عقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي
يكثر التساؤل عن عقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، ففي وقتنا الحالي أصبح التعدي على الخصوصيات واستخدام الصور الشخصية وغيرها من البيانات والمعلومات المرئية والمسموعة أشبه بالمُسلمات والمُباحات، لذا رأينا أنه من واجبنا عبر منصة وميض تعريفكم بعقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي للحد من هذه الآفة.
عقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي
هُناك حالة سائدة مع الأسف من التعدي على الحُريات والخصوصيات في مواقع التواصل لا نعلم سببها ولا بدايتها، ولكن ما نعلمه ونعرفه عن ظهر قلب كون من يقومون بهذا الأمر مُجرمون يجب مُعاقبتهم وتطبيق أشد ما جاء في لوائح القانون ونصوصه من عقوبات عليهم.
نرى بشكل شبه يومي تقريبًا العديد من الجرائم التي يتعدى أثرها وضررها حاجز الإنترنت والشاشة الصغيرة، فحالة الفوضى التي تعيشها هذه المواقع بسبب الشخصيات الموبوءة التي احتلت بشكلٍ كامل كافة أركان الصفحات والحسابات الشخصية أزهقت من الأرواح الكثير، وهذا القول ليس من باب المُغالاة أو المُبالغة.
فنسمع بين الحين والآخر عن جرائم قتلٍ نتيجةً لتسريب صورةٍ خادشة للحياء، أو إبلاغ ذوي أحدهم بما هو مغلوطٌ عن ولدهم، ولا يخفى علينا أن أغلب من يُعانون جراء هذه الهمجية الجائرة الإناث بكافة أعمارهم ومراحلهم السنية، ولكنه يشيع أكثر في اليافعات منهُن.
فبسبب كثرة هذه الحوادث المؤلمة أصبح الناس مُعتادون على سماع قصصٍ عن انتهاء علاقات زوجية استمرت لعقود دون أي مُعاناة، ناهيك عما عانى منه مَن تعرض لنتاج هذه الغوغاء من أمراضٍ نفسية عُضال وحالات اكتئابية سوداوية ستعيش مع البعض أبد الدهر.
كما أن هُناك آلافٌ مؤلفةٌ من الذكور والإناث على حدٍ سواء وصمهم العار وهُم لم يقوموا بأي شيءٍ يُذكر، والمأمن الوحيد الذي يُمكن اللجوء إليه هُنا هو القانون ولا شيء سواه، فحتى الأُسر أصبحوا أعداءً للأبناء ويترصدون لهم أي خطأ.
فمن حُسن حظنا أننا نجد في دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014 وقانون مُكافحة الجرائم الإلكترونية ضالتنا من موادً عن عقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي تتمايز بين العقوبات المالية كالغرامات، السجن أو الجمع بينهما، وفيما يلي من سطور سنتناول كافة هذه المواد واللوائح الخاصة بالعقوبة:
1- المادة رقم 25 من قانون مُكافحة الجرائم التقنية
جاء في نص هذه المادة صورة من أهم وأبرز صور عقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي، فقد نصت المادة على أنه “يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيهًا ولا تتجاوز مائة ألف جنيهًا، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري”.
كما تُطبق هذه العقوبتين أو إحداهما على كُل من قام بانتهاك الحُرمة الخاصة بحياة أحدهم على الإنترنت، والجدير بالذكر أن القانون يُدين عبر هذه المادة كثافة إرسال الرسائل الإلكترونية لشخصٍ غير مُتقبل لهذا الأمر، فهو تعدي على المساحة الشخصية للمرء على منصاته الافتراضية.
تطرقت هذه المادة إلى جُزء هام يرتبط بتسريب المعلومات، فيُعد منح البيانات الشخصية الخاصة بأحد مُستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لجهاتٍ أُخرى في سبيل نشر المعلومات والأخبار، أو حتى الصور عنه دون أخذ موافقته انتهاك وتعدي صريح يستوجب إيقاع أقصى العقوبات المُمكنة على الجاني، سواء ما كانت هذه المعلومات صحيحة أو غير ذلك، فالعقوبة هُنا على التشهير.
اقرأ أيضًا: عقوبة التشهير وتشويه السمعة في السعودية
2- المادة رقم 26 من قانون مُكافحة الجرائم التقنية
جاء في هذه المادة صورة أُخرى لعقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي مادة اختصت بالآداب العامة ونشر ما يُمكن أن يتسبب في خدش الحياء أو المساس بالشرف والشخصية الاعتبارية للمرء.
أما عن العقوبة التي أقرتها هذه المادة فهي كون الجاني “يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيهًا ولا تتجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه”
اقرأ أيضًا: عقوبة السب والقذف في السعودية
القانون المصري يحمي أبناءه
على الرغم من كون التلصص والتجسس على خصوصيات الغير من الأمور التي شاعت بين البشر مُنذ فجر التاريخ إلا أن التطور العلمي والتكنولوجي ودخول الإنترنت ومن بعده مواقع التواصل الاجتماعي لكل بيت جعل ضعاف النفوس ومُنعدمو الضمائر يبرعون في تطبيق هذا التعدي بشكلٍ جائر، لذا كان على القانون التدخُل، وقد حدث.
ففي عام 2014 تم إدخال بعض المواد الدستورية التي شددت على ضرورة حماية الحياة الشخصية والخصوصيات الخاصة بأفراد الشعب دون أي تفرقة، ولنا في المادة رقم 57 من هذا الدستور التشريعي للدولة نجاتنا من هذا المُستنقع الموحش، فجاء في نص هذه المادة ما يلي:
“للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون؛ كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك“.
فالقيام بهذه الأمور المُشينة مثل نشر صور عارية لفتاة ما على مواقع التواصل سواء ما كانت صورة حقيقة أو مُفبركة أو التهديد بنشرها وطلب مُقابل مادي لعدم القيام بذلك، يُعد في نظر القانون طعن في العرض وخوض في الشرف، ولا يتهاون مع مثل هذه الأمور، فما هي عقوبة التشهير في مواقع التواصل الاجتماعي؟
في عام 2018 أصدرت محكمة النقض المصرية قانونًا يحمل رقم 175 في الجرائد الرسمية لجمهورية مصر العربية، وجاء هذا القانون تحت عنوان مُكافحة جرائم تقنية المعلومات، واشتمل نص مادتين من مواده على عقوبات صريحة وواضحة ضد مُرتكبي مثل هذه الجرائم، وهاتين المادتين هُما السالفتين الذكر.
اقرأ أيضًا: صيغة دعوى طلاق للضرر من الزوجة
الجدير بالذكر أن المُسمى القانوني لهذه الوقائع في النيابة العامة هو “قذف المجني عليه وابتزازه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي” ويتم إرفاق المجني عليه أثناء رفعه للدعوى ما توفر لديه من أدلة مرئية، مسموعة ومكتوبة للنيابة العامة، وذلك لإيقاع أقصى عقوبة على الجاني.