هل الزواج يتم في السماء قبل الأرض
هل الزواج يتم في السماء قبل الأرض؟ وهل هو اختيار أم من الأقدار التي كتبها الله عز وجل لنا قبل أن نولد؟ حيث إن هناك العديد من التساؤلات التي تدور حول ذلك الأمر كون الأقدار من الأمور الغيبية التي يجب أن تنتبه أثناء التحدث عنها، لذا من خلال منصة وميض سوف نتعرف على إجابة سؤال هل الزواج يتم في السماء قبل الأرض؟ عبر السطور التالية.
هل الزواج يتم في السماء قبل الأرض؟
في بداية الأمر ينبغي على المسلم أن يعي أن كافة مقاديره قد كتبها الله له قبل أن يخلق، وذلك استنادًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عبد الله بن عمرو:
“كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قالَ: وَعَرْشُهُ علَى المَاءِ. وفي روايةٍ: بِهذا الإسْنَادِ مِثْلَهُ، غيرَ أنَّهُما لَمْ يَذْكُرَا: وَعَرْشُهُ علَى المَاءِ” (صحيح).
أي أن الزواج قد كتب بشكل سابق في السماء، إلا أن ذلك لا يمنع المسلم من أن يختار المرأة التي يراها تصلح لأن تكون زوجة له، والتي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة:
“تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ” (صحيح)، وكذلك المرأة من شأنها أن تختار من ترى أنه الأجدر بها، والذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عبد الله بن عمر:
“إذا أتاكُم من ترضَوْنَ خلُقَهُ ودينَه وأمانتَهُ فزوِّجُوُهُ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ“.
إلا أنه في النهاية سوف تجد أن اختياراتها قد توافقت مع قدر الله عز وجل، فإن تمت الزيجة يكون ذلك هو الخير للمسلم، وإن لم يتم ذلك فهو خير أيضًا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية صهيب بن سنان:
“عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له” (صحيح).
من ذلك نستنبط أن إجابة سؤال هل الزواج يتم في السماء قبل الأرض؟ هي نعم، إلا أنه على المسلم أن يأخذ بالأسباب قبل أن يُقدم على إتمام الأمر، ويرضخ لإرادة الله عز وجل.
اقرأ أيضًا: هل الزواج نصيب أم سعي
هل يمكن أن يتغير القدر؟
في سياق الجواب على سؤال هل الزواج يتم في السماء قبل الأرض؟ يجب أن نعلم أن هناك حالة وحيدة من شأنها أن تكون سببًا في تغير القدر، وهي الدعاء إلى المولى عز وجل.
حيث إن القدر والدعاء يتضرعان لدى المولى جل في علاه، والذي حشاه أن يرد يدا عبده خائبتين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية ثوبان مولي:
“لا يزيدُ في العمُرِ إلَّا البرُّ ولا يردُّ القدَرَ إلَّا الدُّعاءُ وإنَّ الرَّجلَ لَيُحرَمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يصيبُهُ” (صحيح).
كما أنه يجدر بالمسلم إن تحير في أي من الأمور، خاصةً أمور الزواج أن يلجأ إلى استخارة الله -عز وجل- وذلك من خلال ركعتين يركعهما العبد لربه يدعو فيهما بالدهاء الذي خصص لصلاة الاستخارة، فقد روى جابر بن عبد الله السلمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
” كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يقولُ: إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ وأَستَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هذا الأمْرَ – ثُمَّ تُسَمِّيهِ بعَيْنِهِ – خَيْرًا لي في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – قالَ: أوْ في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – فَاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، اللَّهُمَّ وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّه شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ثُمَّ رَضِّنِي بهِ” (صحيح).
اقرأ أيضًا: علامات رغبة الرجل في الزواج الثاني
سمات اختيار الزوجة الصالحة
بعد أن تعرفنا على جواب سؤال هل الزواج يتم في السماء قبل الأرض؟ ينبغي أن ندرك أن هناك بعض الصفات التي يجب أن تتم مراعاتها في اختيار شريكة الحياة، حتى تتوج الزيجة بالنجاح، فقد أتت صفات الزوجة الصالحة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:
“لمَّا نزلت هذه الآيةُ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ قال كبُر ذلك على المسلمين فقال عمرُ رضي اللهُ عنه أنا أُفرِّجُ عنكم فانطلق فقال يا نبيَّ اللهِ إنَّه كبُر على أصحابِك هذه الآيةُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ اللهَ لم يفرِضِ الزَّكاةَ إلَّا ليُطيِّبَ ما بقي من أموالِكم وإنَّما فرض المواريثَ لتكونَ لمن بعدكم فكبَّر عمرُ ثمَّ قال له ألا أُخبِرُك بخيرِ ما يكنِزُ المرءُ المرأةُ الصَّالحةُ إذا نظر إليها سرَّته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفِظته“ رواه عبد الله بن عباس
منه نستنبط أنه على الزوجة أن تكون مطيعة لزوجها، منفذة لكافة الأوامر التي يطلبها منها، على أن يكون ما يطلبه منها لا يغضب الله عز وجل.
كذلك عليها أن تكون ملتزمة بتعاليم دينها وأوامر الله عز وجل، فهي التي سوف تقيم البيت المسلم وتعمل على تربية الأولاد لتنشئهم النشأة الصالحة، وهي التي ستأخذ بيد زوجها إلى الجنة، لذا عليه أن يُحسن اختيارها، ويترك الأمر بعدها على الله عز وجل، فقد قال في كتابه العزيز:
“الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ” سورة النور الآية رقم 26.
اقرأ أيضًا: ما حكم الزوج الذي لا يعاشر زوجته بدون سبب
صفات اختيار الزوج الصالح
كذلك على المرأة أن تراعي العديد من الصفات عند اختيارها للزوج، حتى تضمن أن تكون حياتها سعيدة خالية من المشكلات الزوجية التي تؤدي إلى هدم البيت بعد تعميره.
حيث لخصها الدين الإسلامي في أن يكون الرجل على خلق وقدر من الالتزام، فمن لا يضيع فرائض ربه لا يضيع فتاة أؤتمن عليها، فقد قال الله جل في علاه في الآيتين رقم 32، 33 من سورة النور:
“ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ“.
فالله عز وجل لا ينظر إلى شكل الرجل وهيئته بل ينظر إلى تقوى قلبه، فهي التي تكون سبب سعادته في الدارين الأولى والآخرة.
ينبغي على المسلم أنه قد أتى في تلك الحياة مسير ومخير في آنٍ واحد، فله أن يختار ما يريد على ألا يتعارض مع مشيئة الله عز وجل.