قصة من قصص الوفاء بالعهد
قصة من قصص الوفاء بالعهد تحمل لنا الكثير من الدروس المستفادة، والتي تغير من أخلاق وصفات الأطفال والكبار القارئون لها، فالوفاء من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المرء لما لها من صفات تبرز مشاعر الإنسانية، لذا سنعرض لكم عبر منصة وميض قصة من قصص الوفاء بالعهد، التي يمكن من خلالها تعلم الكثير من الدروس التي تغير حياة الفرد.
قصة من قصص الوفاء بالعهد
عند ضرب الأمثال بقصة من قصص الوفاء بالعهد، نتذكر قصة ملك النعمان وحنظلة الذي أكرمه حين فُقد بالصحراء، إذ تعتبر تلك القصة من قصص الوفاء بالعهد الأكثر تشويقًا في الأحداث التي تتضمنها
حيث تبدأ القصة برحلة الصيد التي كان بها الملك برفقة أصدقائه ثم فُقد بالصحراء على أن قابل منزل أحد الأشخاص الذي أكرمه وأحسن استقباله، ثم مرت الأيام، وقام هذا الرجل بزيارة الملك في قصره، ومن سوء الحظ كان ذلك في يوم البؤس المشهود، الذي يتم فيه قتل من قام بزيارة الملك بهذا اليوم.
لذا وانطلاقًا من هذا ومن خلال السطور القادمة سنسرد بشكل مستفيض ما لهذه القصة من تفاصيل وأحداث، نقصها عليكم لتكن خير واعظ نستلهم منه معنى الوفاء بالعهد.
يُحكي أن أحد ملوك العرب المشهورين وهو الملك النعمان ملك الحيرة الواقعة بمدينة العراق شمال شبه جزيرة العرب، خرج ذات يومًا للصيد مع جماعة من أصحابه وحاشيته واتباعه، حيث كان الصيد من الرياضات المحببة عند العرب، إلى جانب كونها أحد وسائل صيد الحيوانات لإمدادهم بالطعام.
فكانوا يقضون يومهم في التجول والتنزه بين الصحراء الكثبان الرملية الذهبية، ثم يجلسون تحت جذوع النخيل للشرب من منابع الماء فيشتهون ما اصطادوا من الحيوانات البرية، كذلك وتبادل الأحاديث الشيقة الممتعة طوال اليوم، ثم يعودون مع غروب الشمس لمساكن قبائلهم وكلهم حيوية وفرحًا بذلك اليوم الممتع الذي قضوه سويًا.
اقرأ أيضًا: قصص أطفال جديدة مكتوبة
وصول الملك النعمان إلى بيت بالصحراء
بينما كان الملك النعمان مع أصحابه بالصحراء ذلك اليوم رأى عن بعد بقرةً وحشية ثمينةً فتتبعها بجواده وظل يلاحقها في الصحراء، لكنه لم يتمكن من صيدها أو اللحاق بها، ذلك كونها كانت فائقة السرعة.
مما جعله يبتعد عن أصحابه وحاشيته لمسافة طويلة، فتاه عنهم في الصحراء، وبينما هو تائه، فقد نزل مطرًا غزيرًا وعنيف، وأخذت السيول تترامي من كل جانب، ثم عم الليل فجأة وهو وحده في الصحراء لا يجد مكانًا يلجأ إليه.
في الوقت الذي كان فيه يتخبط بجواده تحت المطر رأى بصيصًا من النور يظهر من بعيد، فقام بالاتجاه نحوه، ومع الاقتراب بدأ يظهر ظل منزلًا، فاقترب من المنزل، وخرج في ذلك الوقت صاحب المنزل وقام بالترحيب به ودعاه للدخول على منزله.
استضافة صاحب المنزل للملك النعمان
أشتهر العرب بالكرم، كما كان من عادتهم أنهم يقوموا بإشعال النيران ليلًا للتدفئة من صقيع الصحراء القارس وحتى يهتدي إليه الغرباء والمسافرون والتائهون في الصحراء، فكانت تلك الصفات بصاحب المنزل مما دفعه إلى تقديم أفضل ما لديه وما يشتهي من الطعام إلى الملك النعمان.
كما قدم صاحب المنزل بعض العلف لجواد الملك النعمان، كل ذلك قد قام به دون أن يعرفه، وذلك لأن الملك النعمان كان يرتدي ملابس الصيد، ونظرًا إلى عادة العرب التي تمثلت في عدم قيامهم بسؤال ضيوفهم عن أسمائهم، فلم يقم صاحب المنزل بسؤال الملك النعمان عن اسمه، حيث إن العرب كانوا يرون أن السؤال عن اسم الضيف عيبًا كبير وخروجًا عن حقوق الضيافة.
كان الرجل صاحب المنزل فقيرًا لا يملك إلا شاة واحدة فقام بحلبها وذبحها ليقدمها طعامًا لضيفه، وكان لدى زوجته بعض الدقيق فصنعت بعض الخبز، وقدم كل ذلك لضيفه، وأكرمه.
ثم بعد العشاء جلس معه ليحادثه وهو سعيد، وفي الصباح أستيقظ صاحب المنزل في نشاط وقام بتقديم الحليب للملك وبحوزته بعض التمر، وأخذا يتحدثان.
عودة الملك النعمان لقصره
في هذا الوقت سمع صاحب المنزل والملك صوت خيولًا كثيرة بخارج المنزل، واستمر هذا الصوت يقترب حتى أحاطت جنود الملك منزل الرجل، كانوا قد رأوا جواد الملك النعمان مربوط بالخارج أمام الخيمة.
حيث قضي أصحاب الملك وحاشيته ليلتهم في البحث عن الملك في أنحاء الصحراء، فاندهش الرجل صاحب المنزل عندما رأى الجنود.
قال الملك لصاحب المنزل في هذا الوقت لا تخف ولا تندهش، ثم سأله ألم تعرفني أيها الرجل، فقال له صاحب البيت لا لم أعرفك
فقال الملك أنا النعمان وهؤلاء حاشيتي وأصحابي.
ازداد الرجل اندهاشا على اندهاشه لِما سمعه من الملك، ثم سأله الملك عن اسمه فرد الرجل اسمي حنظلة وانتسب على قبيلة طيئ.
كان بني طيئ مشهورين بالكرم والمروءة، فشكره الملك على ما قدمه إليه من طعامًا وشرابًا خلال استضافته بالمنزل، وأراد أن يعطيه بعض المال فرفض الرجل أن يأخذ منه شيئًا، فقال له الملك أرجو أن تزورني في قصري لأكافئك على كرمك وإحسانك وأرد لك ضيافتك، فقال الرجل قد أفعل ذلك في يومًا من الأيام.
ثم انطلق الملك وأصحابه بخيولهم في الصحراء حتى اختفوا عن أنظار الرجل وزوجته بين كثبان الرمال.
مرت الأيام وبعد مدةً من الزمان جاءت سنةً أشتد فيها الجفاف والقحط على الناس وساءت أحوال حنظلة، واحتاج على بعض المال فقالت له زوجته اذهب إلى الملك النعمان فهو ملكً كريم لعله يكافئك على ضيافتك وكرمك وإحسانك إليه.
لكن الرجل في البداية تردد لفعل ما قالته زوجته، ولكنه فكر قليلًا فوجد أن زوجته على حق، كما أن زوجته ألحت عليه للقيام بذلك، فقام بتهيئة نفسه للسفر وركب راحلته واتجه نحو قصر الملك النعمان.
على الرغم من كون الملك النعمان ملكًا قويًا شديد البطش، إلا أنهأنهأانههانمل اشتهر أيضًا بالكرم والجود والسخاء، فجاء يوم البؤس فجلس الملك النعمان في مجلسه مع حاشيته وأصحابه ووضع الحراس على باب القصر وأمرهم بأن يحضروا إليه أول من يزوره ليقتله كما يفعل في ذلك اليوم من كل عام.
من حسن حظ حنظلة أنه أكرم الملك وأواه، وكان للملك النعمان في كل عام يومان، يومًا منهما للنعيم ويومًا للبؤس، فأول من يطرق باب قصره في يوم النعيم يكرمه ويحسن إليه ويعطيه من المال ما يجعله من الأغنياء، وأول من يطرق على باب قصره يوم البؤس يحكم عليه بالقتل ويكون مصيره الموت المحتوم أيًا كان هذا الشخص.
اقرأ أيضًا: قصص أطفال جديدة
وصول حنظلة إلى قصر الملك النعمان
اقترب حنظلة من القصر في ذاك اليوم فأحاط به الحراس وأوقفوا، إلى أين أنت ذاهبًا يا رجل، فقال حنظلة لقد جئت لزيارة الملك النعمان، فألقوا القبض عليه واخذوه نحو القصر، ثم أدخلوه إلى الملك النعمان، وقال له كبير الحراس أيها الملك هذا أول رجل جاء لزيارتك بهذا اليوم.
حينما رآه الملك النعمان عرفه، فانزعج انزعاجًا كبيرًا، وقال له ألست أنت الذي آويتني وأطعمتني وأكرمتني في تلك الليلة الممطرة العظيمة عندما كنت تائهًا وحيدًا في الصحراء.
قال الرجل نعم أيها الملك وقد جئت اليوم لزيارتك كما طلبت منى، فظهر البؤس والألم على وجه الملك وقال لحنظلة وما جاء بك في هذا اليوم المشؤوم ألم تعلم أنني قد أقسمت بأن أقتلك كل من يزورني في هذا اليوم كان من كان.
رد فعل حنظلة على قول الملك النعمان واستقباله
بهت حنظلة لقول الملك واندهش، وتوقع أن الملك في أول الأمر يمازحه ولكنه عندما رأى نظرات الملك القاسية وسكوت أصحابه ووجوههم العابسة علم أن الملك جادً فيما يقول، فتوجه إليه وقال لابد من قتلى أيها الملك فقال الملك نعم يا حنظلة نعم لا بد من قتلك، ولو أنك جئت في غير هذا اليوم لرددت إليك جميلك وأكرمتك وجعلتك من الأغنياء.
فكر الرجل قليلًا ثم قال أيها الملك ما دام الأمر كذلك فإنني أطلب منك أن أعود إلى زوجتي وأولادي فانظر إليهم نظرةً أخيرة، فأدبر لهم أمورهم، وأعدك بأن أعود إليك في مثل هذا اليوم من العام القادم، وحين إذ تفعل بي ما تشاء.
ضمان أحد الحاضرين بالقصر لقدوم حنظلة مرة أخري
فكر الملك لبرهةً ثم قال له، ومن الذي يضمن لي بانك ستعود في العام القادم، فنظر حنظلة إلى وجه وزير الملك الذي كان جالسًا بجوار الملك.
إلا أن وزير الملك قال لحنظلة لا يا أخا العرب لا أستطيع أن أضمنك، ثم سيطر على قاعة القصر صمتًا رهيب، فقام رجل من بين الحاضرين بالقاعة، وقال أما أضمنه أيها الملك.
أندهش جميع الحاضرين لشجاعة هذا الرجل، وظنوه مجنونًا، فالتفت إليه الملك وسأله ما اسمك أيها الرجل، فقال الرجل قُراد بن أجدع، فقال النعمان وهل تعرف هذا الرجل الذي تريد أن تضمنه، فقال لا أعرفه أيها الملك، فتعجب النعمان وقال له وهل أنت مستعدًا لأن تُقتلك بدلًا منه إذا لم يعد في مثل هذا اليوم من العام القادم، فقال قراد نعم أيها الملك.
زاد إعجاب الملك بشهامة قراد وشجاعته، فقال حنظلة لن يُقتل قراد أيها الملك لأنني سأعود باليوم المحدد، فأمر النعمان لحنظلة بخمسمائة ناقة وطلب من قراد أن يبقى في ضيافته إلى اليوم المحدد من العام القادم.
أفترق جميع من كان بالمجلس متعجبين لما رأوه وسمعوه في مجلس الملك النعمان في ذلك اليوم المشهود، ومرت الأيام والشهور وجاء اليوم المحدد فأمر الملك النعمان بإحضار قرادً، فأحضره الحراس فلما رآه الملك، فقال له لقد جاء اليوم المحدد يا قراد وإذا لم يعد صاحبك فسوف أقتلك بدلًا منه فهل انت مستعد للموت.
قال له قراد بثبات وهدوء نعم أيها الملك، فزاد اندهاش الحاضرين من قول قراد ومغامرته بنفسه، ثم زاد إعجاب الملك بشجاعة مراد.
ثم أمر النعمان بإحضار السياف ليقطع رأس قراد إذا لم يعد صاحبه ثم جلس الجميع ينتظرون قدوم حنظلة، وبقدوم وسط النهار أراد الملك أن يقطع رأس قراد فقال له بعض أصحابه، أيها الملك إن النهار لم ينتهي بعد فهل انتظرت لغروب الشمس، فإذا لم يأتي صاحبه عند إذ يمكنك قتل قراد.
تفكير الملك النعمان وتمنيه بعدم مجيء حنظلة
كان الملك النعمان يتمنى في نفسه ألا يعود حنظلة، وأن يقتل قراد بدلًا منه، لأنه لم يكن يريد أن يكافئ الخير بالشر والإحسان بالإساءة، كما أنه لم يستطيع أن يعفي قراد من القتل لأنه لا يريد أن يخالف قسمه الذي أقسم به على نفسه أمام الناس والذي لا يخالفه منذ سنوات طويلة.
ظل الملك وأصحابه ينتظرون مجيء حنظلة طوال النهار، فلما مالت الشمس نحو الغروب أمر الملك الحراس بتقديم قراد نحو السياف ليقتله، فقدموه ثم نزعوا الثوب عن رأسه استعدادًا لقطع رأسه، وتأكد الحاضرون أنه سيقتل ولا محال من ذلك، وكانت حينها ستكون تلك من أسوأ قصة من قصص الوفاء بالعهد
بينما هم كذلك إذ بصوت يصرخ من خارج قاعة القصر” أيها الملك.. أيها الملك. لقد حضر الرجل.. لقد حضر الرجل”
اقرأ أيضًا: قصة حب قصيرة قبل النوم
قدوم حنظلة في اليوم المحدد كما وعد
ما هي إلا لحظات حتى دخل حنظلة إلى قاعة القصر وهو مسرع، واندهش الحاضرون من شجاعة حنظلة وفائه بالعهد، أما الملك النعمان فقد أعجب بشجاعة حنظلة ووفائه بالعهد كما أعجب بوفاء قراد، فاتجاه للحاضرين وقال لهم: أيها الناس هذان رجلان قد ضربا أروع الأمثلة لقصة من قصص الوفاء بالعهد
هذا رجل ضحى ليموت بدلًا من رجل آخر دون أن يعرفه، وهذا رجل بلغ به الوفاء بالعهد، بأنه نجا من الموت ثم عاد إليه بقدميه في اليوم المحدد، وهذا دليل على الشهامة والأخلاق النبيلة.
ثم صمت الملك قليلًا ثم قال: أشهدوا أيها الناس بأنني أعفي هذا الرجل من القتل لكرمه ووفائه بالعهد، وأشهد بأنني سأبطل هذه العادة القبيحة، ولن أعود إليها منذ هذا العام، ثم أقام حفلًا كبيرًا احتفاء بهذين الرجلين الشهمان.
هذه قصة من قصص الوفاء بالعهد التي تشير إلى وجوب تنفيذ العهد أيًا كان ثمنه، لأنه يعد أمانه تكتب على صاحبها إلى يوم الميعاد.