عقدة النقص عند الرجل
تعد عقدة النقص عند الرجل من أصعب المشاكل النفسية التي تتعامل معها السيدة، سواء كان شريك حياتها، قريبها أو حتى زميلها في العمل.
فتلك العقدة تؤثر على كل من يحيط بهذا الشخص، ويكون التعامل معه غير مريح، لذا سيعرض منصة وميض الشعور بالنقص عند الرجل.
عقدة الشعور بالنقص عند الرجل
الشعور بالنقص يأتي عندما يبدأ الإنسان في مقارنة نفسه بالآخرين، ويشعر بكم الأشياء التي يفتقر وجودها في حياته، وأنها هي التي تعطي لحياته معنى وقيمة، ومنها يتصدر لذهنه أنه بلا قيمة فيبدأ الشعور بالنقص.
كلنا منذ الطفولة نولد ولدينا الشعور بأنه ينقصنا شيء ما لكي نكون كاملين ومقبولين من الآخرين، ولكن مع الوقت وعندما نصبح أكثر نضجًا نكتشف أن الكمالية لا وجودها لها، والله عز وجل وحده هو الكامل، لكن يبدأ المجتمع بالمقارنة بطريقة غير سوية بيننا.
يبدأ الأمر بالمقارنة بين الأخ وأخيه أو جمال الفتاة بأخرى ومن هنا يبدأ الشعور بالنقص، ولكننا عندما نفهم أن كل شخص فريد ومتميز بطريقته الخاصة نقهر المجتمع.
لكن عندما نتحدث عن الرجل الذي يشعر بالنقص أو الدونية كما هو اللفظ السائد في علم النفس، فيجدر الإشارة أنه يشعر به عندما يقتنع بعجزه النفسي أو الاجتماعي، مما يجعله يسعى لعلاج هذا النقص سواء بالنجاح التعويضي أو بالتقليل من الآخرين.
مع تصدير الرسائل التي تخبرهم بأنهم أيضًا عاجزون وغير كاملين، ويقلل من الثقة بنفس المحيطين ويحط من شأنهم، ويأتي هذا الشعور على مرحلتين سنعرضهما في الفقرتين التاليتين.
أولًا: مرحلة الطفولة
تأتي المرحلة المبكرة من عقدة الدونية عند الرجل خلال مرحلة الطفولة فينشأ بعض الرجال على مبدأ الاتكالية على الغير، ومن هنا يشعر بالضعف والعجز وقلة الحيلة ويولد بداخله اقتناع غير واعٍ أنه غير قادر على إنجاز المهام إلا بمساعدة شخص آخر.
تأتي التربية الخاطئة لتعزز وتؤكد هذا الشعور عندما يقارن الوالدين بينه وبين الأخوات أو أحد الأصدقاء، فيشعر الطفل الموجود بداخله الرجل العاجز الآن بأنه فاشل، وكل تلك الأطفال أجدر منه بالمحبة.
كما أن الحب المشروط بنجاحه هو المبدأ الذي تربى عليه، فكذلك يكون رفيق الدرب ويسعى باستماتة على النجاح فقط ليثبت استحقاقه للحب.
قبل أن يكون الجاني على من حوله فهو ضحية التربية الغير سوية، وبداخل هذا الرجل بكل قوته الجسدية ذاك الطفل الصغير الذي يريد أن يشعر بالحب الغير مشروط.
اقرأ أيضًا: كيف تعرف الحاسد من كلامه
ثانيًا: المرحلة الثانوية
يسعى الطفل البالغ إلى تحقيق هدف خيالي يبهر به كل من حوله يتفوق به على ابن الخالة والعمة، أي إنجاز مع تحقيقه يكون هو البطل الخارق في نظر العائلة.
فما بين عدم وجود هذا الهدف وعدم قدرته على تحقيق أي شيء وهذا الطبيعي فماذا ستنتظر من طفل في مرحلة الإعدادية أو الثانوية، أو حتى الجامعة من تحقيقه يكون كافٍ لإبهار كل هؤلاء.
جميعنا نعلم أن محاولة إرضاء العائلة هي عملية صعبة في الغالب، ويظل يبحث عن شيء يعطي لحياته قيمة ويجعله يشعر بالاطمئنان بأنه مقبول ومحبوب دون شروط.
من هنا تأتي المعضلة فذلك الشعور السلبي بالدونية بلغ مع بلوغ الطفل وسار هو المحرك الأساسي له في هذه الحياة، وتصبح كل المحاولات له بائسة في أن يحصل على الاحترام من الأهل والتقدير والرضا عن كل المجهودات التي يبذلها في سبيل تحقيق الأهداف شبه المستحيلة.
أسباب عقدة النقص
يوجد عدد كبير من مسببات الإحساس بالنقص عند الرجل، وعندما نقول إن الرجل هو الذي يشعر بذاك الشعور الموحش فإننا نتحدث عن الجنس المسيطر في المجتمع؛ وتتمثل تلك العوامل فيما يلي:
- التربية الغير سليمة هي مصدر كل العقد النفسية، فكما تحدثنا أن الشخصية الاعتمادية هي مصدر هذا الشعور ويكون السبب الرئيس هو خوف الأم المفرط على الابن وعدم رغبتها في الانفصال عنها.
- عدم رعاية الأم أو الأب لطفلهما هو أكبر مسبب للشعور بالنقص، وعلى الرغم من أن هذا السبب هو نقيض نظيره، إلا أن التوازن في التربية مطلوب أيضًا.
- العبارات الناقضة، وبشكل خاص إذا كانت أمام الأصدقاء أو الأقارب.
- رغبة الآباء لأبنائهم بأن يكونوا الأفضل دائمًا فعلى الرغم من أنه قد تبدو أنها قمة المحبة، ولكنها تجعل الطفل يشعر بالنقص فالعالم به 7 مليار شخص كيف يكون طفل صغير أفضل منهم جميعًا.
- مطالبة الطفل بتحقيق أشياء تعلو قدراته العقلية أو الجسدية؛ مما يجعل الشعور بالنقص هو المصاحب له.
- يلجأ الآباء في بعض الأحيان إلى المقارنة المستمرة بينه وبين الأصدقاء بدافع أن يكون الطفل أفضل، فهذا محفز كافٍ بالنسبة لهم ولكنه كالخنجر الذي يطعن ظهر الطفل ويخبره أنه غير كافي.
- القيود الاجتماعية كحرمان الطفل من لقاء الأصدقاء أو الحرمان من المال الخاص به حتى ولو جزء بسيط أو حتى الحرمان من الخروج كأسرة، التي تهدف إلى خلق الذكريات واستكشاف الطفل الحياة ولا تشترط أن تكون مكلفة ماديًا.
اقرأ أيضًا: أسباب كره الأم لأحد أبنائها
طرق التغلب على عقدة النقص
على الرغم من أن عقدة الدونية عند الرجل من أكثر الأشياء التي تؤذي الآخرين إلا أن لها علاج ولكن يجب أن تكون رغبة الشفاء وعيش حياة سوية نابعة من داخله.
فمن الجدير بالذكر هنا أنه لا تستطيع أي امرأة أن تكون هي الطبيب المعالج فقد تقدم المساعدة إذا احتاجها، ولكنها أبدًا لن تكون العلاج ولكن تلك الخطوات تفعل.
1-التمييز بين الشعور بالنقص وعقد النقص
جميعنا يشعر بالنقص تجاه أشياء معينة، وخلال فترات معينة في رحلة الحياة ولكننا نتحرر من هذا الشعور ولا نجعله يقف أمام نجاحنا.
أو نعمل على تصحيح هذا النقص فإذا كنت تشعر بالسمنة المفرطة فيمكنك ممارسة الرياضة وحل تلك المشكلة، فأول طريق لحل عقدة النقص هو التمييز بين الشعور الصحي الذي يجعلنا نصنع المعجزات والعقد النفسية.
2- قبول الذات
يعتبر قبول الذات هو سر الصحة النفسية، فاقبل أنك نشأت وسط أهل لم يوفروا التربية السوية، وأن هذا أثر بك وتمكنك من كيانك ولكنك أيضًا تملك اليوم بكل القدرة على التغيير من نفسك.
هذا لن يحدث إلا إذا قبلتها، بكل الإخفاقات وسلبيات الأمس اقبل كل لحظة شعرت فيها بالحيرة والعجز وفقدان القيمة، وكن على يقين أنك تستحق الحياة الأفضل.
3- التوقف عن توبيخ الذات
عندما ينشأ الطفل داخل بيئة تتبع سياسة التوبيخ في التحفيز فلا يعرف الإنسان سواء هذا النهج، ولكن مع الوقت يشوه النفسية، فكن واعٍ ومدرك أن تلك الطريقة ليست للبنيان وأنك لا تستحقها.
خير طريقة لهذا عندما تقول لنفسك عبارة توبيخ استبدلها في الحال بخمس عبارات مشجعة لنفسك، فتلك الطريقة ستعزز لغة الحوار الإيجابية الداخلية.
كما أنها تأخذ بيد الطفل الصغير القابع بداخلك وتقدم له طريقة التعامل التي يستحقها، والأسلوب الذي كان يفتقده منذ الطفولة.
اقرأ أيضًا: مفهوم التنمية المستدامة وشروط تحقيقها
4- التركيز على الإنجازات
التركيز على الإنجازات هي الطريقة التي تجعل الإنسان بشكل عام أكثر إنتاجية، ولكن في حالة الرجل الذي يشعر بالنقص، فهي الطريقة التي يتغلب بها على ضعفه وعجزه ويتخلص من صوت الوالدين الذي يرن في الآذان ويقول له أنه لن ينجح في شيء.
فلتكن تلك الإنجازات هي الصوت الصارخ في وجه كل الناس بأنك ناجح، وقادر على صنع المعجزات حتى إذا كانت بسيطة فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة.
5-التحكم في تصرفات النقص
إذا وجدت نفسك تفعل أشياء نابعة من هذا الشعور فتوقف عنها وقدّم الاعتذار إذا لزم الأمر، وبتكرار تلك الحيلة فإن العقل تلقائيًا سيحسب الأفعال قبل القيام بها.
تذكر أنك مدرك لمشكلتك ومعترف بها، بل ومتقبلها فتلك أولى خطوات التعافي، وإذا كنت ضحية التربية الغير صحيحة، فلا تكن الشخص الذي يترك ضحايا لطرق التعامل الغير سوية.
6- التحفيز الذاتي
لغة الحوار الداخلية والتحفيز الذاتي هو أساس النجاح؛ لذلك خلال رحلة الشفاء من عقدة الدونية الذكورية حفّز نفسك سواء بتقديم المكافآت الذاتية عندما تتحكم في تصرفاتك، أو بالكلام الإيجابي المستمر.
تذكر أن سبب بلوغ الطفل بتلك العقد هو عدم تقديم التحفيز بالطريقة الصحيحة وأنه يستحق هذا اليوم، ويكون هذا النهج المتبع لباقي الحياة.
8-علاج سبب النقص
مهما اختلف سبب الشعور بالنقص ولكنك تستحق أن تبحث عنه وتجده وتقوم بعلاجه، فاذهب إلى طبيب نفسي وتحدث معه.
إذا كان السبب هو الخجل والانطوائية فبالتدريب يمكن علاج كل شيء وأي شيء، إذا كانت لغة الحديث الداخلية هي مصدر هذه العقدة فلتقم بالتدريب على الإيجابية منها.
9-التعافي من الماضي
قد يكون ترك الماضي وآلامه صعب لكنه السبيل الوحيد للعيش حياة سوية، لا تنكره ولكن فقط خذ العظة واتركه يغرق في البحر.
حاول أن تسامح والديك فهما كانا يعتقدان أنهما يقدمان أفضل طرق التربية حينها، ربما يكون الماضي أليم ولكنه لن يتمكن من تدمير المستقبل المشرق.
اقرأ أيضًا: عبارات إيجابية قصيرة محفزة للنجاح والسعادة
10-عدم المقارنة مع الآخرين
إذا فعل الأهل هذا الخطأ سابقًا فلا يمكنك تكراره مرة أخرى مع نفسك ولكن بطريقة أخرى، فمن الطبيعي أنه يوجد أشخاص أفضل منا.
لكن كل ما يهم هو أنت أين الآن وأين كنت البارحة ومكانك المستقبلي سيكون، وقدس الخطوات الصغيرة البسيطة واحتفل بها لأنها هي التي تصنع الأمجاد.
النقص عند الرجل عقدة عصيبة لكن لا ذنب له فيها، وكذلك لن تكون المرأة هي الحل والملاك المهدي، بل هو من سينقذ نفسه، فربما كان الضحية يومًا ما ولكنه بطل القصة اليوم.