إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه
إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه كان هذا منهج جميع الأنبياء والمرسلين في تبليغ الرسائل السماوية، وكان منهجه -صلى الله عليه وسلم- في نشر دعوة الدين الإسلامي، فكانوا خير قدوة للناس في الإخلاص في العمل عليهم الاقتداء بها في حياتهم، وسنفسر حديث إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه من خلال منصة وميض.
إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه
الإتقان في العمل هو أن يعمل الإنسان بجد وإخلاص مبتغيًا رضى الله بهذا العمل قبل رضى أي أحد آخر ويتمثل الإتقان في صدق النية والعزم في العمل والتوكل على الله لا التواكل، فحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ يحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكم عملًا أنْ يُتقِنَه).
فالحديث مأمور به كل رجل أو أنثى ويجب على الكبار منهم تعليم الأصغر سنًا وللحديث كثير من الفوائد نذكرها في النقاط الآتية:
- بيان محبة الله تعالى للإنسان المكافح في عمله.
- بيان النوع الذي يحبه الله من العاملين فيحب المتقنين منهم.
- إثبات صفة من صفات الله تعالى وهي المحبة لعباده.
- شمولية الإتقان في جميع الأعمال سواء كانت خاصة بالعبادة أو العمل.
- يجب على الإنسان الموازنة بين الأعمال الدنيوية من المهن والصناعات، وبين أعمال العبادة التي يجزي الله عنها في الدنيا والآخرة، بدون إفراط أو تفريط في أحدهما.
- التوكل على الله في أداء الأعمال وطلب الاستعانة عليها حتى يتمها على الوجه الأكمل.
- الإتقان في العمل يكون شرطًا ليتقبل الله هذا العمل.
- إتقان العمل الذي تكسب منه المال، وحتى عليك الإتقان في الأعمال التطوعية لأنها أمانه تسال عنها يوم القيامة.
- الإتقان في تحمل المسؤولية واتقائك الله فيمن تعول.
- الإتقان في العبادات من صلاة حيث تتمها على أكمل وجه الزكاة بدون رياء والصيام الصحيح على الوجه الذي يرضى الله عز وجل.
هناك حديث يحمل نفس المعنى مثل حديث عائشة رضي الله عنها وهو حديث عن كليب بن شهاب رضي الله تعالى عنه يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يُحِبُّ اللهُ العامِلَ إذا عَمِلَ أن يُحْسِنَ).
فيجب على كل مسلم أن يجعل الإتقان أسلوب حياته حتى ينتفع من عمله من خلال جهتين هي الحصول على الرزق، وابتغاء مرضات الله، وخص هذا الحديث نوع محدد من الأعمال وهو الوظائف والمهن والصناعات، سواء أكنت عاملًا أو صاحب شركة كبيرة.
اقرأ أيضًا: شعور الرجل إذا طلبت زوجته الطلاق
متى يتحقق الإتقان في العمل؟
بعد بيان فوائد حديث إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه، وجبت الإشارة إلى طرق تحقيق الإتقان في العمل لنحصد ثمار ذلك العمل في الدنيا والآخرة وذكر فيما يأتي عن طريق تحقيق الإتقان في العمل:
- عند مراعاة الله في كل قولٍ أو فعلٍ منك في عملك وفي حياتك.
- الالتزام بمواعيد العمل حتى تبدأ عملك في موعدك وتنتهي في موعدك.
- فهم طبيعة العمل والبحث المستمر في طرق التطوير من نفسك في العمل.
- أن تصون الأمانة التي أمنك عليها صاحب العمل.
- أن ترعى مسؤولية عائلتك وتبتغى مرضات الله في معاملتك لهم وفي إنفاق المال عليهم.
اقرأ أيضًا: من هو سيف الله المسلول
صور اتقان الأنبياء في العمل
الأنبياء هم قدوة للمسلمين جميعًا وكيف لا وهم رسل الله؟ لكنهم أيضًا كانوا يشتغلون بالأعمال فلكل نبي عمل كان يتقوت منه ويبتغي به مرضات الله، فيقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن المقدام بن معد يكرب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما أَكلَ أحدٌ من بني آدمَ طعامًا خيرًا لهُ من أن يأكلَ من عَملِ يدِه، إنَّ النَّبيَّ داودَ -عليه السلام- كانَ يأكُلُ مِن عملِ يدِه)، وفيما يلي نبين الأعمال التي قام بها الأنبياء عليهم السلام:
- فقد عمل نبي الله آدم -عليه السلام- في الزراعة، على الرغم من مكانته فهو أب للبشر جميعًا، فيجب علينا الاقتداء به.
- سيدنا نوح -عليه السلام- كان نجارًا.
- عمل سيدنا موسى في رعي الغنم بالأجر عندما وصل إلى مدين ثم بالتجارة ومن ثم الكتابة.
- سيدنا زكريا -عليه السلام- عمل بالنجارة.
- نبينا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- عمل في رعي الغنم وفي التجارة.
- عمل سيدنا شعيب في رعي الأغنام.
- سيدنا إبراهيم ولوط عليهما السلام عملا بالزراعة كما عمل سيدنا إبراهيم في البناء أيضًا.
- عمل سيدنا سليمان -عليه السلام- في السياسة فكان آخر من ملك الأرض بأمر الله وورث أباه داود -عليه السلام-.
- سيدنا داوود -عليه السلام- عمل حدادًا فصنع الدروع التي تستخدم في الحرب، وخصه النبي في الحديث لأنه كان ملكًا وكان صانعًا ونبيًا.
- يوسف -عليه السلام- عمل في السياسة وكان وزيرًا للمالية.
فهؤلاء الأنبياء كرمهم الله بالنبوة ورغم ما قاسوه جميعًا في نشر الدعوة إلا أن كلًا منهم كان يعتمد على نفسه في كسب رزقه، رغم أنه نبي وكان يمكن أن يطلب الرزق من الله مباشرةً وكان رزقه لكنه فضل التوكل على الله لا التواكل حتى يبارك الله لهم في أرزاقهم.
اقرأ أيضًا: علامات دخول الجن في الإنسان
صور الإتقان في حياة الصحابة
من صور إتقان وإخلاص العبادة من الصحابة رضوان الله عليهم هو منافستهم في التسابق إلى الخير فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
(أمرَنا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّهُ علَيهِ وسلم- يومًا أن نتصدَّقَ، فوافقَ ذلِكَ مالًا عندي، فقلتُ: اليومَ أسبِقُ أبا بَكْرٍ إن سبقتُهُ يومًا، فَجِئْتُ بنصفِ مالي، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ علَيهِ وسلم: ما أبقيتَ لأَهْلِكَ؟، قلتُ: مثلَهُ، قالَ: وأتى أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ بِكُلِّ ما عندَهُ، فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ علَيهِ وسلم: ما أبقَيتَ لأَهْلِكَ؟ قالَ: أبقَيتُ لَهُمُ اللَّهَ ورسولَهُ، قلتُ: لا أسابقُكَ إلى شيءٍ أبدًا).
من صور عمل الصحابة بحديث: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه)، الإتقان في العمل كان الصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون في أعمال الخير ابتغاء مرضات الله ورسوله ويقومون بمسؤولياتهم على الوجه الأكمل، وكانوا رضوان الله عليهم يؤدون أعمالهم على أحسن وجه.
فعندما جاء رسول كسرى إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وكان يظن أن له قصرًا فسأل الناس ليدوه على بيته فأشاروا له، فعندما وصل إليه وجده بيت بسيط مثل بيوت الفقراء خالٍ من أي سبل الترف أو النعيم ووجده نائمًا تحت ظل شجرة بملابس بسيطة بدون أن يحتمي من الناس فقال له: (حكمت فعدلت فأمنت يا عمر).
كان عمر رضي الله عنه أشد همًا بأحوال الرعية فكان يخرج في الليل ليطمئن على أحوالهم، وكان يقول: (لو تعثرت دابة في الشام لسؤل عنها عمر)، فكان أتقن الناس في عمله وأشدهم حرصًا عليه.
الإتقان في العمل والعبادة واجب على كل مسلم ليؤدي عمله اقتداء بالأنبياء عليهم السلام والصحابة، حتى نفوز بحب الله وتوفيقه في الدنيا والآخرة ولنحقق المراد من الحديث إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه.