الله يتوفى الأنفس حين موتها – تفسير القرطبي، وبن كثير، والطبري
الله يتوفى الأنفس حين موتها هذه الآية الكريمة التي ذُكرت في سورة الزمر يبحث الكثيرون عن تفسيرِ واضحِ لها. ومن الجدير بالذكر أنه بالفعل يوجد أكثر من عالم وفقيه قد قاموا بتفسير الآية تفسيراً شافياً ووافياً منهم بن كثير، والقرطبي، والطبري، والجلالين، لذا سوف نعرض لكم اليوم في موقع وميض كافة التفسيرات المُتاحة لهذه الآية الكريمة.
الله يتوفى الأنفس حين موتها
- يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”
- يؤكد الله عز وجل على ألوهيته الخالصة لهذا الكون بكل ما فيه بقدرته على أن يُميت ويُحيي من يشاء، ويفعل كل ما يشاء وقتما يريد، ولا أحداً سواه قادراً على فعل ذلك بالطبع.
- (الله يتوفى الأنفس حين موتها) هنا يُنبهنا الله عز وجل إلى قدرته التي فاقت كل شيء، حيث يُمكنه أن يقبض الروح عندما يُفنى أجلها وتنقضي مدة حياة الإنسان.
للمزيد من الإفادة قم بالتعرف على معلومات أكثر حول ومن يتق الله يجعل له مخرجًا
تفسير الطبري
- تناول الإمام الطبري تفسير الآية الكريمة في كتابه جامع البيان في تأويل القرآن، والمعروف كذلك بـ “تفسير الطبري” وذهب إلى أن المقصود من الآية هو أن الروح التي لم تُزهق بعد لم تمت لذا فهو قادرُ على أن يُمسكها خلال نومها.
- يُقال أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، وتبدأ في التعارف فيما بينها على حسب ما قدر الله لها، وعندما يحين وقت الرجوع إلى الجسد مرة أخرى تهم جميع الأرواح بالرجوع.
- فيمنع الله سبحانه وتعالى أرواح الأموات عن الرجوع الى اجسادهم مرة أخرى ويحبسها عنده، بينما يُرسل أرواح الأحياء كي ترجع إلى أجسادها مرة أخرى حتى يحين وقتها بعد انقضاء أجل مُسمى عند الله.
- استدل الإمام على ذلك مما حدّثنا به ابن حميد قال ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير في قوله لتفسير الآية الكريمة (الله يتوفى الأنفس حين موتها) فقال: الله يجمع بين أرواح الأحياء وأرواح الأموات، فيتعارف منها ما شاء الله لها أن تتعارف، فيُمسك التي قضى عليها الموت، ويُرسل الأخرى إلى أجسادها مرة أخرى.
- كذلك حدثنا محمد بن الحسين قال: ثنا أحمد بن المفضل قال: ثنا أسباط عن السدي في قوله: (الله يتوفى الأنفس حين موتها) قال: تُقبض الأرواح عند نوم النائم، فتُقبض روحه في منامه.
- ثم تلتقي الأرواح بعضها بعضاً (أرواح الموتى وأرواح النيام)، قال: يُسمح لأرواح الأحياء، بالرجوع إلى أجسادها مرة أخرى.
- عندما تريد الأخرى أي (أرواح الأموات) أن ترجع، يحبسها الله عنده، ويُرسل الأخرى إلى أجل مُسمى قال: إلى بقية أجلها.
- كذلك حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) قال: فالنوم وفاة (فيُمسك التي قضى عليها الموت ويُرسل الأخرى) التي لم يقبضها (إلى أجل مُسمى).
- أما ختام الآية فهو بياناً لقدرة الله سبحانه وتعالى على أن يُحيي من يشاء من خلقه وعباده إذا شاء، ويُميت من يشاء إذا شاء وقتما يشاء.
يرشح لك منصة وميض قراءة المزيد من المعلومات حول أسرار سورة البقرة الروحانية
تفسير القرطبي
- تناول القرطبي تفسير الآية الكريمة (الله يتوفى الأنفس حين موتها) أي يقبضها عندما يُفنى أجلها أما التي لم تمُت في المنام فيقبضها لكن عن التصرف في بقاء أرواحها في أجسادها.
- حيث يمسك التي قُضي على روحها بالموت عن الرجوع إلى جسدها مرة أخرى، ويُرسل الأخرى (النائمة) إلى أجل مُسمى عند الله عز وجل فيطلق لها التصرف في جسدها وروحها إلى أن يحين أجل موتها.
نوصي بالاطلاع على المزيد من المعلومات حول معلومات عن سورة الكهف
تفسير بن كثير
الإمام بن كثير هو كذلك من العلماء والائمة الذين يجب الرجوع إلى تفسيراتهم، فهذه الآية تناولها الإمام بتفسير مُفصل في كتابه تفسير القرآن العظيم المعروف بتفسير بن كثير ويقول الإمام في تفسيره ما يلي:
- يبدأ الله تعالى قوله مُخاطباً رسوله مُحمد صلى اللّه عليه وسلم: {إنا أنزلنا عليك الكتاب} أي القرآن الكريم.
- {للناس بالحق} يعني إلى جميع الخلق سواء من الإنس، أو الجن حتى تُنذرهم به وتهديهم.
- {فمن اهتدى فلنفسه} أي أن من يهتدي ويتبع الطريق الصحيح الذي أرشدتهم إليه يعود نفع ذلك عليه وعلى نفسه في المقام الأول والأخير.
- {ومن ضل فإنما يضل عليها} أي أن أثر الضلال، وعدم الامتثال إلى أوامر الله ورسوله الكريم يرجع على الشخص نفسه أيضاً.
- {وما أنت عليهم بوكيل} أي أنت لست بمُوكلاً، أو بوصياً عليهم كي يهتدوا رغماً عنهم.
- {إنما أنت نذير} أي أنك أنت يا مُحمد مُجرد نذير ورسول.
- {إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب} فكل ما عليك فعله هو تبليغهم الرسالة، والله وحده هو كفيل بحسابهم في دار الحق.
- ثم قال تعالى مُحدثاً عن نفسه العزيزة بأنه هو المُتصرف الوحيد في الوجود بما كل ما يحتويه كيفما يشاء.
- حيث يتوفى الله الأنفس مرتين مرة في الوفاة الكبرى عند الموت عندما يُرسل من عنده الحفظة الذين يقبضون الأروح من الأبدان.
- أما المرة الأخرى وتُعرف بالوفاة الصغرى فتكون عند النوم كما قال تبارك وتعالى: {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار}.
- كذلك قال: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رُسلنا وهم لا يُفرطون}.
- دائماً ما يذكر الله عز وجل الوفاتين بالترتيب التالي الوفاة الصغرى ثم الكبرى.
- لكن في هذه الآية ذكر الوفاة الكبرى أولاً ثم الصغرى كما في قوله تبارك وتعالى: {اللّه يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيُمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلِ مُسمى}، وذلك يُعد دلالة على أنها تجتمع في الملأ الأعلى.
- الدليل على ذلك ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخل إزاره، فإنه لا يدري ما خَلَفه عليه، ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين” “أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
- كذلك قال بعض السلف (أي القدماء): أن أرواح الأموات تُقبض إذا ماتوا، بينما أرواح الأحياء تُقبض إذا ناموا، فتبدأ بالتعارف فيما بينها ما شاء اللّه لها أن تتعارف.
- عندما يحين وقت عودة الأرواح إلى الأجساد يمسك الله التي قضى عليها الموت أي التي قد ماتت بالفعل وانقضى أجلها.
- بينما يُرسل الأًخرى إلى أجلِ مُسمى، فقال السدي في هذا الشأن: أي إلى بقية أجلها، وكذلك قال ابن عباس: تُمسك أنفس الأموات، وتُرسل أنفس الأحياء.
تستطيع الآن قراءة معلومات أكثر حول فضل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مكتوب
الله يتوفى الأنفس حين موتها تفسير الميزان
- أعتبر الله أن النيام مُتوفين كما عدّ الأموات متوفين لكن باختلاف نوع الميتة وذلك بالرجوع إلى قوله: «اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها».
- ذلك بسبب اشتراكهما في الفصل بين النفس والبدن، بالإضافة إلى فقدان سيطرة النفس على البدن.
- كذلك يشتركان في أن البعث وهو يعني الاستيقاظ بعد النوم بالنسبة إلى النيام يشبه البعث عند الأموات أي عندما يعودون الى الحياة بعد الموت.
- بالتالي تعود النفس إلى قدرتها على السيطرة على البدن مرة أخرى بعد الانقطاع.
- أما مقارنة الوفاة بالليل والبعث بالنهار فذلك لأن في الغالب الناس ينامون بالليل ويستيقظون بالنهار.
يرشح لك منصة وميض قراءة المزيد من المعلومات حول اللهم أنت الصاحب في السفر
الله يتوفى الأنفس حين موتها تفسير الأمثل
- الآيات الأولى: إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق أي أننا قد أنزلنا عليك القرآن لترشد وتهدي الناس إلى الحق.
- فمن اهتدى فذلك لنفسه وأما من ضل فإنما يضل على نفسه وما أنت (أي الرسول صلى الله عليه وسلم) عليهم بوكيل.
- الله يتوفى الأنفس حين يشاء أما عند موتها وهذا يعنى بعض انقضاء أجلها، أو عندما تمت في منامها.
- بعدها يمسك التي قضى عليها الموت عن الرجوع إلى جسدها مرة أخرى ويُرسل الأخرى إلى أجل مُسمى وفي ذلك آيات لقوم يتفكرون.