كلما دخل عليها زكريا المحراب
كلما دخل عليها زكريا المحراب تلك الكلمات التي كتبت بحروف من نور، فهي من الآيات القرآنية الجليلة التي أخبرتنا عن قصة من أجمل القصص التي لا تزال تخلد في أذهاننا وتتجدد فينا الإيمان كلما قرأناها، لذا ومن خلا ل منصة وميض دعونا نتعرف على تفسير تلك الآية والقصة التي أتت عقبها عبر السطور التالية.
كلما دخل عليها زكريا المحراب
بالتمعن في الآيات القرآنية الجليلة نجد أنها تحتوي على الكثير من القصص التي لم نكن لنعرفها لولا أن منّ الله عليه بفيض من الرحمات في ذلك الكتاب الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى في سورة يوسف الآية رقم 3:
“نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ“، ومن أهم تلك القصص هي قصة سيدنا زكريا عليه السلام مع مريم بنت آل عمران، حيث يعود عليها الضمير في قول الله تعالى: “كلما دخل عليها زكريا المحراب”.
لذا ومن خلال ما يلي سوف نتعرف باستفاضة على تلك القصة الرائعة من قصص القرآن الكريم التي من شأنها أن تجدد فينا الإيمان وتشوقنا إلى معرفة المزيد من قصص الأنبياء المرسلين.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع سورة مريم للزواج
نشأة مريم ابنة عمران
قال الله تعالى عز وجل في محكم التنزيل في سورة آل عمران الآية رقم 33:” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ” فآل عمران من الأناس الذين اختارهم الله عز وجل كونهم يتقونه ويتبعون ما أمر به ولا يتوانون في عبادته، حيث حملت امرأة عمران في السيدة مريم وقد جاء ذكر ذلك في الآيتين رقم 35، 36، حيث قال الله تعالى:
“إذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ“.
فما كان من الله عز وجل إلا أن بشر أبويها أنه قد تقبلها بالقبول الحسن، وكان الله هو من يتولى أمرها بأكمله من أن يجعلها أمًا لأحد الأنبياء، على أن تكون لها الكثير من المعجزات، وهي لم تدري في تلك المرحلة، حيث قال الله تعالى في الآية رقم 37 من سورة آل عمران “ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا“.
كفالة زكريا لمريم
في سياق التعرف على تفسير ذلك الجزء من الآية “كلما دخل عليها زكريا المحراب” نجد أن الله عز وجل لك يرغب أن يكفلها مريم أحد من أبويها، حيث سخر كافة الأمور لتكون كفالتها من نصيب نبي الله زكريا، فقد أجريت القرعة من شأن أن يعرفوا من سيكون له الولاية عليها ويتولى أمر كفالتها.
هنا خرج الأمر من الأيدي البشرية إلى رب العالمين، حيث قام كبار القوم بعمل القرعة من خلال كتابة الاسم على الأقلام على أن يتم الاقتراع دون التدخل، ففي كل مرة من المرات التي يلقون فيها الأقلام، يقع الاختيار على سيدنا زكريا عليه السلام، حيث قال الله تعالى في سورة آل عمران الآية رقم 44:
“ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ“، فكفل زكريا السيدة مريم حيث يكون لها زوج الخالة، وهنا قال الله عز وجل في محكم التنزيل في سورة آل عمران الآية رقم 37:
“كَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ“.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع سورة مريم
تفسير (كلما دخل عليها زكريا المحراب)
حتى الآن لم نتعرف إلى معنى ذلك الجزء من الآية، إلا أنه كان حري بنا أن نتناول القصة من بدايتها، حتى لا نشعر أن هناك جزءً مفقودًا، فقد أتى تفسير كلمات الله عز وجل على ذلك النحو:
- كلما دخل: كلمة كلما دليل على أن الأمر قد تكرر أكثر من مرة، أي أنه لم يكن مرة واحدة وانقضى الأمر.
- المحراب: هو المكان الذي كانت تتعبد فيه السيدة مريم، فقد كانت زاهدة للدنيا، ولا ترغب في أن يكون قلبها معلق بها، فهي عملت على اتباع آبائها وأجدادها من السلف الصالح، حتى منّ الله عليها فأصبحت من نساء أهل الجنة وأطهر خلقه على الأرض.
فكلما كان يدخل عليها زكريا في المكان الذي تعتكف فيه كان يجد عندها الكثير من خيرات الله عز وجل، حيث أتى في التفسير أنه كان يجد العديد من أنواع الفواكه في غير أوانها، مما كان يثير دهشته، فشرع يطلب من الله عز وجل أن يرزقه الذرية الصالحة كونه لم ينجب إلى تلك اللحظة فقد جاء ذكر ذلك في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة آل عمران الآية رقم 38:
” هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء“.
لم يتأخر الله عز وجل عن إجابة دعاء نبيه عز وجل، حيث بشرته الملائكة بقدوم يحيى في القريب العاجل، حيث قال الله تعالى في سورة آل عمران الآيتين رقم 39، 40:
“ فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء“.
اقرأ أيضًا: قصة يوسف عليه السلام للأطفال والعبرة المستفادة منها
حمل مريم بعيسى عليه السلام
في سياق التعرف على معنى ” كلما دخل عليها زكريا المحراب” علينا أن نعلم أن السيدة مريم قد من الله عليها بالحمل والإنجاب دون أن يلمسها أي من البشر، فكانت تلك معجزاها التي خلدتها آيات من الذكر الحكيم، فقد كانت حياة العذراء مليئة بالمعجزات التي من شأنها أن توطد علاقتنا بربنا جل في علاه.
الذي لا يمكن لأحد من الخلائق أن يقوم بما يمنّ على العباد به، فقد جاءت تلك القصة من خلال الآيات التالية من سورة آل عمران، والتي وقعت بين الآيات من 45 إلى 48:
“إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ“.
لذا على المسلم أن يكون حريصًا على أن يجد التفسير الصحيح للآية التي لا يعرف معناها، ولا يتركها تمر مرور الكرام، حتى يتعرف على دينه وينال الثواب الأعظم.