هل يجوز الصيام بدون صلاة
هل يجوز الصيام بدون صلاة؟ وما حكم الصلاة والصيام في الإسلام؟ تلك الأسئلة تنطوي على الكثير من المعانِ والمفاهيم والأجوبة التي تهم كل مسلم ومسلمة في أمور دينهم، وتكمن الأهمية فيها بأنها تجمع بين الفوز بالدين والدنيا وبالحياة وبالآخرة معًا.
سنتعرف من خلال منصة وميض إلى جواب هل يجوز الصيام بدون صلاة أم لا يجوز، كما سنطلع عن كثب إلى قيمة وحكم الصلاة والصيام في الدين.
هل يجوز الصيام بدون صلاة؟
إن الإجابة عن سؤال هل يجوز الصيام بدون صلاة هي نعم يجوز إلا أنه مكروه إلى حد كبير في الدين الإسلامي، حيث إن غالبية فريق العلماء وفقهاء المسلمين ذهبوا إلى أن من ترك الصوم وأدى الصلاة لم يكفر ومثله أيضًا لدى من صام ولكن ترك الصلاة، وهنا لا يمكن تكفيره أو الحكم بأن صيامه باطلًا لأنه مجرد على خطأ ويقترف إثمًا كبيرًا ويجب نصحه وإرشاده والدعاء له بالهداية.
اقرأ أيضًا: في أي سنة فرض الصيام
ما هو حكم الصلاة والصوم؟
لا يمكننا أن نجيب عن سؤال هل يجوز الصيام بدون صلاة من دون أن نتطرق إلى الحديث عن حكم الصلاة وكذلك حكم الصوم في الإسلام، ويمكن تصنيف كل منهما على حدة كالتالي:
1- حكم الصلاة في الإسلام
إن الصلاة هي عماد الدين الإسلامي وهي أولى أركان الإسلام الخمسة وهي واجبة على كل عاقل بالغ لا عذر شرعي له، وهذا ما أورده الله سبحانه وتعالى في الٌقرآن الكريم (وَما أمروا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [سورة البينة، الآية رقم 5]
كما أورد النبي صلى الله عليه وسلم في عدة مواضع من أحاديثه فرضة وحكم الصلاة وقيمتها ومكانتها في الإسلام، فعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ“
رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب، وحدثه الإمام البخاري، المصدر: صحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.
كما وقد أجمع أئمة الإسلام جميعًا على وجوب الصلوات الخمس أو الفروض الخمس اليومية على المسلم، طبعًا مع استثناء كلًا من المرأة في وقت المحيض وأيضًا في وقت النفاس.
كما أن الصلاة هي أول ما يُسئل عنه العبد في يوم المشهد العظيم عندما يشخص أمام الله سبحانه وتعالى، وهي طوق النجاة التي كرم الله الإنسان وأحفه به ويغرق ويخسر دينه ودنياه إذا ما فرط فيها، وهي أيضًا الوقت الذي نلقى الله فيه فنحن نكون على موعد مع الله للقاء أثناء الصلاة، ونكون أثناء الصلاة أقرب إلى الله وأدنى منه أكثر من أي وقت آخر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ”
رواه أبو هريرة، وحدثه الإمام مسلم، المصدر: صحيح مسلم، حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.
لذا نجد أن الله تعالى قد أمر عبده المسلم بالصلاة أيًا كان وضعه وألا يتكاسل عن أدائها، حرصًا منه على عبده وحبًا له ورغبة منه في نجاته من هو أن الدنيا وعذاب الآخرة، ومن الدلائل على ذلك قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) [سورة البقرة، الآيات رقم 238، 239]
كما نجد أن الله قد حدد الحالات التي لا يجب فيها أن يقوم المسلم بالصلاة مؤقتًا وهذا وفقًا لقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) [سورة النساء، الآية رقم 43]
اقرأ أيضًا: هل يجوز مس المصحف بدون وضوء
2- حكم الصيام في الإسلام
الحديث عن حكم الصيام في الإسلام هو جزء لا يتجزأ من الإجابة عن سؤال هل يجوز الصيام بدون صلاة أم لا، وذلك لكي يتضح للمسلم أن الصيام لا يقل عن الصلاة في الدين الإسلامي وكل منهما فرض لا يجب إسقاطه أو الغفلة عنه وتجاهله، فالصيام فرض واجب على كل عاقل بالغ قادر صحيًا وعقليًا مقيمًا غير مسافر ليس لديه أي واحد من موانع الصيام.
نختص بالذكر هنا صيام شهر رمضان ومن عظمة الصيام كفرض من أكبر فروض الإسلام وواحدًا من أركانه، أن الله جعل منه طوق نجاة آخر لعبده في أمور دينه ودنياه ومعاشه ومعاده ومثواه الأخير، حيث جعل منه وسيلة للتخلص من الذنوب التي تثقل كاهل العبد وجعل منه كفارة عن التقصير في العبادات ووسيلة بسيطة للتقرب على الله ونيل مغفرته ورضوانه.
لقد أكد الله تعالى على وجوب فرضية الصيام في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة البقرة، الآيات رقم 182، 183، 184، 185].
اقرأ أيضًا: هل يجوز صوم عاشوراء فقط
لعل أفضل ما يقدمه المرء لنفسه في آخرته هو المداومة على الصلاة في أوقاتها، فهي خير عبادة وخير وسيلة للتقرب إلى الله، ويا حبذا لو استعنت بالصيام كذلك فهنيئًا لك جنة رب العالمين.