حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث
ما حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث؟ وهل يجب الطلاق بعد الحلفان به؟ وما هي كفارة من حلف على شيء لم يحدث؟ يتم طرح هذه الأسئلة من قِبل كثير من الناس الذين يريدون معرفة كيف يُحاسب المرء إذا حلف بالطلاق على شيء لم يحدث ويتساءلون إذا كان الطلاق واقع بعد الحلفان به، لذا من خلال منصة وميض سنقوم بذكر التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع.
حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث
الطلاق هو فعل شرعه الله ويُعتبر رحمة منه في أغلب الأوقات، نظرًا لأن هناك الكثير من الأزواج الذين يقعون بالمشاكل والصعاب التي يكون حلها الوحيد والأفضل هو الطلاق، يكون الطلاق في هذه الحالة بمثابة حل العقدة المُسببة للمشاكل، حيث تم ذكر كلمة الطلاق في القرآن الكريم 14 مرة، والدليل على تشريع الله له هو قوله تعالى:
{ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً }الآية 28 من سورة الأحزاب.
يحدث ذلك عندما يصل كل من الزوجين إلى طريق مسدود فوجدا أنهما لا يستطيعان العيش مع بعضهما البعض، في هذا الوقت يكون الطلاق هو المصلحة العامة للجميع بما فيهم الأطفال إذا كانوا متواجدين.
في وقتنا الحالي نجد أن هناك كثير من الرجال الذين يحلفون بالطلاق على أشياء لم تحدث لذلك حدث مناقشة وظهرت عدة آراء حول حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث والتي سوف نقوم بذكرها في السطور التالية.
اقرأ أيضًا: حكم الشرع في الزوجة التي تخون زوجها عن طريق الإنترنت
الرأي الأول في حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث
تعددت الآراء حول أمر الحكم الشرعي للحالف بالطلاق على شيء لم يحدث حتى انقسمت إلى 3 آراء مختلفة، أول رأي منها كان يُمثل علماء الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، فرأوا أن الطلاق المعلق واقع إذا حدث الأمر الذي تم تعليق الطلاق عليه، في أي حالة من الحالات الآتية:
- إذا كان هذا الأمر للحث على فعل شيء ما.
- إذا كان هذا الأمر للحث على الابتعاد عن شيء ما.
- إذا كان الطلاق شرطي والمقصود منه هو توضيح الجزاء إذا تم حدوث فعل الشرط.
- إذا كان الأمر هو فعل سيتم وقوعه من أحد الزوجين.
- إذا كان الطلاق هو تأكيد على خبر ما.
- إذا كان الأمر هو شيء سماوي خارج عن إرادة المرأة.
أوضح الإمام السرخسي مسألة الطلاق الشرطي وجزاؤه من خلال قوله إن يمين الطلاق هو إذا قال المرء إن دخلتِ الدار فأنتِ طالق، وإن قام بتغيير الجزاء وقال إن دخلتِ الدار فعبدي حُر، فنجد هنا أن الشرط واحد ولكن الاختلاف يكمُن في جزاء الشرط وهو الطلاق في الجملة الأولى والحرية للعبد في الجملة الثانية.
الأدلة الخاصة بالرأي الأول
استند جمهور الرأي الأول الخاص بالمذاهب الأربعة على آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة، والتي تتمثل بعضها فيما يلي:
- {الطّلاق مرّتان }الآية 229 من سورة البقرة.
- (المسلمونَ على شروطِهم) رواه أبو هريرة.
- (طَلَّقَ رجُلٌ امرأتَه البَتَّةَ إنْ خرَجَتْ، فقال ابنُ عُمرَ: إنْ خرَجَتْ فقد بُتَّتْ منه، وإنْ لم تَخرُجْ فليس بشَيءٍ) رواه البخاري.
الرأي الثاني في حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث
يُمثل الرأي الثاني كل من ابن القيم وابن تيمية ورأوا أن الطلاق المعلق غير واقع في أي حالة من الحالات الآتية:
- إن كان قسم الطلاق بغرض الحث على فعل شيء ما.
- إذا كان هدف القسم هو الابتعاد عن فعل شيء ما.
- إذا كان الغرض من قسم الطلاق هو تأكيد الخبر.
الفارق هنا هو وجود النية، فإذا حلف الزوج بالطلاق على زوجته وهو ينوي تطليقها بالفعل، وقع الطلاق في الحالات التي تم ذكرها سابقًا، ولكن في حالة أنه لم ينوي تطليقها بشكل واضح، فإن الطلاق لا يقع حتى ولو حدثت أي حالة من الحالات التي تم ذكرها سابقًا.
يرى ابن القيم أنه لا توجد كفارة للحالف بالطلاق إن لم يفي بقسمه، على عكس ما يراه ابن تيمية وهو لزوم الكفارة للحالف بالطلاق إذا لم يفي بقسمه، لذلك قال ابن تيمية (هذه الأيمان إن كانت من أيمان المسلمين ففيها كفّارة وإن لم تكن من أيمان المسلمين لم يلزم بها شيء، فأمّا إثبات يمين يلزم الحالف بها ما التزمه ولا تُجزِئه فيها كفّارة، فهذا ليس في دين المُسلمين؛ بل هو مُخالف للكتاب والسُنّة).
اقرأ أيضًا: حكم نزول ماء من المهبل عند البنات
الأدلة الخاصة بالرأي الثاني
استدل جمهور الرأي الثاني ببعض الآيات القرآنية التي تتمثل فيما يلي:
- {ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ }الآية 89 سورة المائدة.
- {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} الآية 3 من سورة التحريم.
الرأي الثالث في حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث
الرأي الثالث والأخير هو الرأي الخاص بالظاهرية والإمامية، الذين رأوا أن الحلف بالطلاق غير واقع حتى في حالة حدوث الأمر الذي تم الحلفان بالطلاق عليه، نظرًا لأن الطلاق هو يمين، واليمين غير جائز بغير الله تعالى.
هم غير معترفين بأن هناك ما يُسمى بيمين الطلاق، فالقسم الوحيد هو القسم بالله عز وجل، ومن فعل غير ذلك فهو يتعدى على شريعة الله تعالى.
الأدلة الخاصة بالرأي الثالث
استند المنتمون إلى الرأي الثالث ببعض الأدلة التي تتمثل فيما يلي:
- (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله) صحيح مسلم.
- {ومن يتعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه }الآية 1 من سورة الطلاق.
صيغ الطلاق
سنقوم في هذه الفقرة بتوضيح صيغ الطلاق حتى تكون الأمور التي تخص حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث أكثر وضوحًا، فنجد أن هناك صيغتين من صيغ الطلاق والتي سوف نذكرهما بالتفصيل فيما يلي:
1- طلاق الصفة
تشمل هذه الصيغة الطلاق المعلق بقصد إيقاع الطلاق، وهو أنه لا يتم الحلف به لإجبار أحد على فعل أمر ما، ولكن يكون الحالف ينوي الطلاق بشكل فعلي عند حدوث الأمر الذي خصه بالحلفان، فمثلًا عندما يقول الرجل لزوجته إن جاء فلان هنا فأنت طالق، فإذا حدث وجاء هذا الشخص يقع الطلاق وتعتبر الزوجة طالق.
2- صيغة التعليق اللفظي
القصد من هذه الصيغة هو أن يرغم الرجل زوجته أو نفسه على فعل شيء ما أو تجنب فعل شيء آخر، فيقول إذا ذهبتي إلى فلان فأنت طالق، فنجد أن الغرض من الحلفان هنا ليس الرغبة في إيقاع الطلاق ولكن الغرض هو منع الزوجة من الذهاب إلى الشخص المقصود.
اقرأ أيضًا: حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول
كفارة يمين الطلاق
يعتبر يمين الطلاق حلف بغير الله وهو أمر غير مرغوب فيه، لذا على المسلم أن ينتبه من هذا القسم، لما يشمله من خطر على العلاقة الأسرية أيضًا من خلال فصل روابطها، فيصبح يمين الطلاق مصدر لفساد الأمور الدينية والدنيوية، ومن يقوم به عليه أن يُكّفر عن ذلك عن طريق إطعام عشرة مساكين.
لا يجوز إخراج النقود باعتبارها كفارة ليمين الطلاق، حيث يجب إطعام 10 أفراد من المحتاجين سواء في بيت الحالف أو خارجه، ويكون نصيب كل فرد منهم كيلو ونصف من أي نوع طعام.
لا يُفضل الحلفان بالطلاق بشكل عام، فيجتنبه المسلم ليبعد عن الشبهات، ويتجنب الإكثار من الحلفان بالله في أي حديث لا يستدعي ذلك، فقال الله تعالى:
{ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ }الآية 89 من سورة المائدة.
الطلاق هو أبغض الحلال عند الله، ولكن الحلفان به يعتبر محط شبهات، لذا يجب على المسلم عدم القيام به تجنبًا للوقوع في الحيرة بين آراء أحكامه المختلفة.