هل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها
هل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها؟ وما الأحاديث النبوية التي وردت لتوضح ذلك؟ فهناك العديد من النساء اللاتي يرغبن في زيارة قبر والدهن من أجل الشعور بقربه والدعاء لهم ولكن يخشين من أن يكون ذلك حرامًا فهل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها؟ وهذا ما سنتعرف إليه اليوم من خلال منصة وميض.
هل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها
لقد اختلفت آراء أهل العلم التي توضح إجابة سؤال هل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها، فكان منهم من منع ذلك، ومنهم من أباحه ولكن أشاروا إلى وجود كراهية في حدوثه، ومنهم من قال إنه جائزًا ولكن بتحقيق شروط معينة.
فالرأي الأخير هو الأقرب إلى الصواب، فلقد اتفقوا على جواز زيارة المرأة لقبر والدها طالما أمنت الجزع ولم تكثر من تكرار الزيارة وفي حالة إن لم تخرج سافرة أو متعطرة، وطالما كان هدفها الأساسي هو العظة وتذكر الآخرة.
من الجدير بالذكر أن الأحاديث النبوية التي وردت بشأن زيارة النساء القبول هي التي جعلت آراء الفقهاء تختلف في تحديد هل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها أم لا، ففي السطور التالية سوف نوضح لكم بالتفصيل الثلاث آراء:
1- جواز زيارة المرأة للقبور
إن بعض الشافعية وكذلك جمهور الحنفية أشاروا إلى أنه يجوز للمرأة زيارة القبر لكن ينبغي على من تطرح سؤال هل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها أن تعلم جيدًا ضرورة عدم مصاحبة زيارتها لأي بدعة أو أمر محرم.
نظرًا لكون القبور مصدر العظة والذكرى فهو الوسيلة التي تذكر بالموت والآخرة، ويجب عند زيارة القبول الدعاء للميت والتحلي بالصبر والترحم عليه، ولقد استدل أصحاب هذا الرأي على رأيهم من الأحاديث الشريفة الآتية:
- عن بُريدَةَ رَضِيَ اللهُ عنه “قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: نهَيْتُكم عن زيارَةِ القُبورِ فزُورُوها”، فهذا الحديث يشير إلى أنه سبق النهي عن الزيارة ولكن تم إباحة الأمر بعدها.
- عن أبي هريرة – رضي الله عنه- “زار النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قبرَ أمِّه فبَكى وأبكى مَن حَوْلَه، فقال: استأذَنْتُ ربِّي في أن أستَغْفِرَ لها، فَلَمْ يُؤْذَنْ لي، واستأذَنْتُه في أن أزورَ قَبرَها فأَذِنَ لي؛ فزُوروا القبورَ؛ فإنِّها تُذَكِّرُ الموتَ”.
- عن عبد الله بن أبي مليكة “أنَّ عائشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها أقبلَتْ ذاتَ يومٍ من المقابِرِ، فقُلْتُ لها: يا أمَّ المؤمنينَ مِن أينَ أقبَلْتِ؟ قالت: مِن قَبرِ أخي عبدِ الرحمنِ بنِ أبي بكرٍ. فقلت لها: أليسَ كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن زيارَةِ القبورِ؟ قالت: نعم، كان نهى، ثُمَّ أَمَرَ بزيارَتِه”.
- عن عائشة – رضي الله عنها- قالت “ألَا أُحَدِّثُكم عنِّي وعن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قلنا: بلى.. الحديث، وفيه: قالت: قلْتُ: كيف أقولُ لهم يا رسولَ الله؟ قال: قولي: السَّلامُ على أهلِ الدِّيارِ من المؤمنينَ والمُسْلمينَ، ويَرْحَمُ اللهُ المُستَقدِمينَ مِنَّا والمُستَأخرينَ، وإنَّا إن شاءَ الله بكم لَلاحقونَ“.
فإن هذه الأحاديث توضح أنه لم ينكر على المرأة زيارتها للقبر طالما كانت معللة بذلك تذكر الآخرة، ومن الجدير بالذكر أن السيدة عائشة – رضى الله عنها- قامت بزيارة قبر أخيها.
كما أن فاطمة بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كانت تزور قبر حمزة، وتلك الأفعال تعد من أفعال الصحابة التي ينبغي أن يتم الاقتداء بها.
اقرأ أيضًا: حكم زيارة القبور للنساء
2- كراهية زيارة المرأة للقبور
أما الرأي الثاني الذي ورد لتوضيح إجابة سؤال هل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها، فإنه يُنسب لقول الحنفية والمالكية وكذلك الشافعية، وهو ينص على كراهية زيارة المرأة للقبر.
أي أنه لا إثم عليها إن قامت بزيارة قبر والدها ولكن لا يفضل أن تفعل ذلك، واستدلوا على قولهم من خلال الأحاديث النبوية الآتية:
- عن أنس بن مالك – رضي الله عنه- “ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَرَّ بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ، فقال: اتَّقِ اللهَ واصْبِرِي”.
- عن أم عطية – رضي الله عنها- قالت “ نُهِينا عنِ اتِّباعِ الجَنائزِ ولم يُعْزَمْ علينا “.
حيث يوضح ذلك الحديث النهي عن زيارة المقابر للنساء ولكن لا نفي في هذا، وجاء النهي نظرًا لكون المرأة بطبيعتها قليلة الصبر وسريعة الجزع، فهذا الأمر من المحتمل أن يؤدي إلى تهيج الأحزان عند زيارة القبور، فمن الأفضل ألا تفعله.
اقرأ أيضًا: دعاء زيارة القبور يوم الجمعة
3- حرمة زيارة المرأة للقبور
أما القول الثالث هو يُحرم على المرأة أن تزور القبر، ولقد جاء هذا القول عن ابن تيمية وابن باز وكذلك ابن عثيمين، واستدلوا عليه من خلال الحديث الشريف الآتي: عن أبي هريرة – رضي الله عنه- “ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لعَنَ زوَّاراتِ القبور”.
فلقد لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كل من تقوم بزيارة القبور، وهذا الأمر يدل على حرمة ذلك الفعل، فكما أسلفنا الذكر أن المرأة تميل للندب والنياحة لقلة صبرها، وقد يترتب على ذلك أذية الميت وأذية من حولها.
اقرأ أيضًا: هل يجوز زيارة القبور للنساء
شروط زيارة المرأة للقبور
بعد أن تعرفنا إلى إجابة سؤال هل يجوز للمرأة زيارة قبر والدها، والتي أشرنا من خلالها إلى أن الرأي السائد هو جواز زيارة المرأة للقبر ولكن وفقًا لبعض الشروط والضوابط.
فإننا في النقاط التالية سوف نشير إلى هذه الشروط بالتفصيل، حيث إنه في حالة مخالفتها فسوف تأثم المرأة على زيارتها للقبور:
- ينبغي أن تكون زيارة المرأة لقبر أبيها قاصدة بها وجه الله – عز وجل- ويقصد بذلك أن تكون الزيارة من أجل الاعتبار وتذكر الموت.
- يجب أن تلتزم المرأة السكينة والوقار عند زيارتها للقبر فلا يجوز لها النواح أو الندب أو حتى القيام بالتجهش عند البكاء، ولا يجوز لها رفع صوتها أيضًا.
- يلزم عدم اختلاطها بالرجال قدر المستطاع بأي حال من الأحوال.
- ضرورة ارتداء الملابس الساترة والمحتشمة والمتواضعة، فلا يجوز أن تزور المقابر وهي متبرجة أو متزينة.
- في حالة إن كانت مقبرة الأب بعيدة عن سكن الناس ينبغي ألا تذهب وحدها، فهنا يلزم أن يرافقها أحد محارمها.
تعد زيارة المرأة للقبور أمرًا مكروهًا، ولكن لا حرج فيه طالما كانت ملتزمة بالشروط والضوابط التي أشارت إلى جواز فعل ذلك، وإن لم تلتزم بها فهنا لا يجوز لها زيارة القبور مجددًا.