آيات قرآنية عن العلم مزخرفة
آيات قرآنية عن العلم مزخرفة هي من الأشكال المفضلة للآيات، وآيات العلم من الآيات التي وردت في القرآن الكريم بشكل متكرر، فالدين الإسلامي يحثنا على العلم والتعلم، حتى أن أول الآيات التي نزلت على رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم كانت {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، فلك أن تتخيل قيمة العلم والأمر الإلهي الذي حثنا على النهل من نهره، وعبر منصة وميض سنستعرض آيات قرآنية عن العلم مزخرفة الشكل.
آيات قرآنية عن العلم مزخرفة
ذكر الله العلم في مواضع عبر صفحات كتابه العزيز، فالدين الإسلامي أوصانا على العلم، والعلم في الإسلام لا يشتمل على العلم والفقه بأحكام الدين والآداب الخاصة به فقط، فالإسلام جاء مُلم وشامل بشتى أنواع العلوم في الدنيا، فامتدت جذوره حتى وصلت للعلم الكوني والعلم المادي، ومن أعلم من الله ليذكر صور الإعجاز الكوني وآيات الإبداع حولنا.
تعتبر أكثر الصور التي تعبر عن قدر العلم وحث ديننا الإسلامي الحنيف عليه، هو إرسال الله لرسولٍ أُمي على قومه من الذين يتشابهون معه في ذلك، فما ميزه عنهم حينها علمه الذي متعه الله به، فالمعرفة دائمًا ما تكون سبب لالتفاف الناس حولك، خاصةً في حال ما كنت تعلم ما يجهلون.
كما أن هناك العديد من الدلائل التي تشير إلى تشجيع الإسلام على العلم والتعلم، والأمر الإلهي بالعلم لم يشتمل على سائر العباد دون الأنبياء، فأمر الله لرسوله الكريم كان اقرأ، ووصيته له كانت الإنصات وعدم الاستعجال في قراءته للقرآن الكريم، وأمره بدعاء الله حتى يزيد من علمه ومعرفته.
فقد كان نص هذا الأمر في الآية رقم 114 من سورة طه، وجاء على الشكل التالي {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}،
هذا الدعاء أعلاه هو الآية الأولى من آيات قرآنية عن العلم مزخرفة نستعرضها لكم فيما يلي من سطور وفقرات.
اقرأ أيضًا: آيات قرآنية عن الأمل والطموح
آيات الله تعالى عن العلم في كتابه الحكيم
الأمثلة التي حث فيها ديننا الإسلامي الحنيف على التعلم لا حصر لها، فمنها ما جاء في القرآن الكريم، ومنها ما ورد في سنة خير البرية، بالإضافة إلى أحاديث السلف الصالح، كما كان للعلماء المسلمين الذين أنعم عليهم الله جلَّ جلاله بنعمة العلم نصيبٌ في ذلك، وفيما يلي نستعرض لكم آيات قرآنية عن العلم مزخرفة الشكل.
1- الآية رقم 11 من سورة المجادلة
جاء في هذه السورة الكريم واحدة من الآيات التي تعبر عن قيمة العلم وعظمته، فقد قال الله تعالى في هذه الآية من سورة المجادلة: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
هذه الآية أعلاه هي من ضمن آيات قرآنية عن العلم مزخرفة الشكل، وفي هذه الآية نجد أن الله يعطينا بعض المكافآت الإلهية التي يختص بها المؤمنون وأصحاب العلم، فيرفع الله من درجاتهم، ويعطيهم من الثواب والنعم ما لا يمكن حصره، ويعلي من مراتبهم في الدنيا والآخرة، والله له العلم كله فلا يخفى عنه ما نعلم، وهو مجازينا عن كلِ علمٍ نافع نعلمه.
2- الآية رقم 28 من سورة فاطر
جاء في هذه الآية الكريمة من سورة فاطر واحدة من صور الفوائد وأشكال الفوائد التي تعود على أصحاب العلم في الحياة الدنيا، فقد قال الله تبارك وتعالى في الجزء الأخير من هذه الآية: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}.
أصحاب العلم ومن يتطلع له دائمًا ما يسعون لمعرفة الأسرار والخبايا في دنيانا، وكلما ازداد علمهم واطلاعهم على علوم الحياة الدنيا، كلما ازدادوا إجلالًا وخوفًا من الله تبارك وتعالى.
فمن يخشى الله أكثر ممن علم قدرته وصفاته ومن يتقي الله ويجتنب أن يعصيه أكثر ممن رأى الآيات والصور التي تشير إلى عظمة الخالق تعالى سلطانه، وهذا من خلال العلم والإلمام بشرعه وصفاته وقوته، كما أن هذه الآية من أجمل آيات قرآنية عن العلم مزخرفة الشكل.
3- الآية رقم 9 من سورة الزمر
في هذه الآيات يبين الله مكانة العلم والعلماء، فيمكننا أن نستشف من قول الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} مدى تقدير الله للعلم وأصحابه من العلماء، فلا يتشابه الجاهل بالعالم عند الله تعالى.
في الآية أعلاه والتي جاءت من ضمن آيات قرآنية عن العلم مزخرفة، هناك دلالة واضحة على مدى قدرة العلم والمعرفة على رفع صاحبها ومن يمتلكها إلى مراتب عليا، فالعالم بأمور دينه لا يستوِ من لا يعلم شيئًا، فمن يعلم قدرة الله وأهوال الآخرة تجده يتعبد خوفًا وحذرًا حتى تنزل عليه رحمة ربه.
أما من يجهل دينه وقدرة بارئه تجده يمتنع عن الصلاة والقيام والدعاء، فعقله الذي عصف به الجهل وقلة الإيمان لا يقوى على التفكير بكل ذلك، لذا لا يمكن أبدًا المساواة بين من يعلم أمور دينه ودنياه ومن يجهلها، ومن يتعظ من ذلك هم أصحاب العقول السلمية والفطرة الطيبة، فكما يقال أصحاب العقول في نعيم.
4- الآية رقم 29 من سورة ص
في هذه الآية الكريمة يحثنا الله تبارك وتعالى على إعمال العقل والتدبير، ففي قول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} دعوة للتفكر والبحث عما وراء الأمور، ومحاولة لفهم الدنيا وما يجري حولنا.
هذه الآية أعلاه والتي جاءت بشكل آية قرآنية عن العلم مزخرفة، هي من الآيات التي تعد ردًا قاطعًا على من يدَّعي أن الإسلام جاء لجعلنا مسيرين ومغيبين، فحاشا لله أن يعامل عباده بهذا الشكل، فالله مكننا وأعطانا عقولًا وأمرنا باستخدامها حتى نصل إلى الصواب، ولا يصل إلى الحقيقة إلى من يهده الله وينعم عليه بذلك.
5- الآية رقم 1 من سورة العلق
سورة العلق والتي اشتهرت باسم سورة اقرأ، هي من السور التي تحث على العلم والتعلم، فتخيل أن يكون أول أمر إلهي للرسول الكريم هو القراءة، فكانت هذه الآية الأولى والوصية الأولى من الوصايا التي لم تنتهِ ولم تنضب من الله جلَّ جلاله وتعالى سلطانه إلى رسوله الكريم.
كان الرسول الكريم متيقنًا من وجود خالق لهذا الكون البديع بكل ما فيه من إعجاز، وهي بلا شك ليست الآلهة التي تدَّعي قريش أنها من خلقت وسوت كل ذلك، والرسول الكريم وُلِدَ مؤمنًا مسلمًا، فلم يتدين رسولنا الكريم بدين قومه قط، وكان على علم أن الأصنام التي يقومون بصنعها ليست بقادرةٍ على تحريك ساكن.
عندما كان الرسول الكريم يتعبد في غار حراء نزل عليه الوحي، وكانت هذا هو الوحي الأول الذي يوحى بشكل مباشر لنبينا محمد أشرف خلق الله، ففي بداية الأمر كان الوحي يأتيه على هيئة رؤى صادقة وصالحة تتحقق وتأتي لا محالة مثل فلق الصبح.
في المرحلة التي تلي الرؤى حبب الله لرسولنا الكريم محمد بن عبد الله الخلاء والعزلة، فأصبح الرسول صلى الله عليه وسلم يخلوا في غار حراء، فيجلس هناك ليالٍ عدة، ويعود بعدها إلى سيدتنا خديجة أم المؤمنين، ومن ثم يذهب مرة أخرى لغار حراء.
كانت ليالي التعبد في حراء كثيرة، ولكن هناك ليلة لم تتشابه مع غيرها قط، ففي هذه الليلة الموعودة جاء الحق على رسولنا الكريم، فكان الروح الأمين جبريل عليه السلام يقوم بإيصال الأمر الإلهي الذي يحث رسولنا الكريم على القراءة، فقال له اقرأ، وسيدنا محمد قال له ما أنا بقارئ، حيث كان أُميًا يجهل الكتابة والقراءة.
نزول الآية الأولى من القرآن الكريم
توالت مرات الأمر الذي وجهه سيدنا جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة، فقام سيدنا جبريل بتغطية رسول الله حتى نال منه الجهد، وفي المرة الثالثة قال سيدنا جبريل اقرأ، واتبع قوله بالسورة الكريمة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
الآية الكريمة أعلاه، والتي تأتي ضمن العديد من آيات قرآنية عن العلم مزخرفة، هي من الرواسخ وأوائل الأمور الإلهية الكريمة على الإطلاق فيما يخص العلم وغيره، وكان أمر الله قاطع، فكان هذا واضحًا في إصرار سيدنا جبريل على جعل نبي الله يقرأ.
فالأمر كان القراءة مع إسباقها باسم الله المتفرد الذي لا يوجد إله سواه، والله كثير الإحسان وكريم للحد الذي لا حد له، فهو الجواد الذي علم خلقه جميعًا الكتابة بالقلم، وأمرهم بالقراءة، وأحاطهم علمًا بما لم يكن لهم فيه أدنى معرفة، وهذا ما نقل الخلق من ظلمات الجهل والأمية إلى نور العلم الذي يُستخدم لتدبر آيات الخلق والخالق.
6- الآية رقم 113 من سورة النساء
هذه الآية من الآيات التي تصلح في جميع مواقف التعلم وبلوغ مستويات رفيعة من العلم والمعرفة، ففي قول الله تبارك وتعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} نجد هداية الله لنا للعلم وفضله ومنه علينا بالمعرفة العظيمة بتعليمنا ما كنا نجهله، وهذه نعمة من أكبر النعم.
في الصورة أعلاه نجد آية من أجمل آيات قرآنية عن العلم مزخرفة الشكل بأجمل الخطوط العربية، ووصف الله تعالى العلم بالفضل العظيم يوحي بمدى المكانة التي يشغلها العلم في دنيانا، ودرجة الفائدة التي تعود علينا من التعلم، فهذا كلام بارئ الكون وخالقه، وهو الأعلى والأعلم.
اقرأ أيضًا: آيات تجعل الزوج يسمع كلام زوجته
آيات قرآنية عن العلم
الآيات التي حثت وتحدثت عن العلم في القرآن الكريم عديدة، فالقرآن فيه سعي لا متناهي على التفكر والتدبر وإعمال العقل والمنطق، ومن أمثلة الآيات الخاصة بالعلم في كتاب الله الكريم كل مما يلي:
- {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، الآية رقم 14 من سورة القصص.
- {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، الآية رقم 5 من سورة يونس.
- {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}، الآية رقم 66 من سورة الكهف.
- {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ}، الآية رقم 15 من سورة النمل.
- {بَل هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ}، الآية رقم 49 من سورة العنكبوت.
- {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، الآية رقم 2 من سورة الجمعة.
- {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}، الآية رقم 40 من سورة النمل.
أحاديث شريفة عن العلم والمعرفة
السنة النبوية الشريفة مليئة بالدرر والكنوز التي يجب أن نستمد منها الكثير من العلم والفائدة، ورسولنا الكريم بعد أن كان أُميًا وذاق الطعم الحلو للعلم، أصبح يدعوا له سواء ما كانت هذه الدعوة نابعة عنه أو من نتاج الأوامر الإلهية العديدة، ومن أمثلة هذه الأحاديث الشريفة ما يلي:
1- جاء على لسان الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا”.
يقول رسولنا الكريم أن الله إذا شاء أن يقبض العلم من العباد لا يقبضه من قلوبهم وأذهانهم، بل يقبض أرواح العلماء ذاتهم، فيذهب معهم علمهم ولا يخلفهم من يكمل المسير، حتى لا يصبح هناك من العلماء الذين يمكن استشارتهم، فيتخذ الناس الجهلاء مصدر للمشورة والنصيحة، فيُضَلون ويُضِلون.
في هذا الحديث دلالة صريحة على كون العلم هو السراج المنير في الدنيا، وهو منارة الهداية وطريق المعرفة، ومن دون هذا المصباح سيكون الناس في ظلمات دامسة لا تزداد إلا سوادًا.
2- عن أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه، أن رسولنا الكريم عليه صلوات الله وتسليمه قال: “من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا ، سلك اللهُ به طريقًا من طرقِ الجنةِ ، وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العِلمِ ، وإنَّ العالِمَ ليستغفرُ له من في السماواتِ ومن في الأرضِ ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ ، وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا ، ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ”.
هذا الحديث يبين فضل العلم ومكانته في ديننا الإسلامي، فيقول رسولنا الكريم أن الملائكة تضع أجنحتها حتى يمشي عليها طالب العلم في مأمن، ومن المحتمل أن يكون هذا المعنى حقيقي وليس مجازي فقط، وقد تكف أجنحة الملائكة عن الطيران حتى تستمع للعلم.
كما أن الحبيب المصطفى قال إن المخلوقات كافة تستغفر لطالب العلم حتى الحيتان في جوف الماء وأعماق البحار والمحيطات، وهناك تشبيه في غاية الجمال والدقة، فيقول رسولنا الكريم أن العلم لطالبه كالقمر المنير في ليلة البدر، وهذا يدل على شدة جماله وراحته وكونه يبعث النور وينشره.
بالإضافة إلى أن رسولنا الكريم قال إن العلماء هم من ورثوا تركة الأنبياء، وتركة الأنبياء لم تشتمل على الأموال والدنانير، ولكنها كانت العلم الكبير والمعرفة الغير متناهية، فمن نال من هذا الورث نال من نعيمٍ غير منقطع.
اقرأ أيضًا: آيات قرآنية عن العلم لبحث التخرج
تقدير رسولنا الكريم للعلم والمعرفة
العلم في الإسلام ليس له حد معين، وعلى الرغم من مكانة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان يترك أصحاب العلم يبدون آراءهم، وكان دائمًا يستشيرهم في علوم الدنيا، وفي هذا عدم تعالي أو استكبار، فأصحاب المناصب والسُلطات لا يحبون أن يقوم أحد بالتعديل عليهم، فما بالك برسول الله.
من أكثر المواقف التي تبين كون سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لا يتعالى على العلم والمعرفة، ويعلم أن هناك من هو أعلم منه في أمرٍ معين، هو الموقف الذي جاء في صحيح مسلم على لسان أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، والذي قال فيه ما يلي:
“أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَرَّ بقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقالَ: لو لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ قالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بهِمْ فَقالَ: ما لِنَخْلِكُمْ؟ قالوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بأَمْرِ دُنْيَاكُمْ“.
في هذا الحديث الشريف كان رسول الله يمر بجوار قومٍ يقومون بتلقيح النخل، أي يدخلون طلع الذكري في طلع الأنثى بعد شقه، فقال لهم رسولنا الكريم إن لم تقوموا بهذا الأمر لن تختلف النتيجة، فاستمعوا إلى كلام رسولنا الكريم وطبقوه.
عندما جاء موسم الحصاد في السنة التي تليها، وجد الرسول الكريم أن التمر الناتج شيص، والشيص هو التمر الذي لا يكون فيه ما يؤكل من شدة رداءته، فسألهم ما لنخلكم، لماذا هو بهذه الحال، قالوا قلت لنا كذا وكذا وقمنا بذلك، فرد عليهم بقولٍ فيه من الحكم الكثير، ألا وهو أنتم أعلم بأمور دنياكم.
فما قاله الرسول هو ظنٌ منه، ولا يؤاخذ المرء على ظنه، وقال لهم أنه إذا حدثهم في أمور الدين وعن الله، فهذا ليس من الظن، حينها لا ينطق عن الهوى والتفكير، ولن يكذب على الله جلَّ جلاله وتعالى سلطانه.
إن القرآن مليء بالخبايا والدلالات الجميلة التي يستكشفها المرء يومًا بعد يوم من خلال التعلم والتدبر وفهم التفسيرات والتأويلات الخاصة بالقرآن، ولعل من أكثر الأمور التي تدل على حرص ديننا الإسلامي على التعلم، هو كون كلمة العلم ومشتقاتها وردت في الكتاب العزيز 779 مرة.