الغش من المحرمات بينما الحلفان من المكروهات فيجب أن ينهى المسلم عن الغش أولًا ثم ينهى عن الحلفان، ولكن إذا وجد سبب لا يستطيع النهي عن الغش لأجله يمكنه أن ينهى عما يقدر، وهذا الشرط لا ينفي وجوب النهي عن الأمرين لكن يجب تقديم المحرم.
أما في حالة اجتمع النهي عن المنكر والأمر بالمعروف معًا يجب أن يقدم الأمر بالمعروف عن النهي عن المنكر أولًا، وهذا أهم ما يجب الحديث عنه عند التحدث عن شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- النهي عن منكر يؤدي إلى منكر أكبر منه
يوجد الكثير من المسلمين والفقهاء يتغافلون عن هذا الشرط ودليل على هذا الحديث الشريف “يا عائِشَةُ، لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، فألْزَقْتُها بالأرْضِ، وجَعَلْتُ لها بابَيْنِ: بابًا شَرْقِيًّا، وبابًا غَرْبِيًّا، وزِدْتُ فيها سِتَّةَ أذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ، فإنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْها حَيْثُ بَنَتِ الكَعْبَةَ” روته السيدة عائشة أم المؤمنين.
يدل هذا الحديث على أنه يجب ترك الأمر الذي يعتقد الكثيرين أنه صواب، وهذا بسبب الخوف من أن هذا الأمر قد يؤدي إلى ما هو أكبر منه أو أن تقع فتنة بين الناس، وأنه يجب على الفقهاء والعلماء النهي عن المنكر الذي سوف يؤدي إلى وقع منكرًا أكبر منه، وقد تقع الفتنة بين الناس بسبب قلة العلم بالدين الإسلامي.
4- محاولة الموازنة عند اختلاط المنكر بأمر معروف
يتشابه هذا الشرط والشرط السابق، حيث يوجد بعض الأمور التي يختلط فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مثال على ذلك هناك بعض المساجد التي تمارس بعض العادات والتقاليد التي تعتبر بدع ولا توجد بالدين الإسلامي وتخالفه، وإذا تم الأمر بالمعروف في هذا الأمر من الممكن أن يمتنع الناس عن الذهاب للمسجد.
أجاب ابن تيمية عن هذا الأمر قائلًا إنه لا يجب الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر في هذا الأمر بل يجب النظر هل المعروف في هذا الأمر أكثر من المنكر فإذا كان فيجب الأمر بالمعروف فيه، أما إذا كان المنكر أكثر من المعروف فيجب النهي عن المنكر بالحسنى.
لكن في حالة تكافؤ الأمران فيجب ألا يؤمر بالمعروف أو النهي عن المنكر وهذا ما اتفق عليه الكثير من العلماء.
5- المسائل التي يوجد خلاف عليها لا تدخل في الأمر والنهي
هو أحد أهم شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث أتفق الفقهاء على أنه الأمر الذي يحمل خلاف بين العلماء المسلمين أو الفقهاء لا يندرج تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خاصةً أن هناك مذاهب إسلامية متعددة ولكل مذهب إمام ودليل، بالإضافة إلى استحالة اتفاق جميع العلماء على كافة الفروع والأحكام.
لكن أتفق الفقهاء في هذا الأمر من أجل الابتعاد عن الخلاف إذا كان الخروج من هذا الخلاف سنة أو سوف يؤدي إلى الوقوع في خلاف آخر فيجب تجنبه، أما إذا كان هذا الخلاف شاذ فيجب النهي عنه لعدم تكرار هذا الأمر وانتشاره بين الأشخاص وأن هذا الخلاف لا قيمة له ولا يمنع النهي عنه.
6- التعرف إلى حال من يتم أمره أو نهيه
ينطبق هذا الشرط على الشخص الذي يذهب إلى بلد غريبة لا يعرف عاداتهم ومذاهبهم الفقهية، مثال على ذلك البلاد التي تجيز أكل لحم الميتة أو مثل الشخص الذي يبيح أن يفطر في رمضان لأن مسافر، لذا يجب أولًا التعرف إلى حال الشخص الذي نأمره بالمعروف أو ننهاه عن المنكر.
من الممكن أن يسبب الجهل وعدم المعرفة بأحوال الشخص حرجًا له أو شعوره بالخطأ أو الوقوع في منكر آخر أكبر وأشد من المنكر الأول.
7- أن يكون الأمر المنكر واضحًا
عند النظر في شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجدر بنا معرفة أنه لا يجدر بنا التحسس أو التجسس على الأشخاص من أجل معرفة ما يفعلونه من منكر من أجل تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يجب تتبع عورات الناس وكشف أستارهم أو البحث والنظر في الأمور التي لا تظهر لنا.
لكن في حالة اختباء رجل من أجل أن يقوم بقتل رجل آخر أو اختلاء رجل بامرأة من أجل ممارسة الزنا فيجب الكشف عنهم، وهذا لأن هذه الأمور من المحرمات.
8- أن يكون المنكر قد تم في الوقت الحالي لا الماضي
لا يجدر بنا تذكير الشخص بما فعله في الماضي ومحاسبته عليه أو نهيه عنه إلا إذا كان من باب الإرشاد والنصح والتذكير بالتوبة، فإذا قصر الشخص في أمر ما أو في حق الله تعالى أو في حقوق أشخاص آخرين يجب تذكرته بأنه كان يقوم بهذا الفعل في الماضي ونهيه عن فعله.
9- ترك الأمر أو النهي حتى يحين وقت مناسب
هناك الكثير من الأشخاص الذين يسرعون إلى الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر في الحال عند مصادفة أي أمر يحتاج الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، ويعتبر الإسراع في النهي عن المنكر والأمر بالمعروف هو من الأمور المحمودة إذا كان الأمر لا يستدعي تأجيله أو تركه لوقت مناسب.
أما في حالة كان الأمر يحتمل التأجيل إلى وقت مناسب أو مكان أفضل من أجل الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر حتى يستطيع الشخص تحصيل تأثير أفضل والاستجابة بصورة أكبر فمن الممكن أن يؤجل الشخص الأمر بالمعروف أو النهي حتى يحين الوقت المناسب لهذا.
10- استثمار الفرص من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
المقصود بهذا الشرط أنه يجب على العلماء استثمار أوقات أو الأماكن المخصصة للتجمعات من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل استثمار وقت رمضان أو وقت الحج من أجل الأمر بالمعروف، حيث إن ما يتقبله الأشخاص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الوقت قد لا يتقبلوه في أي وقت آخر.
اقرأ أيضًا: هل يجوز قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة
آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من خلال الاطلاع على شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجدر بنا الاطلاع على آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الفرائض التي تم وضعها من أجل الحصول على الكثير من الثمار المفيدة للمجتمع ولنفوس الأشخاص، ومن الممكن أن تنحصر آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الآتي:
1- الصبر واحتساب الأذى عند الله
قد يتعرض الشخص المسلم الذي ينهى الناس عن المنكر ويأمرهم بالمعروف إلى بعض الأذى من خلالهم، ونرى أن الله عز وجل قد ربط بين الصبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (سورة لقمان الآية 17)
قيام الشخص المسلم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يوجب عليه الصبر واحتساب الأذى القادم إليه عند الله، ومن الممكن أن يصل الأذى إلى القتل أو الوقوع في مشقة قد يسكت المسلم وكل شخص على قدر استطاعته.
2- الإخلاص في القول
هو أحد الآداب الهامة التي يجب اتباعها عند الشروع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يجدر بالشخص الآمر بالمعروف أو الناهي عن المنكر أن يستحضر النية ويخلص عمله لله عز وجل، فهناك بعض الأشخاص الذين يقومون بهذا الأمر حبًا في الظهور أو الشهرة، ولكن يجب أن يعلموا أن هذا الأمر يفسد الثواب ويتنافى مع المقصد الشرعي.
3- الواجب هو البلاغ
لا يجب بالشخص المسلم ترك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر بسبب ظنه أن الشخص لن يستجيب إلى ما يقوله وقد أتفق على هذا أغلب العلماء، فقد ذكر الله عز وجل في القرآن (مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) (سورة المائدة الآية 99).
4- مراعاة الستر
يجب أن يراعي الآمر بالمعروف أو الناهي عن المنكر ألا تكون النصيحة هي فضيحة وإحراج للشخص، فيجب عليه ألا ينصحه أمام الناس في العلانية، أما عند قيام الشخص باتباع النصيحة يجب عليه ألا يخبر الناس بفعلته قديمًا.
5- استخدام اللين عند النصح
يجب على الشخص الناصح استخدام الرفق واللين خاصةً عند نصح الأشخاص الذين لا يعلمون الأمر أو الضعفاء منهم، كما يمكننا اعتباره أحد شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث ذكر في القرآن الكريم (ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ) (سورة النحل الآية 125).
فيجب الرفق بالأشخاص عند نصحهم من أجل كسب مودتهم والتأكد من أنهم سوف يستجيبوا إلى النصيحة، واستخدام الشدة من الممكن أن يؤدي إلى عدم استجابة الأشخاص للنصيحة ونفورهم من الشخص.
6- التواضع عند النصح
في إطار التعرف إلى شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجدر بنا التعرف إلى أن التواضع عند النصح من أهم آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يتكبر على الأشخاص الذي يقوم بنصحهم باعتباره أكثر علمًا منهم أو لم يقع في الخطأ الذي وقعوا به، فمن الممكن أن يكون المذنب التائب أفضل عند الله من الشخص المتكبر عليه.
7- الاستعانة بمن يثق بهم
من الممكن أن يُقدم الشخص على طلب المساعدة من الأشخاص الأعلم منه في أمرًا ما، فقد يكون هذا الشخص لديه القدرة على التأثير واستجابة الأشخاص بشكل أكبر منه، وكونه يعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الأمور الواجبة وذات طبيعة مهمة وأن الشخص يحتاج إلى شخص بجانبه يعينه على القيام بها.
8- عدم مخالفة ما يقوم بالأمر به والنهي عنه
بعد الحديث عن شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نقدر على الحديث عن أن عدم مخالفة ما يقوم الشخص بالأمر به والنهي عنه من أهم آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويعتبر هذا من باب الصدق مع النفس، حيث إن الشخص الذي يأمر بالمعروف يقوم بما يأمر به يجعل المحيطين به يستجيبون بصورة أكبر.
فإذا كان الشخص ينصح بالتصدق أو الصوم والصلاة ويقوم بذلك أمام الناس فهذا يجعلهم يستجيبون إليه بشكل أكبر ويقوموا بفعل ما يأمر به من معروف وما ينهى عنه.
9- البعد عن مجالسة صاحب المنكر
تعتبر مجالسة صاحب المنكر من إحدى علامات رضا الشخص عن المجلس سواء كان المجلس خير أو شر فيجب إنكار هذا الأمر ثم الابتعاد عن هذه المجالسة، وهذا ما يفعله الكثير من الأشخاص حيث يؤكدون أنهم لا يرضون هذه الأفعال وينكروها بقلوبهم ولكن يجالسون ويخالطون أهل المنكر.
هذا ما نفاه العلماء حيث أكدوا أنه يجب البعد عن المجالس التي يكون بها الأشخاص الفاعلين للمنكر في حالة عدم قدرة الشخص النهي عن المنكر الواقع في هذا المجلس.
اقرأ أيضًا: كيفية صلاة الاستسقاء عند المالكية
10- النهي بالقلب هو من الأمور المقدور عليها
يعتبر النهي بالقلب هو واحد من الأمور التي يقدر جميع الأشخاص على فعلها سواء كبارًا أو صغارًا أو لا يمتلكون القدرة على النهي عن المنكر أمام فاعل المنكر، ويعتبر هذا من أكثر الأمور التي تدل على رحمة لله بخلقه وجعله أدنى درجات النهي عن المنكر والأمر بالمعروف.
شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحمل الكثير من الأمور التي يجب التعرف إليها، كما أن الدين الإسلامي أمر باتباعه لمعرفة كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.