قصص من حياة الصحابة
قصص من حياة الصحابة كثيرة للغاية، فالصحابة كان لهم العديد من المواقف التي تجعلنا نشعر عند الوقوف أمامها بالذهول، حيث كانوا يتسابقون في الخير، ويخافون على الرسول- صلى الله عليه وسلم- أكثر من أنفسهم، كما أنهم يتميزون بالشجاعة والشهامة التي لا مثيل لها، لذا سنوضح حكايات من حياة الصحابة بشيء من التفصيل من خلال منصة وميض.
قصص من حياة الصحابة
مواقف من حياة الصحابة من المواقف التي تقدم لنا العديد من العبرات والعظات، كما أنها تحثنا على التحلي بالكثير من الصفات الحسنة، لذا سنوضح أهمها بشيء من التفصيل في النقاط التالية:
1- قصة أبو الدحداح ونخلة الجنة
أبو الدحداح كان رجل يتيم، وكان لديه بستان به نخلة يملكها شخص آخر، أراد أبو الدحداح أن يبني سور يحيط بشجرة في بستانه، وكانت هذه النخة تعترض طريق السور، لم يعرف أبو الدحداح ماذا يفعل بشأن هذا الأمر، فذهب إلى الرسول-صلى الله عليه وسلم- واشتكى له، ظنًا منه أن الرجل سيسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
عرض النبي على الرجل أن يتنازل عن النخلة، فرفض الرجل رفضًا شديدًا، فقال له الرسول- صلى الله عليه وسلم- اتركها ولك مثلها في الجنة، فرفض الرجل أيضًا، عندما سمع أبو الدحداح هذا الخبر، ذهب إلى الرجل وعرض عليه أن يحصل على النخلة مقابل أن يعطيه بستان كامل، فلم يتردد الرجل ووافق على ذلك، وما فعل ذلك أبو الدحداح إلا ليحصل على نخلة في الجنة، وتلك القصة من قصص من حياة الصحابة التي تبين لنا مدى حرص الصحابة على الحصول على أجر عظيم.
اقرأ أيضًا: من أشهر المفسرين في عهد الصحابة
2- شهامة عثمان بن طلحة
عثمان بن طلحة بطل إحدى قصص من حياة الصحابة حيث إنه يتميز بالشهامة والشجاعة حتى قبل دخول الإسلام، وظهر ذلك في الوقت الذي أمر فيه الرسول- صلى الله عليه وسلم- المسلمين أن يهاجروا من مكة إلى المدينة، وكان من المهاجرين أبو سلمة، وزوجته أم سلمة، وابنه الصغير، ولكن اعترض طريقهم قبيلة أم سلمة حيث إنهم رفضوا أن تذهب مع زوجها، وأخذوها رغمًا عنها، فما كان من قبيلة أبو سلمة إلا إنهم أخذوا منه أبنها الصغير.
فلم تقدر أم سلمة على فراق زوجها وأبنها خاصةً إنه لم يُكمل عام واحد، وظلت حزينة للغاية حتى سمح لها أهلها بالهجرة إلى المدينة، فأخذت أبنها الصغير وعزمت على الرحيل، وعندما خرج من مكة ووصلت إلى منطقة قريبة منها تُدعى التنعيم، قابلت عثمان بن طلحة الذي سألها عن وجهتها عندما رآها وحيدة وليس معها غير طفل صغير، فأجابته بأنها ذاهبة على المدينة حيث إنها تريد أن تلحق بزوجها.
لم يتردد عثمان بن طلحة لحظة واحدة في تقديم المساعدة لها حيث إنه كان على قدر عالي من الأخلاق الحسنة، ومن المعروف أنه أسلم في صلح الحديبية 8 هـ، ومن ثم ذهب إلى المدينة مع خالد بن الوليد، كما أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- عندما فتح مكة كان مفتاح الكعبة مع عثمان بن طلحة، وعندما ذهب ليمنحه للنبي رفض أن يأخذه وقرر أن قبيلة عثمان التي كانت تُدعى بني شيبة هي التي سوف تتولى هذا الأمر تكريمًا لكل من عثمان وقبيلته.
3- مؤاخاة عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع
عبد الرحمن بن عوف أحد أبطال قصص من حياة الصحابة، فعندما دخل في الإسلام وهاجر إلى المدينة، قامت الرسول بمؤاخاته مع صاحبه سعد بن الربيع، وقال سعد لعبد الرحمن أنه سوف يمنحه نصف أمواله، كما أنه سيمنحه زوجة من زوجاته حتى يتزوج بها ويستقر بالمدينة، ولكن عبد الرحمن لم ينظر إلى كل ذلك، وقال: (بارك الله لك في مالك وأهلك؛ بل دلّوني على السوق)، ويُقال إنه عمل في التجارة حتى أصبح من أكبر تجار المدينة، وكان حريص على تقديم العون والمساعدة إلى فقراء المسلمين، وكذلك جيوشهم.
4- امتناع عثمان بن عفان عن الطواف حول الكعبة قبل النبي
من المعروف أن عثمان بن عفان كان رسول النبي-صلى الله عليه وسلم- حيث كان يبعثه النبي باستمرار إلى قريش حتى يتفاوض معهم بشأن بعض الأمور قبل عقد صلح الحديبية، وفي يوم من الأيام أراد المسلمون أن يتموا العمرة إلى الله تعالى، فأرسل النبي- صلى الله عليه وسلم- عثمان إلى قريش يخبرهم بأنهم يرغبون في العمرة لا أكثر، وليس غرضهم القتال، كما انه أمره بأن يبث الطمأنينة في نفوس المسلمين في مكة، ويبشرهم بأن نصر الله قريب.
وبالفعل قام عثمان بذلك، ولكنه قضى في مكة عدة أيام، وبعد ذلك ذهب سهيل بن عمرو إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- وحدث الصلح، وبعد ذلك ظن بعض الصحابة أن عثمان قد سبقهم وقد طاف بالكعبة، فما كان من الرسول- صلى الله عليه وسلم- غير إنه قال إن عثمان لن يطوف بالكعبة، وهو يعلم أن المسلمين يشتاقون إلى الكعبة، فلما عاد عثمان بن عفان قام المسلمون بإخباره بما حدث.
فغضب عثمان بن عفان وقال إنه لا يقدر على الطواف بالكعبة قبل أن يطوف بها الرسول- صلى الله عليه وسلم- وأن قريش كانت تريده ان يطوف بالكعبة، ولكن رفض رفضًا شديدًا، وذلك الموقف يوضح لنا مدى حرص الصحابة على احترام وتقدير الرسول-صلى الله عليه وسلم- في كل الأوقات، ولكن هذه القصة ضعيفة بعض الشيء، ولم يتفق العلماء أجمعهم على صحتها، ولكنهم اجتمعوا على إرسال عثمان بن عفان إلى مكة من أجل هدنة الحديبية 8 هـ.
5- شجاعة أبي بكر في الدفاع عن النبي
أبي بكر الصديق كان له الكثير من المواقف الحسنة التي تؤكد على مدى حبه للرسول- صلى الله عليه وسلم- كما أنه كان حريص على الدفاع عن النبي بشكل مستمر حتى لا يتعرض لأي أذى من قبل المشركين، وذات يوم كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يصلي، فجاء من خلفه عقبة بن أبي معيط، وحاول أن يخنق النبي بملبسه، فألقى أبو بكر بعقبة بعيدًا عن النبي، وقال: (أتقتلون رجلًا أن يقول ربّي الله؟ وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم)، وذلك ما يجعله أحد أبطال قصص من حياة الصحابة.
كما أن الناس في عهد الخليفة علي بن أبي طالب كانوا يخبرون علي بأنه أشجع الناس، فقال علي أن هناك رجل كان يتميز بشجاعة لا مثيل لها، وهو الصحابي الجليل أبي بكر الصديق، وحكى بأنه أبو بكر كان يدافع عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- بروجه في غزوة بدر حيث إنه كان يخاف على النبي أكثر من نفسه، وذلك ما دفع إلى قتل أي شخص يحاول الاقتراب من الرسول ليؤذيه.
اقرأ أيضًا: مقولات عمر بن الخطاب عن الصمت
6- تنازع الصحابة رغبةً في تربية أمامة بنت حمزة
هذه القصة من أفضل قصص من حياة الصحابة، فمن المعروف أن الصحابة كانوا يتنافسون من أجل فعل الخير، فكانوا يقيمون بالكثير من الأعمال الصالحة وخاصةً كفالة اليتيم، ومن المواقف التي تظهر ذلك الأمر ما حدث عند خروج الرسول-صلى الله عليه وسلم- من مكة عقب إتمام عمرة القضاء حيث جاءته فتاة تدعى باسم أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، الذي قُتل والدها في غزة أحد، وظلت تنادي يا عم يا عم.
كان الصحابة يتنازعون في حضانتها، ومنهم علي بن أبي طالب الذي رأى أنه أولى بحضانتها لأنه أبنه عمه، وزيد الذي رأى أنه أولى بحضانته لأنه كان أخ حمزة بن عبد المطلب في الرضاعة، وهي بمثابة أبنه أخيه، وجعفر بن أبي طالب الذي كان يرى أنه أولى بحضانتها لأن زوجته تكون خالتها، كما أنها أبنه عمه في آن واحد.
فكر الرسول-صلى الله عليه وسلم- بالأمر، وحكم بها لجعفر بن أبي طالب، وذلك لأن زوجته تكون خالتها، والخالة مكانتها من مكانة الأم، كما أن جعفر كان يمتلك أموالاً أكثر من البقية، ومن ثم قام النبي- صلى الله عليه وسلم- بجبر خاطر باقي الصحابة حتى لا يشعروا بالحزن حيال ذلك الحكم.
7- نيل أم عمارة شرف الدفاع عن النبي
أم عمارة صحابية تتميز بقدر عالي من الشجاعة حيث إنها كانت تحب المشاركة في الغزوات، ويُحكى بأنها حضرت غزوة أحد، وعندما اشتد المعركة، قامت بالدفاع عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- حتى لا يمسه أي أذى من قبل الكفار، وأثناء المعركة هجم رجل على الرسول- صلى الله عليه وسلم- كان يعرف باسم ابن قميئة، فما كان من أم عمارة غير إنها وقفت أمامه هي ومصعب بن عمير، ولكن مصعب قد لقى مصرعه في ذلك الحين.
ظلت أم عمارة صامدة ولم تخاف حتى تم إصابتها بالعديد من الجروح البالغة، حتى أمر الرسول-صلى الله عليه وسلم- بأن يأتي ابنها ليضمد لها جراحها، وأخذ النبي يدعو لها ولأبنها ففرحت كثيرًا، وطلبت منه أن يدعو الله أن تكون بجواره في الجنة، فوافق الرسول-صلى الله عليه وسلم- وشعرت وقتها أم عمارة بفرحة لم يشعر بها أحد.
عندما أخذوها إلى المدينة كانت تود أن تعود لاستكمال المعركة مرة أخرى، ولكن جراحها كانت بالغة للغاية، وبعد مرور عدة أيام سأل النبي –صلى الله عليه وسلم- على صحتها، فأخبروه أنها أصبحت بخير.
8- النبي والصديق في الهجرة
لقد من الله على أبي بكر بفضل عظيم عندما اختاره الرسول-صلى الله عليه وسلم- حتى يهاجر معه إلى المدينة، وبهذه الرحلة ظهرت مكانة أبي بكر عند النبي-صلى الله عليه وسلم- كما ظهر مدى حرص وخوف أبي بكر عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- ويظهر ذلك بوضوح في الوقت الذي اختبأ به كل من النبي وأبي بكر في غار ثور من المشركين حيث قامت قريش بعرض 100 ناقة لمن يعرف مكانهما.
لقد أظهر أبو بكر خوفه الشديد من عثور قريش عليهما حيث قال للنبي- صلى الله عليه وسلم-: (يا رسول الله لو أنّ أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه)، فأخذ الرسول- صلى الله عليه وسلم- يهدأ من روع أبو بكر الصديق حيث قال له: (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، وهذه القصة إحدى قصص من حياة الصحابة التي تعلمنا أن الصديق الحقيقي لا يعرف إلا في أوقات الشدة والضيق فقط.
9- اقتصاص سواد من النبي
من قصص من حياة الصحابة المشهورة التي حدثت خلال ترتيب صفوف جيش المسلمين من أجل الخروج لغزوة بدر أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- دفع سواد بعصا حتى لا يخرج من الصف، فما كان من سواد إلا أنه قال اوجعتني يا رسول الله، وطلب من الرسول- صلى الله عليه وسلم- أن يقتص منه ويضربه نفس الضربة، فوافق النبي- عليه السلام- في الحال، وكشف عن بطنه.
هنا كانت المفاجأة حيث لم يقم سواد بأخذ حقه الذي طلبه، بل قام بتقبيل بطن النبي- عليه السلام- وقال انه فعل ذلك لعله ينول شفاعة النبي- عليه الصلاة والسلام- يوم القيامة، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- لا يشعر بالضيق حيال طلب الصحابة لحقوقهم منه، وذلك لأنه كان يعطي كل شخص حقه، والدليل على ذلك إنه رد إلى سواد حقه من خلال توليته كأمير على مدينة خيبر.
اقرأ أيضًا: الفرق بين مساجد الشيعة والسنة
10- همة أبي ذر الغفاري
هذه القصة من قصص من حياة الصحابة المؤثرة للغاية، حيث كان أبو ذر دائم الخروج مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى مختلف الغزوات، وفي غزوة تبوك كان أبو ذر يركب بعير بطيء للغاية، حيث إنه ابتعد بسببه عن الجيش ولم يعد يراه، فقرر أن ينزل عن هذا البعير، وحاول أن يلحق النبي- عليه الصلاة والسلام- وعندما لاحظه أحد الصحابة، ذهب ليخبر النبي- عليه الصلاة والسلام- بأن هناك رجل يلاحقهم.
فأجاب الرسول- صلى الله عليه وسلم- بأنه أبا ذر، وبالفعل تأكدوا من أنه هو، فما كان من الرسول إلا إنه قال: (يرحمُ اللهُ أبا ذرٍّ يمشي وحدَه ويموتُ وحدَه ويُبعَثُ وحدَه)
11- استشهاد عمر بن الخطاب
تعتبر هذه القصة من قصص من حياة الصحابة المؤثرة جدًا حيث إن مقتل الخليفة عمر بن الخطاب لم يكن سهل بالمرة، حيث إنه كان يصلي بالمسلمين صلاة الفجر في المسجد، وفجأة أثناء الصلاة هجم عليه أبو لؤلؤة المجوسي حيث إنه شق بطن عمر بن الخطاب، ومن ثم حاول الفرار وأصبح كالمجنون يقتل كل من يعترض طريقة، فكان ضحاياه 7 غير عمر بن الخطاب، كما أنه أصاب إحدى عشر رجل بجروح بالغة.
في النهاية أمسك به أحد الرجال فما كان من أبو لؤلؤة المجوسي غير إنه ذبح نفسه، وبعد قليل مات عمر بن الخطاب الذي كان يتميز بالشجاعة والشهامة.
12- قصة أبي طلحة وأم سليم
كان أبو طلحة بطل قصة من قصص من حياة الصحابة حيث كان لديه صبي صغير يحبه كثيرًا، وكان متزوج من أم سلمة، وفي يوم من الأيام شاء الله تعالى أن يُصاب الغلام الصغير بمرض خطير، وظل الغلام يعاني من هذا المرض لأيام، فشعر أبو طلحة بالحزن الشديد حيال هذا الأمر، وفي يوم ذهب ليصلي العشاء مع النبي- صلى الله عليه وسلم- وفي نفس الوقت قد توفى أبنه، وقررت الزوجة ألا تخبر زوجها بذلك الأمر عندما يعود، وطلبت من جميع الموجودين بالدار ألا يقولوا له أي شيء.
عندما عاد أبو طلحة من الصلاة سأل أم سليم عن حال الغلام الصغير، وكيف أصبحت صحته، فأخبرته بأنه بخير، وقالت أنه محاط برحمة الخالق، ومن ثم تزينت ووضعت رائحة عطرة، وجهزت لزوجها العشاء، وقد أعرس بها زوجها في تلك الليلة، وفي صباح اليوم التالي قررت الزوجة أن تقول له ولكن بطريقة رحيمة حيث قالت له أن الأموال والأنفس ما هي إلا أرزاق يهبها لمن يشاء، ويأخذها ممن يشاء.
فذهب أبو طلحة للرسول- صلى الله عليه وسلم- واخبره بكل شيء حدث في تلك الليلة، فما كان من النبي- عليه الصلاة والسلام إلا إنه أخذ يدعو له، وتلك القصة نراها واضحة في ذلك الحديث الشريف: (فَقالَ: أعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لهما فَوَلَدَتْ غُلَامًا، قالَ لي أبو طَلْحَةَ: احْفَظْهُ حتَّى تَأْتِيَ به النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَى به النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَرْسَلَتْ معهُ بتَمَرَاتٍ، فأخَذَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: أمعهُ شيءٌ؟ قالوا: نَعَمْ، تَمَرَاتٌ، فأخَذَهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أخَذَ مِن فِيهِ، فَجَعَلَهَا في فِي الصَّبِيِّ وحَنَّكَهُ به، وسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ)
اقرأ أيضًا: متى كانت ليلة الإسراء والمعراج
13- قصة سعد بن وقاص وحراسة النبي
كان خال النبي-صلى الله عليه وسلم بالرضاعة هو سعد بن أبي وقاص، وهو أحد أبطال قصص من حياة الصحابة، وكان الرسول يفتخر بإنه خاله كثيرًا، وكان يعمل على احترامه وتقديره بشكل مستمر، وفي يوم من الأيام كان النبي- عليه الصلاة والسلام- يسيطر عليه إحساس الإرهاق والتعب الشديد، وكان يتمنى النبي أن يكون هناك شخص من أصحابه يعمل على حراسته في هذه الليلة ليحميه من أذى المشركين الذي قد يصيبه في أي وقت.
في نفس اللحظة سمع كلاً من السيدة عائشة رضي الله عنها، والنبي- عليه الصلاة والسلام- صوت رجل معه سلاح، فأخذ الرسول ينادي حتى يعرف الشخص الذي يوجد خارج الدار، فرد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص بأنه جاء حتى يعمل على حراسة النبي في هذه الليلة.
وقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها هذه الرواية حيث قالت: (أَرِقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقالَ: لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِن أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ، قالَتْ وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن هذا؟ قالَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ: يا رَسولَ اللهِ، جِئْتُ أَحْرُسُكَ. قالَتْ عَائِشَةُ: فَنَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ).
14- قصة أبي عقيل ولقاء مسيلمة الكذاب
من المعارك الكبرى التي حدثت بعد وفاة الرسول- صلى الله عليه وسلم- هي معركة اليمامة التي كان سببها إدعاء مسيلمة الكذاب أنه نبي الله في اليمن، فخرج المسلمون في معركة اليمامة وكان عددهم 21 ألف مقاتل، وقائدهم هو خالد بن الوليد في حين إن المرتدين عن الإسلام كان عددهم 100 ألف، وقائدهم مسليمة الكذاب.
والجدير بالذكر أنه خرج الكثير من الصحابة في هذه المعركة، ومنهم: أبو عقيل الأنصاري، وزيد بن الخطاب، واشتدت المعركة، فأصيب أبو عقيل الأنصاري بجرح كبير في كتفه، ولكن ذلك لم يوقفه عن القتال حيث إنه سحب سهمه وأراد أن يصيب الكفار، ولكن كتفه لم يتحمل ذلك، وأخذت الدماء تنفجر من كتفه، فقام عبد الله بن عمر بحمله إلى خيمة قريبة حتى يتم إغاثته ومعالجته.
في تلك اللحظة سمع أبو عقيل الأنصاري رجل يقول: يا أنصار رسول الله، فلم يكن منه إلا إنه قام مسرعًا لاستكمال القتال دون أن يهتم بالوجع الشديد الذي يشعر به، حاول عبد الله أن يمنعه عن ذلك، ولكنه رد بأنه سمع نداء للأنصار الرسول- صلى الله عليه وسلم- وهو من الأنصار فكيف له ألا يلبي النداء، وانضم إلى المسلمين وأخذ يقول بصوتًا عالي: يا أصحاب محمد كرة ككرة حنين، وظل يقاتل حتى لقى مصرعه ونال الشهادة، وأصبح بطل من أبطال قصص من حياة الصحابة.
15- قصة عتق بلال بن رباح
الصحابي الجليل بلال بن رباح كان أحد عبيد أمية بن خلف في العصر الجاهلي حيث إنه كان يقوم بخدمتهم وفي مقابل ذلك كان يتعرض للظلم الشديد على الدوام، وكان يعاملونه بطريقة قاسية للغاية لا تليق بالبشر، وفي يوم من الأيام سمع بلال بن رباح بأمر الدين الجديد الذي جاء به محمد، وقد رزقه الله تعالى بنعمة الدخول في الدين الإسلامي، فلما علم أمية ذلك الأمر غضب غضبًا شديدًا.
وقرر أمية إنه لن يترك بلال حتى يرتد عن الدين الإسلامي، ويعود إلى عبادة الأصنام مرة أخرى، ومن هنا تعرض بلال لأشد أنواع العذاب حيث كانوا يعملون على حرق جلده بالرمال الساخنة للغاية، ويجعلونه يرتدي ملبس من المعدن ويتركوه في الشمس حتى يفقد قوته، وظل بلال على ذلك الحال حتى قام أبو بكر الصديق بشرائه من أمية، ومن ثم عتقه، وبذلك تحرر بلال من قيود وعذاب الكفار، وهذه القصة إحدى قصص من حياة الصحابة التي تعلمنا أن بعد الشدة فرج عظيم.
اقرأ أيضًا: الفرق بين السنة والشيعة في الصيام
16- قصة إسلام عمر بن الخطاب
هذه القصة من قصص من حياة الصحابة الجميلة للغاية، فعمر بن الخطاب قبل أن يدخل الإسلام كان من أشد الناس كرهًا للرسول- صلى الله عليه وسلم- وللمسلمين جميعًا، ولكن بدأ قلب عمر بن الخطاب أن يلين منذ أن قابلته أم عبد الله بن حنتمة قبل أن يهاجر المسلمون إلى الحبشة، وكان يشغل بال عمر في ذلك الوقت الدافع الذي يجعل المسلمون يتحملون أشد ألوان العذاب، ولا يرتدون عن دينهم، وفي ذلك الوقت أحست أم عبد الله بأن عمر سوف يسلم.
لكنها عندما أخبرت زوجها بذلك قال لها أنه من المستحيل أن يدخل عمر الإسلام، وفي يوم من الأيام سمع عمر بن الخطاب خبر إسلام كل من أخته وزوجها، فهرول سريعًا إلى دارهما، وطرق الباب بشدة، وعندما فتحا الباب أسرعت أخته لتخفي صحيفة ما كانت في الدار، أصر عمر بن الخطاب على أن يرى تلك الصحيفة، فرفضا كلاً منهما، فبدأ عمر بن الخطاب في ضرب زوج أخته.
في ذلك الحين أبعدته أخته عن زوجها، ووصفته بأنه عدو الله، شعر عمر في ذلك الوقت بالندم الشديد، ولكنه أصر على أنه لن يذهب إلا بعد أن يرى ما يوجد بهذه الصحيفة، فقالت له إنه نجس، ولا يصح له الإمساك بالمصحف إلا بعد أن يغتسل، فأغتسل عمر، وبدأ بقراءة الصحيفة التي كان يوجد بها آيات من سورة طه حيث قرأ: (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ * إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ * تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى)
فرق قلب عمر بن الخطاب، وتحدث مع أخته عن ذلك، وطلب منها أن يعرف مكان النبي- صلى الله عليه وسلم- حتى يدخل في الدين الإسلامي، ولاحظت أخته أنه صادق، فأخبرته بمكان النبي- عليه الصلاة والسلام- وعندما سمع الصحابة صوته خافوا على النبي من أن يتأذى فدخلوا مع عمر إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم- وقام بإعلان إسلامه، ففرح النبي وأخذ يكبر حيث إنه كان دائمًا يدعي الله تعالى بأن يعز الإسلام بأحد العمرين، وهما ابن هشام أو عمر بن الخطاب.
قصص من حياة الصحابة متعددة، فيجب علينا أن نقصها على الصغار حتى يتصفوا بالأخلاق الحميدة التي كان يتميز بها الصحابة من شجاعة، وشهامة، وصدق، وغيرها من الصفات الحسنة.