حق الزوجة في مال زوجها المتوفى
ما هو حق الزوجة في مال زوجها المتوفى؟ وما الحالات المانعة لها من الإرث؟ فلابُد من معرفة هذه الحقوق من الناحية الدينية حتى لا تقع الزوجة في إثم الجور على مستحقي الورث، كون تلك الأمور شائكة وقد تكون سبب في بئس مصير القائم بها، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على حق الأرملة في مال زوجها المتوفى عبر السطور التالية.
حق الزوجة في مال زوجها المتوفى
أمور الإرث من الأمور الشائكة التي يجب أن نكون حذرين في حالة التحدث عنها، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الحج الآية رقم 32: “ذَلكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ“.
خاصةً في حالة إرث الزوجة من زوجها الذي توفى عنها، حيث ينبغي أن يتم تقسيم المال الذي تركه بعد أن يخرج منه عدة جوانب سوف نتعرف عليها بعد أن نتناول حق الزوجة في مال زوجها المتوفى، والذي أتى على النحو التالي:
1- حق الزوجة إن لم يكن له ولد
إن لم يكن للزوج أولاد، سواء من تلك الزوجة أو غيرها من الزوجات، فإنها في تلك الحالة يكون نصيبها من المال مقدر بربع التركة، حيث قال الله تعالى في الآية رقم 12 من سورة النساء والتي تلخص أمر إرث الزوجة من زوجها:
“وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ۚ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ“.
مما سبق نستنتج أنه للمسلمة أن ترث من زوجها ربع تركته من المال إن لم يكن له أي من الأبناء.
اقرأ أيضًا: طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث
2- حق الزوجة إن كان له ولد
أما عن حق الزوجة في مال زوجها المتوفى إن كان له ولد أو أكثر فإنه في تلك الحالة يكون نصيبها ثمن المال الذي تركه، ويتم تقسيم باقي المال حسب الشرع على أن يكون للولد نصيب اثنتين من الإناث، حيث قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة النساء الآية رقم 11:
“يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا“.
الجدير بالذكر أن الولد الذي قتل أبوه، سواء أكان من أجل الورث أم لا، فإنه يحرم من نصيبه في الميراث، ويتم توزيعه على باقي الورثة، وذلك استنادًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عمر بن الخطاب: “ليسَ للقاتلِ ميراثٌ“.
3- حق الزوجة إن كان للمتوفى زوجات أخريات
في إطار التعرف على حق الزوجة في مال زوجها المتوفى نجد أنه في حالة إن كان له أكثر من زوجة، فإن ما يسري على واحدة منهن يسر على الجميع، فإن لم يكن له ولد من أي منهن فكل واحدة منهن ربع التركة، أما إن كان له أولاد، فلكل منهن ثمنها، ذلك بعد أن يتم إخراج كافة حقوق الورثة الآخرين.
موانع إرث الزوجة
بعد أن تعرفنا على حق الزوجة في مال زوجها المتوفى، ينبغي أن نعلم أنه هناك حالات لا يمكن أن ترث الأرملة فيها، والتي تتمثل فيما يلي:
1- اختلاف الديانة
شرع الله عز وجل للمسلم أن يتزوج من امرأة كتابية على ألا يكون لها الحق في الميراث بعد أن يموت عنها زوجها، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أسامة بن زيد:
“يَا رَسولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ في دَارِكَ بمَكَّةَ؟ فَقالَ: وهلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِن رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ، وكانَ عَقِيلٌ ورِثَ أَبَا طَالِبٍ هو وطَالِبٌ، ولَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ ولَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، شيئًا لأنَّهُما كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وكانَ عَقِيلٌ وطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، فَكانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه يقولُ: لا يَرِثُ المُؤْمِنُ الكَافِرَ. قالَ ابنُ شِهَابٍ: وكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وهَاجَرُوا وجَاهَدُوا بأَمْوَالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ في سَبيلِ اللَّهِ، والذينَ آوَوْا ونَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: الآية 72] ” (صحيح).
الكافر هنا من ليس له ملة، ولكن كل من اتبع دينًا غير الإسلام، حيث قال الله تعالى في سورة آل عمران الآية رقم 19:
“إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ“.
لذا فإن كان للرجل زوجة كتابية، فإن من شأنها أن تحرم من الميراث ويتم توزيعه وكأنها غير متواجدة في قائمة الورثة.
2- أن تكون قاتلة
أيضًا كما أنه لا يمكن أن يرث الابن القاتل، فإن الزوجة القاتلة من شأنها أن تحرم من حق الزوجة في مال زوجها المتوفى، حتى وإن لم يكن قتلها لزوجها بغرض الحصول على المال.
3- الطلاق البائن
إن وقع الطلاق البائن على الزوجة قبل أن يدخل الزوج في مرض الموت، فإنه لا يحق لها أن ترث من ماله شيئًا، بينما في حالة الطلاق الرجعي، فإنها ترث الزوج المتوفى إن حدثت الوفاة وهي في فترة العدة، والتي تستمر لمدة ثلاثة أشهر بعد النطق بالطلاق استنادًا لِما جاء في محكم التنزيل في سورة البقرة الآية رقم 228:
“وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”
أما إن توفى بعد فترة العدة فحكمها حكم التي تم طلاقها طلاقًا بائنًا، كذلك في حالة الطلاق وهو على فراش الموت، من أجل أن يحرمها حقها في الميراث، والذي شرعه الله لها، فإنه لا يعتد بذلك الطلاق، وتحصل على حق الزوجة في مال زوجها المتوفى بشكل كامل.
اقرأ أيضًا: طريقة حساب نصيب الزوجة من الميراث، والآية المعنية بميراث الزوجة
احتساب تركة الزوج
يجب على المرأة أن تعلم أنه هناك عدة مبالغ من شأنها أن تخرج من مال الزوج المتوفى قبل أن يتم تقسيم التركة وتحصل على حقها، وقد أتت تلك الأموال على النحو التالي:
1- مصروفات الدفن
يجب أن يتم إنفاق مصروفات الدفن والجنازة والغسل من مال المتوفى، وألا يتم احتساب تركة الإرث قبل أن تنتهي كافة الأمور المتعلقة بتوصيل المتوفى إلى مثواه الأخير.
2- سداد الديون
يجب على أقارب المتوفى من الدرجة الأولى أن يبحثوا إن كان هناك أي من الديون عليه، حتى لا تظل روحه معلقة بين السماء والأرض، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة:
“أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يُؤْتَى بالرَّجُلِ المَيِّتِ عليه الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: هلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِن قَضَاءٍ؟ فإنْ حُدِّثَ أنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً، صَلَّى عليه، وإلَّا، قالَ: صَلُّوا علَى صَاحِبِكُمْ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عليه الفُتُوحَ، قالَ: أَنَا أَوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِن أَنْفُسِهِمْ، فمَن تُوُفِّيَ وَعليه دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَن تَرَكَ مَالًا فَهو لِوَرَثَتِهِ” (صحيح).
اقرأ أيضًا: عدة الزوجة بعد وفاة زوجها
3- تنفيذ الوصية
أيضًا ينبغي إن كانت هناك وصية قد قام بكتابتها قبل الوفاة على ألا يكون فيها جور على أي من الورثة، فإنه من الأولى بهم تنفيذها قبل البدء في توزيع التركة.
يجب على الزوجة أن تعلم حقها في مال زوجها المتوفى، حتى لا تظلم أو يقع عليها الظلم من أي من الورثة الآخرين.