هل يغفر الله لمن خانت زوجها
هل يغفر الله لمن خانت زوجها؟ وهل يمكنها أن تتوب إلى الله التوبة النصوحة فيقبلها في عباده التائبين؟ فجرم الخيانة أمر لا يستهان به، إلا أن رحمة الله واسعة ومن شأنها أن تشمل كافة المذنبين، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على إجابات تلك الأسئلة بشيء من التفصيل عبر السطور التالية.
هل يغفر الله لمن خانت زوجها؟
على الرغم من أن خيانة المرأة لزوجها من الأمور التي لا ينبغي أبدًا أن يستهان بها، حتى وإن لم تكن الخيانة كاملة بوقوع الزنا، إلا أن الله عز وجل لم يمنعها من القبول لديه في عباده الصالحين إن قامت بالتوبة النصوحة، حيث قال -جل وعلا- في محكم التنزيل في سورة النساء الآية رقم 48:
“إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا”.
من هنا نستنبط أن إجابة سؤال هل يغفر الله لمن خانت زوجها؟ وهي نعم، حيث يقبل الله عز وجل التوبة من الزوجة إن قامت بتأدية كافة شروطها وعزمت على عدم العودة إليها مرة أخرى.
لكن ليس معنى ذلك أن تهرع المرأة إلى الخيانة الزوجية كونها تعلم أن الله غفور رحيم، فعلى الرغم من ذلك فإنه شديد العقاب لِم لا يخشاه، كذلك قال في محكم التنزيل في سورة النور الآيتين رقم 2، 3:
“الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ”.
فلماذا تضع المرأة نفسها في هذا الإثم المبين، حتى وإن لم يصل الأمر إلى العلاقة الحميمية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “العينُ تَزني والقلبُ يَزني فزِنا العينِ النظَرُ وزِنا القلبِ التمَنِّي والفَرجُ يُصَدِّقُ ما هُنالِكَ أو يُكَذِّبُه” (صحيح) رواه أبي هريرة.
لذا على المرأة أن تعف نفسها من الوقوع في مثل تلك الذنوب التي لن تقوى على العذاب الذي ينتج عنها إن لم تتب إلى الله عز وجل.
اقرأ أيضًا: حكم خيانة الزوجة لزوجها بالهاتف
متى لا يغفر الله للزوجة الخائنة؟
بعد أن تعرفنا على الإجابة الصحيحة لسؤال هل يغفر الله لمن خانت زوجها؟ علينا أن نعلم أن هناك حالة واحدة من شأنها أن تكون سببًا في عدم قبول توبة المرأة بعد خيانتها لزوجها، حتى وإن قامت بشروط التوبة التي سنتعرف عليها فيما بعد.
هي أن تعود إلى الخيانة مرة أخرى، فهي في تلك لم تكن صادقة النية مع الله عز وجل، وهو أعلم بما تكنه الصدور، ففي تلك الحالة لن يتقبل توبتها مهما فعلت، حيث إنها لم تعظم شعائر الله ولم تتقه في نفسها، وخرجت من صفات الزوجة الصالحة بخيانتها وتعمدها تكرار الأمر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عبد الله بن عباس:
“لمَّا نزلت هذه الآيةُ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ قال كبُر ذلك على المسلمين فقال عمرُ رضي اللهُ عنه أنا أُفرِّجُ عنكم فانطلق فقال يا نبيَّ اللهِ إنَّه كبُر على أصحابِك هذه الآيةُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ اللهَ لم يفرِضِ الزَّكاةَ إلَّا ليُطيِّبَ ما بقي من أموالِكم وإنَّما فرض المواريثَ لتكونَ لمن بعدكم فكبَّر عمرُ ثمَّ قال له ألا أُخبِرُك بخيرِ ما يكنِزُ المرءُ المرأةُ الصَّالحةُ إذا نظر إليها سرَّته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفِظته”.
فالمرأة الخائنة قد خرجت عن كل ذلك ولم تحفظ زوجها في غيابه، وجعلت الله أهون الناظرين إليها على الرغم من معرفتها بجرم ما تقوم به.
اقرأ أيضًا: عندما تفقد الزوجة الثقة بزوجها
حكم خيانة المرأة لزوجها
في سياق التعرف على الجواب الصحيح لسؤال هل يغفر الله لمن خانت زوجها؟ نجد أن الدين الإسلامي قد حرم على المرأة أي من درجات الخيانة المتعددة، بدءً من النظرة وصولًا إلى الفحشاء والعياذ بالله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في رواية أبي هريرة:
“اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من الجوعِ، فإنَّهُ بئس الضجيعُ، ومن الخيانةِ، فإنها بئستِ البطانةُ” (صحيح).
كذلك فإن المرأة بخيانتها تقوم بتدنيس الميثاق الغليظ الذي بينها وبين زوجها، فقد عظم الله الزواج وجعل له التقديس الخاص به حين قال في محكم التنزيل في سورة النساء الآية رقم 21: “وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا“.
فلا يصح أن تكون المرأة خائنة لزوجها على أي حال من الأحوال، حتى وإن كان مليئًا بالعيوب ولم تحبه يومًا، فمن الممكن في تلك الحالة أن تلجأ إلى شرع الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من أجل أن يتم تطليقها منه وتصبح حرة نفسها، على أن تقوم بخيانته معللة الأمر أنها لا تود أن تقوم بخراب البيت.
حيث إن الخيانة من شأنها أن تكون السبب الأول في ذلك، ولا يوجد رجل من شأنه أن يعلم بذلك الأمر، ويترك زوجته على ذمته بعد اكتشاف أنها خائنة، وإلا في تلك الحالة عليها أن تعلم أنها قد تزوجت من رجل ديوث.
شروط التوبة النصوح
أما عن شروط التوبة النصوح التي من خلالها تعود المسلمة إلى ربها فيقبل توبتها كما رأينا في الإجابة على سؤال هل يغفر الله لمن خانت زوجها؟ فقد جاءت على النحو التالي:
1- معرفة الذنب
على المرأة في بداية الأمر أن تعرف أن ما اقترفته لم يكن أمرًا هينًا على الإطلاق، فقد عصت الله عز وجل واستهانة بأوامره وخانت زوجها، لذا عليها أن تتنبه إلى جرم ما فعلت لتتمكن من تحقيق كافة شروط التوبة على أكمل وجه، حتى يمنّ الله عليها ويقبلها عنده من التائبين، فتعود كأنها لم تقترفه.
2- الشعور بالندم
بعد ذلك من شأنها أن تتضرع إلى الله كونها نادمة على تلك الفعلة، والتي تتمنى أن يغفرها الله لها، وهي موقنة أنه لن يتركها وسيستجيب كونها تائبة إليه.
3- العزم على عدم العودة مرة أخرى
من الضروري أن تعزم الزوجة على ألا تعود إلى تلك الأفعال مرة أخرى حتى تتحقق توبتها وتعيش الحياة السوية وهي لا تخشى عقاب الرحمن.
4- قطع وسائل التواصل مع ذلك الشخص
كذلك يجب عليها أن تقطع كافة سبل التواصل مع ذلك الشخص مهما حاول الوصول إليها، وألا تعزم على محادثته مرة أخرى أيًا كان السبب.
اقرأ أيضًا: هل يغفر الله لمن مات وهو لا يصلي
5- التستر على ما قامت به
ينبغي على المرأة أن تحاول نسيان ما حدث بعد أن تابت إلى الله عز وجل، ولا تطلع عليه أحد من البشر، حتى يمنّ الله عليها بالغفران، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة:
“كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وقدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فَيَقُولَ: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عنْه” (صحيح).
يجب على المرأة المسلمة أن تتقي الله في نفسها وزوجها، حتى يمنّ الله عليها ويرزقها الجنات العليا بجوار أمهات المؤمنين.