فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة
فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة هل يعد خلعًا أم لا؟ وهل يحق المرأة أن تأخذ المهر في هذه الحالة؟ اختلف الناس حول في معنى فسخ العقد، فيظن البعض أن فسخ العقد هو الطلاق، ولكن فسخ العقد يختلف عن الطلاق في أمور كثيرة، ومن خلال منصة وميض سنتكلم على موضوع فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة باستفاضة، وذلك عبر السطور القادمة.
فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة
الفسخ والطلاق وجهان لعملة واحدة فكلاهما بمعنى فراق الزوجين، ولكن الطلاق يكون من خلال الزوج عن طريق تلفظه ببعض الألفاظ التي وضحها لنا العلماء، والفقهاء تقوم، أما فسخ عقد النكاح، فهو إبطال العقد، أي كأن لم يكن وقع زواج من الأصل، ويحكم بذلك الشرع، والقاضي في المحكمة.
لا يشترط في الفسخ أن يكون بواسطة الزوج، ويمكن أن يكون من قِبل الزوجة، فالفسخ يكون بغير لفظ الزوج لكلمات الطلاق، إذًا فالطلاق يكون بشرط الزوج، أما فسخ العقد فلا يكون بشرطه أو برضاه، قال الإمام الشافعي رحمه الله: (كل ما حُكِمَ فيه بالفرقة، ولم ينطق بها الزوج، ولم يردها، فهذه فرقة لا تُسمَى طلاقاً).
كما أن الطلاق قد يكون لوجود سبب أو يكون برغبة الزوج فقط دون الحاجة لسبب، أما الفسخ فليس كذلك فيجب أن يكون وفق قيود، وشروط، وهذا ما حدده الشرع، وحددته المحكمة.
اقرأ أيضًا: تجارب الزواج من رجل ستيني
شروط فسخ عقد الزواج
فسخ عقد الزواج على خلاف الطلاق تمامًا فيجب توافر شروط، وأسباب معينة حتى يمكن للزوجة أن تطالب بفسخ عقد القران، وقد وضح لنا العلماء، والفقهاء الأسباب التي يمكن من خلالها فسخ عقد القران، وسوف نتعرف عليها فيما يلي في إطار موضوع مقالنا فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة:
- يجوز فسخ عقد الزواج إذا وجد أحدهم عيبًا في الآخر، ولا يستطيع أن يظل معه على ذلك العيب.
- إذا أرتد أحد الزوجين عن الإسلام يجوز للطرف الآخر أن يقوم بفسخ عقد الزواج.
- إن كان الزوجان مشركين، وأسلم واحد منهم يجوز لِمن أسلم أن يفسد عقد القران.
- يمكن للزوجة طلب فسخ العقد، إن لم يوفر لها الزوج نفقة كافية.
- يجوز فسخ العقد إذا وقع اللعان بين الزوجين.
- يفسخ العقد إن كان النكاح وقع على باطل، مثلًا إذا كان عقد النكاح قد وقع دون ولي، أو شهود.
- لا تقبل المحكمة طلب الفسخ، إن كان أحد الطرفين عالمًا بعيب الطرف الآخر قبل الزواج، ورضي به بعدها.
- يجب اللجوء إلى أهل العلم في معرفة العيوب التي تجب عليها فسخ العقد.
حق المرأة بالمهر بعد الفسخ
يجوز فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة، ولكن وفقًا للشروط التي عرضناها لكم، من هنا نصل إلى موضوع حق المرأة في المهر بعد فسخ العقد، حيث قال العلماء أن عقد القران إذا فسخ قبل أن يدخل الزوج عليها فلا يجوز للزوجة أن تطالب بمهرها فلا مهر لها، وإذا فسخ العقد قبل أن يدخل الرجل على المرأة وسواء كان لعيب من المرأة أو لعيب الرجل فلا يكون لها مهرًا.
قال بن قدامة رحمه الله: (الفسخ إذا وجد قبل الدخول، فلا مهر لها عليه، سواء كان من الزوج أم المرأة، وهذا قول الشافعي؛ لأنّ الفسخ إن كان منها، فالفرقة من جهتها، فسقط مهرها. وَإِن كان منهُ، فإنَّما فسخ لَعيب بِهَا دلسَته بالإخفاء، فصار الْفسخ كأنَّه منها)
اقرأ أيضًا: تحليل الزواج يحتاج صيام أم لا ؟ وأهميته وخطواته
الفرق بين الطلاق وفسخ العقد
يوجد فرق كبير بين الطلاق وفسخ عقد النكاح، إذ لا توجد قيود أو شروط في الطلاق، ويكون الطلاق بيد الزوج فقط، أما فسخ لعقد فهو بيد الزوج، أو الزوجة، وفيما يلي سوف نعرض لكم بعض الفروق بين الطلاق وفسخ العقد، وذلك ضمن موضوع مقالنا فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة:
- لا يمكن للزوج أن يعود إلى زوجته بعد فسخ عقد القران إلا بعقد جديد، أما الطلاق فتعد زوجته إن كانت في العدة من الطلاق الرجعي، ويستطيع الزوج إرجاع زوجته في الطلقة الأولى، والطلقة الثانية دون الحاجة إلى عقد.
- لا يعد الفسخ طلقة للزوجة، فلا يتم حسابه ضمن عدد الطلقات، حيث قال الإمام الشافعي رحمه الله: (وكل فسخٍ كان بين الزوجين فلا يقع به طلاق، لا واحدة ولا ما بعدها).
كما قال بن عبد البر في كتاب الاستنكار (والفرق بين الفسخ والطلاق وإن كان كل واحد منهما فراقاً بين الزوجين: أنَّ الفسخ إذا عاد الزوجان بعده إلى النكاح فهما على العصمة الأولى، وتكون المرأة عند زوجها ذلك على ثلاثة تطليقات، ولو كان طلاقاً ثم راجعها كانت عنده على طلقتين).
- لا يشترط اللجوء إلى قاضي في الطلاق؛ لأن الطلاق من حق الزوج في أي وقت، وقد يكون بتراضي الزوجين، أما الفسخ فيجب فيه اللجوء إلى القاضي، وقد لا يكون بتراض الزوجين إلا في حالة الخلع، حيث قال ابن القيم -رحمه الله- في كتابه زاد المعاد (ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا عوض [أي: الخلع] بالاتفاق).
- لا تأخذ المرأة شيئًا من المهر إذا فسد العقد قبل دخول الزوج عليها، أما الطلاق فتأخذ المرأة نصف المهر حتى وإن لم يدخل عليها زوجها.
ما هي إجراءات دعوى فسخ عقد النكاح؟
لا يقع فسخ العقد إلا باتخاذ بعض الإجراءات، وكذلك إحضار الأوراق المطلوبة، وسوف نتعرف في السطور القادمة على الإجراءات اللازمة لدعوى فساد العقد:
- يجب الذهاب إلى محاكم الأحوال الشخصية، فهي المحاكم المخصصة في طلب فسخ عقد النكاح.
- يمكن أن تقدم صحيفة دعوى عن طريق الإنترنت من خلال موقع وزارة العدل.
- بعد تقديم الطلب، يتم أخذ موعد في الحضور إلى المحكمة، من خلال قسم الإحالات، والمواعيد.
- يجب الحضور في الموعد المحدد من المحكمة، وتقديم ورقة الدعوى.
- بعد ذلك تقوم المحكمة بضبط الدعوى، وتبدأ في سؤال المدعى عليه.
هل الخلع يعتبر طلاقاً أو فسخاً؟
الخلع هو أمر بين الفسخ والطلاق، وهو أن تتقدم الزوجة بالقول لزوجها أن يتركها مقابل إعطائه نصيبًا ماليًا، أو تترك له المهر سواء كُلهُ أو جزء منه، واختلف العلماء فيما إن كان الخلع طلاقًا أم فسخًا، وأظهروا في ذلك قولين، سوف نعرضهم لكم فيما يلي استكمالًا لموضوع مقالنا فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة:
1- القول الأول في الخلع
يرى أئمة الحنفية، والمالكية، والشافعية في هذا الحكم لها أن الخلع هو الطلاق، وذلك لأن الخلع يقع بعد إتمام عقد القران، ولا يمكن الفسخ بعد تمام النكاح، ولكن يمكن القطع، وهذا يسمى الطلاق بالقطع، والخلع يكون بلفظ الزوج بطلاق زوجته مقابل عوض مالي من الزوجة.
فهذا عده أغلب أصحاب المذاهب طلاقًا، لأن الفرقة التي يقدر عليها الزوج هو الطلاق، وليس الفسخ، كما ثبت ذلك الرأي في أقوال بعض العلماء مثل الأوزاعي، والثوري، والزيدية، ومذهب الهادوية، والظاهرية، ورواية لأحمد.
اقرأ أيضًا: حكم فسخ الخطبة لعدم الارتياح النفسي
2- القول الثاني في الخلع
القول الثاني عند العلماء أن الخلع هو فسخ عقد القران، وهذا هو الرأي الراجح عند جمهور المذهب الحنبلي، وكان رأي الشافعية قديمًا أن الخلع هو فسخ العقد، ولكن قولهم الجديد أن الخلع هو الطلاق، وأثبت هؤلاء العلماء أن الخلع هو فسخ العقد؛ لأن الفسخ يعني الفرقة بين الزوجين لا تكون شرطًا باختيار الزوج.
فيمكن للمرأة أن تطالب بفسخ العقد، وهذا ما يحدث في الخلع، حيث تقدم المرأة سبب في خلعها لزوجها، مثل وجود عيب في زوجها، وهذا تمامًا ما يكون في فسخ العقد، وقد أكد على ذلك القول وأفتى به، البلقيني، وأبو ثور، وإسحاق، وشيخ الإسلام بن تيمية.
الطلاق أو الخلع، أو الفسخ، يعني الفراق بين الزوجين، ولكن تختلف شروط كل نوع منهم عن شروط الآخر، وقد يكونوا سببًا في راحة الزوجين، أو سببًا في شقاء أسرة بأكملها، فيجب الأخذ بالأسباب.