هل يجوز أن تحلف المرأة على زوجها
هل يجوز أن تحلف المرأة على زوجها؟ وما عليها إن قامت بذلك؟ فهناك الكثير من السيدات التي لا تحيط بكافة التشريعات الإسلامية مما يكون سببًا في أن تصيب حدًا من حدود الله عز وجل، وتتكبد الكثير من الذنوب، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على حكم الدين في جواز حلف المرأة على الرجل من عدمه.
هل يجوز أن تحلف المرأة على زوجها
يقول المولى عز وجل في محكم التنزيل في سورة الروم الآية رقم 21:
” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ“.
فالزواج له قدسيته الخاصة، والتي يجب أن يراعيها كل من الزوج والزوجة، خاصة المرأة لما لها من حقوق قد كفلها لها الزوج الإسلامي، والتي في مقابلها من الضروري أن توفي حق الزوج فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر المرأة الصالحة في رواية عبد الله بن عباس:
” لمَّا نزلَتْ هذه الآيةُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34]، قال: كَبُرَ ذلك على المُسلِمينَ، فقال عُمَرُ: أنا أُفرِّجُ عنكم، فانطلَقَ، فقالَ: يا نَبيَّ اللهِ، إنَّه كَبُرَ على أصحابِكَ هذه الآيةُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللهَ لم يَفرضِ الزكاةَ إلَّا ليُطيِّبَ ما بَقِيَ من أموالِكم، وإنَّما فرَضَ المواريثَ لِتكونَ لمَن بَعدَكم قال: فكبَّرَ عُمرُ، ثم قال له: ألَا أُخبِرُك بخَيرِ ما يَكنِزُ المَرءُ؟ المرأةَ الصالحةَ: إذا نظَرَ إليها سَرَّتْه، وإذا أمَرَها أطاعَتْه، وإذا غابَ عنها حَفِظَتْه“.
إذن على الزوجة أن تكون مطيعة لزوجها ملبية لكافة أوامره، ولا يجوز لها أن تتعدى حدودها معه أو تتجاوز في الحديث كأن تحلف عليه مثلًا، ففي تلك الحالة تكون قد وقعت في الإثم ولا يعتد بحلفها، وهنا نكون قد أجبنا على سؤال هل يجوز أن تحلف المرأة على زوجها.
اقرأ أيضًا: ما حكم المرأة التي تغضب زوجها
حكم حلف المرأة على زوجها
بعد أن عرفنا أنه لا يسمح للمرأة من الناحية الدينية أن تحلف على شريك حياتها، وذلك في إطار الجواب على سؤال هل يجوز أن تحلف المرأة على زوجها، نجد أنها أكثر من حكم في حالة الحلف على الزوج، ويرجع ذلك إلى قول المرأة، حيث أتى الأمر على النحو التالي:
1- حلف الظهار
حلف الظهار هو أن تقول له “أنت عليّ كظهر أبي” ففي تلك الحالة لا يكون عليها شيء سوى التوبة النصوح والاستغفار كثيرًا، وذلك امتثالُا إلى قول الله عز وجل:
“ لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ” سورة البقرة الآية رقم 225.
إلا أنها عليها أن تتبعد عن تلك الكلمات كونها من المحرمات، حتى وإن لم يرد النص الديني الذي يحرم ظهار المرأة كما جرم ظهار الرجل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية النعمان بن البشير:
” سمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: وأَهْوَى النُّعْمانُ بإصْبَعَيْهِ إلى أُذُنَيْهِ، إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا وإنَّ حِمَى اللهِ مَحارِمُهُ، ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ”. (صحيح).
الجدير بالذكر أن أمر الظهار في الرجال كان في أيام الجاهلية، والتي يجب ألا تعود إليها المرأة المسلمة، فهو تبرج كما قال المولى عز وجل في محكم التنزيل، بل عليها الاقتداء بأمهات المؤمنين، فهم خير نساء الأرض.
اقرأ أيضًا: متى تحل المرأة لزوجها بعد الولادة
2- القسم بالله على الزوج
في سياق التعرف على جواب سؤال هل يجوز أن تحلف المرأة على زوجها، نجد أن الحالة الثانية هي أن تكون المرأة قد أقسمت على زوجها، وهنا ينبغي على الزوجة أن تكفر عن اليمين حتى يغفر الله لها، وأن تعلم أنه لا تلاعب في مثل تلك الأمور الدينية والتشريعات، حيث جاءت سبل كفارة اليمين على النحو التالي:
إطعام عشرة مساكين
يقول الله جل في علاه في سورة المائدة الآية رقم 89:
” لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.
كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” عَن عبدِ اللَّهِ ابنِ عمرَ، أنَّهُ كانَ يقولُ: مَن حلفَ بِيَمينٍ فوَكَّدَها ثمَّ حَنثَ فعليهِ عِتقُ رقبةٍ، أو كِسوةُ عشرةِ مساكينَ، ومن حلفَ على يمينٍ فلم يوَكِّدها، ثمَّ حَنثَ، فعليهِ إطعامُ عشرةِ مَساكينَ، لِكُلِّ مسكينٍ مدٌّ مِن حنطةٍ”.
مما سبق يمكننا أن نستنبط أنه أول سبيل للكفارة عن اليمين هو أن تقوم المرأة بإطعام عشرة مساكين من الطعام الذي تأكل منه بشكل يومي، على أن تكون على مقدرة مادية لعمل ذلك، كما أنها من الممكن أن تطعم مسكينًا واحدًا لمدة عشرة أيام.
كسوة المساكين
كذلك من الممكن أن تحضر كسوة لنفس عدد المساكين إن كانت حالتها المادية تسمح بذلك، على ألا تتقيد بأية شروط كون القرآن الكريم لم يحدد الأمر، إلا أن العلماء يرون أن تلك الملابس من الضروري أن تكون متناسبة مع الصلاة، سواء للرجل أو المرأة.
عتق الرقبة
في قديم الزمان كان يوجد سوق الرق، والعبودية، وكان من الممكن شراء الرجل من أجل تحرير رقبته، إلا أنه قد اختفى ذلك الامر في عصرنا هذا، لذا فإنه في حالة وقوع المرأة في إثم الحلف على الزوج، على أن تكون قد أقسمت.
فإنها في تلك الحالة ينبغي لأن تبحث في السبل الأخرى التي يمكن من خلالها التكفير عن الذنب، والجدير بالذكر أن ذلك من شأنه أن يتم للحلف الواحد فقط، حيث لا يجوز للمرأة أن تكون قد حلفت أكثر من مرة على الزوج، من خلال القسم، وتقوم بالتكفير عنهم مرة واحدة.
فكل حلف له كفارته الخاصة على حسب نوعه واللفظ الذي خرج من الزوجة حينها، والتي يجب أن تتنبه أن الحلف بالله ليس مجالًا للهو، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الحج الآية رقم 32:
“ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ”.
اقرأ أيضًا: حكم المرأة التي لا تسمع كلام زوجها
صيام ثلاثة أيام
بعد أن عرفنا الجواب الصحيح على سؤال هل يجوز أن تحلف المرأة على زوجها نجد أنه من الضروري أن تعلم المرأة أنها يمكنها أن تكفر عن اليمين بصيامها ثلاثة أيام إن لم تكن لها القدرة على كافة من سبق من مكفرات اليمين.
حري بالمرأة أن تتعرف على حكم حلفها على الزوج، والذي من الممكن أن يجعل من حياتها ضنكًا كونها تلاعبت بالحلف بالله عز وجل، وإقامته على زوجها.