من هو الشاعر الذي قتله شعره
من هو الشاعر الذي قتله شعره؟ وهل حقًا للكلمة تلك القوة التي قد تودي بصاحبها؟ يعد الشعر هو أعظم وأفضل الوسائل التي قد تستخدم فيها الكلمة لتجني ثمارها على النحو الأمثل، لذا فكان الشعر عند العرب قديمًا بمثابة السيف، فيمكنه أن يرفع من قيمة شخص أو يخسف الأرض بآخر، وانطلاًقًا من تلك النقطة فها نحن ومن خلال منصة وميض نستعرض إجابة سؤال من هو الشاعر الذي قتله شعره.
من هو الشاعر الذي قتله شعره؟
لبست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي ينشئ ينشأ فيها أحد بني البشر أداة قتله بيده، فالتاريخ حافل بالمبتكرين والمخترعين على مر الزمان الذين قتلوا جراء صنع أيديهم بعد ما أبدعوا في صنعه.
شهد التاريخ على عظمة الشاعر أبو الطيب احمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي، والذي عرف بلقب المتنبي، كما شهد أنه هو الشاعر الذي قتله شعره، حيث ولد المتنبي بمدينة الكوفة العراقية في العام 915 ميلاديًا والذي وافق العام 303 هجريًا.
ولد الشاعر المتنبي لأبٍ فقير عمل بمهنة السقاية أي بيع الماء، فبرزت نبوغته منذ الصغر، حيث إنه كان معروف عنه أنه يحفظ كل ما يسمع، ظلت تلك الموهبة تظهر وتتنامى عند المتنبي حتى انتقل مع أبيه إلى دمشق، والتي تتلمذ فيها على أيدي أهم وأشهر العلماء، فتعلم من أهل البادية فصاحة اللغة وقوتها.
للشاعر المتنبي العديد من القصص التي رويت عنة لتثبت مدى عظمة وفصاحة هذا الرجل، كذلك ولتثبت لنا مدى خروج ذلك الرجل عن العقل والمنطق في بعض الأحيان، حتى إن أحد أهم القصص التي وردت عنه كانت حين ادعى النبوة، ولكنه سرعان ما تاب إلى الله وعاد بعد ما حبس وسجن.
اقرأ أيضًا: لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم ؟ وما هي قصة حياته ؟
قصة قتل الشاعر المتنبي
بعد أن علمنا من هو الشاعر الذي قتله شعره، فدعونا نوضح لكم تلك القصة التي رويت عن أبو الطيب المتنبي والتي ذكر بعدها أنه الشاعر الذي قتله شعره إحدى أهم القصص التي لا يمكن غض الطرف عنها، حيث بدأت القصة حينما كان سائرًا مع خادمه وولده خارج مدينة الكوفة، حيث جمعه القدر مع رجل من عظماء قبيلته يدعى ضبة بن يزيد الأسدي.
سارت الأمور بين أبو الطيب المتنبي وضبة بن يزيد الأسدي على نحو سيئ، حتى أنهما قد تقاتلا، وكان معروف عن المتنبي أنه يرتجل الشعر لحظيًا، فكان سريع البديهة بليغ اللسان ماكر الفكر، فهجاه بقصيدة طويله لعل أشهر ما نقل عنها تلك الأبيات التالية:
ما أَنصَفَ القَومُ ضَبَّة** وَأُمَّهُ الطُرطُبَّة
رَمَوا بِرَأسِ أَبيهِ** وَباكَوا الأُمَّ غُلبَه
فَلا بِمَن ماتَ فَخرٌ** وَلا بِمَن نيكَ رَغبَه
وَإِنَّما قُلتُ ما قُلتُ** رَحمَةً لا مَحَبَّه
وَحيلَةً لَكَ حَتّى** عُذِرتَ لَو كُنتَ تيبَه”
وَما عَلَيكَ مِنَ القَتــلِ** إِنَّما هِيَ ضَربَه
استمر أبو الطيب المتنبي في هجائه حتى أنه يقال إنه قد سبه بأفظع وأسوأ الشتائم، وكان ضبة بن يزيد الأسدي أحد أهم وأشرف رجال قومه، لم ينسى ضبة بن يزيد الأسدي تلك الإهانة والتي أحاطت به أينما ذهب، فأقسم على أن يبحث عن المتنبي حتى إذا لاقاه قتله.
مر الزمان حتى لاقاه هاربًا عند كافور الإخشيدي حاكم مصر، فأراد المتنبي الهرب من أمامه تاركًا أهله وولدة، إلا أن غلامه أو خادمة سبقه بقوله ” كيف تهرب وأنت الذي قلت الخيل والليل والبيداء تعرفني… والسيف والرمح والقرطاس والقلم، كما ذكره بما قاله حين قال إذا لم يكن من الموت بد.. فمن العجز أن تموت جبانًا.
رد عليه حينها أبو الطيب المتنبي بمقولته الشهيرة قتلتني قتلك الله، وعاد ولم يهرب حتى قتل صريعًا.
اقرأ أيضًا: من هو شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم
نبذة عن الشاعر أبو الطيب المتنبي
ما زلنا بصدد سرد أهم معلومات عن الشاعر الذي قتله شعره، ألف المتنبي ما يزيد عن أربع مائة قصيدة وأكثر ومنهم تلك التي تسببت في موته، عاش المتنبي في مدينة حلب الكائنة بسوريا تحت ظل سيف الدولة الحمداني، حتى أنه اعتلى عرش الشعر والادب العربي حينها.
أبدع أبو الطيب المتنبي في شعر الرثاء والهجاء، كما كانت له من قصائد المدح التي ما زالت باقية حتى يومنا هذا، كما عرف عنه أنه يغلب عليه الشعور الدائم بالفخر والعزة منذ صغره، فقد رأى في نبوغه توفقًا عمن سواه – صدق في شعوره، فقد أدت نبوغه إلى تلقيبه بالشاعر الذي قتله شعره-.
شهد التاريخ كذلك على دور أبو الطيب المتنبي في تلك الصراعات التي حدثت في فترات انهيار الحكم الأموي وبداية العباسي، فكانت مواقفه وأبياته مؤثرة إلى حد كبير في تلك النزاعات التي حدثت بين أمراء وملوك الحكم الأموي.
اقرأ أيضًا: لماذا سميت المعلقات بهذا الاسم
أهم أقوال المتنبي
لعل أهم ما وجب ذكره بينما نتحدث عن الشاعر الذي قتله شعره هو ذكر أهم مقولاته الشعرية والتي تستخدم حتى يومنا هذا كاستشهاد بمدى عظمة ذلك الشاعر، ومن تلك الأبيات أو المقولات ما يلي:
- ما كل ما يتمنى المرء يدركه … تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
- أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي … وأسمعت كلماتي من به صمم.
- الخيل والليل والبيداء تعرفني … والسيف والرمح والقرطاس والقلم.
- إذا رأيت أنياب الأسد بارزة … فلا تظن أن الليث يبتسم.
لم يكن أبو الطيب المتنبي شأنه كشأن أي شاعر في عصره، فقد أضاف إلى علوم اللغة وبلاغتها ما ننهل منه حتى يومنا هذا، لذا وعلى الرغم من سقطاته إلا أنه ما زال يعتلي واحد من أعظم عروش الشعر وسيظل ما دامت تلك اللغة حية وباقية.