حكم إخفاء الزوج ماله عن زوجته
حكم إخفاء الزوج ماله عن زوجته من الأحكام الدينية التي يجب على كلا الزوجين أن يتعرفا عليها من أجل أن تكون كافة الأمور واضحة أمامهما ولا يكون هناك مسار جدال أو شك في الأمر، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على حكم من يقوم بإخفاء ماله عن زوجته من الناحية الدينية وذلك عبر السطور التالية.
حكم إخفاء الزوج ماله عن زوجته
شرع الله للرجل أن يتزوج من المرأة التي يرى فيها صفات الزوجة الصالحة والتي قال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية عبد الله بن عباس:
“لمَّا نزلَتْ هذه الآيةُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34]، قال: كَبُرَ ذلك على المُسلِمينَ، فقال عُمَرُ: أنا أُفرِّجُ عنكم، فانطلَقَ، فقالَ: يا نَبيَّ اللهِ، إنَّه كَبُرَ على أصحابِكَ هذه الآيةُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللهَ لم يَفرضِ الزكاةَ إلَّا ليُطيِّبَ ما بَقِيَ من أموالِكم، وإنَّما فرَضَ المواريثَ لِتكونَ لمَن بَعدَكم قال: فكبَّرَ عُمرُ، ثم قال له: ألَا أُخبِرُك بخَيرِ ما يَكنِزُ المَرءُ؟ المرأةَ الصالحةَ: إذا نظَرَ إليها سَرَّتْه، وإذا أمَرَها أطاعَتْه، وإذا غابَ عنها حَفِظَتْه“.
أي أن الرجل عندما يقبل على خطبة فتاة، فهو يرى أنها ملجأه وأمانه ولا شك أنه لا يقوم بتخوينها على الإطلاق، فمن شأنه أن يحتفظ بأمر أجره لنفسه، فلا يخبرها بالمال الذي يحصل عليه، على أن يكون منفقًا عليه على قدر سعته، امتثالًا لقول الله -عز وجل- في محكم التنزيل في سورة الطلاق الآية رقم 7:
“لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا“.
فإن الدين قد أقر بجواز إخفاء مال الزوج عن زوجته طالما من شأنه أن ينفق عليها بشكل جيد، كما أنها من الممكن أن تخفي عنه أمر راتبها إن أرادت ولا تأثم في ذلك، لكن في حين سؤاله عن أمواله التي يعطيها إياها فله أن يعرف فيما قامت بإنفاقها.
اقرأ أيضًا: كيف تعرف أن زوجتك تخفي عنك شيء
أسباب إخفاء الزوج أمواله عن زوجته
بعد أن تعرفنا على حكم إخفاء الزوج ماله عن زوجته نجد أن هناك العديد من الأسباب التي من شأنها أن تدفع الزوج للقيام بذلك، حيث أتت على النحو التالي:
1- الخوف من كثرة طلبات الزوجة
هناك بعض الزوجات التي من شأنها أن تشكل الضغط على الزوج من خلال العمل على إرهاقه بالكثير من الطلبات التي لا حاجة لها، كونها علمت أنه يمتلك الكثير من الأموال، إلا أن حكم إخفاء الزوج ماله عن زوجته قد أتى في تلك الحالة إلى صالحه، حيث أجاز له أيضًا أن يكذب إن سألته عن الأموال التي يحصل عليها إن استدعى الأمر ذلك.
لكن ينبغي أن يكون متأكدًا من أن تلك المسألة لن تضرها في شيء، حتى لا يكون كذبه محرمًا، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أم كلثوم بنت عقبة:
“ما سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرخِّصُ في شَيءٍ من الكَذِبِ إلَّا في ثَلاثٍ، كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا أعُدُّه كاذبًا، الرَّجُلُ يُصلِحُ بيْنَ النَّاسِ، يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلَّا الإصلاحَ، والرَّجُلُ يقولُ في الحَربِ، والرَّجُلُ يُحدِّثُ امرأتَه، والمرأةُ تُحدِّثُ زَوجَها“.
لذا ليس على الرجل حرج إن كذب على امرأته في ذلك الأمر إن علم أنها لن تعمل على المحافظة على المال الذي أحرزه من الكد والاجتهاد، على ألا يكون شحيحًا معها، مقصرًا في طلباتها الأساسية، سواء المنزلية أو الشخصية، أو متطلبات الأولاد.
اقرأ أيضًا: عندما ينظر الرجل في عين المرأة مباشرة ماذا تعني نظراته
2- الإنفاق على الوالدين
من أنواع البر بالوالدين أن يقوم الزوج بالإنفاق على أحدهما أو كلامها إن تعذرا في ذلك نتيجة الوصول إلى المرحلة العمرية المتأخرة، وعدم قدرتهما على الحصول على المال من خلال العمل كما كان في السابق.
فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة الإسراء الآية رقم 23:
“وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا“.
في تلك الحالة ليس من الضروري أن تعلم زوجة الرجل أنه يقوم بالصرف على أهله، فهو أمر لا يعنيها، كما أنه من الممكن أن يكون مدعاة لحدوث العديد من المشكلات ووضع الزوج ووالديه في الشعور بالحرج، لذا فإنه في تلك الحالة عليه أن يستغل رخصة الإسلام له، والتي أتت من خلال حكم إخفاء الزوج ماله عن زوجته.
3- الرغبة في التصدق
من الممكن أن يكون الزوج راغبًا في أن يطهر أمواله من خلال العمل على إخراج الصدقات امتثالًا لقول الله -عز وجل- في سورة التوبة الآية رقم 103:
“خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ“.
لكنه لا يرغب في أن يعلم زوجته حتى لا ينقص من أجره ويحرم من أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية أبي هريرة:
“سبعةٌ يظلُّهمُ اللَّهُ في ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّهُ الإمامُ العادلُ، وشابٌّ نشأَ في عبادةِ اللهِ، ورجلٌ قلبُه معلَّقٌ في المساجدِ، ورجلانِ تحابَّا في اللهِ اجتمعا علَيهِ وتفرَّقا عليه، ورجلٌ طلبتهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ فقالَ إنِّي أخافُ اللَّه. ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ أخفاها حتَّى لا تعلمَ يمينُه ما تُنفقُ شمالُه، ورجلٌ ذَكرَ اللَّهَ خاليًا ففاضت عيناهُ” (صحيح).
إلا أنه من الممكن أن يخبرها من باب الحث على أن تقوم هي كمان بالتصدق على أن يخلص النية لله -عز وجل- حتى لا يحمل وزر الرياء.
اقرأ أيضًا: علامات الخيانة الزوجية تظهر من خلال الجسد
4- ادخار الأموال
من الممكن أن تكون الزوجة ذات تفكير سطحي في بعض الأحيان ولا تحب أن يقوم زوجها بادخار الأموال، كونها ترى أنهما من الممكن أن يتمتعان بها في وقتهما الحالي، وهو أمر خاطئ للغاية، فإن كان الرجل يعمل على الادخار دون أن تعلم زوجته فلا حرج عليه في ذلك.
سواء أكان ذلك الأمر من أجل الخوف من المستقبل على الرغم من أنه بيد الله، إلا أنه من الضروري أن نعد حسابنا ونأخذ بالأسباب، أو أن يكون ادخاره من أجل شراء أي من الأشياء في المستقبل دون أن يرغب في معرفة زوجته.
يجب على المسلم أن يعلم أن ديننا دين يسر، فلا تصدر الأحكام الدينية إلا من أجل رفع الضرر عنه، وهذا ما رأيناه من خلال التعرف على حكم إخفاء الزوج ماله عن زوجته.