تجربتي مع الذئبة الحمراء
سأقص عليكم فيما يلي تجربتي مع الذئبة الحمراء، ولا أُخفيكم سرًا لقد عانيت الأمرين خلال هذه التجربة، فالذئبة الحمراء لازمتني لدرجة أنني ظننت أنها لن تتركني قط، ولمن يجهل ما هو هذا المرض فالذئبة الحمراء هي من الأمراض المزمنة التي تصيب الجهاز المناعي وتهاجم أنسجته، ونظرًا لانتشاره قررت أن أستعرض لكم تجربتي مع الذئبة الحمراء عبر منصة وميض.
تجربتي مع الذئبة الحمراء
بدأت تجربتي مع الذئبة الحمراء في سن الثامنة عشر من عمري، أبلغ الآن الخامسة والثلاثين وأنا أم لثلاثة أبناء، وبالحديث عن الذئبة الحمراء والتي تعرف باسم الذئبة الحمامية المجموعية كما قال لي الطبيب المعالج، فهي من ضمن الأمراض المناعية التي يقوم فيها الجسم بمهاجمة نفسه عند الإصابة بها.
فمجرد اشتباه الجهاز المناعي بدخول أي نوع من الفيروسات، الميكروبات وأي نوع من مسببات العدوات في مجرى الدم تعمل على تهييج الجهاز المناعي، وتظهر أعراض الذئبة الحمراء كنوع من أنواع ردود الفعل الطبيعية للجسم، وفي تجربتي كان رد الفعل الخاص بجسمي تحسسي، فظهر على وجهي العديد من بقع الطفح الجلدي.
في بداية إصابتي وقبل أن يتم تشخيص حالتي الصحية ظهر على وجنتي بعض آثار الطفح الجلدي التي تشبه أجنحة الفراشة، فكانت كبيرة الحجم وتتسب لي بالإزعاج، بعد أسبوعين تقريبًا من بداية تجربتي مع الذئبة الحمراء توجهت للطبيب المختص، وأتذكر أن الطبيب طلب مني آنذاك القيام ببعض تحاليل البول.
كما قال لي الطبيب حينها بإنه تم تشخيص حالتي بالإصابة بمرض الذئبة الحمراء بسب زيادة معدل البروتينات وخلايا الدم الحمراء في البول، وهو ما يعني أن الكلى لدي تأثرت بسبب إصابتي بالذئبة.
من المعلومات التي كنت أعرفها بالفعل هو أن الكلى من مراكز المناعة في الجسم والأعضاء التي تُساهم في حمايته، لذا وجدت موضوع إصابتي بمرض مناعي بسبب إحداث بعض الأضرار بالكلى لدي أمرًا منطقيًا بعض الشيء.
في بداية الأمر وبعد التشخيص الخاص بحالتي اعتقدت أن الذئبة الحمراء تُصيب الكلى دونًا عن باقي أعضاء الجسم، وبسؤالي للطبيب نفى ذلك تمامًا وقال لي إن ما يحدث في حالتي وتجربتي مع الذئبة الحمراء قد يتخالف مع شخصٍ لديه نفس المرض، الجدير بالذكر أن الذئبة الحمراء تُسمى بالجهازية.
ترجع هذه التسمية إلى كون الذئبة الحمراء لها القدرة على إصابة الجهاز المناعي للتسبب في بعض الأمراض للمفاصل، الدماغ، الأوعية الدموية وخلايا الدماء، الرئة، الكبد، الجهاز العصبي والقلب بالإضافة إلى الكلى كما في حالتي، وفي حال ما كنتم تتساءلون عن الأعراض التي ظهرت لدي وجعلتني أتوجه للطبيب المختص فإنني سأعرفكم بها فيما يلي من خلال سردي لتفاصيل تجربتي مع الذئبة الحمراء.
اقرأ أيضًا: هل يمكن الشفاء من مرض الذئبة الحمراء
تساقط في الشعر، طفح جلدي وصداع…ماذا حل بي؟
كما ذكرت أعلاه فكانت بداية الأعراض التي طرأت علي في تجربتي مع الذئبة الحمراء هي الإصابة بالطفح الجلدي وظهور البقع الحمراء على امتداد وجنتاي من اليمين إلى اليسار بشكلٍ أشبه بالفراشة حمراء أو وردية اللون يكون مركزها الأنف.
لكن في نهاية الأسبوع الذي ظهرت فيه بقع الطفح الجلدي هذه أصابني صداع غير محتمل تملك من رأسي وفتك به بشكل غير مسبوق، أنا بالفعل أعاني من الصداع النصفي أو ما يُعرف بالشقيقة، ولكن هذه المرة لم تكن كسابقاتها، شعوري بالصداع كان غير محتمل على الإطلاق ولم تُسكنه أيٌ من المسكنات التي اعتدت تناولها في حالات الصداع النصفي.
على الرغم من كوني مُصابة بالصداع والطفح الجلدي الذي جعلني حبيسة غرفتي ليالٍ طوال في سجنٍ بلا زنازين إلا أنني لم أجد الأمر غريبًا في الواقع، فظننت أن هذا الطفح ناتج عن أشعة الشمس الحارقة التي كانت مُسلطة على وجهي طوال الفترة التي كنا نقضي فيها عطلة الصيف خاصتنا على البحر.
أما الصداع فكنت أخال أنه من صور مضاعفات الصداع النصفي، فأنا أعرف تمام المعرفة أن الصداع النصفي والشقيقة لها نوبات تتمايز وتختلف في حدتها وشدتها.
لكن ما زاد الطين بلة هو كون شعري بدأ في التساقط بعد بضعة أيام من شعوري بالصداع، والجدير بالذكر أنني قبل هذه الفترة المشؤومة من تجربتي مع الذئبة الحمراء كنت أمتلك شعر طويل وجذاب للغاية يصل إلى منتصف ظهري تقريبًا، ومن شدة تعلقي بشعري وحبي له لم أتردد لحظة في طلب المساعدة والحصول على الرعاية الصحية.
اقرأ أيضًا: بقع حمراء على الجلد مع حكة وقشور
زيارة الطبيب في محاولة فهم ما أمر به
على الرغم من عدم إدراكي للعامل المشترك بين كل من الطفح الجلدي، الصداع وتساقط الشعر إلا أنني في صباح اليوم التالي من اليوم الذي تساقط فيه شعري توجهت لوحدة صحية اعتدنا أن نرتادها لكونها قريبة من منزلنا.
هناك تم إجراء الكشف الموضعي والفحص البدني عليّ، فلاحظ الطبيب على الفور وجود الطفح الجلدي الشبيه بالفراشة، والجدير بالذكر أن هذا الطفح تزايد بشكل كبير بسبب تعرض وجهي للشمس، كما أن هناك بعض القرح التي ظهرت في فمي وأنفي والتي قال لي الطبيب أنها من صور قرح الأغشية المخاطية.
قال لي الطبيب على الفور أنني مصابة بالذئبة الحمراء، ولكنه طلب تحليل البول كما ذكرت أعلاه، وجاءت نتيجة التحليل لتقطع الشك باليقين، وقال لي الطبيب إن هذه الأعراض جميعها من ضمن أعراض الذئبة الحمراء التي تشتمل أيضًا على انتفاخ مفاصل اليدين والقدمين والمعصمين، بالإضافة للتعب الشديد والوخز عند الشعور بالبرد.
بعد التشخيص والتأكد من إصابتي بالثعلبة الحمراء قال لي الطبيب بعض المعلومات التي كنت أجهلها تمامًا عن هذا المرض مثل أنه يُصيب السيدات بنسبة أكبر من الرجاء، كما أن أكثر فئة عمرية معرضة لخطر الإصابة بهذا المرض هم من تتراوح أعمارهم بين الخمسة عشر ربيعًا والخامسة والأربعين عامًا.
الجدير بالذكر أن هناك بعض الأعراض الأخرى التي قد تُشير إلى إصابتك بالثعلبة الحمراء، ومن صور هذه الأعراض كل من جفاف العين، تيبس المفاصل، فقدان الذاكرة واضطراب القدرة الإدراكية بالإضافة إلى الشعور بالتوتر والقلق، كما أنه من الشائع أن تتحول أصابع اليدين والقدمين للون الأزرق والأبيض.
كما قال لي الطبيب أن الذئبة قد تؤثر على القلب والرئتين، وفي حال ما شك الطبيب في ذلك أو تخوف من الأمر فإنه يطلب إجراء بعض الصور والتحاليل مثل صورة الأشعة السينية أو ما يُعرف بأشعة إكس للصدر، والتي من دورها أن تكشف عن وجود سائل أو بعض الالتهابات في الرئتين من عدمه.
قال لي الطبيب أن الأعراض قد تختلف بشكل كبير بمرور الزمن، فبثبات طفح الفراشة كعرض من الأعراض الرئيسية للإصابة بهذا المرض تجد أن هناك بعض الاعراض المتغيرة كالأنيميا وفقر دم الحديد بالإضافة إلى ألم الفك.
أما فيما يخص القلب فيطلب الطبيب المختص إجراء مخطط لصدى القلب، وهذا المخطط يتم استخدامه في إنتاج صور تعبر عن الوقت الحقيقي لنبض القلب، وبعد التشخيص الصحيح لحالتي جاء الفصل الأخير من رحلتي مع الثعلبة الحمراء، وكان العلاج بداية النهاية لتجربتي مع الثعلبة الحمراء.
اقرأ أيضًا: ظهور نقط حمراء على الجلد بدون حكة
رحلة علاجية بين عقاقير، كورتيزون وكريمات
في تجربتي مع الذئبة الحمراء قام الطبيب بوضع برنامج علاجي خصيصًا لي، فالطبيب أوصاني باستخدام عدة علاجات، العلاج الأول كان بعض كريمات الستيرويد لعلاج الطفح الجلدي الذي ظهر على وجهي بشكل الفراشة، كما أنه أوصاني باستخدام بعض العقاقير التي تعمل كمضادات للالتهاب.
بجانب الكريمات الستيرويدية والعقاقير الغير ستيرويدية وصف لي الطبيب بعض الأدوية التي تحتوي على الكورتيزون، فكما ذكرت في بداية حديثي عن تجربتي مع الذئبة الحمراء يعتبر هذا المرض من أمراض المناعة التي يقوم فيها الجهاز المناعي بمهاجمة الجسم نفسه تقريبًا.
لذا لا غرابة في استخدام الكورتيزون في علاج تجربتي مع الذئبة الحمراء عبر البرنامج الغذائي الذي وضعه لي الطبيب، فالكورتيزون يعمل على تقليل الاستجابة المناعية الخاصة بالجهاز المناعي وما يشتكل عليه من أجهزة أخرى مساعدة مثل الكلى وغيرها.
الجدير بالذكر أن هذه العلاجات وغيرها جاءت للسيطرة على هذه الحالة المرضية فقط لا غير، فلا يوجد علاج محدد ومعين للذئبة الحمراء، وقال لي الطبيب الذي تابعت معه منذ بداية تجربتي حتى نهايتها أن تغيير نمط الحياة وتناول بعض الأدوية مثل مسكنات الألم والأدوية المثبطة للمناعة وغيرها ستعمل على جعل الثعلبة الحمراء تنام في جحرها لسبات طويل صيف شتاء.
في النظام العلاجي الخاص بتجربتي مع الثعلبة الحمراء حثني الطبيب المختص على الالتزام بحمية غذائية متوازنة، كما قال إن أخذ قسط مناسب من النوم يعتبر من الضروريات، وممارسة بعض النشاطات الرياضية البسيطة أمر هام، ويُنصح مريض الذئبة الحمراء بالإقلاع الفوري عن التدخين.
كما أن هناك العديد من الحالات التي تتزايد فيها المخاطر والمضاعفات في حالة الإصابة بالذئبة الحمراء، ومن أمثلة هذه الحالات كل من العدوى، الإصابة بالسرطان، انهيار العظام وموت الأنسجة خاصتها، وذلك يتسبب في انخفاض منسوب ومعدل تدفق الدم إلى الدماء، وهو ما قد يؤدي إلى تكسر العظام بكسور صغيرة تتطور في نهاية المطاف لتكون انهيار تام للعظام.
كما أن الحمل من دوره أن يزيد من أخطار الإصابة بهذا المرض العصبي، فعلاوة على كون الذئبة الحمراء خطرة على الأم الحامل إلى أنها قد تتسبب في مضاعفات عدة للجنين مثل التشوهات وغيرها لذا وجب على المرأة الحامل أخذ الحيطة والحذر.
في نهاية الحديث عن تجربتي مع الذئبة الحمراء لا بد وأن أذكر أنه لا يوجد سبب معين للإصابة بهذه الحالة المرضية وبالأمراض المناعية بشكل عام، ولكن هناك بعض المحفزات التي تعمل على زيادة فرص الإصابة بمثل هذه الأمراض، وتُسلط أصابع الاتهام هنا إلى أشعة الشمس وأدوية الصرع بشكل كبير.