الافعال المحرمة في العلاقة الزوجية
ما هي الافعال المحرمة في العلاقة الزوجية؟ وهل هي مذكورة في القرآن والحديث النبوي؟ من المعروف أن كل شيء في إطار العلاقة الجنسية بين الأزواج مباح ومحلل، إلا أن ذلك لا ينكر حقيقة وجود بعض السلوكيات أو الأفعال التي يحظر على الزوجين القيام بها خلال العلاقة بينهما، وسوف نتعرف إليها جميعًا وبالتفصيل من خلال منصة وميض، مقدمين الدلائل على تحريمها من القرآن والسنة والحديث.
الافعال المحرمة في العلاقة الزوجية
إن العلاقة الزوجية علاقة جسدية ومعنوية وليست موجودة من الأساس لإشباع الاحتياج الجنسي لدى الإنسان فقط، بل خلقها الله وشرعها بين الرجل والمرأة المتزوجين لكي يقرب بينهما ويؤلف بين قلبيهما ويخلق بينهما المودة والرحمة.
كل شيء بين الرجل والمرأة المتزوجين متاح ومباح ولا حرام بينهما، فيحق للمرأة أن تستمتع بزوجها متى وكيفما شاءت وللرجل نفس الحق، ويجب أن يطيع كل منهما الآخر فيما يخص هذا الأمر إلا في الأشياء التي فيها معصية لله سبحانه وتعالى.
إلا أنه توجد بعض الافعال المحرمة في العلاقة الزوجية، التي تحمل الأزواج إثمًا كبيرًا إذا ما قاموا بها وهي تتمثل في:
1- الجماع من الخلف أو الدبر
تعد هذه الممارسة على رأس قائمة الأفعال المحرمة في العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، ويقصد بها ممارسة الرجل للجماع مع زوجته بإيلاج عضوه الذكري في فتحة الشرج أو المؤخرة، فلقد نهى الله عن ذلك بشكل قاطع.
روي خزيمة بن ثابت رضي الله عنه وقال: “أنَّ رجلًا سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن إتيانِ النساءِ في أدبارِهنَّ أو إتيانِ الرجلِ امرأتَهُ في دُبُرِهَا فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حلالٌ فلمَّا وَلَّى الرجلُ دعاهُ أو أمَرَ بهِ فدُعِيَ فقال كيفَ قلتَ في أيِّ الخُربَتَينِ، أو في أَيِّ الخَرَزَتَينِ، أو في أَيِّ الخَصْفَتَينِ أمن دبرِها في قُبُلِهَا فنعم أم من دبرِها في دبرِها فلا فإنَّ اللهَ لا يستحيى من الحقِّ لا تأتوا النساءَ في أدبارِهنَّ“
رواه خزيمة بن ثابت، وحدثه الألباني، المصدر: إرواء الغليل، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
إن الله لم يحرم على الإنسان أي شيء في هذه الحياة حتى وإن كان ممتعًا له، إلا لأنه فيه الكثير من الضرر والمخاطر عليه، فإن الله خلق عبده وأحبه ويريد حمايته من كل شيء يؤذيه أو يضره، وهذا الأمر ينطبق على سبب تحريمه لممارسة الجماع بين الأزواج من خلال فتحة الشرج.
إن تلك الممارسة ينتج عنها مجموعة من الأخطار التي قد تكون مميتة وسببًا في خسارة الإنسان لحياته، ومن بينها الإصابة بمرض الإيدز والأمراض الأخرى المستعصية التي تنقل جنسيًا مثل مرض الزهري، بالإضافة إلى الأمراض المعدية مثل التهاب الكبد الوبائي أو الإصابة بالشرخ الشرجي.
اقرأ أيضًا: متى تمنع الحامل من ممارسة العلاقة الزوجية
2- الجماع وقت الدورة الشهرية
جماع الرجل لزوجته خلال فترة الحيض الشهرية لديها من أكبر الافعال المحرمة في العلاقة الزوجية، ولقد نهى الله عنها بشكل حازم وقاطع والدليل على ذلك هو قوله في كتابه العزيز:
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِى الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [سورة البقرة، الآية رقم 222]
كما تحدث النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص هذا الأمر وأكد على مدى إثمه، وإذا وقع فيه الرجل مع زوجته بجهل منه أو لأنه لم يكن يعرف أنه حرامًا، فيمكنه التوبة إلى الله والاستغفار وعدم تكراره.
يستوجب على الرجل إذا فعل ذلك مع زوجته وهو على علم بأنه حرام أن يخرج كفارة لوحده إذا كان قد فعل ذلك رغمًا عن زوجته، أما إذا كان ذلك بمحض إرادتها فيتوجب عليها أن تخرج كفارة مع زوجها هي الأخرى، ولقد تم تحديد هذه الكفارة بالفعل.
“عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الرَّجلِ يأتي امرأتَه وَهيَ حائضٌ يتصدَّقُ بدينارٍ أو بنصفِ دينارٍ“
رواه عبد الله بن عباس، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح النسائي، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
هناك أكثر من حديث نبوي شريف أثبت مسألة أن جماع الرجل لزوجته في فترة المحيض من الأفعال المحرمة في العلاقة الزوجية، ولكن أشهرهم على الإطلاق:
“روى أنس بن مالك رضي الله عنه وقال: أنَّ اليَهُودَ كَانُوا إذَا حَاضَتِ المَرْأَةُ فيهم لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، ولَمْ يُجَامِعُوهُنَّ في البُيُوتِ فَسَأَلَ أصْحَابُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هو أذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في المَحِيضِ} [البقرة: 222] إلى آخِرِ الآيَةِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اصْنَعُوا كُلَّ شيءٍ إلَّا النِّكَاحَ فَبَلَغَ ذلكَ اليَهُودَ، فَقالوا: ما يُرِيدُ هذا الرَّجُلُ أنْ يَدَعَ مِن أمْرِنَا شيئًا إلَّا خَالَفَنَا فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وعَبَّادُ بنُ بشْرٍ فَقالَا يا رَسولَ اللهِ، إنَّ اليَهُودَ تَقُولُ: كَذَا وكَذَا، فلا نُجَامِعُهُنَّ؟ فَتَغَيَّرَ وجْهُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حتَّى ظَنَنَّا أنْ قدْ وجَدَ عليهمَا، فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَهُما هَدِيَّةٌ مِن لَبَنٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأرْسَلَ في آثَارِهِما فَسَقَاهُمَا، فَعَرَفَا أنْ لَمْ يَجِدْ عليهمَا”
رواه أنس بن مالك، وحدثه مسلم، المصدر: صحيح مسلم، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
3- الجماع في وقت النفاس
إن وقت النفاس هو فترة الأربعين يوم أو الشهرين التي تلحق عملية الولادة، والتي يحتاج إليها جسم المرأة لكي يرجع إلى طبيعته قبل الحمل والتخلص من آثار الحمل، وهي الفترة التي يستغرقها رحم المرأة حتى يرجع إلى وضعه الطبيعي وحجمه ويلتأم بعد أن كان مفتوحًا.
إذا انتهى جسم المرأة من إنزال الدم الفاسد الموجود به نتيجة الحمل السابق قبل فترة الشهرين أو الأربعين يومًا، فلا مانع من أن يجامع الرجل زوجته كالسابق، فإن النفاس شأنه من شأن المحيض لأن كلامهما دم فاسد يتخلص جسم المرأة منه، فلا يجب أن يجامع الرجل زوجته خلال وقت النفاس إلا بعد أن تنتهي تمامًا.
اقرأ أيضًا: أسرار الحياة الزوجية الخاصة
4- ممارسة العلاقة الزوجية خلال وقت العبادة
يقصد بذلك أن يقوم الرجل بمجامعة امرأته في وقت الصلاة أو خلال الصيام، حيث إن ممارسة الجنس خلال وقت الصيام تفسده فلا يصبح الصوم مقبولًا أو صحيحًا، وخاصةً خلال شهر رمضان لأن الجماع خلال نهاره يبطل الصيام ويحتاج للتكفير عن هذا الذنب إلى صيام شهرين متتابعين، كما ومن الحرام أيضًا أن يمارس الزوجين العلاقة الجنسية بينهما خلال وقت أداء فريضتي الحج أو العمرة.
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [سورة البقرة، الآية رقم 187]
5- السحاقية
قد تكون العلاقة الزوجية بالنسبة إلى البعض هي ممارسة رجلين للجنس معًا وكذلك النساء، وهذه جريمة وإثم عظيم يهتز له عرش الرحمن، وهي من عمل قوم لوط الذين خسف الله بهم الأرض بسببها، ولقد سميت هذه الفاحشة باسم اللواط وهي ضرب من ضروب الشذوذ الجنسي، وفي ذلك قال الله سبحانه وتعالى:
(وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ) [سورة الأعراف، الآيات رقم 80، 81].
اقرأ أيضًا: أعراض العين والحسد بين الزوجين
6- مجامعة أكثر من امرأة
حتى وإن كان الرجل متزوجًا بأكثر من امرأة لا يحل له أن يجامع كلتاهما في فراش واحد، كما ولا يحل للزوج أو للزوجة ممارسة الجنس مع شخص آخر غير أحدهما لأن ذلك زنا، فالعلاقة الحميمية لا يجب أن تمارس إلا بين الزوجين فقط.
على كل زوج وزوجة أن يدركا مدى إثم هذه الأفعال المحرمة في العلاقة الزوجية، لكيلا يُسألان عنها أمام الله ويكتشفوا أنهم بذلك قد حرموا أنفسهم من ثواب إرضاء الطرف الآخر بالعلاقة كما أمر الله، وجعلوا منها ذنبًا كبيرًا.