هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة
هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة أو من ذبيحة النذر أم لا؟ وما مواصفات ذبيحة الصدقة؟ فالصدقة تكون من أجل التقرب إلى الله -جل وعلا- والبعض يذبح ذبيحة لأجل أن يتصدق بها على أقاربه وأهله، ومن خلال منصة وميض سنعرف هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة أم لا، وما هي مواصفات الذبيحة.
هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة
يجعل بعض الناس ذبيحته تقربًا إلى الله، وإن كانت هذه الذبيحة ليست للنذر وإنما للصدقة، فهي تعد تطوعًا، وصدقة التطوع لا تكون إلا بالقبض، وإذا لم يقم بقبضها من الجهة التي نوى بها الذبيحة، فيمكنه أن يأكل من ذبيحته دون كراهية في ذلك.
قال منصور بن يونس الحنبلي في كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع: أنه من أخرج شيئًا يتصدق به أو وُكل بالتصدق به ثم بدا له ألا يتصدق به استحب أن يمضيه ولا يجب أن يتصدق به، لأنه لا يملكها المتصدَق عليه سوى بقبضها، وقد روي عن عمرو بن العاص أنه حينما كان ذاهبًا لسائل ليتصدق له بالطعام ولم يجده، قام بعزل الصدقة حتى يجيء شخص آخر، وهذا ما قاله الحسن.
إذا قام الشخص بذبح ذبيحة، ونوى التصدق بها، فهذه الصدقة لا تلزم حتى يقبضها الشخص، فإن قبضها فتصبح صدقة عليه، وإذا تنزه الشخص عن الأكل من ذبيحته فلا شك أن ذلك أولى وأفضل؛ حتى لا يكون ضمن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (مَثَلُ الذي يَرْجِعُ في صَدَقَتِهِ، كَمَثَلِ الكَلْبِ يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ فَيَأْكُلُهُ) حديث صحيح، رواه عبد الله بن عباس، مصدره صحيح مسلم.
لا يأثم صاحب الذبيحة أن يقسمها بما يستحب في تقسيم الأضحية، وفي هذه الصدقة فضل عظيم فهو في ذلك يقوم بإكرام جيرانه، أو عائلته، أو أصدقاءه، وهذا عمل طيب وصالح، يزيد المحبة والصلة بينهم، فيؤجر على ذلك.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلق قبل ذبح الأضحية
هل يجوز للناذر الأكل من ذبيحته
قد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- من النذر، حيث قال: (لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح مسلم، ولكن إن نذر العبد نذرًا لطاعة الله فيجب أن يوفيه، لقول الله تعالى: (وليوفوا نذورهم) (الحج: 29).
لكن إن نذر الشخص أن يذبح ذبيحة في بيته، وكان مقصد نيته أن يأكل منها هو وأهله فليس عليه شيء في هذا ويجوز له الأكل منها، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) حديث صحيح، رواه عمر بن الخطاب، مصدره صحيح البخاري ومسلم.
أما إن نذر الشخص أن يذبح ذبيحة ويوزعها على الفقراء والمساكين فلا يجوز له أن يأخذ منها شيئًا له أو لعائلته؛ لأن عليه أن يوزعها للفقراء والمساكين سواء إن كانوا في بلده أو في مكان آخر.
قالت لجنة الفتوى الدائمة في هذا الأمر أن من نذر نذرًا فيه إطعام طعام فمن الأصول عليه ألا يأكل مما نذر إلا إن كان قد نوى في نذره أن يأكل منه ففي هذا يباح له أن يأكل كما اشترط في نذره.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة في الليل وهل يفسد الصيام
مواصفات ذبيحة الصدقة
يجب على الذبيحة أن تكون على مواصفات معينة قد حددها الله -جل وعلا- حتى لا يقع العبد في إثم من ذبيحته وسوف نعرض لكم في الأسطر القادمة مواصفات ذبيحة الصدقة، وذلك بعد أن قدمنا لكم هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة
يجب أن تكون الذبيحة معافاة من أي مرض، وسليمة من أي إعاقة، فيجب ألا تكون عوراء، أو مريضة، أو هزيلة، أو عجفاء، أو عرجاء، وإن كانت الصدقة لأجل الأضحية، فيجب البدء بالذبح عقب صلاة عيد الأضحى، وتستمر إلى انتهاء ثلاثة أيام التشريق، وهو الذبح حتى ثالث يوم من أيام عيد الأضحى.
للدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أوَّلَ ما نبدَأُ به في يومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ ثمَّ نرجِعَ فننحَرَ فمَن فعَل ذلك فقد أصاب سُنَّتَنا ومَن ذبَح قبْلَ ذلك فإنَّما هو لحمٌ قدَّمه لأهلِه ليس مِن النُّسكِ في شيءٍ) حديث صحيح، رواه البراء بن عازب، مصدره تخريج صحيح ابن حبان.
سنن وآداب الذبح
توجد عدة أمور أمرنا بها النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل القيام بذبح الصدقة أو الأضحية، وقد تعد آدابًا للذبح، وسوف نعرض لكم فيما يلي بعض آداب الذبح، استكمالًا لموضوعنا عن هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة.. حيث تأتي على النحو التالي:
- يجب القيام بسن الشفرة حتى تصبح حادة قبل البدء بالذبح، ودليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيءٍ فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلةَ وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحةَ وليُحدَّ أحدُكم شَفرتَه وليُرحْ ذبيحتَه) حديث صحيح، رواه بن الوزير اليماني، مصدره العواصم والقواصم.
ويجب ألا يسن شفرته أمام الذبيحة، لأن هذا من آداب الذبح.
- الإسراع في الذبح حتى لا تؤلم الذبيحة؛ لأنه من الآداب أن يقوم الذابح بقطع المريء والحلقوم، والودجين.
- عدم إحضار ذبيحة الأضحية إلى مكان ذبحها بطريقة عنيفة أو قاسية.
- يجب أن يريح الرجل ذبيحته عند الذبح فيجعله تضجع على جانبها الأيسر، وأن يستقبل القبلة في ذبحها، ويمرر لها بعض الماء قبل الذبح.
- يفضل أن يقوم صاحب الأضحية أو الذبيحة بالذبح إذا كان عالمًا بشروط الذبح وسننه، ولا بأس أن يكلف المهمة لمن يعرف عنه.
- يجب ألا ينسى ذكر الله -تبارك وتعالى- بقوله بسم الله قبل البدء بذبيحته، والدليل على ذلك قول الله -جل وعلا- في سورة الأنعام في الآية رقم 118 (فكلوا ممّا ذُكر اسمُ الله عليه).
- بعد أن يقوم بالذبح يصبح عليه التصدق بلحومها، للفقراء والمساكين وذلك عملًا بقول الله -تعالى-
(فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) (الحج:28).
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة سنة الفجر بعد الفرض وبعد إقامة الصلاة؟
أدعية الذبح من السنة النبوية
وردت العديد من الأدعية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لذبح الأضحية، ولا يوجد خلاف بين دعاء ذبح الأضحية عن دعاء ذبح العقيقة، أو الصدقة، وهذه الأدعية من السنة النبوية الشريفة، لذلك على الذابح أن يعمل بها عند ذبحه، وسوف نتعرف على أدعية ذبح الأضحية فيما يلي، في إطار موضوعنا هل يجوز الأكل من ذبيحة الصدقة.. ومنها ما يلي:
- روى جابر بن عبد الله قال: (أنَّ النبيَّ ذبح يومَ العيدِ كبشَينِ – وفيه – ثم قال: بسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، اللهم هذا منك ولك) حديث صحيح، مصدره إرواء الغليل.
- عن جابر بن عبد الله قال: (ذبَحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَ الذبحِ كَبْشينِ أَقْرَنينِ أَمْلحَينِ مُوجَئَيْنِ، فلمَّا وجَّهَهما قال: إنِّي وجَّهتُ وَجْهيَ للذي فطَرَ السمواتِ والأرضَ، على مِلَّةِ إبراهيمَ حنيفًا، وما أنا مِن المشرِكينَ، إنَّ صلاتي ونُسُكي، ومَحْيايَ ومَماتي للهِ ربِّ العالمينَ، لا شَريكَ له، وبذلك أُمِرتُ وأنا مِن المسلمينَ، اللهمَّ منك ولك، عن محمَّدٍ وأُمَّتِه، باسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، ثمَّ ذبَحَ) حديث حسن، مصدره تخريج سنن أبي داود.
- عن عائشة أم المؤمنين قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ، فَأُتِيَ به لِيُضَحِّيَ به، فَقالَ لَهَا: يا عَائِشَةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ، ثُمَّ قالَ: اشْحَذِيهَا بحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الكَبْشَ فأضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِن مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بهِ) حديث صحيح، رواه مسلم، مصدره صحيح مسلم.
من الأمور الطيبة التي تثقل من ميزان حسنات المرء، وتجعل الله -جل وعلا- قريبًا منه هي الصدقة، فهي سبب للنجاة من النيران، ودخول الجنة، وبها يكفر الله عنك سيئاتك.