لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه ما معنى القول ولم قيل؟ مما لا شك فيه أن حب المسلمين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الأساس القائم عليه الدين الإسلامي فلا يوجد مسلم لا يأخذ رسول الله قدوة حسنة له كما أن جزء كبير من ديننا الإسلامي قائم على سنن رسول الله وتعليمه لنا، لذا تتبع هذا الموضوع من خلال منصة وميض حتى تفهم ما قصة هذا الحديث وما مدى تأثيره في حياتنا.
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه
قد نُقِلَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا يُؤْمِنُ أحدكم حتى أكون أحب إليه مِن وَلَدِه، ووالِدِه، والناس أجمعين». (صحيح)، وفي رواية أخرى: (حتى أكون أحبَّ إليه من أهله وماله والناس أجمعين).
يحاول الرسول -صلى الله عليه وسلم- هنا إيصال لنا فكرة أن إيمان الإنسان لا يكتمل وألا يدخل الجنة دون حساب أو سابقة عذاب إلا أن يكون حب الرسول في قلبه قد وصل ذروته، حتى أنه يفضله على نفسه وأبوه وابنه.
حيث نتبين من هذا الأمر أن حب الرسول هو بالفعل دلالة على حب الله -سبحانه وتعالى- حيث إنه هو من وكله الله للإبلاغ عنه وإيصال دينه للعالمين، كما تعتبر محبَّة الله ورسوله لا تَصِحُّ إلا بامتثال أوامر الشرع واجتناب نواهيه، وليس بإنشاد القصائد، وإقامة الاحتفالات وترديد الأغاني وارتكاب المعاصي والشبهات مما يثبت أن قول لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه ليس بالأمر الهين.
كما أخبرنا رسولنا الكريم أنه إذا تعارضت المحبتان أي قام الفرد بتقديم ما يحبه الرسول ونهى عما يحبه لنفسه فهو هنا حبه صادق، وغير ذلك فهو ناقص الإيمان كما جاءت الدلالة على هذا القول من خلال كتابه العظيم في:
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة النساء: 65].
فأقسم الله هنا أن البشر لن يؤمنوا إلا من خلال الإقناع برسول الله اقتناع تام والعمل بتدابير حكمه وطريقة تفكيره والاتخاذ بعقيدته في كل صغيرة وكبيرة يختص بها الدين.
يعتبر الحديث جامع ما بين ثلاثة أنواع من الحب المقدس حيث يكون حب العظمة والتقديس ويمثل حب الوالدين، وحب الاستحسان كحب الآخرين، أما حب الرسول هنا فهي يجب أن يكون فوق كل شيء وأعظم من كل شيء.
لذا فإننا نستنتج من الأمر أن العبد يجب عليه أن يسعى ويعمل حتى يتغلب على نفسه من الفواحش ويستطيع الوصول لهذه الدرجة من حب الدين وحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى ينال المقام الرفيع عند الله سبحانه وتعالى.
اقرأ أيضًا: هل أبو جهل عم الرسول
مظاهر طاعة الرسول
هناك بعض المظاهر التي تدل بدرجة كبيرة على طاعة المؤمنين لرسول الله، ويتبين ذلك من خلال بعض الجوانب وهي:
- النهي عن الفواحش وابتغاء الحلال في القول والفعل.
- العمل بتعاليم الإسلام والتي تتضمن الزكاة والصدقة.
- الابتعاد عن طريق الشيطان وأتباعه من البشر والسير نحو طلب الجنة من خلال الأفعال الحسنة.
- العمل بسنته وتعاليمه الإسلامية مثل صلوات السنن بعد الفروض وصلوات النوافل وقيام الليل.
اقرأ أيضًا: ماذا قال الرسول عن قبيلة حرب
دلائل محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
تعتبر محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- خير دلالة على حب الله سبحانه وتعالى، وهنا نشير إلى النقاط المهمة التي ذكر فيها الله -سبحانه وتعالى- أهمية هذا الحب في الإسلام وأولهم من خلال قول الرسول في أهم إرشاداته لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من كل شيء.
يجب أن يكون حب الرسول في قلوب البشر تعدى حبهم لأهلهم ونفسهم وشهواتهم، حيث إن الفرد لا يدخل عداد المؤمنين إلا من خلال ذلك الحب وقد دَلَّ الله على ذلك الأمر في قوله:
{قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}.
يتميز حب الرسول عند الإنسان أنه حبًا قلبيًا أي شعوريًا لا يمكن لمسه ماديًا، ولكن هذا الحب يظهر في صور مختلفة على أفعال وطبع الفرد وذلك من خلال اتباع بعض السنن التي فرضها الرسول -صلى الله عليه وسلم- والاهتمام بشعائره الدينية والسير على نهجها والسعي الدائم نحو فعل الحلال للوصول للجنة على سنة الحبيب المصطفى.
تعتبر من أقوى الدلائل على حب الرسول هي طاعته فإن الحب يتميز بطاعة الحبيب لمحبوبه وكذلك ينطبق على الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في كتاب الله العظيم
{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} (آل عمران 31).
من الدلائل التي ورِدَت عن ضرورة حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الله جعل في عدم إقامة طاعته شيء من النفاق وجاءت الدلالة على ذلك في قوله تعالى:
{ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا. وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} (النساء 60-61).
كما تعتبر من أكبر الدلائل على حبه هو الدفاع عنه وعن سنته ضد المشككون والكفار وإثبات صحة رسالته ونشرها في جميع الأنحاء خالية من أي شوائب، وإن محبة الرسول تعني ميل قلب المؤمن له ميلاً كاملًا، حيث ينشغل عما يحب ويهوى بهذا الحب العظيم وتفضيل الرسول في أقواله وأفعاله.
الأهم من كل النقاط هو أنه يجب على المؤمن ذكر الرسول والصلاة عليه باستمرار حيث اصطفى الله الرسول ببعض الفضائل منهم أنه يصله ذكر المؤمنين له، وتعتبر الطريقة المستحبة للصلاة على النبي هي: “اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة تنحل بها العقد وتنفرج بها الكروب وتقتضي بها الحوائج، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته”
اقرأ أيضًا: كم كان عمر الرسول عندما تزوج عائشة
بعض مظاهر حب الرسول صلى الله عليه وسلم الباطلة
مع مر العصور انحرفت الكثير من العقائد الإسلامية للتعبير عن محبة الرسول الكريم، فبعد أن كانت محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تتلخص في تفضيل حبه عن حب الذات والشهوات، أصبحت الطريقة للتعبير عن هذا الحب من خلال ابتكار البدع والطرق غير الصائبة.
من ضمن هذه البدع تأليف الصلوات المبتدعة وعمل الموالد وطلب الاستغاثة منه، وصرف وجوه العبادة إليه من دون الله عز وجل، وبعد أن كان تعظيم الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالارتفاع من شأنه بين البشر ونشر رسالته.
صار التعظيم عندهم هو الغلو فيه وإخراجه عن حد البشرية المعروفة، ورفعه إلى مرتبة الألوهية، وكل ذلك من الفساد والانحراف الذي طرأ على معنى المحبة ومفهومها.
كما يوجد بعض المظاهر الخاطئة التي يقوم البشر منذ سنوات عديدة بها وهي زيارة قبور أولياء الله الصالحين من أجل طلب الحاجة والتضرع لهم، ناهين عن وجود الله في قلوبهم فقد ذكر الله في قوله: “ونحن أقرب إليه من حبل الوريد”، نهى الرسول عن هذه المقامات والتي تحتوي فيها بعض من علامات الشرك بالله الواحد الأحد.
اتباع الرسول وسنته والاستمرار على دين الله ليس من الأمر الهين، فهو يتطلب الكثير من المعافرة والتضحية من أجل الانشغال عن شهوات الدنيا واتباع سنة الرسول كما قال الكتاب الكريم، فيعتبر ذلك من أقوى الدلالات على قول الرسول لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه.