عند زيارة القبور هل يسمع الميت
عند زيارة القبور هل يسمع الميت؟ وماذا يحدث للميت في قبره؟ إن عالم الأموات مليء بالكثير من الأسرار والخبايا، كما أن القبور تعد لغز كبير في حياتنا، نظرًا لأننا لا نعلم ما يدور بداخلها، والكثير من الناس قد يموت أقاربهم أو أصدقائهم الأمر الذي يجعلهم يشتاقون إليهم كثيرًا ويذهبون إلى قبورهم ليتحدثوا معهم، لكن عند زيارة القبور هل يسمع الميت؟ هذا ما سنعرفه في هذا الموضوع، من خلال منصة وميض.
عند زيارة القبور هل يسمع الميت؟
تعددت الآراء حول هذا الأمر، كما يوجد العديد من الأقوال حول قدرة الميت في سماع جنازته أو سماع صوت الأحياء عند زيارتهم له في قبره، وتتمثل تلك الآراء في الآتي:
1- صحة سماع الميت
هناك رأي جاء يفيد بصحة سماع الميت ويرجع إلى ابن كثير، وابن تيمية، والإمام الطبري، كما استدلوا بالعديد من الآيات القرآنية التي تثبت صحة هذا.
الدليل الأول على صحة سماع الميت حين نادى الرسول صلى الله عليه وسلم على القتلى في غزوة بدر بعد أن مر على وفاتهم ثلاث أيام، كما جاء في الحديث الصّحيح عن أنس بن مالك رضيَ الله عنه:
(أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، تَرَكَ قَتْلَى بَدْرٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَامَ عليهم فَنَادَاهُمْ، فَقالَ: يا أَبَا جَهْلِ بنَ هِشَامٍ يا أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ يا عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ يا شيبَةَ بنَ رَبِيعَةَ أَليسَ قدْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فإنِّي قدْ وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ يَسْمَعُوا وَأنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما أَنْتُمْ بأَسمع لِما أَقُولُ منهمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا).
لكن هذا الكلام غير مؤكد حيث إن السيدة عائشة رضي الله عنها نفت أنها سمعت أي شيء عن هذه الواقعة، كما قالت إنها لم تكن موجودة في ذلك الوقت، وهناك دليل آخر يثبت صحة سماع الميت حين أوصى عمرو بن العاص رضي الله عنه أقاربه وأصحابه بأن يظلوا موجودين بجانب قبره حتى لا ينتابه الخوف ويستأنس بهم.
هذا الكلام يثبت أن الميت في قبره يمكنه أن يسمع كل ما يدور، بالإضافة إلى ما جاء في كتاب الله العزيز، قال تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ).
كذلك قام الإمام البخاري بإثبات صحة سماع الميت لصوت النعال، واستشهد في هذا الكلام بقول الرسول صلى الله عليه سلم: (العَبْدُ إذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ، وتُوُلِّيَ وذَهَبَ أصْحَابُهُ حتَّى إنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أتَاهُ مَلَكَانِ).
اقرأ أيضًا: هل يرى الميت أهله بعد موته
2- عدم صحة سماع الميت
في ضوء الإجابة عن سؤال عند زيارة القبور هل يسمع الميت؟ وبعد أن تمكنا من ذكر الدلائل التي تشير إلى ثبوت صحة سماع الميت، سوف نقوم بذكر بعض الدلالات التي تنفي صحة سماع الميت في قبره.
الدليل على عدم صحة سماع الميت هي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نفى ما روي في غزوة بدر، مستشهدًا بقول الله تعالى: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى)
كما أن السيدة عائشة رضي الله عنها نفت كل ما ورد عن صحة سماع الميت للأحياء، علاوةً على ذلك قال القاضي أبو يعلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقل في غزوة بدر أن الموتى يسمعون بل قال إنهم يعلمون.
الجدير بالذكر أن كل ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة أنه لا يوجد صحة ثبوت لسماع الميت صوت الأحياء، وأي شخص استدل على ثبوت صحة سماع الميت استند في حديثه على دلائل ضعيفة وغير مؤكدة، لذلك لا يجب الأخذ بها.
اقرأ أيضًا: هل البكاء على الميت حرام
ماذا يحدث للميت في قبره؟
بعد أن تمكنا من الإجابة عن سؤال ماذا يحدث للميت في قبره؟ يجدر بنا ذكر الأشياء التي تحدث للميت بعد دفنه في قبره، نظرًا لأن الكثير من الناس قد لا تعلم ذلك، بالإضافة إلى أن ذكر الأشياء التي تحدث بعد الموت في القبر شأنها أن تعظ الناس وترشدهم إلى طريق الهدايا، والأشياء التي تحدث للميت في قبره تتمثل في الآتي:
- من أول الأشياء التي تحدث للميت في قبره هي ضمة القبر، والجدير بالذكر أن ضمة القبر لا تعد نوعًا من أنواع العذاب في القبر، نظرًا لأن تلك الضمة قد تحدث للإنسان الحي أيضًا.
- من الأشياء التي تحدث في القبر أيضًا سؤال الملكين للمتوفى، وهذه الأسئلة تتمثل في السؤال عن الدين والرب، والمؤمنون وحدهم يستطيعون الإجابة على تلك الأسئلة، أما الكافر سوف يقول لا أعرف.
- بعد سؤال الملكين تهيأ الفرصة للميت أما أن يوسع قبره ويصبح في نعيم، أو يضيق عليه أكثر، ويتوقف هذا الأمر على عمل المتوفى في الدنيا.
- ثم بعد ذلك يقع الميت أمام خيارين إما نعيم القبر أو عذاب القبر، وهذا الأمر يتوقف على أعمال الميت في الدنيا، فإن كان عمله صالح سوف يرى نعيم وخيرات القبر، أما إذا كان عمله فاسد في الدنيا فسيريه الله أشد عذاب.
أهمية زيارة القبور
في ضوء الإجابة عن سؤال عند زيارة القبور هل يسمع الميت؟ يجب أن نعلم أن زيارة القبور لها أهمية كبيرة في حياة المسلمين، كما أن الله تعالى يأجر المؤمن على زيارته للقبر، وتتمثل أهمية زيارة القبور في الآتي:
- زيارة القبور فيها العديدة من العظات للإنسان، حيث إن رؤية الشخص للقبر تذكره بأن الدنيا فانية ولا داعي إلى ارتكاب المعاصي والذنوب.
- هناك العديد من الآراء التي قالت إن زيارة القبول بها هدوء للنفس، كما أنها تهون الصعاب والمصائب نظرًا لأن الإنسان يرى أن الدنيا صغيرة جدًا أمام الموت.
- كما تكمُن أهمية زيارة القبور للمسلمين في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة)
اقرأ أيضًا: هل يشعر الميت بمن يزوره
الأعمال التي ينتفع بها الميت
الكثير من الناس يتساءلون حول عند زيارة القبور هل يسمع الميت؟ ولكن هل هناك أحد يسأل عن الأعمال الصالحة الواجب فعلها للميت لكي ينتفع بها بعد موته؟ حيث إن هذا الأمر يعد من الأمور الأكثر أهمية من زيارة القبور، وتتمثل الأعمال التي ينتفع بها الميت بعد موته في الآتي:
- الدعاء للميت من أفضل الأشياء التي تصل إليه وينتفع بها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء).
- كذلك الصوم يعد من الأمور الهامة الواجب فعلها للميت، فبدلًا من زيارة القبور من الممكن أن يقوم الشخص بالصوم بنية أن هذا الصوم للميت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ».
- الاستغفار أيضًا من أهم الأشياء التي ينتفع بها الميت بعد وفاته.
- الصدقات أيضًا تعتبر من الأشياء التي تجعل الميت منعم في قبره.
يعلم الله عز وجل وحده ما يحدث بعد الموت وفي القبور فهو العالم بغيب السماوات والأرض، والموت هو الحقيقة الوحيدة في الحياة، لذلك يجب الابتعاد عن المعاصي وارتكاب الذنوب والرجوع إلى الله دائمًا.