هل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه
هل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه وما هي أنواع الأفكار التي يحدث بها الإنسان نفسه؟ من منّا لا يفكر في العديد من الأمور في نفسه؟ ويخشى أن يطلع عليها أحد غيره، وهذه الأفكار تعرف بالوسواس، وهذا الوسواس ليس نوع واحد، لذلك يجب أن يحذر الإنسان فمنها الخير ومنها الشر، لذا سنعرض لكم من خلال منصة وميض إجابة سؤال هل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه؟ بشيء من التفصيل.
هل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه
لقد أوضح لنا العديد من علماء الدين والفقه أن نفس الإنسان تحدثه بالعديد من الأمور الخيرة والشريرة، فعندما يجلس المرء مع نفسه في بعض الأوقات قد تأتي لذهنه العديد من الأفكار التي تحمل الخير وأخرى غير مستحبة.
فهل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه؟ أكد هؤلاء العلماء أن تلك الأفكار لا يحاسب الله تعالى عليها الإنسان، في حين أنه لم يقوم بتنفيذها أو قصها على أحد من حوله، ولكن لابد على الإنسان أن يحارب نفسه، كما يمكنه السعي إلى تنفيذ تلك الأفكار الخيرة إذا كان يستطيع ذلك.
كما يسعى إلى التخلص من تلك الأفكار التي تتسبب له في العديد من المشكلات، وعندما تتكرر الوساوس الشريرة في نفس الفرد يجب عليه الاستغفار كثيرًا لطرد تلك الأفكار، كما أوضح لنا الله -سبحانه وتعالى- العديد من الآيات القرآنية التي توضح لنا أنه يعلم بما يدور في نفس الإنسان وما هي الأفكار التي يفكر بها.
لذا يجب على الإنسان أن يقوم بمراجعة نفسه وتحكيم ضميره في محاولة مواجهة تلك الأفكار غير الصالحة، فالدليل على ذلك أنه عندما طلب الله من سيدنا آدم أن يمكث في الجنة، وأنه يمتلك كل متاعها ولكن لا يجب عليه التقرب من شجرة معينة.
بالرغم من كثرة النعم التي كانت تحيط بسيدنا آدم استطاع الشيطان أن يوسوس له أن هذه الشجرة قد منعها الله، لأنها تحتوي على خيرات كثيرة، فبالتالي زين لهما الشيطان ما هو شرًا، فعندما قاما بالاستماع إلى هذه الأفكار وتنفيذها تم إخراجهما من الجنة ونعيمها.
هذا يدل على مدى كره الشيطان للإنسان، وقدرته على تزيين الأعمال الشريرة وغير النافعة وجعلها في صورة أفضل، ويصور الأعمال الخيرة بصورة قبيحة مما يدفع الإنسان إلى التنفير منها، لذا يجب على المرء أن يحترس ولا يجعل للشيطان عليه سلطانًا.
اقرأ أيضًا: هل يحاسب الإنسان على أفكاره وتخيلاته المحرمة أم فقط على أفعاله
الدليل على عدم محاسبة الله للإنسان على أفكاره
بعدما أجبنا على سؤال هل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه؟ نشير إلى العديد من الدلائل القرآنية والأحاديث النبوية التي توضح لنا أن الله أكد على عدم عقاب الإنسان على تلك الأفكار، ما دامت أفكار فقط ولم يتم تنفيذها، وتتمثل في:
- قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً) رواه البخاري ومسلم.
فيحمل الحديث دلالة على أن الأعمال والأفكار السيئة التي يفكر بها الإنسان ما دام لم يفعلها وقام بمحاربة نفسه تكتب له حسنة، وهذا دليل على مدى رحمة الله بالإنسان، فبينما الأفكار الخيرة إذا قام الإنسان بمجرد التفكير بها ولامست تلك الأفكار قلبه وتمنى فعلها من صميم القلب كتبت له حسنة.
- (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم) سورة فصلت الآية 36.
تؤكد هذه الآية على ضرورة الاستغفار لطرد الأفكار والوساوس الشريرة، ولحماية النفس والعقل من التفكير في هذه الأمور، فيجب أن يستغفر الإنسان في الليل والنهار، فالشيطان يحاول السيطرة على الإنسان في أكثر الأوقات ضعفًا.
لكي يستطيع ضمان السيطرة على النفس والعقل والتمكن منه، لذلك يجب على الإنسان أن يظل متيقظًا باستمرار، والتفكير أولًا في تلك الأفكار قبل الإقبال على تنفيذها.
- عن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أنَّ النبي –صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ اللهَ تَجاوَزَ عَنْ أُمَّتي ما حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُها ما لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ“
ارتباطًا بالحديث عن جواب هل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه؟ يوضح لنا هذا الحديث النبوي أن الوساوس التي توجد في قلب وعقل الإنسان لا يحاسب الله -عز وجل- عليها الإنسان، لأنها مؤقتة ولا تتسبب في الضرر ما دامت أفكار فقط، وهذا من رحمة الله على العباد.
لأن الله أعلم بقلوب عباده الضعيفة، ولكن يحاسب الإنسان عندما يقوم بتنفيذ تلك الأفكار، أو عندما يتم قصها على الأفراد المحيطين، لأنها هنا تلحق الضرر به وينتج عنها العديد من المخاطر.
اقرأ أيضًا: الإنسان مسير أم مخير في حكم الدين والفلسفة
ماذا يقصد بحديث المرء مع نفسه؟
يقصد به الكلام الخفي الذي يقوله المرء في سره ولا يفصح عنه، كما أن تلك الوساوس يخشى الإنسان أن يستمع إليها أحد، وتنقسم هذه الوسوسة ما بين الخير والشر، فالخير من نفس الإنسان، والشر من وسوسة الشيطان، فهو لا يقوم بالوسوسة بشكل مباشر، بل يقوم باتباع بعض الخطوات لكي يستطيع إغواء العبد بشكل كامل.
تعد وساوس الشيطان هي أساس الأفكار التي تخترق عقل الإنسان، وخاصةً الأفكار الشريرة، وتلك الأفكار تسيطر على الأشخاص الذين إيمانهم ضعيف، فالمؤمن ذو الإيمان القوي عندما تخترق تلك الوسوسة عقله ونفسه يجاهد من أجل مكافحتها ومنعها.
حيث يقوم بالكثير من الأمور لكي يزيل تلك الأفكار من عقله، فكل إنسان يواجه العديد من الابتلاءات والاختبارات التي توضح مدى قوة وإيمان الإنسان بالله سبحانه وتعالي، لذلك يقوم الشيطان بعدة أمور لكي يسيطر على تفكير الإنسان.
فهل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه؟ بالرغم من ذلك لا يحاسب الله الإنسان عن هذه الوساوس، وتتمثل تلك الأمور في:
1- تزيين المعاصي
يحاول الشيطان بشتى الطرق إظهار المعصية بصورة محببة للإنسان، حيث يقوم بتزيينها لكي يقتنع بها الإنسان، حيث يبرر له تناول الخمر، بأنه مشروب كغيره من المشروبات يساعدك على التخلص من همومك ونسيانها وعدم الشعور بها.
كذلك أصدقاء السوء هم دلالة على رقي الشخص ومدى انفتاحه على العالم الخارجي، وارتكاب الزنا تبريرًا أن الإنسان ضعيف، وأن ملابس النساء هي السبب في ذلك، والاعتماد على الربا، لأنه بحاجة إلى تلك الأموال، وغيرها من الأمور التي يخضع لها الإنسان.
2- تبسيط الكبائر
يدخل الشيطان إلى الإنسان من جانب أن الله غفور رحيم، وأنه قادر على مسامحة الإنسان على تقصيره في بعض الأمور، حيث يصغر الشيطان من الصلاة والصوم والنميمة وغيرها، وأنها مجرد أمور صغيرة سيسامح الله عليها الإنسان.
لكن تلك الأمور التي يستصغرها هي عماد الدين، ومن دونها لا يكتمل دين الإنسان، لذا يجب أن يتجنب الإنسان تنفيذ تلك الوساوس.
3- التشجيع على نشر البدع والخرافات
لقد انتشرت العديد من الخرافات في مجتمعنا مثل التبرك بالأولياء الصالحين، كما يتم قطع صلة الرحم بين الأخوات والأهل لأنهم مشغولون في عبادة الله، ولا يدركون أن صلة الرحم هي من أصل العبادة.
كذلك استخدام الخرز الأزرق للحماية من الحقد والحسد، بدلًا من قراءة الآيات القرآنية التي تعمل على تحصين المسلم.
4- التقليل والتشويه من العقيدة
هذه المشكلة تنتشر عند ضعاف الإيمان ويستسلمون لها، حيث يحرص الشيطان على التقليل من عظمة العقيدة والسنن، فهو يبرر للإنسان أنها أمور ليست إلزامية على الإنسان، وبالتالي يحدث إفساد لمعتقدات الفرد وتؤثر على سلوكه.
أنواع وسوسة الشيطان
بعد معرفة هل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه؟ لابد من التعرف على أنواع هذه الوساوس، حيث تنقسم إلى نوعين عند كل البشر، فيما يلي:
1- وسوسة النفس
يقصد بها حديث الإنسان مع نفسه، وتؤثر التربية على نوع تلك الأفكار ما بين الخير والشر، ومدى إيمانه بالله سبحانه وتعالى، فالنفس أمارة بالسوء، ولكن بالرغم من مدى السوء الذي تقوم به، إلا أنه أمر يعتمد على الإنسان ونشأته، فكما يوجد النفس الآمرة بالسوء يوجد أيضًا النفس اللوامة التي تحاسب صاحبها على كل الأمور التي يقوم بفعلها، وعلى تقصيره، والدليل عل هذا الأمر قوله تعالى:
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) “سورة الشمس”
2- وسوسة الشيطان
تختلف عن وسوسة النفس في كونها دائمًا تدعو إلى الفساد والشر، وارتكاب المعاصي، حيث يسعى الشيطان إلى محاولة جعل الإنسان يشك في دينه ونفسه وقوة إيمانه، حيث يصور له الحق والخير بالباطل والشر.
يزين للعباد ارتكاب المعاصي ويجعلها أحب إليهم، وبالتأكيد يسعى إلى إفساد علاقة الإنسان بربه، لكي يستطيع إبعاده عن الصراط المستقيم، ويحاول القضاء على العلاقات التي توجد بين المسلمين وبعضهم، لكي يجعلهم أكثر ضعفًا، كما يوسوس في أكثر الأوقات التي يحاول أن يكون فيها الشخص متقرب من الله، خاصةً أثناء الوضوء.
اقرأ أيضًا: هل يحاسب الإنسان على الوسواس القهري الديني
نصائح للتخلص من الوسوسة الشريرة
في إطار توضيح إجابة هل يحاسب الإنسان على ما يقول في نفسه، نذكر أن هناك بعض النصائح التي تساعد الإنسان في التقليل من تلك الأفكار والوساوس غير النافعة، والتي من شأنها التسبب في إلحاق الضرر بالعبد، وتتمثل تلك النصائح في:
- عندما تملأ تلك الأفكار والوساوس عقل الإنسان يجب عليه الاستعاذة بالشيطان الرجيم، لكي يبعد عنه.
- الحرص على التقرب من الله، وإتمام العبادات من صلاة وصوم وذكر وغيرها.
- التركيز في النعم التي أنعمها الله عليه بها.
- تجنب التفكير في الأمور التي تتسبب في التشكيك في الدين.
- يفضل أن يقوم الشخص بالاستغفار بشكل مستمر.
- عندما يتشكك الشخص في بعض الأمور الدينية يجب عليه استشارة أحد من أهل العلم، حتى لا يستغل الشيطان هذا التشتت ويجعله بابًا للدخول منه.
تعد وسوسة النفس عند بني البشر سواء، لذا يجب أن يحرص العبد بأن يفكر أولًا فيما يفعل، والتأكد من عدم التسبب في الإضرار لنفسه وغيره، كما يفضل اتباع التحصين من وسوسة الشيطان، حتى لا يتم إغواء العبد بما هو خاطئ.