فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع

كثر الكلام عن كون فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع من الأضرار والآثار الجانبية لاستخدامه، فهل هذا صحيح؟ وما هي استخدامات اليود المشع والأضرار التي قد تعود على من يستخدمه؟ في الواقع لليود المشع الكثير من الاستخدامات والخواص العلاجية التي دائمًا ما يتم ربطها مع الغدة الدرقية وأمراضها، ولكن هل يحدث فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع؟ سنجيب عن ذلك عبر منصة وميض.

فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع

للوهلة الأولى قد يراودك شعور بالغرابة في حال ما سمعت أن اليود المشع يُستخدم في علاج العديد من الأمراض والحالات الصحية، ولكن هذا حقيقي، فاليود المشع I- 131 من أنواع العلاج التي يتم إدراجها وتصنيفها ضمن الطب النووي، وهو من صور العلاجات التي تصلح لتخفيف أمراض الغدة الدرقية بشكل خاص والتخلص منها.

الجدير بالذكر أنه عند تناول كمية صغيرة من اليود المشع يقوم مجرى الدم بامتصاصها، وتعمل الغدة الدرقية على زيادة تركيز هذه الجرعة الخاصة بالعنصر المشع، وهو ما ينتج عنه تدمير لخلايا الغدة الدرقية، فكيف يكون في ذلك علاج لها، وما هو وجه الفائدة الذي يعود على المرء من تدمير خلايا الغدة الدرقية لديه؟

في سبيل الإجابة عن كل هذه الأسئلة وجب علينا ذكر الأمراض التي يعالجها اليود المشع بالتحديد، فمن الجدير بالذكر أن هذا العنصر الإشعاعي يُستخدم في الطب النووي لعلاج كل من سرطان الغدة الدرقية، وحالات فرط نشاط الغدة الدقية، حتى أنه في بعض الأحيان يتم وصفه واستخدامه كعلاج بعد استئصال الغدة الدرقية.

يمكننا أن نستشف من كل الحالات أعلاه أن الاستخدام الرئيسي والأساسي لليود المشع هو تثبيط عمل الغدة الدرقية وهدم خلاياها، ففرط إفراز هرمونات الغدة الدرقية نتيجة لفرط نشاطها ينتج عنه الكثير من المشكلات الصحية والحالات المرضية التي تشتمل على زيادة الشهية بشكل مفرط وغير مسبوق، والشعور بالعصبية والقلق ناهيك عن التوتر الدائم.

كما تشتمل أعراض الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية أيضًا على ارتعاش اليدين والأصابع، والتعرق المفرط غير المبرر، وزيادة فرط الحساسية للحرارة والشعور بها بشكل مبالغ فيه بالإضافة إلى تعب العضلات ووهنها أو ضعفها وبعض التورمات مثل تضخم الغدة الدرقية نفسها وظهورها بشكل انتفاخ وورم، وهي مهددة للقلب بالمناسبة في أخطر أعراضها مثل الخفقان واضطراب ضرباته.

أما سرطان الغدة الدرقية فيتسبب في ظهور كتل يمكن الشعور بها بتحسس الرقبة ولمسها، كما أنه يتسبب في فقدان القدرة على التنفس والشعور بالآلام العديدة ناهيك عن صعوبة البلع والتغيرات الصوتية، لذا في مثل هذه الأمراض يتم اللجوء إلى اليود المشع.

على الرغم من الفاعلية العالية التي يمتلكها اليود المشع في علاج أمراض الغدة الدرقية وإيقاف عملها بشكل تام في حالة أشبه باستئصالها إلا أن الأضرار والمخاطر الناتجة عن استخدامه لا حصر لها، ويعد فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع واحد من هذه الأضرار والمخاطر، وفيما يلي من سطور مقالنا هذا سنستعرض لكم باقي الأضرار الجانبية وطريقة الاستخدام وغيرها من معلومات.

اقرأ أيضًا: هل اليود المشع علاج كيماوي

اليود للعلاج فرط نشاط الغدة الدرقية

على الرغم من كفاءة عنصر اليود المشع في علاج حالات فرط نشاط الغدة الدرقية والإصابة بالسرطانات إلا أنه يعتبر الحل الأخير الذي يلجأ له الأطباء، والسبب في ذلك هو الأعراض الجانبية لاستخدام هذا العلاج على الصحة، مثل فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع.

ففي قائمة العلاجات الخاصة بالغدة الدرقية يأتي العلاج باليود في المرتبة الثالثة بعد فشل كافة العقاقير المضادة للغدة الدرقية والعمليات وغيرها من العلاجات الأخرى، ولا يفضل الأطباء في غالب الأحيان اللجوء إليه كعلاج.

من أشهر الأمراض التي يشيع فيها استخدام عنصر اليود كعلاج أول ورئيسي هو الإصابة بداء غريفز أو ما يعرف بالدراق الجحوظي، وهذا الداء ينتج عنه اضطراب في الجهاز المناعي يتسبب في فرط إنتاج الغدة الدرقية، وعلى الرغم من إمكانية التحسن وفاعلية العلاج إلا أن اليود المشع قد يزيد من خطر الإصابة بأعراض جديدة.

قبل استعراض الأعراض الخاصة باستخدام اليود المشع كعلاج تذكر أن الهدف من استخدام اليود المشع هو تدمير الغدة الدرقية وقتل خلاياها السرطانية والسليمة، لذا لا غرابة في كثرة الأعراض الجانبية والمخاطر الناتجة عن استخدام اليود، فتشتمل هذه الآثار الجانبية والمخاطر على ما يلي:

  • آلام في الرقبة وإصابتها بالتورم.
  • الشعور بالغثيان والرغبة في القيء.
  • فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع كما ذكرنا، ناهيك عن التغييرات والاضطرابات الذوقية.
  • جفاف الفم والإصابة ببعض القرحات والتورمات فيه.
  • تورم الغدد اللعابية والذي يعد العرض الأقل خطورة فيمكن علاجه عن طريق مضغ اللبان أو العلك.
  • جفاف العين واعتلالها بين الدموع المفرطة وحساسية الضوء والرؤية الضبابية، بالإضافة إلى بروز العينين، خاصة في حالات داء الدراق الجحوظي.
  • ارتخاء العنق.

كما أن هناك بعض الآثار الجانبية التي تستمر على المدى الطويل وتظهر بعد فترات طويلة مثل قلة الحيوانات المنوية بالنسبة للخاضعين للعلاج باستخدام كميات كبيرة من اليود، كما أن اضطراب الدورة الشهرية للسيدات لفترة قد تصل إلى ستة أشهر من الأعراض أيضًا.

ناهيك عن إصدار الجسم المعالج باليود للإشعاعات، والارتفاع الطفيف في نسبة خطر الإصابة بسرطانات الدم، المعدة والغدد اللعابية في قادم الأيام وفقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع بشكل تام، فمع كل تلك الأضرار والآثار الجانبية المحتملة، هل يستحق الأمر العناء؟ وهل هذه الأضرار لها فوائد تشفع لها؟ في إطار الإجابة عن هذه الأسئلة يجب علينا ذكر الفوائد.

اقرأ أيضًا: حالات شفيت من خمول الغدة الدرقية

في ميزان أخطار وفوائد اليود المشع.. كفة من ترجح؟

بعد أن استعرضنا لكم أخطار استخدام اليود المشع للعلاج والأعراض الجانبية له وآثاره الضارة مثل فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع، هل فوائد استخدام اليود المشع للعاج تستحق تعريض النفس لكافة تلك المخاطر؟ ضع في ذهنك أن هذا عنصر مشع في المقام الأول.

في الواقع نعم، هناك العديد من الحالات التي قد تُضاهي فوائد استخدام اليود المشع فيها الأضرار والآثار الجانبية لاستخدامه، وتشتمل هذه الفوائد على كل ما يلي:

  • يتخلص اليود المشع من أي خلايا لا تزال موجودة في الغدة الدرقية بعد التعرض لعملية جراحية قام الطبيب على أثرها باستئصال الغدة الدرقية جراحيًا.
  • علاج بعض الحالات الأخرى للسرطانات الخاصة بالغدة الدرقية خاصة في حال ما انتشرت في الغدد الدرقية وأعضاء الجسم الأخرى.
  • المساهمة في علاج سرطان الغدة الدرقية الجريبي والتخلص من سرطان الغدة الدرقية الحليمي.
  • المساعدة في تصوير الغدة الدرقية وأعضاء الجسم الأخرى باستخدام بعض الجرعات المنخفضة من اليود المشع، وذلك للمساهمة في تشخيص الإصابة بأي مشاكل مرضية والكشف عما كان المريض يستجيب للعلاجات التي يتم إعطاؤها له أم لا.
  • تقليص حجم الغدة الدرقية في حال ما تضخمت.

في حال ما لم تجد هذه الفوائد المذكورة أعلاه تستحق العناء والتعرض لمخاطر الآثار الجانبية وأضرار اليود المشع، فقد تجد ضالتك في العديد من الأبحاث العلمية والدراسات التي جاء فيها أن نسب الإصابة بالسرطانات بعد العلاج باليود المشع ضئيلة، كما أن الأعراض الجانبية والآثار السلبية تختلف من حالة لأخرى ويتم تحديدها بدراسة الحالة ومناقشتها مع الطبيب المختص.

يعد فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع العرض الأكثر انتشارًا سواء ما كان مؤقت، طويل الأجل أو حتى دائم هو والتغيرات التي تُصيب التذوق وما يصاحبها من اعتلال للنكهات، ولكن ما السبب في فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع؟

في الواقع يرجع السبب في ذلك إلى تورم الغدد اللعابية في اللسان وتأثيرها بشكل سلبي على حليمات التذوق، وهو ما يتسبب في نقص القدرة على التمييز بين النكهات والأطعمة بسبب تلف الغدد اللعابية المخاطية صغيرة الحجم بجوار براعم التذوق، والجدير بالذكر أن أدوية علاج الاكتئاب والمهدئات تزيد من خطر فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع.

ما قبل استخدام العنصر المشع في العلاج

الجدير بالذكر أن هناك مرحلة تسبق العلاج باليود المشع يتم فيها تهيئة المريض للعلاج حتى يكون فعال ونصل إلى النتائج المرجوة والمرغوب فيها، فمن الضروري أن يكون مستوى الهرمون المنشط للغدة الدرقية مرتفع في الدم، فهذا الهرمون يتسبب في امتصاص الغدة الدرقية لليود المشع من كافة الأطعمة دونًا عن سائر الأعضاء والغدد الأخرى.

تشتمل هذه الإجراءات التي تسبق العلاج باليود المشع خاصةً في الحالات التي تم فيها استئصال الغدة الدرقية على كل ما يلي:

  • استخدام حقن الثيروثروبين التي تعمل على المساعدة في تنشيط الغدة الدرقية.
  • من الضروري اتباع نظام غذائي منخفض اليود قبل أسبوع أو اثنين على أقل تقدير من الخضوع للعلاج، وهذا حتى لا تتأثر قدرة الغدة الدرقية على امتصاص اليود المشع، وتشتمل الأطعمة التي يجب التوقف عن تناولها على كل من التونة، الجمبري أو الروبيان، البيض، الأعشاب البحرية ومنتجات الألبان وغيرها من الأغذية التي سيوصيك الطبيب بالابتعاد عنها.
  • التوقف عن تناول الأدوية التي تقلل من نشاط الغدة الدرقية وتعالج فرطها.
  • اتباع تعليمات الطبيب المختص، وخاصة عدم تناول الأطعمة والمشروبات في الليلة التي تسبق الخضوع للعلاج.

الجدير بالذكر أن أمراض الغدة الدرقية بشكل عام وداء غريفز بشكل خاص تُصيب السيدات بنسب أكثر من الرجال، وخاصة هؤلاء اللواتي تقل أعمارهن عن 40 ربيعًا.

اقرأ أيضًا: ضيق التنفس بعد استئصال الغدة الدرقية

ما بعد العلاج باليود المشع

هناك العديد من النصائح التي يجب اتباعها بعد العلاج باليود المشع، ويرجع ذلك إلى حدوث العديد من التغييرات للجسم بسبب هذا النوع من العلاجات النووية والإشعاعية، فمن الضروري التذكر أن جسم المريض ما زال يحتوي على الإشعاعات، ويقوم الجسم في الغالب بإخراجها على هيئة لعاب، عرق وإفرازات مهبلية وبرازية، وتشتمل هذه النصائح على كل ما يلي:

  • شرب المياه والسوائل بكميات كبيرة.
  • الاستحمام بشكل يومي وغسل اليدين باستمرار.
  • الامتناع عن التواصل والاقتراب من أفراد المنزل وغيرهم من الأشخاص وخاصة السيدات الحوامل، فالإشعاع قد يؤثر بالسلب على الجنين والأم على حدٍ سواء.
  • تجنب ممارسة العلاقة الجنسية الحميمة لمدة ثلاثة أو أربعة أيام.
  • غسل الملابس والأمور الشخصية بعيدًا عن أغراض الآخرين.
  • توقف الأم عن الرضاعة بهدف التوقف عن إنتاج الحليب.
  • استخدام أواني الطعام بشكل منفرد ومن الأفضل استخدام الملاعق والصحون مرة واحدة.
  • النوم بمفردك.

الجدير بالذكر أن فقدان حاسة التذوق بعد اليود المشع لا يعد العرض الجانبي الأوحد الذي يُصيب الحواس ويؤثر على قدراتها، فالعلاج باليود المشع من دوره أن يتسبب في إحداث بعض الأضرار الصحية طويلة وقصيرة الأجل والمدى على الأنف والإحساس بالروائح أيضًا، وتختلف نسبة التأثير من شخص لآخر.

شاركنا أفكارك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.