ما هو عذاب القبر بالتفصيل
ما هو عذاب القبر بالتفصيل؟ وما هو سؤال القبر؟ عذاب القبر هو من الأمور السمعية التي أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الغيبيات التي لا يعلم كيفيتها إلا الله، والمسلمون مأمورون بالإيمان به كإيماننا بالجن والملائكة والجنة والنار، لكن هناك بعض الأدلة الواردة في كتابه الكريم والسنة النبوية الشريفة التي بينت حال المتوفى في القبر، لذا من خلال منصة وميض سنُجيب على سؤال ما هو عذاب القبر بالتفصيل؟ عبر السطور القادمة.
ما هو عذاب القبر بالتفصيل؟
القبر هو المنزل الذي نبقى فيه بعد الموت إلى يوم القيامة، ونعيش في ذلك المنزل حياة تسمى بحياة البرزخ، وهي حياة تختلف تمامًا عن الحياة التي نعيشها في الدنيا فيتم تحديد كيفية العيش في البرزخ على عمل الإنسان في الدنيا سواء كان خيرًا سيرى الخير، وإن قدم شرًا فلن يرى غيره وسواء قبر أم لم يقبر.
عذاب القبر هو جزاء ونتاج الأعمال السيئة التي تقوم بها في الدنيا، ويكون عندئذ القبر حفرة من حفر النار، يعذب فيها إلى قيام الساعة ويتمنى الكافر ألا تقوم الساعة أبدًا فقد أمرنا الرسول الكريم أن نستعيذ من عذاب القبر ولبيان ما هو عذاب القبر بالتفصيل نذكر أولى الأدلة من القرآن عن عذاب آل فرعون في قبورهم، حيث قال تعالى:
(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 46]، فالآية دليل على إثبات عذاب القبر لآل فرعون جزاءً لهم على ما قدموه من كفر وفساد في الأرض، فهذا جزء من عذاب الله لهم غير العذاب الذي سيرونه في الآخرة، فالعذاب هنا ليس للجسد الذي فني في التراب بل عذاب الروح الدائم الذي يستمر فالروح لا تموت، ونوضح معاني الآية تفصيليًا من خلال ما يلي:
- النار يعرضون عليها غدوًا وعشيا: أي يعرض عليهم العذاب الذي سيلقونه في الأخرة كل صباح وكل مساء.
- ويوم تقوم الساعة: حتى تقوم الساعة أي حتى يوم القيامة.
- أدخلوا آل فرعون أشد العذاب: أي أن أرواحهم تعذب في قبورهم بعرضهم على جهنم في كل يومٍ صباحًا ومساءً حتى يأتي يوم القيامة ويحي الله الأجساد مرة أخرى ويرد فيها أرواحها ومن ثم يدخلون فيعذبون بأرواحهم وأجسادهم في النار يوم القيامة.
قوله تعالى: ﴿مَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ: 37]، فالمقصود بالغرفات في الآية الكريمة: القبور.
اقرأ أيضًا: ما الفرق بين الزكاة والصدقة
الدليل على عذاب القبر في السنة
لبيان ما هو عذاب القبر بالتفصيل من السنة النبوية التي حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها من عذاب القبر وأمرنا بالاستعاذة منه في أحاديث عديدة منها ما جاء عن هانئ مولى عثمان، حيث قال:
(كانَ عُثمانُ بنُ عفَّانَ إذا وَقفَ على قَبرٍ يبكي حتَّى يبَلَّ لحيتَهُ، فقيلَ لَهُ: تذكرُ الجنَّةَ والنَّارَ، ولا تبكي، وتَبكي مِن هذا؟ قالَ: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قالَ: إنَّ القبرَ أوَّلُ مَنازلِ الآخرةِ، فإن نجا منهُ، فما بعدَهُ أيسرُ منهُ، وإن لم يَنجُ منهُ، فما بعدَهُ أشدُّ منهُ قالَ: وقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ما رأيتُ مَنظرًا قطُّ إلَّا والقَبرُ أفظَعُ منهُ).
القبر يعد هو المنزل الأول بعد الحياة الدنيا ففيه ننعم وفيه نعذب على حسب أعمالنا، فيتعجب هانئ مولى عثمان من بكائه على بسبب خوفه من نزول القبر بدلًا من أن يبكي لاشتياقه للجنة أو خوفه من النار، فأوضح عثمان له ذلك الأمر وذكر له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونوضح معنى الحديث بشكل مُفصل فيما يلي:
- إن القبر أول منازل الآخرة: أي أول مكان يبدأ فيه الحساب على الأعمال، قبل يوم القيامة.
- فإن نجا منه: من نجا من الحساب فيه أو من نجا من العقاب فيه.
- فما بعده أيسر: أي أن أهوال يوم القيامة ستكون عليه أهون من حشر ونشر وعرض حتى المرور على الصراط.
- وإن لم ينج منه: أي من عذاب القبر.
- فما بعده أشد: دلالة على عدم نجاته من أهوال يوم القيامة.
- ما رأيت منظرًا قط إلا والقبر أفظع منه: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك حتى يصف شدة هول الموقف، فالقبر هو بيت الوحشة والغربة، ونهاية القيام بالأعمال سواء أكانت صالحه أم طالحه، فعليك اغتنام فرصة الحياة حتى تنعم في المنزلتين التاليتين لها.
هناك الكثير من الأحاديث التي حثنا فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الاستعاذة من عذاب القبر، نوضحها فيما يلي:
- قال أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (استعيذوا باللهِ من عذابِ القبرِ، استعيذوا باللهِ من عذابِ جهنمَ، استعيذوا باللهِ من فتنةِ المسيحِ الدجالِ، استعيذوا باللهِ من فتنةِ المحيا والمماتِ)
- عن أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (استجيروا باللهِ من عذابِ القبرِ؛ فإنَّ عذابَ القبرِ حقٌّ)
- عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلَّ الله عليه وسلم قال: (بيْنَما النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، علَى بَغْلَةٍ له وَنَحْنُ معهُ، إذْ حَادَتْ به فَكَادَتْ تُلْقِيهِ، وإذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ، أَوْ خَمْسَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ، قالَ: كَذَا كانَ يقولُ الجُرَيْرِيُّ، فَقالَ: مَن يَعْرِفُ أَصْحَابَ هذِه الأقْبُرِ؟ فَقالَ رَجُلٌ: أَنَا، قالَ: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ قالَ: مَاتُوا في الإشْرَاكِ، فَقالَ: إنَّ هذِه الأُمَّةَ تُبْتَلَى في قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِن عَذَابِ القَبْرِ الذي أَسْمَعُ منه ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، فَقالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ، فَقالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ، قالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ، ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ، قالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ).
ففي هذه الأحاديث دلالة على أن الحيوانات تشعر بأصحاب القبور إن كانوا ينعمون أو يعذبون، فيقول الرسول الكريم أن هذه الأمه تمتحن في حياتها وتلقى الجزاء من وقت دخول القبر، وأخبر أصحابه عن هول ما سمع منهم فقال لهم لو أنكم سمعتم ما أسمع من عذاب هؤلاء لتركتم دفن موتاكم خوفًا من أن تُكشف فضائحكم لئلا يطلع أحد على مصائبكم، وأمر أصحابه من التعوذ من عذاب القبر.
اقرأ أيضًا: الدعاء للميت من الكتاب والسنة
كيفية سؤال القبر
بعد الإجابة عما هو عذاب القبر بالتفصيل؟ وجب التعرف على كيفية السؤال في القبر، فيبدأ سؤال القبر من بعد ذهاب آخر قدم ذهبت لتقيم على دفن الميت، حتى إن الميت ليسمع صوت نعالهم وهم ذاهبون، ثم يأتي إليه الملكان منكر ونكير بأمر الله ليسألوه عما قدم في حياته فإن كان خير أروى مقعده من الجنة وإن كان شرًا رأى مقعده من النار فقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سؤال القبر بالتفصيل في الحديث الآتي:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (العَبْدُ إذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ، وتُوُلِّيَ وذَهَبَ أصْحَابُهُ حتَّى إنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أتَاهُ مَلَكَانِ، فأقْعَدَاهُ، فَيَقُولَانِ له: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فيَقولُ: أشْهَدُ أنَّه عبدُ اللَّهِ ورَسولُهُ، فيُقَالُ: انْظُرْ إلى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أبْدَلَكَ اللَّهُ به مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَيَرَاهُما جَمِيعًا، وأَمَّا الكَافِرُ – أوِ المُنَافِقُ – فيَقولُ: لا أدْرِي، كُنْتُ أقُولُ ما يقولُ النَّاسُ، فيُقَالُ: لا دَرَيْتَ ولَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بمِطْرَقَةٍ مِن حَدِيدٍ ضَرْبَةً بيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَن يَلِيهِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ).
فالمقصود بالثقلين في الحديث هما الإنس والجن وذلك رحمة من الله بهم، لأنهم لو سمعوا لماتوا إثر تلك الصدمة.
أسباب عذاب القبر
الأسباب التي من أجلها وجد العذاب في القبر، وبعد الإجابة عما هو عذاب القبر بالتفصيل؟ نذكر الأسباب المؤدية إليه في النقاط الآتية:
- إنكار وجود الله وعدم الإيمان به وبرسالته التي بعثها لهم عن طريق الأنبياء والمرسلين رضوان الله عليهم.
- عدم الكف عما نهى الله عنه وتعمد القيام به رغم معرفته بأحكامه وأنه لم يتب عما فعل في دنياه.
- النميمة وترك الاستبراء والاستتار من البول فعن بن عباس رضي الله تعالى عنه قال: (خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بَعْضِ حِيطَانِ المَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ في قُبُورِهِمَا، فَقالَ: يُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، وإنَّه لَكَبِيرٌ، كانَ أحَدُهُما لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وكانَ الآخَرُ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ ثُمَّ دَعَا بجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا بكِسْرَتَيْنِ أوْ ثِنْتَيْنِ، فَجَعَلَ كِسْرَةً في قَبْرِ هذا، وكِسْرَةً في قَبْرِ هذا، فَقالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عنْهما ما لَمْ يَيْبَسَا).
- قول شهادة الزور والكذب.
- آكل الربا والذي يسرق من خزينة مال المسلمين.
اقرأ أيضًا: كيف يعيش الميت في القبر ؟ و هل يشعر بمن يزوره ؟
حكم الإيمان بعذاب القبر
وجب بيان حكم الإيمان بعذاب القبر بعد الإجابة عما هو عذاب القبر بالتفصيل؟ فعذاب القبر من الغيبيات التي روى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله كمثل الجنة والنار والجن والملائكة وغيرهم من الأمور السمعية، وحكم الإيمان به واجب ومن أنكره فقد أنكر شيء معلوم من الدين بالضرورة ويحاسب على ذلك الإنكار من وقت دخوله القبر.
يجب على المسلم الاستعاذة من عذاب القبر في دعائه وصلاته، وعليه مراجعة نفسه واغتنام فرصة الحياة في الاستغفار حتى يعفوا الله عنه قبل أن يلقاه في الأخرة فلا عفو ولا غفران بعد الموت.