ونزعنا ما في صدورهم من غل
“ونزعنا ما في صدورهم من غل“ ذلك ما جاء المولى عز وجل به في آية من آيات سورة الحجر، فيبحث المسلم في القرآن الكريم ويبدأ في التفكر والنظر إلى الآيات ثم يحضر قلبه ويشعر بحالة من الخشوع الشديد والتأثر، لذا من خلال منصة وميض يمكن التعرف على عدة تفاصيل حول شرح الآية الكريم من سورة الحجر.
ونزعنا ما في صدورهم من غل
يقول المولى عز وجل في سورة الحجرات وهو يصف أهل الجنة “ونزعنا ما في صدورهم من غل“ فيخرج المولى عز وجل من قلوبهم الحقد والغش والعداوة والخبث والنفاق والحسد، فيجعل الله أهل الجنة يتقابلون في حالة من السرور لا يحقد كلًا منهم على الآخر.
كما أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح يقول فيه
(يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا).
فذلك ما يناسب حياة الإنسان في الجنة لأنها حياة خالدة بلا موت لأن الموت هو البلاء الأعظم في الحياة الدنيا، وأكثر ما بشر المولى عز وجل به المؤمنين هو الخلود حيث وصف حالة أهل الجنة في قوله تعالى:
(لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ).
فتعتبر الجنة دار أمان لا يشعر الإنسان فيها بأي حاجة أو حرمان، كما لا يشعر الشخص فيها بالخوف أو الفزع فلا يشعر الإنسان إلا بسلام واستقرار وذلك ما وعد الله به عباده الصالحين في قوله تعالى (ادخُلوها بِسَلامٍ آمِنينَ)، وذلك ما يتناسب مع تطهير قلوبهم وإخراج منها كل المشاعر السلبية التي تتوافق مع طبيعة الإنسان.
اقرأ أيضًا: متى نزلت سورة الفتح
سبب نزول سورة الحجرات
طرح المولى عز وجل عدة أسباب أنزل فيها سورة الحجرات فهي تتضمن العديد من الآيات التي يخاطب المولى فيها عباده المؤمنين، ويشرح فيها المولى عز وجل مواقف المسلمين المختلفة في التعامل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن يناديه من وراء حجراته لا يعقل الأدب في التعامل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قصد المولى عز وجل بالحجرات هي الحجرات التي كانت في مؤخرة المسجد النبوي التي كانت لزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما فيها يحث الله عز وجل عباده على محاولة الصلح بين أي طائفتين متشاحنتين بشرط أن يكون الصلح فيه حُكم بالعدل.
لكن يرجع سبب نزول سور الحجرات وخصوصًا تلك الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) اختلاف أبو بكر الصديق وعمر به الخطاب وارتفاع أصواتهم أثناء المجادلة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حيث روي في ذلك حديث عن عبد الله بن الزبير (أنّه قدم ركب من بني تميم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلّا خلافي، وقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزلت فيهم هذه الآية).
لكن نزلت الآية (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ) بعد الآية السابقة عندما نزل قول الله تعالى (لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ..) فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه “آليت على نفسي ألا أكلم رسول الله إلا كأخي السِّرار”.
كما نزلت الآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق وكان بينهم عداوة شديدة قبل الإسلام، لكن عند ذهابه إليه عاملوه معاملة جيدة إكرامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
لذا جاء في سورة الحجرات عدة آيات بخلاف “ونزعنا ما في صدورهم من غل“ التي تحث المسلمين على تعلم الآداب العامة والنهي عن التعامل مع الآخرين باستهزاء، كما يحث المولى عز وجل عباده في الآيات بمحاولة إزالة الخصام بين الأشخاص ومحاولة إنهاء المشاحنات.
كما نهى الله أن يقوم عباده بتتبع العورات وعن الغيبة والنميمة والهمز واللمز، فيناسب المسلم أن يكون مهذب يتحلى ببعض الأخلاق التي تناسب أحكام الدين الإسلامي، بالإضافة إلى مراعاة كافة كل ما جاء من عند الله ورسوله فتتضمن السورة عدة نماذج للمسلم الصالح الذي يحترم تعاليم دينه.
اقرأ أيضًا: آيات قرآنية عن الأخلاق
أكثر ما يقوم به المسلم نفعًا هو تدبر آيات القرآن الكريم والتأمل وراء سبب نزولها والغرض منها، فالحكمة من وراء نزول القرآن التعرف على أومر المولى عز وجل والاستجابة لها.