حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة
حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة وهي ثاني ركن من أركان الإسلام الخمسة، حيث توجد أحكام تختلف حسب تارك الصلاة، سواء كان تاركها عن عمد أو تاركها سهوًا أو تكاسلًا، فلكل من هذه الأمور حكم وعقاب وجميعها من القرآن الكريم والسنة النبوية المُطهرة، وتعد الصلاة عماد الدين وأساسه فإذا صلحت صلح الدين كله وإذا فسدت فقد فسد الدين كله، وسنتعرف من خلال منصة وميض على رأي المذاهب الأربعة بالدليل القاطع في حكم تارك الصلاة تِباعًا.
اقرأ أيضًا: حكم تأخير الصلاة عن وقتها بدون عذر
حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة
إنَّ الصلاة هي خير برهان على أن المرء يشهد بأن لا إله إلّا الله وأن محمدًا رسول الله، إذ أن كل صلاة نستمع خلالها إلى الشهادتين التي هي أول ركن في الإسلام والتي تؤكد على أن المرء مسلم وأن صلته بالله تعتمد على الصلاة، وأن الصلاة فرض ثابت ومُسلَّم به ومكتوبة على المؤمنين الذين آمنوا بالله وبرسوله كما جاء في قوله تعالى:
“فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاة فَاذْكُرُوا الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطمَأنَنْتُمْ فَأْقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا” (103: النساء).
كما جاء في كتاب (نيل الأوتار) للإمام الشوكاني رحمه الله بأنه لا يوجد خلاف على ترك الصلاة بين المسلمين إلا إذا كان بينهم من كان جاحدًا ناكرًا للدين الإسلامي، كما أن هناك فروق بين تارك الصلاة عن عمد وبين من تركها تكاسلًا أو تجاهلًا، أمّا بالنسبة لـ حكم ترك الصلاة في المذاهب الأربعة في حالة التكاسل أو الجحود والإنكار كما هو حال البعض من الناس، فهناك عدة آراء في هذه المسألة نذكرها لكم فيما يلي:
- الرأي الأول: وهو عند الشافعية بأنه من يترك صلاته عامدًا متعمدًا يكون كفر ويحلّ قتله، ولكن لا يحكم عليه بالكفر إذا كان متكاسلًا لأنه قد يتوب ويعود إلى رُشده ويسمى مُستتابًا، وكان دليلهم على ذلك من حديث رسول الله صل الله عليه وسلم قال:
“إنْ شاءَ عذبه وإنْ شاءَ غفر له”.
- الرأي الثاني: وهو حكم الحنابلة الذي اختلفت الروايات في حكم تارك الصلاة بأنه لا يكفر ولكن يُستتاب، في حين أنه جاء عن الإمام ابن حنبل بأن من ترك صلاته يكون كافرًا ويحلَّ قتله على اعتباره مرتدًا، ودلائل ذلك الحكم جاءت في قوله تعالى:
“فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيَّا”.
- الرأي الثالث: يقول جمهور المالكية بأنه من تهاون أو تخلَّ عن الصلاة بدون عذر شرعي فهو بمثابة الكافر الذي خرج عن الدين الإسلامي وحكم تركها يُوجِب قتله بأنه كفر، ولكن من تركها متكاسلًا أو مُتهاونًا فلا يدخل في الأحاديث التي يُعمَل بها عند تركها جاحدًا.
- الرأي الرابع: وهو حكم الحنفية بأن تارك الصلاة ليس بكافر ولا يجوز أن يتم الحكم عليه بالكفر، ولكنه فاسق ومرتكب لكبيرة، أما عن الحكم عند أبي حنيفة فهو يُعزّر على ترك صلاته ولا يُقتل، ومن الأدلة على ذلك فيما جاء عن النبي صل الله عليه وسلم قال:
“خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يُضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإنْ شاء أدخله الجنة”.
اقرأ أيضًا: هل يغفر الله لمن مات وهو لا يصلي
حكم تارك الصلاة في الإسلام
كما جاءت دلائل أخرى توضح وجوب قتل تارك الصلاة تم إيضاحها في المذاهب الأربعة وهي كـ التالي:
- الدليل الأول: أنه جاء في حديث رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
“أرسل علي بن أبي طالب ذهبًا أي قطعة صغيرة من ذهب وهو في اليمن فقسّمها رسول الله صل الله عليه وسلم بين أربعة، ثم قال أحدهم: اتق الله يا رسول الله، فقال رسول الله: ويل أوَ لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟ فقال خالد رضي الله عنه: ألا أضرب عنقه يا رسول الله، فقال الرسول صل الله عليه وسلم: لا لعله أن يكون يصلي”.
وهذا يدل على أن الصلاة تمنع تاركها من قتله كما علل هذا الحديث الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى.
- الدليل الثاني: روي عن الإمام البخاري ومسلم في عهد عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال:
“أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلّا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلّا بحق الإسلام وحسابهم على الله”.
- واستكمالًا لحكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة بأن من تركها فهو جاحد كافر، حيث قال الإمام ابن حزم:
“جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله وعبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وأبي بكر، وغن غيرهم من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم أنهم قالوا: من ترك صلاة واحدة متعمدًا حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد”.
دلائل من القرآن الكريم على كفر تارك الصلاة في المذاهب الأربعة
لقد أجمع جمهور المسلمين أن حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة بدون عذر كافر مرتد، وتوجد أدلة من القرآن الكريم على ذلك، نوضحها لكم فيما يلي:
- يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “أَفَنَجْعَلَ الْمُسلْمِينَ كَالْمُجْرِمِين مَا لَكُمْ كَيفَ تَحْكُمُونْ”، (35-36: سورة القلم).
- كما قال تعالى في سورة القلم: “يَومَ يَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ وَيَدْعْونَ إِلى الْسُجُود فَلَا يَستطَيعُون (42) خَاشْعةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43).
- وجاء في قوله تعالى: “مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنْ الْمُصَلّيِنَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِين (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضيِنَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَومِ الْدِينْ (46) حَتّىٖ أَتَانَا الٔيَقِيِنُ (47)”. (المدثر).
- وقال الله تعالى: “فَإنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الْزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الْدِينْ وَنَفُصِلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعٍلَمُونَ” (11: التوبة).
اقرأ أيضًا: حكم المرتد في المذاهب الأربعة
دلائل من السنة النبوية على حكم ترك الصلاة في المذاهب الأربعة
كما أوضحنا لكم حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة بالدليل والبرهان من آيات القرآن الكريم، نأتي الآن إلى حكم تركها وأدلة كفره من السنة النبوية، وذلك على النحو التالي:
- جاء في رواية للإمام الترمذي والنسائي وأحمد وأبو داود من حديث يزيد بن حبيب الأسلمي، أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر”.
- كما جاء عن ثوبان مولى رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال: “سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك”.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم ذكر الصلاة يومًا قائلًا: “من حافظ على الصلاة كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف”.
- وروى الإمام أحمد أن النبي صل الله عليه وسلم قال: “أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت خاب وخسر”.
- كما روى الإمام البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه صل الله عليه وسلم قال: “بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة”.
- وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه صل الله عليه وسلم قال: “من ترك صلاة مكتوبة فقد برئت منه ذمة الله”.
عقوبة تارك الصلاة
تعد الصلاة عماد الدين وبناءه فهي مفروضة على كل مسلم بالغ عاقل راشد، ومن تركها عامد متعمد فله جزاء القتل كما أشرنا إلى ذلك في حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة، فيما أن لها عقوبة يُجازى عليها المرء في الدنيا والآخرة، نذكر منها ما يلي:
- يتم النظر إليه من الله تعالى بعين الغضب.
- يكون مصير تارك الصلاة نار جهنم أعاذنا الله وإياكم.
- يتم محاسبته على جميع أفعاله دون النظر إلى أي أعمال ولو قليلة حسنة.
- سيكون له عذاب شديد في القبر عندما يوقد فيه نارًا إلى يوم القيامة.
- كما أن عقوبة تارك الصلاة في قبره تعرضه للثعبان الأقرع.
- يتم تضييق القبر عليه حتى يعتصر وتختلف ضلوعه.
- من عقوبة تارك الصلاة لا يُروى عطشه حتى ولو شرب ماء الدنيا كلها ويموت عطشانًا.
- سيشعر بالهوان والذل عند موته.
- كما سيموت جائع.
- لن يحظى تارك الصلاة في دعائه كحظ دعاء الصالحين.
- لن يعلو له دعاء ولن يُنظر إليه إذا ما دعى.
- جميع أعماله لن يتم أجرها بدون صلاة.
- كما سيعاني من نزع البركة في ماله ورزقه.
- سوف يُنزع عنه سيم الصالحين ولن يجعل الله في وجهه علامات الوجاهة والخير.
- لن يجد البركة في عمره حتى وإن طال العمر لن يشعر بطول هذه الأعوام التي يقضيها في الدنيا وستذهب سُدَى.
اقرأ أيضًا: الحد المسموح به في تأخير الصلوات
وإلى هنا نصل إلى ختام موضوعنا حكم تارك الصلاة في المذاهب الأربعة وما تم الاستدلال به من القرآن والسنة حول حكم ترك الصلاة سواء كان تاركها جاحدًا ناكرًا لها أو تاركها سهوًا وتكاسلًا، كما أوضحنا أيضًا عقوبات من يترك صلاته وما سيلقاه من جزاء سواء كان في الدنيا أو في الآخرة، لذا يجب عليك أيها المسلم ألّا تتهاون في أداء الصلاة المكتوبة في أوقاتها وألّا تتكاسل عنها دون عذر شرعي حتى تجد البركة في عمرك ومالك ورزقك بفضل الله تعالى.