هل تعتبر الزوجة مطلقة إذا طالت مدة غياب الزوج؟
هل تعتبر الزوجة مطلقة إذا طالت مدة غياب الزوج؟ وهل في ذلك إثم على الزوج؟ انتشر في هذا العصر كثرة غياب الأزواج عن زوجاتهم، وقد تطول المدة إلى أعوام، فهل تعد بذلك الزوجة مطلقة، ومن خلال منصة وميض سنجيب على سؤال هل تعتبر الزوجة مطلقة إذا طالت مدة غياب الزوج؟
هل تعتبر الزوجة مطلقة إذا طالت مدة غياب الزوج؟
أقر العماء أن الزوج إذا غاب عن زوجته، فهي لا تزال على نكاحه، أي لا تزال زوجته ولا تعتبر مطلقة إن طالت مدة الغياب، مهما طالت مدة الغياب، إلا في حال ما قامت الزوجة بفسخ العقد في المحكمة، فهو بذلك سيحتاج إلى عقد قران جديد، أما إن لم تفعل المرأة شيئًا فهي على ذمته طوال فترة غيابه، أما إن طالبت بالطلاق أو فسخت العقد، فتصبح أجنبية عنه.
إن كانت المرأة على ضرر بسبب غياب زوجها عنها لفترة طويلة فيحق لها أن تطلب الطلاق، أو تفسخ العقد عن طريق الحكم الشرعي، كما يحق لها طلب الطلاق إذا كان الزوج لا ينفق عليها وعلى أبنائها.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: (وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه)، إذا كانت المرأة لا تصبر على فراق زوجها، وتريد الطلاق منه فعليها الذهاب إلى المحكمة الشرعية، وتطلب الانفصال عنه، أو عليها أن تصبر، وتتق الله وتحتسب ذلك الأجر عند الله عز وجل.
خلاصة القول في سؤال هل تعتبر الزوجة مطلقة إذا طالت مدة غياب الزوج؟ الإجابة هي لا مهما طالت تلك المدة إلا إذا قامت الزوجة بتطليق زوجها من المحكمة أو فسخت عقد القران، والأمر به عدة تفاصيل أخرى نوضحها فيما يلي.
اقرأ أيضًا: متى تعتبر المرأة مطلقة شرعًا
حكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة
غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة من الأمور السيئة، ولكن ليس بحرام فقد تكون من الضروريات أن يسافر ويتركها لأجل العمل أو غير ذلك، لكن ينبغي عليه بقدر المستطاع ألا يطيل الغيبة عن زوجته، لأن هذه الغيبة خطر عليه وعليها، فالإنسان يتزوج حتى يعف نفسه، فلا يقع في المعاصي بسبب نفسه البشرية التي وهبها الله شهوتها وملذاتها.
المرأة تحتاج إلى الحب، والحنان، فالزوج هو مصدر الأمان لديها فيجب ألا يطيل البعد عنها، لأن بعده عنها يفقدها الإحساس بالحب، والشعور بالأمان، والله -جل وعلا- يقول في كتابه (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (سورة النساء: 19).
ليس من المعروف أن يهجر الزوج زوجته، فيجب أن يصل إليها من وقت إلى آخر، ولا ينساها، ويجب أن تكون كل ثلاث أشهر، أو أربعة أشهر، ولا يطيل عليها أكثر من ذلك إلا إذا كان هناك عذرًا.
إذا غاب الزوج عن زوجته دون عذر، وهي راضية عن غيبته فلا شيء عليه، أما إن غاب عنها بقصده، ودون عذر، والزوجة غير راضية عن ذلك فهو يأثم إثمًا عظيمًا، فالزوجة يحق لها التمتع بزوجها، ويحق لها حين ذاك أن تطالب بالطلاق، أو أن تذهب إلى المحكمة الشرعية حتى تطلقها من زوجها.
اقرأ أيضًا: متى تسقط عدة المطلقة
مدة انتظار الزوجة في حالة غياب زوجها
أجبنا على سؤال هل تعتبر الزوجة مطلقة إذا طالت مدة غياب الزوج؟ والإجابة هي لا إلا إذا فسخت العقد، يجب علينا أن نتعرف الآن على المدة التي لا يجب أن يزيد الزوج عنها في الفراق، والتي يمكن للزوجة أن تصبر عليها.
يمكن للزوجة أن تصبر أربعة أشهر على فراق زوجها بالنسبة إلى الجماع، فهذه المدة التي حددها لنا الله -سبحانه وتعالى- فهي المدة التي يحلف فيها الزوج ألا يجامع زوجته، قال الله -تعالى- (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (سورة البقرة: 226).
يحق للزوجة أن تطلب الطلاق إن زاد الزوج عن تلك المدة، وروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن أحدًا من الغزاة سأله عن مدة غياب الزوج عن زوجته فأخبرهم أنها ستة أشهر إذا كانت الحاجة ضرورية، وإن كان في مقدور الزوج أن يقلل ذلك الوقت، فهذا هو الأولى، والأفضل.
روى الإمام مالك -رحمه الله في الموطأ عن عبد الله بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه * * وأرقني أن لا خليل ألاعبـه
فوالله لولا الله أني أراقبـــه * * لحرك من هذا السرير جوانبه
فسأل عمر ابنته حفصة: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر، أو أربعة أشهر، فقال عمر: لا أحبس أحدًا من الجيوش أكثر من ذلك.
قد كثرت الفتن في هذا العصر، وتيسرت وسائل ارتكاب الذنوب لذلك يجب على الرجل ألا يطيل الغياب على زوجته، وإن كان في مقدوره أخذها معه في سفره فهذا أولى، وأفضل، وإن لم يقدر فيجب أن يعاودها كل ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر بحد أقصى، وأن يذهب إليها متى كان متيسر له، إلى أن تنقضي فترة عمله.
أسباب غياب الزوج عن زوجته وهل يقع الإثم عليه وحده؟
سبب غياب الزوج عن زوجته المنتشر في تلك الأيام هو السفر من أجل العمل، حتى يحقق الزوج حاجة زوجته، وأولاده، وأصبح ذلك الأمر منتشرًا حيث يذهب الشباب إلى العمل في الدول ذات الدخل المرتفع حتى يتمكنوا من تحقيق متطلبات الحياة الزوجية.
إن كانت الزوجة راضية عن غياب زوجها عنها بسبب عمله فلا يأثم الزوج على ذلك، وفي تلك الحالة يتغيب عنها دون أن يصحبه ذنب، أما إذا كان الزوج يريد السفر لأجل العمل، وسيبتعد عن زوجته فترة طويلة لأجل ذلك، والزوجة رافضة للأمر فهي لا تريد فراقه.
في هذه الحال يأثم الزوج، لأنه قد لبى الاحتياجات المادية للزوجة، ولكن لم يلبي احتياجاتها العاطفية، ولم يعمل بوصية الله تعالى في معاشرتها بالمعروف، أما إذا كان السفر ضروريًا جدًا، فلا يأثم.
خلاصة القول إن الزوج يجب ألا يطيل الغيبة عن زوجته فهي روح بشرية عاطفية دائمًا تحتاج سندًا لها، وداعمًا.
اقرأ أيضًا: حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق
حكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة وهو لا يُنفق عليها ولا يريد أن يُطلقها
أجبنا على سؤال هل تعتبر الزوجة مطلقة إذا طالت مدة غياب الزوج؟ علينا الآن أن نعلم حكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة وهو لا يُنفق عليها ولا على أولادها ولا يريد أن يُطلقها.
هذا الزوج يعد آثمًا إثمًا عظيمًا فلا يجوز له أن يغيب عن زوجته دون أي ينفق عليها ولا على أبنائها، فيجب أن يوفر للزوجة كل مستلزماتها، من مأكل ومشرب، وملبس، إضافة إلى أن يوفر لها الأمن، والحنان، والراحة، وهذه الأمور من حقوق الزوجة على زوجها.
إن لم يقدر الزوج على إعطاء الزوجة حقوقها كاملة فيجب أن يطلقها حتى لا يكون ظالمًا لها، وإن لم يرض بأن يطلقها فيحق للزوجة أن تذهب إلى المحكمة، وأن تطلب الطلاق منه، أو أن تفسخ عقد القران وفقًا للشروط، والأدلة اللازمة لذلك.
الله -جل وعلا- خلقنا ذكورًا، وإناثًا حتى نسكن إلى بعضنا، ويكمل بعضنا بعضًا، لذلك يجب ألا يهجر الزوج زوجته فهو حصن لها، وسكن لها، ويحاول قدر الاستطاعة أن يبقى بجانبها.