هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة
هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة؟ وما هي شروط التوبة النصوح من الخيانة الزوجية؟ كونها من الأسباب التي تهدم البيوت المسلمة بعد أن تعب كلٍ منهما في بنائها، وتُعتبر من الأمور المنتشرة في الآونة الأخيرة، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على جواب سؤال هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة؟ وذلك عبر السطور التالية.
هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة؟
لا شك في أن أمر الخيانة أمرًا منبوذًا للغاية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة: “اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من الجوعِ، فإنَّهُ بئس الضجيعُ، ومن الخيانةِ، فإنها بئستِ البطانةُ” (صحيح).
ففي حالة قيام المرأة بخيانة زوجها، فإنها تُضرب بصفات الزوجة الصالحة عرض الحائط، والتي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عبد الله بن عباس:
” لمَّا نزلت هذه الآيةُ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ قال كبُر ذلك على المسلمين فقال عمرُ رضي اللهُ عنه أنا أُفرِّجُ عنكم فانطلق فقال يا نبيَّ اللهِ إنَّه كبُر على أصحابِك هذه الآيةُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ اللهَ لم يفرِضِ الزَّكاةَ إلَّا ليُطيِّبَ ما بقي من أموالِكم وإنَّما فرض المواريثَ لتكونَ لمن بعدكم فكبَّر عمرُ ثمَّ قال له ألا أُخبِرُك بخيرِ ما يكنِزُ المرءُ المرأةُ الصَّالحةُ إذا نظر إليها سرَّته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفِظته“.
لذا فإنها في حالة القيام بأمر الخيانة، فإنها قد أقدمت على إثم مبين، من شأن رب العباد أن يصفح عنها أم لا حسب درجة الخيانة وندمها على الأمر من عدمه، أما عن جواب سؤال هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة؟ من قِبل الزوج، فإن الأمر مرتبط بمدى الخيانة، فإن كانت علاقة كاملة، فإنها قد أصابت حد من حدود الله عز وجل، وعليه فإن الزوج ليس له أن يسامحها أو يصفح عنها.
أما إن كانت الخيانة بأي من الطرق الأخرى التي سنتعرف عليها سويًا، فإنه من الممكن أن يتجاوز عن الأمر، شريطة أن تكون قد تابت وندمت على ما فعلت.
اقرأ أيضًا: حكم الزوجة التي تكلم غير زوجها
أشكال الخيانة الزوجية
في سياق التعرف على الجواب الصحيح لسؤال هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة؟ نجد أن للخيانة أشكال متعددة، حيث انقسمت إلى ما يلي:
1- الخيانة الزوجية الكاملة
ينبغي على المرأة المسلمة أن تعرف أنها في حالة الوقوع في الفحشاء وهي متزوجة، فإنها قد بهتت بهتانًا عظيمًا، فهي ليس لها الحجة لِما فعلت، فقد أصابت كبيرة من الكبائر، وفي تلك الحالة فإنه لا يجب على الزوج أن يغفر الأمر، ولا يعفو عنها، فالأمر متروك لله عز وجل، والذي قال في أمر الزنا ما يلي:
“الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ” سورة النور الآيتين رقم 2، 3.
فالأولى بالزوج في تلك الحالة أن يطلقها، كما له أن يخرجها من بيتها، وإن تركه لها فهو إحسان وتفضُل منه، فقد قال الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الطلاق الآية الأولى:
“يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا“.
كذلك أحل الله له أن يأخذ كافة ما آتاها في فترة الخطبة والزواج، فهي بذلك لا تستحق أي من تلك الأشياء، وذلك استنادًا لقول الله في سورة النساء الآية رقم 19:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا“.
اقرأ أيضًا: 10 علامات تدل على خيانة الزوجة
2- الخيانة عن طريق الهاتف
أيضًا من سبل الخيانة التي قد تقع فيها الزوجة، هي أن تقوم بمحادثة الشاب أو الرجل عن طريق الهاتف، حتى وإن كان الكلام بينهما خالٍ من المشاعر، فيكفي أنها تقوم بذلك دون أن يعلم، لأنه في حالة العلم حتمًا سوف يرفض، فهنا يعتبر الأمر خيانة.
إلا أنه حتى في حال استعمال الهاتف في ذلك الغرض، فإن الخيانة تنقسم إلى أنواع، والتي من الممكن أن يسامح الزوج فيها بأكملها، أو يطلق الزوجة ولن يكون عليه حرج في الأمر، حيث انقسمت الخيانة عبر الهاتف إلى الحالات التالية:
المحادثات الكتابية
هو أن تخون الزوجة زوجها عن طريق الشات، وأن تتحدث إلى رجل أجنبي عنها لساعات متأخرة طوال الليل، من أجل أن ترضي رغبتها، في حين أنها تغضب الله عز وجل.
المكالمات التليفونية
تلك التي من الممكن أن يكون سببًا في خراب بيت الزوجة، كونها تركت بابًا للشيطان مفتوحًا من شأنه أن يتآمر عليها مع ذلك الشخص، وتكون النتيجة أن ينكشف أمرها أمام زوجها، ولن يكون لها الملجأ في تلك الحالة من الله إلا إليه.
فقد نهى الله عز وجل عن الخضوع بالقول للرجل الأجنبي من أجل ألا تتطور الأمور لذلك، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل في سورة النساء في الآيتين رقم 32،33:
“فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً“.
المكالمات المرئية
في ظل التطور التكنولوجي أصبح من الممكن أن يقوم الشخص بالمكالمات المرئية التي صنعت من أجل الاطمئنان على المغتربين وما إلى ذلك، إلا أنه من الممكن أن تستعمل الزوجة تلك الوسيلة لخيانة زوجها، وهي أعلى درجات الخيانة بالهاتف، حيث تكشف لرجل أجنبي عنها ما حرم الله عز وجل.
كما أنها تقع في العديد من الذنوب مثل عدم غض البصر والتخلي عن الحجاب، وقد تهون الأمر على نفسها، ظنًا منها أنها لا تقوم بالفاحشة، متناسية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة:
“العَينانِ تَزنيانِ، واللِّسانُ يَزني، واليَدانِ تَزنيانِ، والرِّجْلانِ تَزنيانِ، ويُحَقِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُه الفَرْجُ” (صحيح).
اقرأ أيضًا: هل يغفر الله لمن خانت زوجها
3- الميل بالقلب
في إطار تناول الإجابة الصحيحة لسؤال هل يجوز شرعًا مسامحة الزوجة الخائنة؟ نجد أنها من الممكن أن تميل بقلبها إلى رجل غير زوجها، دون أن تحاول أن تتودد إليه وتسعى لجذبه، فإن الله عز وجل في تلك الحالة من شأنه أن يغفر لها إن تابت، ولا حاجة لأن تخبر زوجها بالأمر وتطلب منه العفو والمصافحة.
كذلك عليها أن تكتم الأمر استنادًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة:
“كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وقدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فَيَقُولَ: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عنْه” (صحيح).
ينبغي على المرأة المسلمة أن تتحلى بصفات زوجات النبي أمهات المؤمنين، حتى لا تصبح الزوجة الخائنة التي يغضب عليها ربها، وزوجها حال معرفته بالأمر.