دعاء يريح القلب من الهموم
إن أغلب الناس كثيرًا ما يكون في أمسّ الحاجة إلى دعاء يريح القلب من الهموم، فلقد خلق الله الإنسان في هذه الدنيا لكي يكون مترفًا مرفهًا وفي نفس الوقت مثقلًا بالأحزان والمتاعب والمشقة البالغة من أجل مواجهة الحياة والعيش فيها، إلا أنه في النهاية يبقى إنسان ضعيف يحتاج إلى أن يرتاح لكي يتمكن من مواصلة السير، وإقرارًا وإيمانًا بتلك الحقيقة الإنسانية سوف نعرض من خلال منصة وميض أدعية تخفف من الحزن وتريح القلب.
دعاء يريح القلب من الهموم
يحتاج كل مؤمن بالله إلى دعاء يريح القلب من الهموم لكي يخفف عن نفسه ما يمر به من محن وصعاب في الحياة، فلولا تلك الأدعية لما تمكن الإنسان على مواصلة حياته.
“اللَّهُمَّ إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيِّ حكمك عدلٌ فيِّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب همِّي”
لقد خص النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء بالذكر، مؤكدًا أنه دعاء يريح القلب من الهموم والحزن وهو من الأدعية المجابة، ولقد كان يدعو به دومًا إلى الله تعالى في سرائه وضرائه.
“اللَّهُمَّ إني أسألك أن ترفع ذكري وتضع وزري وتصلح أمري وتطهر قلبي وتغفر ذنبي وتُحصِّن فرجي وتُنوِّر قلبي وتغفر ذنبي وأسألك الدرجات العلى من الجنة”
إن الله يسمع كل دعاء يريح القلب من الهموم فهو يرانا ويسمعنا ويدركنا جميعًا من حيث لا ندركه، وهو لا يتوانى أبدًا عن إجابة دعاء عبده له إذا ما مسه ضرًا أو مالت نفسه لأمر في صالحها.
يجب أن ندعو الله دومًا أن يريح قلوبنا ويُذهب غيظها وأن يخفف عنها ثقل الحزن، حتى وإن لم تكن صيغة الدعاء مهندمة فالله يشعر بما في القلب ويدركه ويقدره.
يجب على كل إنسان تذكر حقيقة بالغة الأهمية ألا وهي أن الله لا يغلق باب رحمته وتوبته في وجه عبده مهما فعل، ولقد قال الله سبحانه وتعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [سورة النساء، الآية رقم 116].
اقرأ أيضًا: دعاء عند نزول المطر للزواج من شخص معين
أهمية الدعاء لراحة القلب والبال
كل دعاء يريح القلب من الهموم يعد بلسمًا ودواءً، بمعنى أن الإنسان مهما ارتكب من أخطاء وذنوب ومعاصي وبالغ فيها هو في النهاية لم يكفُر بالله، ومهما ابتعد عنه فإنه في المقابل لا يبتعد أبدًا ويتيح لعبده الفرصة ويوفر له المساحة الكافية لكي يتأوب إليه من جديد.
أي أنه لا يصح أن يظن العبد بربه ظن السوء ولا يتردد في أن يأتي بابه داعيًا إياه بأن يريح قلبه والله لن يتأخر عن إجابته طالما أتاه بقلب صادق.
“اللَّهُمَّ أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”
إن فطرة الحياة تدعونا إلى التقرب إلى الله بكل دعاء يريح القلب من الهموم، نظرًا لما تفرضه علينا الحياة من مصاعب ومغريات تجعلنا نعصى الله ثم نؤنب أنفسنا ونتوب ونستغفره، ثم نخطئ ونأثم من جديد لنتوب ونرجع إليه مرة أخرى وهكذا الحال حتى تفنى الدنيا.
لذلك لا يليق بالمؤمن أن يستنكف عن دعاء ربه بأن يريح قلبه لكونه يعصِهِ، فإن الله أرحم بنا من أنفسنا ومن أهلنا حتى أكثر مما نتخيل والمعصية لا تمنع الدعاء.
(فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِىٓ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحًا تَرْضَىٰهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ) [سورة النمل، الآية رقم 19]
تلك الآية الجميلة تحمل دعاء يريح القلب من الهموم وهو من أروع الأدعية، كما يعد من الأدعية المريحة والمميزة جدًا والسبب في ذلك أن سيدنا سليمان عليه سلام الله، كان يردده دومًا لكي يطمئن قلبه وترتاح نفسه.
اقرأ أيضًا: دعاء لقضاء الحاجة في دقائق
أدعية من القرآن لراحة القلب
لا أحد منا ممن يبحثون عن دعاء يريح القلب من الهموم لا يعرف حقيقة أن رسل الله جميعهم هم أكثر خلقه ابتلاءً بالمحن والشدائد، فمن لا يعرف بما مر به النبي إسرائيل عليه السلام الذي فقده ابنه النبي يوسف عليه السلام.
ما عانى منه أيضًا سيدنا نوح عليه السلام حينما رأى ابنه يموت كافرًا بالله في الطوفان، وإبراهيم عليه السلام الذي ابتلاه الله بأمر شديد القسوة ألا وهو ذبح ابنه الوحيد النبي إسماعيل عليه السلام.
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)
[سورة يوسف، الآية رقم 101]
اعتراف الإنسان بفضل الله عليه في الدعاء كان جزءًا لا يتجزأ عن دعاء يريح القلب من الهموم عند رسول الله، ولعل هذا الدعاء أو تلك الآية الكريمة من سورة يوسف تحمل في طياتها الكثير والكثير.
ولأن النبي يوسف لم يتقاعس عن ترديد دعاء يريح القلب من الهموم رفع الله شأنه وكشف الحزن عن نفسه وقلبه، فما كان له إلا في نهاية قصته أن دعا الله لكي يرزقه بحسن الخاتمة في الحياة، معترفًا ومقرًا بفضله ونعمته عليه طوال عمره.
(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) [سورة الأنبياء، الآيات رقم 87، 88]
هذه الآيات تتضمن دعاء يريح القلب من الهموم وهو من أجمل ما يمكن للمسلم أن يدعو ربه به في السراء والضراء ليكشف عنه ما به، وعصيان الله خطأ بشري طبيعي ولا يصنف كعيب شاذ وخارق للعادة.
بل يكمن العيب والإثم الحقيقي في المكابرة فيه وعدم الاعتراف به، فإن نبي الله يونس عليه السلام بالرغم من أنه كان نبيًا إلا أنه عصى الله ولكنه رجع إليه مرة أخرى، فاستجاب له وأذهب عنه الهم وطمئن قلبه.
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [سورة الأنبياء، الآية رقم 89]
لقد كان سيدنا زكريا عليه السلام يعيش حالة من الحزن والأسى أغلب حياته، وذلك لأنه لم يرزق بمولود يرثه ويحمل اسمه وكانت زوجته عقيمة لا تنجب وكان الناس من بني إسرائيل يعيرونه بأنه لم ينجب، فدعا ربه دعاء يريح القلب من الهموم فاستجاب له ورزقه بنبيه يحيى عليه السلام.
أدعية للراحة النفسية
إن كل دعاء يريح القلب من الهموم تكمن قوته في فكرة اللجوء إلى الله والتضرع إليه بالدعاء، حيث إن ذلك يبعث القلب والنفس على الاطمئنان ويولد في نفس الإنسان شعورًا بالراحة والأمان، فأي دعاء يريح القلب من الهموم ويطمئن النفس لا يؤخر الله إجابته لعبده أبدًا.
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ) [سورة الأنبياء، الآية رقم 83]
يعتبر دعاء سيدنا أيوب عليه السلام دعاء يريح القلب من الهموم ويطمئن النفس إلى أقصى حد ممكن، فإن سيدنا أيوب حينما نادى ربه بهذا الدعاء كان الحزن قد تمكن من قلبه ومن نفسه ومن جسده، فابتلاه الله بضياع الصحة والمال والملك وكل شيء، وما أن تقرب إليه بالدعاء كشف عنه الله ما كان يعانيه من ضر.
(قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [سورة آل عمران، الآيات 26، 27]
إن أدعية النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام من أجمل الأدعية التي يمكن ترديدها للتخفيف من حزن القلب، فمهما مررنا بمصاعب ومتاعب وابتلاءات في هذه الحياة، لن نعاني أبدًا بقدر ما عانى الرسول الكريم في حياته، فلقد عانى من اليتم والحرمات والتكذيب والاستهزاء وموت الأبناء.
إلا أن الدعاء هنا كان هو الحل والسحر والبلسم الذي ربط الله به على قلب نبيه المصطفى، وهذا الدعاء بالذات كان من أحب الأدعية إليه ولأننا أمة محمد يحب أن نحب ما أحبه.
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [سورة هود، الآية رقم 56]
يجب ألا يخلو كل دعاء يريح القلب من الهموم من الإيمان بالله وظن الخير به على الدوام، حتى وإن كان سير الأحداث من حولنا يدل على النقيض تمامًا.
أي أنه على المؤمن دائمًا أن يكون مدركًا أن كل ظلام سينجلي بشق أشعة نور الشمس لأعماقه، ولكل هم فرج ولكل حزن نهاية مهما طال عليه الأمد، وهذا ما كان يؤمن به نبي الله هود عليه السلام في دعائه دومًا ولا يتوانى عن الإقرار به في الدعاء.
اقرأ أيضًا: دعاء التحصين والحفظ اليومي
دعاء يهون حزن القلب
إن أبرز الأسباب التي تدفع كل مؤمن إلى البحث عن دعاء يريح القلب من الهموم هو الحزن وثقل الذنوب والمتاعب التي تجعل من ذلك الحزن شبيهًا بالسحاب الأسود، ولكن ينبغي عليه إدراك حقيقة هامة.
ألا وهي أن كثرة الذنوب وطيلة المدة التي يقضيها بعيدًا عن الله، تجعل من تلك الغيمة أكثر سوادًا وأكبر حجمًا حتى لا يقوى قلبه على المقاومة، فيسقط أمام ربه ساجدًا باكيًا ليرده إليه مرة أخرى مردًا جميلًا.
(رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [سورة القصص، الآية رقم 16]
كان هذا الدعاء الجميل هو دعاء يريح القلب من الهموم والأحزان عند سيدنا موسى عليه السلام، فاستجاب له ربه لأنه ندم على ما فعله واعترف به، فكثيرًا منا تهشم المعصية قلبه حينما ينتفض ويثور عليه ضميره بسببها ويتألم لذلك، وبمجرد أن نرجع إلى الله ونستغفره ونتوب إليه ترجع قلوبنا آمنة مطمئنة من جديد.
(رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [سورة الشعراء، الآيات 85: 89]
كان هذا هو دعاء يريح القلب من الهموم عند سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، فكان يدعو الله به دومًا كلما مس الحزن قلبه وغيم الهم على نفسه، فكان يرجو به من الله أن يجعل من لسانه لسان صدق في الدنيا والآخرة، ويدعو لوالده الذي كفر به وكذبه، علمًا وإيمانًا في قرارة نفسه أنه لا ينفع المرء حينما يقف أمام الله سوى سلامة قلبه.
(رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ) [سورة هود، الآية رقم 47]
إن دعاء يريح القلب من الهموم أو أي دعاء آخر ندعو الله به من شأنه أن يغير مجرى ومسار القضاء والقدر بأمر من الله تعالى، مما يعني أنه يجب على كل مؤمن بالله أن يلتزم بالدعاء دومًا والتقرب إلى الله به، ولا ينتظر أن يمسه البلاء ويصاب بالحزن، وأن يحرص على علاقته بربه في الفرح قبل الحزن.
سوف يبقى أي دعاء يريح القلب من الهموم مجابًا طالما كان العبد مؤمنًا واثقًا بالله ومدركًا أنه سوف يجيبه، فإن الله دومًا عند ظن عبده به وهو الذي لا تخلف عنده الظنون.