هل هجر الزوجة يعتبر طلاق
هل هجر الزوجة يعتبر طلاق؟ وهل من الصحيح أن يهجر الزوج زوجته؟ يعد أمر هجر الزوجة لزوجته أو الزوجة لزوجها من الأمور المنتشرة في زمننا الحاضر، فمن الممكن أن يكون هذا الأمر بسبب ظروف اضطرارية، ومن الممكن أن يكون بسبب أمور عادية، ولكلا الأمرين حكمه في الشرع، لذلك ومن خلال منصة وميض سوف نجيب على سؤالكم هل هجر الزوجة يعتبر طلاق.
هل هجر الزوجة يعتبر طلاق؟
يعد أمر انفصال الزوج عن زوجته أو انفصال الزوجة عن زوجها في الفراش من الأمور التي حرمها الله ويأثم فاعلها، ونجد أنه في كثير من البيوت يحدث الانفصال أو الهجر من الفراش بسبب بعض الخلافات الزوجية.
لكن هذه الخلافات لا يجب أن تكون سبب في هجرة سواء الزوج أو الزوجة للفراش، على كلا الزوجين أن يتحلوا بالصبر والرحمة والمودة عند حدوث تلك الخلافات، تحقيقًا لأمر الله تعالى:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أن خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً أن فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].
من الجدير بالذكر أن الكثير من الأزواج عند حدوث الخلافات الزوجية نجد عندهم قدر كبير من الصبر عن الزوجة، لكن الصبر وحده لا يكفي فلا بد من معرفة كيفية التعامل مع الزوجة في هذا الموقف، حيث يجب على الزوج في هذه المواقف أن يزيد على تلك الصفة محاولته لإصلاح الأمور.
على الرغم أنه كثير ما نجد عند الأزواج صدر رحب لتقبل تقلبات المرأة والتي تتسبب في وجود بعض الخلافات بالطبع، لكن من الجدير بالذكر هنا أن هذا الأمر ينتج عن العديد من الأسباب التي على الزوج أن يقدرها ويعمل على تخفيفها عن المرأة.
ليس الأمر شيطانيًا كما يقولون، بل أن الزوجة تتعرض إلى تلك التقلبات بسبب بعض التغيرات الفسيولوجية في جسدها التي تنتج عن التغيرات الهرمونية، بالإضافة إلى تحمل المرأة للعديد من الأعباء الزوجية والحياتية من أمور الأولاد في حالة كانت الاسرة كبيرة.
أو أعباء المنزل أو عدم وجود الدعم النفسي لها بسبب غيابها عن أهلها أو غيابها عن زوجها أثناء فترة عمله.. وغيرها من الأسباب، هذه الأمور جميعها يجب أن يضعها الزوج بعين الاعتبار عند حدوث الخلافات الزوجية مما يساعده على تحمل نفسية زوجته ويساعده على احتوائها بصورة صحيحة.
هنا يأتي دور الإجابة عن سؤال هل هجر الزوجة يعتبر طلاق؟ الإجابة هنا سوف نقسمها إلى عدد من الشقوق، تابعوها معنا من خلال الفقرات أو الحالات التالية:
1- هجرة الزوج لزوجته عند طلبها للطلاق أو العدل
في حال كانت هجرة الزوج لزوجته من الفراش بسبب طلبها للطلاق أو العدل في حال كان الزوج متزوج أكثر من واحدة، وبعد طلبها لهذا لم يقم الزوج بتلبية طلبها وهجر الفراش هنا تكون الإجابة عن سؤال هل هجر الزوجة يعتبر طلاق؟ منقسمة إلى شقيقين حسب رد فعل الزوج:
- إذا هجر الزوج زوجته عند طلبها الطلاق لعدم عدله بينها وبين زوجاته الأخريات فإنه يأثم عند هجره للفراش؛ لأنه من الممكن أن يخيرها بين الطلاق وبين البقاء معه.
على أن يذكر لها أنه لا يقدر على أن يعدل بينها وبين زوجاته الأخريات من جهة النفقة أو الجماع أو المراجعة.. وغيرها من الواجبات الزوجية، فإذا قبلت الزوجة ذلك العذر فإن الهجر هنا لا يعد هجرًا مذمومًا أي لا يعد هجرًا من الأساس لأنه تم الاتفاق عليه وموافقة الزوجة على ظروف زوجها، فهو معذور هنا ولا حرج عليه، أي لا يعد طلاقًا.
- أما إذا هجر الزوج زوجته وهي راغبة في الحصول على الطلاق حتى تغير رأيها وما إلى ذلك وكانت الزوجة مستقرة على قرار الطلاق، فهو يأثم بذلك، ولا يعد الهجر هنا طلاقًا؛ لأنه لم يتلفظ بالطلاق ولم يقوم بأي إجراء من إجراءات الطلاق الشرعية.
من المواقف النبوية التي تدل على هذا الأمر هو بقاء السيدة سودة في عصمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على الرغم تنازلها للسيدة عائشة عن يومها، أي أن المقصود هنا أن تكون الزوجة راضية وموافقة.
اقرأ أيضًا: شعور الرجل إذا طلبت زوجته الطلاق
2- هجرة الزوج لزوجته بحكم طبيعة العمل
الكثير من الأزواج تبتعد عن زوجاتهم بسبب العمل، هذا الأمر الذي يؤدي بطبيعة الحالة إلى هجره للفراش، في هذه الحالة قال أهل العلم أن المدة الزمنية التي يجوز للزوج أن يبتعد فيها عن زوجته هي ستة شهور أو أربع شهور، وهنا تكون الإجابة عن سؤال هل هجر الزوجة يعتبر طلاق؟ هي لا، لا يعد طلاقًا.
استند العلماء على أمر تحديد المدة الزمنية لغياب الزوج عن زوجته أو هجرته للفراش بحكم العمل على قول الله تعالى:
(لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 226].
في حالة غياب الزوج عن زوجته أكثر من هذه الفترة عليه أن يعلمها بذلك فإن اتفقا على هذا الأمر وأخذ إذن زوجته ورضها فلا أثم في ذلك، ولا يعد طلاقًا.
أما في إذا كان بغير رضاها أو إذنها فهو آثم، وهنا أيضًا لا يعد طلاقًا.
اقرأ أيضًا: الطلاق قبل الدخول هل تحسب طلقة
3- كانت الزوجة عاصية لزوجها
لو كانت الزوجة عاصية لأمر زوجها فقام الزوج بهجرها في الفراش، فإن هذا الأمر جائز له، من أجل أن تعود المرأة إلى تلبية أمر الله لها بطاعة زوجها وتتوب إلى الله تعالى، وذلك لقول الله تعالى:
(وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ أن اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [سورة النساء:34].
هنا تكون الإجابة عن سؤال هل هجر الزوجة يعتبر طلاق؟ الإجابة هي لا لا يعتبر طلاقًا.
4- في حالة مرض الزوج
إذا كان الزوج مريضًا وليس قادرًا على معاشرة زوجته في الفراش فإن هذا الأمر لا آثمًا فيه، فالله عز وجل سمح للإنسان المريض أن يقوم بتأدية الصلاة بقدر ما يستطيع بسبب مرضه، وهذا الأمر أيضًا لا يأثم فيه الزوج.
هنا تكون الإجابة عن سؤال هل هجر الزوجة يعتبر طلاق؟ الإجابة هي لا لا يعتبر طلاقًا.
من الجدير بالذكر هنا أنه على الزوجة أن تعذر زوجها وترحم ضعفه وقلة حيلته؛ لأن الأمر خارجًا عن إدارته وعليها أن تكون رحيمة به.
في حالة رغبة الزوج والزوجة في معاشرة كلاهما، وكان الزوج في حالة مرضية لم تمكنه من هذا الأمر ليس حرجًا عليه أو عليها أن تقوم الزوجة بمساعدته لإتمام حق الله الشرعي، وفي هذا الأمر يكافئ الله كلا الزوجين، الزوج لصبره على المرض، والزوجة لمساعدة زوجها على القيام بحقهما الشرعي.
اقرأ أيضًا: هل البيت من حق الزوجة بعد الطلاق
ابتعاد الزوج عن زوجته في الفراش دون نشوزها عنه
في بعض الحالات ينأى الزوج عن زوجته على الرغم من طاعتها له، وفي هذه الحالة لا يجوز للزوج أن يفعل ذلك ويأثم على فعل هذا، وذلك لأمرين:
- الأمر الأول: لأنه وجب الله على الزوج أن يعف زوجته، وذلك بأن يجامعها بقدر احتياجها، وبقدر قدرته.
حينما تم سؤال الشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في هذا الأمر أي عن الزوج إذا هجر زوجته بالشهر أو الشهرين دون أن يجامعها فهل هو بهذا الأمر يأثم أم لا؟ وهل الزوج يطالب بذلك؟
قال رحمه الله: “يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه، أعظم من إطعامها، والوطء الواجب، قيل: أنه واجب في كل أربعة أشهر مرة وقيل: بقدَر حاجتها وقُدْرته، كما يطعمها بقدَر حاجتها وقُدْرته وهذا أصح القولين “
- الأمر الثاني أنه إذا هجر زوجته وهي غير عاصية له لأربعة أشهر فأكثر فإن هذا الأمر في حكم الله عز وجل يعتبر حرام، والزوج هنا يُأمر بأن يجامع زوجته من قِبل الله عز وجل وإلا عليه الطلاق، في هذا الحال إذا رفض الزوج الطلاق فرض القاضي عليه هذا الحكم وطلقه بالفعل من زوجته.
يعد أمر قيام كل من الزوج والزوجة بواجباتهم الزوجية حق من حقوق الله على كلاهما ويأثم من لا يفعله، ويكافئ فاعله، وعلى كلا الزوجين أن يكونا بينهما قدر كبير من الرحمة والمحبة والود والتفاهم حتى يبارك الله لهما في حياتهما.