هل يجوز الغسل من الحيض والجنابة معًا
هل يجوز الغسل من الحيض والجنابة معًا؟ وكيف للمرأة أن تقوم بذلك؟ هناك العديد من الأسئلة التي يجب على المرأة أن تكون على علم بها، كونها من الأحكام الدينية التي تستوجب التوقف أمامها، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على إجابة ذلك السؤال والعديد من الأسئلة التي تدور حول ذلك الأمر الشائك.
هل يجوز الغسل من الحيض والجنابة معًا
في بعض الأحيان قد تكون المرأة قد انتهت من فترة الحيض، وأصبحت جنبًا، من خلال الاحتلام أو معاشرة الزوج على ألا تكون قد اغتسلت من الدورة الشهرية، فهي بذلك تكون حائضًا وجنبًا في آن واحد.
هنا يأتي سؤال هل يجوز الغسل من الحيض والجنابة معًا، حيث تخشى الكثير من السيدات أن يكون الأمر مستوجبًا لغسلين متعاقبين، ولكن في حقيقة الأمر إن ديننا دين يسر، حيث يجوز للمرأة أن تقوم بالاغتسال لكلا الأمرين مرة واحدة.
اقرأ أيضًا: هل التخيل الجنسي يوجب الغسل
كيفية الاغتسال
دينيا الحنيف لم يترك لنا مفر من التعرف على كافة المناهج التشريعية، حتى يتسنى للمرأة أن تقيم صلاتها دون أن تخشى أنها ليست على طهارة، فقد جاء في رواية عائشة أم المؤمنين:
“أنَّ أسْمَاءَ سَأَلَتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِ المَحِيضِ؟ فَقالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ علَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بهَا فَقالَتْ أسْمَاءُ: وكيفَ تَطَهَّرُ بهَا؟ فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِينَ بهَا…
…فَقالَتْ عَائِشَةُ: كَأنَّهَا تُخْفِي ذلكَ تَتَبَّعِينَ أثَرَ الدَّمِ، وسَأَلَتْهُ عن غُسْلِ الجَنَابَةِ؟ فَقالَ: تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، أوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ علَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا المَاءَ فَقالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ. وفي رواية: نَحْوَهُ، وقالَ: قالَ: سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِي بهَا واسْتَتَرَ” (صحيح).
لذا على المرأة أن تقوم بغمر الماء على سائر الجسد بعد أن تقوم بغسل الفرج جيدًا والوضوء إلا أنه يجدر بها ألا تقوم بغسل قدميها إلى أن تنتهي، كما يجب أن يكون نضح الماء بدءً بالجانب الأيمن ثلاث مرات، بعد ذلك الجانب الأيسر ثلاثًا.
ثم تقوم بالاستحمام على النحو المعتاد، وبعد ذلك تغسل قدميها من أجل إتمام الوضوء ومن ثم الخروج من المرحاض والدعاء لله -عز وجل- بأن يجعلها من التوابين والمتطهرين.
حكم جماع الزوج لزوجته قبل الانتهاء من الحيض
في إطار التعرف على الجواب الصحيح لسؤال هل يجوز الغسل من الحيض والجنابة معًا، نجد أنه من المحرمات على الزوج أن يقوم بمجامعة زوجته بعد الانتهاء من فترة دون أن تغتسل، حتى وإن رأت القصة البيضاء، وهي العلامة التي تدل على أنها قد انتهت من الطمث الشهري.
حيث جاء في رواية عائشة أم المؤمنين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “كانت النساءُ يَبْعَثْنَ إلى عائشةَ بالدُّرَجَةِ فيها الكُرْسُفُ فيه الصُّفْرَةُ، فتقولُ: لا تَعْجَلْنَ حتى تَرَيْنَ القَصَّةَ البيضاءَ” (صحيح).
فإن رأت المرأة تلك القصة عليها أن تقوم بالتطهر على الفور من خلال الاغتسال وأن تمنع الجماع إلى أن يتم ذلك، امتثالًا لقول الله -عز وجل- في سورة البقرة الآيتين رقم 222، 223:
“وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ * نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ”.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة بعد الغسل بدون وضوء
موجبات غسل المرأة في الإسلام
بعد أن تعرفنا على كل ما يخص هل يجوز الغسل من الحيض والجنابة معًا، علينا أن نعلم أن الكثير من الأمور التي توجب على المرأة الاغتسال، فالأمر لا يقتصر على الجنابة والدورة الشهرية معًا فقط، لذا دعونا نتعرف على موجبات غسل المرأة في الإسلام، حيث أتت على النحو التالي:
1- الاحتلام أو الاستمناء
هو أن تشعر المرأة باللذة الحميمة دون أن يقضي منها الزوج وطرًا، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا استيقظ أحدُكم من نومِه فرأى بللًا ولم يرَ أنه احتلم اغتسل، وإذ رأى أنه قد احتلم ولم يرَ بللًا فلا غُسلَ عليه” صحيح روته عائشة أم المؤمنين.
لذا على المرأة إن رأت أنها قد قامت بإنزال المني فعليها الاغتسال، والجدير بالذكر أن مني المرأة يختلف عن مذيها، حيث إن للمذي العديد من الفروقات، كما أنه لا يوجب الغسل، فقد قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية سهل بن حنيف:
“كنتُ ألقى من المذيِ شدةً فأكثر منه الاغتسالَ فسألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال إنما يجزيك من ذلك الوضوءُ قلتُ يا رسولَ اللهِ كيف بما يصيب ثوبي قال إنما يكفيك كفٌّ من ماءٍ تنضح به من ثوبَك حيث ترى أنه أصابَ” (صحيح).
أما عن المني فإنه قد جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية رواه أنس بن مالك حيث قال:
“أنَّ أُمَّه أُمَّ سُلَيمٍ سألْتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالت: المرأةُ تَرى في مَنامِها ما يَرى الرَّجُلُ؟ فقال: إذا رأتْ ذلك في مَنامِها فلْتَغتسِلْ. فقالت أُمُّ سَلَمةَ زوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واستَحْيَتْ: أوَ يَكونُ هذا يا رسولَ اللهِ؟ قال: نعَمْ، فمِن أين يَكونُ الشَّبَهُ؟! ماءُ الرَّجُلِ أبْيَضُ غَليظٌ، وماءُ المرأةِ أصفَرُ رقيقٌ، فمِن أيِّهما سَبَقَ -أو عَلا- يَكونُ الشَّبَهُ” (صحيح).
2– ممارسة العلاقة الحميمة
أيضًا من أهم الأسباب التي توجب الغسل على المرأة هو الجماع الكامل، والذي يحدث عن طريق إيلاج العضو الذكري في مهبل المرأة، سواء بشكل كامل أو جزئي، فغياب الحشفة من شأنه أن يوجب الغسل على المرأة والرجل.
حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية سعيد بن المسيب:” أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ وعُثمانَ بنَ عَفَّانَ وعائشَةَ زوجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقولونَ: إذا مَسَّ الخِتانُ الخِتانَ فقد وجَب الغُسلُ” (صحيح).
الجدير بالذكر أن الاغتسال من أجل التطهر من الجنابة غير مشروط بخروج المني، وإنما بمجرد الإيلاج فقط كما ذكرنا سلفًا.
اقرأ أيضًا: هل يجب الغسل بعد المداعبة
3- انقضاء فترة النفاس
فترة النفاس هي التي تعقب الولادة، والتي تستمر من أسبوعين إلى 40 يوم، ويصحبها نزول السوائل الدموية، فقد جاء في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية معاذ بن جبل:
“لا حيضَ دونَ ثلاثةِ أيامٍ، ولا حيضَ فوقَ عشرةِ أيامٍ: فما زاد على ذلك فهي مُستحاضةٌ، تتوضأُ لكلِّ صلاةٍ، إلا أيامَ أقرائِها، ولا نفاسَ دون أسبوعَين، ولا نفاسَ فوقَ أربعينَ يومًا، فإن رأتِ النُّفَساءُ الطهرَ دون الأربعِين صامَتْ وصلَّتْ، ولا يأتيها زوجُها إلا بعد الأربعِينَ” (صحيح).
لذا على المرأة إن انتهت تلك الفترة أن تقوم بالاغتسال على النحو الذي تعرفنا عليه في السابق، حتى تتمكن من معاودة إقامة الصلاة والشعائر الدينية الأخرى.
4- انتهاء فترة الحيض
عندما تصل الفتاة إلى مرحلة البلوغ، فإنها تتعرض لنزيف دموي بشكل شهري يسمى الدورة الشهرية، والتي تستمر من 3 أيام إلى 7 أيام، إلا أن دم الدورة له العديد من الصفات التي يجب على المسلمة أن تعرفها.
حيث جاءت في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف الذي رواه أبو أمامه الباهلي حيث قال: “دمُ الحيضِ أسودُ خاثِرٌ تعلوهُ حُمرةٌ ودمُ الاستحاضةِ أصفرُ رقيقٌ وفي لفظٍ لهُ دمُ الحيضِ لا يكونُ إلَّا دمًا أسودَ عبيطًا تعلوهُ حمرةٌ ودمُ المستحاضةِ رقيقٌ تعلوهُ صفرةٌ” (صحيح).
فإن رأت الفتاة أو المرأة القصة البيضاء، والتي ذكرناها في إطار الجواب على سؤال هل يجوز الغسل من الحيض والجنابة معًا، عليها أن تغتسل بالطريقة التي ذكرناها من قبل.
اقرأ أيضًا: متى يجب الغسل للمرأة العزباء
5- موت المرأة
آخر ما يوجب على المرأة الغسل هو أن يتوفاها الله عز وجل، حيث لا يصح أن يتم دفنها دون أن يتم تغسليها من قبل المماثلات لها في الجنس، ذلك استنادًا إلى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برواية أم عطية نسيبة بنت كعب، حيث قالت:
“تُوُفِّيَتْ إحْدَى بَنَاتِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، إنْ رَأَيْتُنَّ بمَاءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كَافُورًا – أَوْ شيئًا مِن كَافُورٍ – فَإِذَا فَرَغْتُنَّ، فَآذِنَّنِي..
..قالَتْ: فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فألْقَى إلَيْنَا حِقْوَهُ، فَقالَ: أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ وعَنْ أَيُّوبَ، عن حَفْصَةَ، عن أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، بنَحْوِهِ، وقالَتْ: إنَّه قالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِن ذلكَ، إنْ رَأَيْتُنَّ قالَتْ حَفْصَةُ: قالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ” (صحيح).
يجب على المرأة المسلمة أن تكون على دراية بتعاليم دينها، حتى تحصل على الكثير من الحسنات وتتبع النهج السليم.