هل يجوز قول مثواه الجنة
هل يجوز قول مثواه الجنة؟ وما هو قول العلماء في هذا الأمر؟ يسعى العديد من الناس إلى تقديم الخير للأشخاص التي فارقت الحياة الدنيا ولا نجد ما هو أسهل وأيسر من الدعاء لهم، وتتعدد الأدعية في هذا الشأن ومنها دعاء اللهم أجعل مثواه الجنة فهل يجوز قول مثواه الجنة؟ هذا الأمر الذي سوف نوضحه لكم من خلال منصة وميض.
هل يجوز قول مثواه الجنة
انتشرت في الآونة الأخيرة الادعية الخاصة بالموتى نظرًا لزيادة عددهم في الكبوة الأخيرة التي حلت على العالم أجمع بعد مرض كورونا، فأصبح العديد من الأشخاص تعبر عن حبها للأشخاص الذين رحلوا عنهم من خلال الدعاء، ومن ضمن الأدعية التي انتشرت على نطاق واسع على السوشيال ميديا هو دعاء اللهم أجعل مثواه الجنة.
ظهرت طائفة من الناس تقول لا يجوز قول مثواه مع الجنة، بل من الصحيح أن تقول مأواه الجنة فهل هذا الأمر صحيح، أم هل يجوز قول مثواه الجنة ولا أثم أو خطأ في ذلك، هذا الأمر الذي سوف نجيب عليه الآن.
كلمة مثواه ليست مخصصة للنار ولا مخصصة للجنة فهي من الكلمات العربية التي تشتق من كلمة (مثوى) وهو اسم مكان من الفعل الماضي (ثوى) ومعنى الفعل ثوى هو موضع الإقامة والمنزلة أو بمعنى المنزل ولهذه الكلمة العديد من المعاني الأخرى التي تدول حول هذه الكلمات أي الدالة على الاستقرار والإقامة.
يعتقد الكثير أن كلمة مثوى هي مكان في النار خصص للمذنبين أو الأشخاص الذين ارتكبوا من الآثام ما يستحق العقاب من الله، إذا فالإجابة على سؤال هل يجوز قول مثواه الجنة هي نعم يجوز ولا بأس في ذلك، فالأصل في الأعمال الصالحة هي النية.
اقرأ أيضًا: أفضل ما يقال في العزاء
الفرق بين كلمة مأوى ومثوى في اللغة
بعد الحديث عن إجابة سؤال هل يجوز قول مثواه الجنة يمكننا أن نقدم لكم العديد من الأدلة اللغوية والقرآنية التي تفيد أن كلمة مثوى ليست مخصصة للنار أو أنها موضع في النار.
فالمعلومة التي تقول إن كلمة مثوى للنار فقط ليست صحيحة والأدلة على ذلك من القرآن كثيرة، الفرق اللغوي بين كلمة مأوى وكلمة مثوى هو أن كلمة مأوى تعني الملجأ والسكن، أي المكان الذي يلجأ إليه الناس، وجاء في القرآن الكريم كلمة مأوى عند حديث ابن النبي نوح عليه السلام حينما قال (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء) [سورة هود: 43] بمعنى أنه سيلجأ إلى الجبل ليحتمي فيه من الماء.
أما كلمة مثوى فهي من الفعل الماضي ثوى وهو المكان أو المنزل، بالإضافة إلى العديد من المعاني الأخرى التي تدل على السكن والاستقرار والإقامة.
إذا كلمة مثوى وكلمة مأوى الاثنين في اللغة العربية الفصيحة بمعنى مكان اللجوء والإقامة، ولا توجد أي علاقة بينهما وبين الجنة والنار لا تخصص كلمة بالجنة وحدها ولا تخصص كلمة للنار وحدها، ومن خلال الفقرة التالية سوف نوضح لكم المواضع التي ذكر فيها كلا من الكلمتين.
تتداول كلمة المثوى الأخير على أنها القبر هذا ما يُقال لكنه خطأ كبير حيث إنه القبر ليس الموضع الأخير أو المثوى الأخير للإنسان بل إن هناك بعث، وبعد البعث يكون المثوى الأخير إما الجنة أو النار، ويكون الموضع الأخير للمؤمنين الجنة، والموضع الأخير للكافرين النار.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الأكل من الذبيحة لوجه الله
المواضع القرآنية التي جاء فيها ذكر كلمة مآوى ومشتقاتها
هناك العديد من الآيات القرآنية التي ذكر فيها كلمة مآوى ومشتقاتها ومن خلال النقاط التالية سوف نقدم لكم تلك الآيات:
- يقول الله تعالى: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) [سورة هود: 80]، كلمة آوي هنا بمعنى أنضم إلى عشيرة أو قبيلة مانعة.
- يقول الله تعالى: (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء) [سورة هود:43]، أي سأصير وألتجئ.
- يقول الله تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) [سورة المؤمنون: 50].
المواضع القرآنية التي جاء فيها ذكر كلمة مثوى ومشتقاتها
هناك العديد من الآيات القرآنية التي ذكر فيها كلمة مثوى ومشتقاتها ومن خلال النقاط التالية سوف نقدم لكم تلك الآيات:
- يقول الله تعالى: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) [سورة آل عمران: 151].
- يقول الله تعالى: (فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [سورة النحل: 29].
- يقول الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) [سورة العنكبوت: 68].
- يقول الله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) [سورة الزمر: 32].
- يقول الله تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ) [سورة الزمر: 60].
- يقول الله تعالى: (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [سورة الزمر: 72].
- يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ) [سورة محمد: 12].
- يقول الله تعالى: (فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ) [سورة فصلت: 24].
- يقول الله تعالى: (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [سورة غافر: 76].
اقرأ أيضًا: كيفية الصلاة على الميت
مواضع أخرى لذكر كلمة مثوى ومشتقاتها في القرآن الكريم
في الكثير من المواضع تتواجد كلمة مثوى مصاحبة للنار والكافرين لذلك حكم عليها الناس أنها خاصة بالعذاب فقط لكن هذا الكلام غير صحيح فهناك مواضع أخرى أيضًا وهي:
- يقول الله تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [سورة يوسف: 23] أي أن الله أكرم سيدنا يوسف في المنزلة.
- يقول الله تعالى: (وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) [سورة القصص: 45] أي أن بعد خروج نبي الله موسى من قريته وهو خائف من أهلها تمكن من الهروب إلى بلد تدعى مدين واستقر بها وجعلها مستقر ومثوى له وكانت أحسن مثوى حيث تزوج فيها وأمنه الله من فرعون وجنوده.
- يقول الله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) [سورة محمد: 19].
- يقول الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [سورة يوسف: 21].
إذا لا حرج من ذكر كلمة المثوى عند الدعاء للشخص بالرحمة والدخول إلى الجنة وأكبر الأدلة على ذلك اقترانها بإكرام الله للنبي يوسف عليه السلام.
من الجدير بالذكر أنه لا يجب أن ننصاع إلى الأحاديث الدائرة على مواقع السوشيال ميديا ونصدقها على الفور، يجب أن نتأكد أولًا ونبحث خاصة إذا كان الأمر متعلق بالدين والعقيدة.