ما هي صلاة الشفع والوتر
ما هي صلاة الشفع والوتر؟ وما وقت تأديتهما؟ صلاة الشفع وصلاة الوتر من الصلوات التي رأينا نبينا يقوم بها وتبعناها فيها فحكمها سنة، كما أن صلاة السنة لها منزلة خاصة عند الله لأن العبد يقوم بها حبًا لله وتقربًا منه، ومن خلال منصة وميض نجيب على سؤال ما هي صلاة الشفع والوتر.
ما هي صلاة الشفع والوتر
كلمتي الشفع والوتر متعاكسان في المعنى فالمقصود بكلمة شفع أي المثنى أي الأعداد الزوجية، والمقصود بكلمة الوتر أي الفرد أي الأعداد الفردية، فالاسم هنا دلالة على العدد وليس دلالة على صفة أو شيء آخر.
المقصود من التعريف أن عدد ركعات صلاة الشفع اثنين ويمكن لمن أراد المزيد أن يسلم ومن ثم يزيد اثنين وهكذا، وتصلى الشفع أولًا ومن ثم يختم بالوتر، والمقصود في تعريف صلاة الوتر أنها تصلى فردية فيمكن للمصلي أن يصليها ركعة واحدة أو ثلاث ركعات ولا يجلس في الركعة الثانية للتشهد بل لها تشهد واحد في الركعة الثالثة حتى لا تتشابه مع صلاة المغرب.
فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفصِلُ بينَ الشَّفعِ والوَترِ بتَسليمةٍ ليُسمِعَناها)، على أن المعنى الاصطلاحي لهما:
- صلاة الشفع: هي ضم شيئين متماثلين لبعضهما وتصلى اثنين متبوعة باثنين لمن أراد الاستزادة، وتصلى صلاة الشفع أولًا ثم صلاة الوتر.
- صلاة الوتر: هي صلاة فردية تصلى في الوقت ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر وتختم بها صلاة قيام الليل.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة سنة الظهر أربع ركعات متصلة
عدد ركعات الشفع والوتر
بعد أن أجبنا على سؤال ما هي صلاة الشفع والوتر نذكر أن الفقهاء قد اختلفوا في عدد ركعات صلاة الشفع والوتر على أقوال نذكرها في النقاط الآتية:
1- المذهب الحنفي
ذهب الإمام أبي حنيفة ومعه علماء المذهب أنه لا يجوز أن يصلى الوتر بأقل من ثلاث ركعات، فيها تشهد واحد فقط وهو قبل التسليم لحديث أبي كعب -رضي الله عنه- قال:
(أنَّ رسولَ اللَّهِ، كانَ يوترُ بثلاثِ ركعاتٍ؛ كانَ يقرأُ في الأولَى بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأعْلَى وفي الثَّانيةِ بِ قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ وفي الثَّالثةِ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ ويقنُتُ قبلَ الرُّكوعِ فإذا فرغَ قالَ عندَ فراغِهِ سُبحانَ الملِكِ القدُّوسِ ثلاثَ مرَّاتٍ يطيلُ في آخرِهنَّ)، ولا يجوز عندهم صلاة الوتر بركعة واحدة.
2- المذهب المالكي
ذهب أئمة جمهور المالكية أن عدد ركعات صلاة الوتر واحدة فقط، لكن يجب على المصلي أن يشفع قبلها ويختم بالوتر، فإذا صلى الوتر بدون شفع كره ذلك في المذهب، فعن عبد الله بعمر -رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا رَأَيْتَ أنَّ الصُّبْحَ يُدْرِكُكَ فأوْتِرْ بواحِدَةٍ. فقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قالَ: أنْ تُسَلِّمَ في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ).
3- جمهور الشافعية والحنابلة
ذهب جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة أنه يجوز الوتر بركعة أو ثلاث أو خمسة أو سبعة أو تسعه أ أحد عشر وأقصى الركعات عندهم ثلاث عشر ركعة، فعن أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: (الوترُ حقٌّ فمن شاءَ أوترَ بسبعٍ ومن شاءَ أوترَ بخمسٍ ومن شاءَ أوترَ بثلاثٍ ومن شاءَ أوترَ بواحدةٍ).
الدليل على أن الوتر يمكن أن يصلى أحد عشر ركعة حديث عائشة -رضي الله عنها- حين قالت: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يُصَلِّي باللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ منها بوَاحِدَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ منها اضْطَجَعَ علَى شِقِّهِ الأيْمَنِ، حتَّى يَأْتِيَهُ المُؤَذِّنُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ).
يوجد حديث آخر عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في جواز الصلاة بثلاث عشر ركعة (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي باللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ).
من الإجابة عن سؤال ما هي صلاة الشفع والوتر نوضح أن من أوتر بأكثر من واحدة لا يجلس للتشهد الأوسط بل يصلي ويكمل ولا يجلس للتشهد الأخير فقط، فالحكمة من تلك الأحاديث بيان الجواز لمن أراد الاستزادة نظرًا لما لصلاة الشفع والوتر من فضل عظيم.
حكم صلاة الشفع وصلاة الوتر
انقسم العلماء لفريقين منهم من قال إنهما سنة مؤكدة ومنهم من قال بوجوبها ونعرض تلك الآراء بعد أن أجبنا عن سؤال ما هي صلاة الشفع والوتر في النقاط الآتية:
1- سنة مؤكدة
ذهب إلى هذا الحكم جمهور المالكية والشافعية والحنابلة وبعض الحنفية، واستدلوا عليه بالأحاديث الآتية:
- عن طلحة بن عبيد الله قال: (أنَّ أعْرَابِيًّا جَاءَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إلَّا أنْ تَطَوَّعَ شيئًا فَقالَ: أخْبِرْنِي بما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ قالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ إلَّا أنْ تَطَوَّعَ شيئًا قالَ: أخْبِرْنِي بما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قالَ: فأخْبَرَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرَائِعَ الإسْلَامِ. قالَ: والذي أكْرَمَكَ، لا أتَطَوَّعُ شيئًا، ولَا أنْقُصُ ممَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شيئًا. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ، أوْ: دَخَلَ الجَنَّةَ إنْ صَدَقَ.
- عن عُبادةَ بنِ الصَّامتِ قال سمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ: (مَن جاء بالصَّلواتِ الخَمْسِ قد أكمَلهنَّ لَمْ ينقُصْ مِن حقِّهنَّ شيئًا كان له عندَ اللهِ عهدٌ ألَّا يُعذِّبَه ومَن جاء بهنَّ وقدِ انتقَص مِن حقِّهنَّ شيئًا فليس له عندَ اللهِ عهدٌ إنْ شاء رحِمه وإنْ شاء عذَّبه).
إن الصلوات الخمس المفروضة فقط هم الصلوات التي يجب على المسلم الالتزام بهما، فإن قصر في حقهن فسيحاسبه الله وإن أتمهن فقد حافظ على عهده مع الله سيجازيه الله خير على الالتزام في حقهن.
أما عن السنن مع فضلها العظيم وأجرها الكبير لكنها زائدة من قام بها أثابه الله عليها ومن تركها فلا يعاقب عليها بل سيحرم من ثوابها ويعد هذا من أفضل الإجابات عما هي صلاة الشفع والوتر.
2- الحكم بالوجوب للشفع والوتر
إليه ذهب الإمام أبي حنيفة أن صلاة الشفع والوتر تأخذ حكم صلاة العيدين وهو الوجوب واستدل بقول عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ زادكم صلاةً فحافِظوا عليها، وهي الوِترُ).
فاستدل ابي حنيفة على وجوب صلاة الشفع والوتر من هذا الحديث لأنه يرى أن الأمر فيه إنما هو للوجوب، ولكن لا يجحد عند أبي حنيفة تاركها نظرًا لوجوبها في سنة الآحاد (وهو الحديث الذي لم يشترك في نقله كبار الصحابة).
اقرأ أيضًا: ما هي أهوال يوم القيامة
وقت صلاة الشفع والوتر
بعد الإجابة عما هي صلاة الشفع والوتر نجيب أن صلاة الشفع والوتر هما سنة مؤكدة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- تؤدى بعد صلاة العشاء وبعد السنة البعدية لصلاة العشاء، ويمكن للمسلم المتيقن من نفسه تأجيلهما للثلث الأول أو الثلث الثاني والثلث الأخير من الليل فوقتهما يمتد حتى قبيل صلاة الفجر.
كيفية أداء صلاة الشفع والوتر
يمكن للمسلم أن يوتر بركعة واحدة وإن استزاد زاد الله في ثوابه فيمكنه أن يصلي ثلاث وهو أقل الكمال وإليه ذهب جميع الفقهاء، ويمكنه أن يصلي خمس ويمكن سبع أو تسع أو أحد عشر أو ثلاث عشر.
فالطريقة الأولى في الأداء أنه يواصل صلاته ولا يجلس للتشهد إلا التشهد الأخير، بيد أن الرأي الثاني ذهب لإمكانية صلاة ركعتين ثم التسليم ثم صلاة ركعة واحدة ثم تسليم وهكذا إذا أراد الاستزادة، وذلك حتى لا تشبه بصلاة الفريضة المغرب فيختلط الأمر على بعض الناس ولا يفرق بينهما.
فضل صلاة الشفع والوتر
لهما من الفضل العظيم الكثير وهما من الطاعات التي واظب واستمر عيها النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فلم يكن يتركها حتى وإن كان في سفر، كما أنه -صلَّى الله عليه وسلم- حث المسلمون على أداءها، وعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال -صلَّى الله عليه وسلم-: (المغرِبُ وِترُ النَّهارِ، فأوتِروا صَلاةَ اللَّيلِ)
هناك حديث بن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا رَأَيْتَ أنَّ الصُّبْحَ يُدْرِكُكَ فأوْتِرْ بواحِدَةٍ. فقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قالَ: أنْ تُسَلِّمَ في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ).
فمن فضل صلاة الشفع والوتر يمكن للإنسان الدعاء وطلب ما يرده من الله فيهما، ففي الثلث الأخير عظيم الأجر لأن الله يتنزل للسماء الدنيا ويقول من يدعوني فأستجيب له، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: (يَنْزِلُ اللَّهُ في السَّماءِ الدُّنْيا لِشَطْرِ اللَّيْلِ، أوْ لِثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، أوْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، ثُمَّ يقولُ: مَن يُقْرِضُ غيرَ عَدِيمٍ، ولا ظَلُومٍ).
في حديث آخر عن أبي هريرة يقول: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: (إذا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أوْ ثُلُثاهُ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فيَقولُ: هلْ مِن سائِلٍ يُعْطَى؟ هلْ مِن داعٍ يُسْتَجابُ له؟ هلْ مِن مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ له؟ حتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ).
اقرأ أيضًا: هل صلاة العصر لها سنة
دعاء صلاة الوتر
بعد الإجابة عما هي صلاة الشفع والوتر نذكر أفضل الدعاء الذي يقال فيها، عن الحسنِ بنِ عليٍّ -رضي اللهُ عنهما- قال: علَّمني جدِّي رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- دعاءً أدعو به في قُنوتِ الوِترِ:
(اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديْتَ وعافني فيمن عافيْتَ، وتولَّني فيمن تولَّيْتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيْتَ، وقِني شرَّ ما قضيْتَ، فإنَّك تقضي، ولا يُقضَى عليك، وإنَّه لا يذِلُّ من واليْتَ ولا يعِزُّ من عاديْتَ تباركتَ ربَّنا وتعاليْتَ).
صلاة الشفع والوتر لهما فضل وثواب عظيمين ولم ينقطع الرسول عن أدائهما سواء كان على سفر أو في الحضر بل كان مداومًا عليهما، والأفضل لنا أن نقتدي به -صلَّى الله عليه وسلم- لنستزيد في الأجر والثواب.