هل صلاة العصر لها سنة
هل صلاة العصر لها سنة؟ وما الدليل على صحتها؟ صلاة السنة لها فضل عظيم تعلمناها من خلال أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقوم بها أحيانًا وأحيانًا أخرى لا يقوم بها، فصلاة السنة تجعل المصلي يستعد لأداء الفريضة ومن خلال منصة وميض نعرف هل صلاة العصر لها سنة.
هل صلاة العصر لها سنة
أتفق جمهور فقهاء المذاهب الأربعة على أن سنة العصر هي سنة غير مؤكدة، لكن من المستحب أن تصلى السنة قبل صلاة الفريضة، وإذا لم يصليها المسلم فلا حرج عليه، فإن معنى الحكم أن النبي من المؤكد أنه واظب عليها وليست فرض لا يكتمل ثواب صلاة العصر بدونها.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة في الظلام
الأدلة على حكم سنة صلاة العصر
بعد أن تعرفنا على الإجابة التفصيلية حول سؤال هل صلاة العصر لها سنة؟ وجب الإشارة إلى ذكر الأدلة النقلية والعقلية من السنة والكتاب حول دلالة أنها سنة مؤكدة، وتبين الأدلة موعد أداء الصلاة، نتعرف عليها من خلال السطور الآتية:
1- دليل مشروعية صلاة سنة العصر قبل أداء فريضة العصر
خلال التطرق إلى معرفة الإجابة على سؤال هل صلاة العصر لها سنة؟ نوضح الدلالة الواردة حول مشروعيتها، فعن عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ، بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ، بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ، ثم قال في الثالثة: لِمَن شاءَ).
يُبين الحديث أن بين كل أذانين صلاة: المقصود هنا آذان الصلاة والآذان الإقامة للصلاة، والمقصود من لفظ الصلاة في الحديث بوجه عام صلاة السنة لفريضة العصر، وقد كرر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أهمية تلك الصلاة بين الآذان والإقامة تأكيدًا على أهميتها، وحتى لا تشتبه على الناس ويظنها أحدًا الصلاة المفروضة.
لِمَن شاءَ: أي لمن أراد الصلاة بين الآذان والإقامة زيادة في الأجر والثواب، فالأمر هنا على سبيل الرخصة والحث على صلاة التطوع بين الأذان والإقامة، ليس على سبيل الإلزام.
2- الدليل على أن صلاة سنة العصر ليست من السنن الرواتب
للإجابة على سؤال هل صلاة العصر لها سنة؟ نبين بالأدلة السنية أنها مستحبة من خلال هذه الفقرة، فقد أثبت ذلك حديث بن عمر رضي الله عنه وحديث عائشة رضي الله عنها، حيث قال:
(حفظتُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عشرَ ركعاتٍ؛ ركعتَينِ قبل الظُّهرِ، وركعتينِ بعدَها، وركعتينِ بعدَ المغربِ في بيتِه، وركعتينِ بعدَ العِشاءِ في بيتِه، وركعتينِ قبلَ الصُّبحِ، كانتْ ساعةً لا يَدخُلُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيها، حدَّثَتْني حفصةُ، أنَّه كان إذا أذَّنَ المؤذِّنُ وطلَعَ الفجرُ صلَّى ركعتينِ).
جاء شرح الحديث كالآتي: كان أصحاب رسول الله أشد حرصًا على تعلم كل ما يقوم به النبي -صلى الله عليه وسلم- من أفعال حتى يقتدوا به في حياتهم، فيروي بن عمر رضي الله عنه عن السنن المؤكدة غير الفريضة التي قام بها رسول الله وهم 10 ركعات قبل فريضة الظهر وركعتين بعد الفريضة، وركعتين بعد صلاة المغرب، وركعتين بعد صلاة العشاء.
أخبرته حفصة أخته ابنة عمر بن الخطاب وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصلي ركعتين قبل صلاة الفجر فأتم العشر ركعات سنة وهذه هي السنن الرواتب أي السنن المؤكدة فما غيرها من السنن المستحبة، والمقصود بغيرها أي سنة ما قبل العصر، وجه الدلالة من الحديث أن بن عمر رضي الله عنه لم يعد سنة العصر من السنن المؤكدة التي أخبر بها في الحديث.
كما أنها لو كانت سنة العصر من السنن المؤكدة لأخبر عنها في حديثه، حيث “سَأَلْتُ عَائِشَةَ عن صَلَاةِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، عن تَطَوُّعِهِ؟ فَقالَتْ: كانَ يُصَلِّي في بَيْتي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فيُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكانَ يُصَلِّي بالنَّاسِ المَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بالنَّاسِ العِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتي فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الوِتْرُ، وَكانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكانَ إذَا قَرَأَ وَهو قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهو قَائِمٌ، وإذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ وَسَجَدَ وَهو قَاعِدٌ، وَكانَ إذَا طَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ”.
شرح الحديث: السائل هو عبد الله بن شقيق، سأل السيدة عائشة عن الصلوات التطوعية (السنة) التي كان يؤديها صلى الله عليه وسلم، روت عائشة عما رأته من أفعال النبي أنه كان يصلي 4 ركعات نافلة (أي من غير الفريضة) قبل الظهر في البيت ويذهب بعدها لصلاة الفرض في المسجد، وعند عودته كان يصلي ركعتين.
كان -صلى الله عليه وسلم- بعد انتهائه من صلاة المغرب في المسجد كان يعود للبيت ليصلي ركعتين نافلة، وعند انتهائه من صلاة العشاء في المسجد كان يصلي ركعتين من غير الفريضة وبعدها يقيم الليل تسع ركعات منهم صلاة الوتر، حيث جاء في الأحاديث النبوية تفصيلًا لذلك، حيث قيل:
“كانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، أي أنه صلَّ الله عليه وسلم كان يصلي قيام الليل أحيانًا وهو قائم وأحيانًا أخرى وهو جالس، وعند دخول وقت الفجر بدأ بركعتين سنة قبل أداء فريضة الفجر”، ووجه الدلالة من الحديث أن صلاة العصر ليس لها سنة مؤكدة.
اقرأ أيضًا: موعد صلاة الفجر في المدينة المنورة
دكتور حسام الدين أستاذ الفقه وأصول الفقه في جامعة القدس
للإجابة عن سؤال هل صلاة العصر لها سنة؟ نذكر رأي الدكتور حسام الدين في هذا الحكم حيث قال: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين أو أربع ركعات قبل أداء صلاة العصر، واستدل بقول بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رحِمَ اللَّهُ امرَأً صلَّى قبلَ العصرِ أربعًا).
المقصود من الدليل السابق أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحب أن يرغب الناس في فضل صلاة النوافل، فقوله رحم الله امرأ قد يقصد به الدعاء للإنسان وقد يتطلب البشارة بالرحمة من الله عز وجل، وصلَّى قبلَ العصرِ أربعًا أي صلاة أربع ركعات سنة، وهي مستحبة ليست مؤكدة، وروي عن الإمام علي بن أبي طالب عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
(كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يصلِّي قبلَ العَصرِ أربعَ رَكعاتٍ يفصلُ بينَهنَّ بالتَّسليمِ على الملائِكةِ المقرَّبينَ ومن تبِعَهم منَ المسلمينَ والمؤمنينَ).
بناءً على كافة الأحاديث السابقة والأدلة الواردة على سواء نقلية أو عقلية فإن المسلم مخير بين أداء ركعتين أو أربع ركعات قبل أداء فريضة العصر، طمعًا في زيادة الأجر، وأن تطوع صلاة العصر لم يذكر مع السنن الرواتب.
ما حكم صلاة السنة بعد العصر؟
بعد أن تعرفنا على الإجابة على سؤال هل صلاة العصر لها سنة؟ وما حكم أدائها بعد الفرض؟ لا يوجد صلاة سنة للعصر بعد الفرض للنهي المرتبط بالوقت، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة بعد أداء فريضة العصر حتى تغيب الشمس، وهناك عدة أدلة من السنة على حكم الصلاة في أوقات النهي ومنها الوقت بعد صلاة العصر، ونذكر كافة الأدلة في النقاط التالية:
- لقول بن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: “شهِدَ عندي رجالٌ مرضيُّون، وأرضاهم عندي عُمرُ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن الصَّلاةِ بعدَ الصبحِ حتَّى تشرقَ الشَّمس، وبعدَ العصرِ حتى تغرُب”.
- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “لا تَحرَّوْا بصلاتِكم طلوعَ الشَّمس، ولا غروبَها”.
- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ الجهنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: “ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينهانا أن نُصلِّيَ فيهنَّ، أو أن نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تغرُبَ”.
بناءً على ما سبق من الأدلة، أتفق الأئمة على أن التطوع الذي ليس له سبب غير جائز في الأوقات الذي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، لكن استثنى فقط من أوقات الكراهة من كان عليه فائت، فيجب على من نام عن صلاة أو نسيها أن يصليها متى تذكرها حتى ولو تذكر في أوقات الكراهة، واستدلوا على ذلك بحديث أبي قتادة عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:
“ليس في النومِ تفريطٌ، إنما التفريطُ على مَن لم يصلِّ الصلاةَ حتى يجيءَ وقتُ الصلاةِ الأُخرى، فمَن فعَل ذلك فلْيُصلِّها حين ينتبهُ لها”، كما ورد أحاديث أخرى عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إذا أَدْرَك أحدُكم سجدةً من صلاة العصرِ، قبل أنْ تَغرُب الشَّمسُ، فليتمَّ صلاتَه، وإذا أدرك سجدةً من صلاةِ الصبح، قبل أن تَطلُع الشمسُ، فليتمَّ صلاتَه”.
اقرأ أيضًا: صلاة الشفع والوتر جهرا أم سرا
وجه الدلالة من الأحاديث
إن أحاديث النهي كلها مخصوصة وهذه الأحاديث عامة فوجب تقديم العام على الخاص وهو حجة عند جمهور السلف، وأتفق الأئمة الأربعة على أن الصلوات ذات السبب لا يجوز أدائها في أوقات النهي واستدلوا بأحاديث النهي منها عمومُ حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، حيث قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (إذا طلَعَ حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى ترتفعَ، وإذا غابَ حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى تغيبَ).
حكم صلاة سنة العصر هو الاستحباب أي تحصل على ثواب إذا فعلتها وإذا لم تفعلها لا تُسأل عنها، فإنما شرعت صلاة السنة للتقرب من الله وزيادة في الخير، وتعويض صلاة السنة ما نسي العبد من صلوات الفرض.