حكم سب الدين عند الغضب
حكم سب الدين عند الغضب لم يختلف عليه الفقهاء، وذلك نظرًا لبشاعة هذا الفعل، فكيف للإنسان أن يقوم بقذف دين الحق والسلام؟ كيف للمسلم أن يقوم بقذف الدين الذي آتى كمنارة للعالم؟ إن هذا الفعل عبارة عن تهاون بالخالق وبأوامره ونواهيه، وتقليل من شأن نبي الله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، إذًا ما هو حكم سب الدين عند الغضب؟ سنتعرف على ذلك من خلال منصة وميض.
حكم سب الدين عند الغضب
إن حكم سب الدين عند الغضب يختلف على حسب درجة الغضب، حيث يوجد أكثر من حالة للحكم، وتتمثل هذه الحالات في السطور الآتية:
- الحالة الأولى: إذا كانت درجة الانفعال عالية جدًا، لدرجة عدم تمييز الشخص لِما يقوله من كلام، يكون حكمه في الإسلام حكم الشخص الذي لديه خلل عقلي، فهو لا يزن ما يفعله أو يقوله، فليس عليه إثم.
- الحالة الثانية: زيادة الانفعال لدرجة عدم القدرة على التحكم في تصرفاته، ولكنه يدرك ما يقوله جيدًا، في هذه الحالة اختلف رأي الفقهاء، فيوجد من يعتبره ليس عليه إثم مثل الحالة الأولى، ويوجد من يعتبره آثم.
- الحالة الثالثة: الانفعال العادي، الذي يدرك الشخص فيه ما يفعله وما يقوله جيدًا، في هذه الحالة يكون الشخص آثم، وحكمه هو خروجه من دين الإسلام، وبالتالي يكون الشخص المسلم قد أشرك بالله بعد إيمانه بالوحدانية، ويتمثل ذلك في قول الله تعالى:
(وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65)) سورة التوبة.
اقرأ أيضًا: حكم إخبار الزوج بخيانة زوجته
ما الذي يترتب على من سب الدين؟
في ضوء معرفتنا بحكم سب الدين عند الغضب فلنستكشف أكثر عن مدى سوء هذا الفعل والنتائج المترتبة عليه، والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالتَّفَحُّشُ، وَسُوءُ الْجِوَارِ، وَقَطِيعَةُ الأَرْحَامِ، وَحَتَّى يُخَوَّنَ الأَمِينُ، وَيُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ أَسْلَمَ الْمُسْلِمِينَ، لَمَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ الْهِجْرَةِ لَمَنْ هَجَرَ مَا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْقِطْعَةِ مِنَ الذَّهَبِ ، نَفَخَ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا فَلَمْ تَتَغَيَّرْ وَلَمْ تَنْقُصْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ النَّخْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا، وَوَقَعَتْ فَلَمْ تُكْسَرْ وَلَمْ تَفْسُدْ، أَلا وَإِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْهِ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ، أَوْ قَالَ : صَنْعَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ مَثَلَ الْكَوَاكِبِ، هُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا) السلسلة الصحيحة.
كما أن قذف دين الإسلام يُفسد ما يفعله الشخص من أعمال حسنة بعد ذلك، إذا لم يتوب، وبالتالي فإن الرسول قد أوصانا بالابتعاد عن الشتائم والإساءات الشنيعة، لأن سب الدين يغضب الله.
اقرأ أيضًا: حكم صلاة الجماعة في البيت
شروط توبة سب الدين
بعد أن تعرفنا على حكم سب الدين عند الغضب، فلنتعرف على البنود التي يجب القيام بها للتوبة إلى المولى -عز وجل- أي من الممكن أن يعفو الله عن الشخص القائم بهذا الفعل الشنيع حيث قال تعالى:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)) سورة الزمر، وتتمثل هذه البنود في النقاط التالية:
- أن يكون لديه النية والإصرار على عدم القيام بهذا الفعل الشنيع مرة أخرى.
- النية لعدم القيام بهذا الفعل يجب أن يكون غرضها التقرب من الله، وعدم الرغبة في معصيته، من أجله وحده، وليس من أجل كره الناس لهذا الفعل، أو من أجل الحصول على شخص قريب من القلب، بل يجب أن يكون غرضه الأساسي هو الخوف من عقاب الله.
- يجب أن يظهر الحزن الشديد على الشخص بسبب فعلته، فهذا الذنب يعتبر من أكبر الذنوب عند الله.
- يعزم الشخص على إقلاعه عن سب الإسلام.
- أن تكون نية الشخص لعدم القيام بهذا الفعل مجددًا في أي وقت ماعدا الأوقات التي لا يستجيب الله فيها لعباده مثل الوقت الذي يشعر الشخص فيه أن أجله قد حان، حيث يقوم الإنسان بكل أنواع المعاصي وعندما تأتي لحظة الموت يقول أنا تبت الآن، والدليل على ذلك قول الله تعالى:
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)) سورة النساء.
اقرأ أيضًا: حكم الزوجة التي تفضل أهلها على زوجها
كيفية التوبة من سب الدين
يتم طلب المغفرة من الله على القيام بقذف دين الإسلام من خلال النقاط الآتية:
- يجب أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
- الاستغفار بشكل مستمر.
- تحقيق البنود التي سبق ذكرها.
- القيام بالأعمال الحسنة.
إن دين الإسلام هو نور للبشرية أنزله الله لرفع راية الحق، فكيف لشخص مسلم أن يقوم بقذف هذا الدين العظيم؟ على من يقوم بهذا الفعل أن يراجع نفسه مرة أخرى.