حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا
حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا من الأحكام التي يجب على المسلم أن يضعها عين الاعتبار، كون تلك العبارة من العبارات التي تتداول على ألسنة الكثير من الأزواج، على الرغم من احتمالية أن يكون منهم من لا يعي معنى ما يقول، لذا ومن خلال منصة وميض، سوف نتعرف على حكم الحلفان على المرأة بالحرمانية من الرجل.
حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا
في بداية الأمر يجب على المسلم أن يعلم أن الأصل في الزواج أن يكون على سنة الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وليس هناك حلفًا بغير الله عز وجل، أي أن قول إنك محرمة علي وشيء من ذلك القبيل، فإنما يرجع إلى عصر الجاهلية، والذي قال الله تعالى فيه في سورة الأحزاب الآية رقم 33:
“وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا“.
هنا الأمر لا يقتصر على النساء، فكل من يقوم بفعل من أفعال الجاهلية الأولى من شأنه أن يعود إلى نهج الله عز وجل، والذي أحل فيه إن أراد الزوج أن يفترق عن زوجته، أن يقوم بتطليقها، فقد قال -عز وجل- في سورة البقرة الآية رقم 229:
“الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ“.
من هنا نستنتج أن قول تحرمين علي لا أصل له في الدين، إلا أنه يرجع إلى نية الزوج، فإن كانت النية التهديد فإن كفارته كفارة حلف اليمين اللغو، وأما إن كان ظهارًا، فله كفارته كذلك، بينما إن كان يقصد أن تكون زوجته طالقًا، فإن الأمر يختلف جذريًا.
لذا من خلال ما يلي سوف نتعرف على الأمر بشيء من التفصيل، حيث سنتناول حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا من كافة الجوانب.
اقرأ أيضًا: حكم المشي في المنزل بدون ملابس
النية في قول تحرمين علي
في سياق التعرف على حكم من قال لزوجته تحرمين علي، علينا أن نعرف أن الأمر من شأنه أن يكون عائدًا إلى نية الزوج، وعليها يأتي الحكم مفصلًا بالتكفير الخاص به، وذلك إن أراد أن يكمل حياته مع زوجته، دون أن يكون هناك أي شك في أنه يعيش معها وهو لا يحق له ذلك.
لذا ومن خلال ما يلي سوف نتعرف على كافة النوايا التي من الممكن أن تأتي في مخيلة الزوج أثناء قوله ذلك، مع الإلمام بالكفارة التي من شأنها أن تسقط ذلك اليمين، وهذا عبر الفقرات التالية:
1- نية اليمين اللغو
في بعض الحالات تتفاقم المشكلات بين الرجل وزوجته كونها تود أن تقوم بأمر ما، وزوجها لا يرغب في ذلك، حيث ترتفع الأصوات، ولا يجد الزوج مفرًا من المرأة إلا أن يحلف عليها من أجل إسكاتها بعد أن استشاط غضبًا ولم يعد مدركًا ما الذي يفعله.
مع العلم أننا لا نبرر له قول ذلك، حيث إن تلك العبارة ليست من الدين الإسلامي، إلا أنه في تلك الحالة يعتبر القول ما هو إلا حلف اللغو، أي أنه يمين قاله في ساعة غضب لم يكن يعلم العواقب الوخيمة التي تأتي بعده.
فإن تيقن أن الأمر كان كذلك، ونيته لم تكن ظهارًا أو طلاقًا، عليه أن يقوم بالتكفير عن اليمين من خلال أن يصوم ثلاثة أيام متتالية أو أن يقوم بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم به أهله، حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة المائدة الآية رقم 89:
“لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ“.
لكن على الزوج في تلك الحالة أن يكف عن ذلك، وألا يعزم على أن يقول ذلك لامرأته مرة أخرى، حتى لا تضعف العلاقة الزوجية بينهما، وتكون النتيجة الانفصال الشرعي.
اقرأ أيضًا: حكم معاشرة الزوجة بعد الطلاق
2- نية الظهار
إن كان المقصود من قول الرجل ما جاء في حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا أنه يظاهرها، أي أنها لا تجوز له أن يعاشرها إن فعلت أمر ما، وقد فعلته، ففي تلك الحالة على الزوج أن يكفر عن الحلف تبعًا لنيته.
فقد قال الله تعالى في سورة التحريم الآية رقم 3: “الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الَّلائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ“.
فإن كان يقصد أنه لا يود أن يمارس معها العلاقة الحميمة كنوع من أنواع التأديب لها، وأراد أن يعود عما قال، فإن كفارته في تلك الحالة أن يقوم بتحرير رقبة قبل أن يلتقيا في الجماع الشرعي، وبالطبع فإنه لن يجد الرقبة التي يجب أن يحررها، كوننا في عصرنا الحالي لا يوجد لدينا من يستوجبون العتق.
لذا فإنه في تلك الحالة على الزوج أن يقوم بصيام شهرين متتابعين حتى يعلم جرم ما اقترفه، فقد قال جل وعلا في سورة الحشر الآيتين 4، 5:
“وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ“.
اقرأ أيضًا: حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة
3- نية الطلاق
أما إن كانت نيته حين قال ذلك أنه يريد الطلاق، في تلك الحالة يتشكل حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا وفعلت، بأن تحتسب طلقة رجعية من شأنه أن يتمها أو أن يتراجع عنها.
فإن أراد إتمامها، فإنه يجب عليه أن يرحل عن المنزل، وألا يخرج زوجته كما أمر الله في سورة الطلاق الآية رقم 1: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا“.
أما في حالة أنه يود أن يتراجع عن ذلك الحلف، فإنه من الممكن أن يعاشر زوجته، أو أن يقول لها أنه قد ردها إلى عصمته، وليس عليه كفارة، إلا أنها في تلك الحالة تحتسب طلقة من الثلاث طلقات المباحة للزوج.
أحكام الدين الإسلامي سهلة وميسرة، إلا أنه على المسلم أن يكون ملمًا بها قدر المستطاع من أجل أن يتعرف على دينه على النهج الصحيح.