حكم طلب الدعاء من الغير

تحرير: راندا في 13 مارس 2023 0

حكم طلب الدعاء من الغير ما هو؟ حيث أنه أمر يسبب الحيرة لدى الكثير من الأشخاص، حيث قام العديد من فقهاء الدين بتحريمه ومنعه بشكل نهائي سواء كان الشخص حي أو متوفي، والبعض الأخر قد كان رأيهم أن هذا الأمر لا بأس به وأن النبي الكريم قد فعله بنفسه، وللتعرف على التفاصيل سوف نقدمها لكم عبر موقع وميض .

اقرأ أيضًا: الدعاء يوم عرفة لغير الحاج

حكم طلب الدعاء من الغير

رغم اختلاف الكثيرين حول حكم طلب الدعاء من الغير، فالبعض كان مخالف لذلك الأمر والبعض الأخر قد أتفق مع هذا الأمر، إلا أن الأغلبية العظمى قد أجمعت على رأي واحد في ذلك الأمر وهو:

من الجائز طبعا أن يطلب الشخص من غيره أن يدعو إليه، ولكن الخلاف الموجود على الأمر يتم حسمه بالآداب الخاصة بهذا الدعاء.
ولكن بالرغم من أن الأمر جائز فإنه من المحبب أن يقوم الشخص بالدعاء لنفسه.
والشخص المؤمن من الضروري أن يحرص على أن يجعل علاقته بالله عز وجل قوية، وأن يتوجه بالدعاء بشكل دائم لله عز وجل في أي وقت، وأن يقلل من اعتماده على دعاء الأخرين له.

حكم طلب الدعاء من الغير عند الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي الهرفي

إن الشيخ عبد الرحمن الهرفي من أفضل شيوخ عصره وعرف بأنه لا يخشى في الحق لومة لائم، ولذلك يأخذ الكثيرين برأيه بصورة كبيرة جدا، وعل الرغم من اتفاق البعض مع حكم طلب الدعاء من الغير كان هو وحده يرى العكس:

لقد أعلن الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي الهرفي رأيه بشكل واضح وصريح حول حكم طلب الدعاء من الغير.
ولقد كان رأيه في ذلك الموضوع أنه لم يجد ما يثبت عن كل الصحابة والأتباع أنهم قد قاموا بالطلب من غيرهم أن يدعو لهم.
كما أكد على أن الحديث النبوي الشريف الذي نقل عن أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام قد قال لسيدنا عمر بن الخطاب (لا تنسانا يا أخي من دعائك) يعد من الأحاديث النبوية الضعيفة.
كما أوضح أن ما ذكر هو أن الكبار في الصحابة هم من كانوا يقومون بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم بأن يدعو لهم.

اقرأ أيضًا: هل يفرح الميت بالدعاء له

حكم طلب الدعاء من الغير من السيرة النبوية

إن السيرة النبوية مليئة بالعبر والدروس التي يحتاج إليها الجميع لتقوي من عزيمته، والتي تثبت للجميع أنه على حق وأن الأمر الذي يقوم به قد قام به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم نفسه وأن ليس فيه أي شيء محرم:

في سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عبرة لكل المسلمين من الجيد أن نأخذ منها ما ينفعنا، ولقد كان في سيرته الشريفة ما يوضح حكم طلب الدعاء من الغير.
ومن أشهر هذه القصص الرجل الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وطلب منه أن يدعو له بأن يعود بصره إليه مرة ثانية.
وكذلك السيدة أم سليم والتي جاءت أيضا للنبي عليه الصلاة والسلام، وطلبت منه أن يقوم بالدعاء لله لخادمه أنس.
وأيضا أبي هريرة رضي الله عنه حين جاء إلى النبي الكريم، وطلب منه أن يدعو الله أن يجعله هو وأمه محبين للناس أجمعين.

ثلاث مفاسد حول سؤال المخلوقين

إن هناك ثلاثة أمور مفسدة لاتفاق البعض مع حكم طلب الدعاء من الغير، وهذه الأشياء لابد أن يضعها الجميع في عين الاعتبار حتى لا يقع في خطأ ويكون في ذلك الوقت الحكم غير جائز:

أول هذه المفاسد الثلاثة هو الافتقار إلى الله عز وجل، وهذا الأمر فساد كبير لأنه يعتبر شرك بالله عز وجل.
ثاني هذه المفاسد الثلاثة هو إيذاء الشخص المسؤول، حيث أن هذا الأمر من أكبر المفاسد أيضا حيث أن يتسبب في ظلم الخلق.
ثالث هذه المفاسد الثلاثة هو الذل لمن هو غير الله، وذلك لأن هذا الذل من الأمور التي تسبب ظلم الشخص لنفسه وليس لغيره فقط.

أمر النبي صلى الله عليه وسلم للأمة الإسلامية بالدعاء له

كل من يؤيدون حكم طلب الدعاء من الغير يستشهدون على ذلك بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد أوصى أمته الإسلامية كلها بأن تدعي له، ولكن هل هذا الأمر صحيح بالفعل هذا هو ما سوف نتعرف عليه معكم:

حيث يقولون إن النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام قد طلب من سيدنا عمر رضي الله عنه أن يقوم بالدعاء إليه.
وكذلك فقد طلب منه أيضا أن يصلي ويسلم عليه، وأن يسأل الله له الوسيلة وأعلى الدرجات الرفيعة.
هذا وقد طلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من أمة الإسلام أن يدعوا لهم، وذلك حتى ينتفع عليه الصلاة والسلام بكل ما علمنا من أعمال وعبادات صالحة.

آداب طلب الدعاء من الغير

إن طلب الدعاء من الغير له الآداب الخاصة به والتي يجب أن يتم مراعاتها حتى لا يكون هناك مفاسد بها، ولا يكون هناك أي شرك أو ذنب من هذا الدعاء وأن يكون خالص لله عز وجل:

ألا يكون الاعتماد الكلي من الشخص على أن باقي الأشخاص يقومون بالدعاء له، وأن يتوقف هو عن أن يقوم بالدعاء لنفسه.
كذلك ألا يكون هذا الأمر سبب في زيادة غرور الشخص الذي يقوم بالدعاء له، وألا يكون هو السبب في أن يكون مغرور ومعجب بذاته وقدراته.
من أهم هذه الآداب أن يكون الشخص يدعو له بالخير والسعادة، حيث أن الملائمة تقوم بالرد على الشخص الذي يدعوا الله وتقول له ولك مثل ما دعيت.

اقرأ أيضًا: حكم رفع اليدين في الدعاء

حكم طلب الدعاء من الغير في السنة النبوية

إن حكم طلب الدعاء من الغير قد ورد في السنة النبوية بشكل مباشر، وهذا الأمر هو ما جعل الفقهاء يعتمدون بأن الحكم الخاص بهذا الدعاء جائز، ومن الدلائل على ذلك في السنة النبوية ما يلي:
قال صلى الله عليه وسلم ” دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل” رواه مسلم.

قام عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ للنبي صلى الله عليه وسلم “ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ” قَالَ “اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ”. (المقصود أهل الجنة).

النبي ﷺ قال في بعض أيامه لأصحابه “إنه يقدم عليكم شخص من اليمن يقال له أويس القرني كان برًا بأمه، فمن لقيه منكم فليطلب منه أن يستغفر له”.

حكم طلب الدعاء من المتوفي عند قبره

قد يذهب الكثير إلى الأشخاص الذين توفوا وبالتحدي عن قبورهم ويدعون، ويطلبون منهم أن يتوسطوا بينهم وبين الله لكرامتهم أو مكاناتهم عند الله عز وجل، واعتقادهم بأن المتوفيين أقرب منهم إلى الله:

ولكن كل الفقهاء قد اتفقوا على أنه لا يجب أن يطلب الشخص الدعاء من أي شخص متوفي، وبشكل خاص لا يجوز هذا الأمر نهائيا عند قبره.
ولقد أجمع الفقهاء على أن هذا الأمر ما هو إلا بدعة، وأنها من الطرق والسبل التي يجعلنا الشيطان نسلكها حتى نشرك بالله عز وجل من دون أن نشعر.
حيث أن الشفاعة لا يجب أن يتم طلبها إلا من الله عز وجل وحده، فلا يجب أن نطلبها من أي عبد مهما كانت مكانته وكرامته.
يقول الله تعالى في سورة يونس:

(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّه).
اقرأ أيضًا: كيف يصل الدعاء للميت في قبره

حكم طلب الدعاء من الوالدين

إن الوالدين لهم مكانتهم الخاصة في قلوب أبنائهم، وكذلك الوالدين لهم مكانتهم الخاصة عند الله عز وجل، ولذلك قد يختلف حكم طلب الدعاء من الغير إذا كان هذا الغير هم الوالدين:

فلقد أجمع فقهاء الدين أنه من المستحب أن يقوم الشخص بالطلب من أبوه أو أمه أن يقوموا بالدعاء له.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

(ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم).

رواه أبو داود والترمذي.

ولا يحب أن يكتفي بطلب الدعاء منهم فقط، بل أنه من الضروري أن يكون على علاقة جيدة بهم، وأن يبرهم طوال حياتهم وحتى بعد وفاتهم.

حكم طلب المتصدق الدعاء ممن تصدق عليه

إن الشخص الذي يحتاج إلى الصدقة عند إرضائه لوجه الله عز وجل، يكون دعائه لهذا الشخص من أكثر الأمور التي تستجاب ولا تندرج تحت رفض الفقهاء طلب الدعاء من الغير:

يقول الله تعالى في سورة التوبة:

(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ).

وبذلك يكون من الجائز للشخص الذي يقوم بإخراج الصدقة أن يطلب من يتصدق عليه أن يدعوا إليه بما يحتاجه ويتمناه.
ولقد قال بعض الفقهاء بأن هذا الأمر غير مستحب لأنه يمحو حسنات الصدقة التي قمت بالتصدق بها، ولكن هذا الأمر غير صحيح بتاتا.
حيث أن الصدقة يتم حساب ثوابها بمجرد خروجها منك لمن تتصدق عليه، والدعاء الذي يدعوا لك به له مكانته الخاصة بشكل منفرد.
كما أوصى وأكد فقهاء الدين بأنه من الخير والمستحب عندما يقوم الشخص الذي تصدقت عليه بالدعاء إليك أن تقول له ولك مثل هذا الأمر والله أعلى وأعلم.

اقرأ أيضًا: فضل سورة البقرة في استجابة الدعاء
لقد أوضحنا لكم في هذا المقال حكم طلب الدعاء من الغير حسب كل الآراء التي عرضها كل الفقهاء باختلافاتها، سواء المؤيدين أو المخالفين لهذا الحكم، كما أوضحنا لكم مواقف من السيرة النبوية وكذلك بعض الأحاديث التي تظل على تأييد النبي الكريم لذلك الحكم.