هل يشترط الوضوء لسجود التلاوة
هل يشترط الوضوء لسجود التلاوة؟ وما هي شروط أدائها؟ يخشى الكثير من الناس من القيام بالأمور الغير مُستحبة في دينهم، ومن أهم هذه الأشياء هي الوضوء قبل سجدة التلاوة، فمن المتعارف إليه أن الوضوء شرط من شروط أداء الصلاة بشكل صحيح، فهل يشترط الوضوء لسجود التلاوة، هذا ما سنُجيب لكم عنه من خلال منصة وميض.
هل يشترط الوضوء لسجود التلاوة
عند الإجابة عن سؤال هل يشترط الوضوء لسجود التلاوة، يجب ذكر أن علماء الفقه والشريعة الإسلامية قاموا بالاتفاق على رئيين، الرأي الأول: هو أنه يجب الطهارة والوضوء قبل سجود التلاوة، حيث لا يصح أو يجوز السجود لله عز وجل، دون الوضوء، وذلك لأن العلماء الذين اتفقوا على هذا الرأي اعتبروا هذه السجدة صلاة، وقاسوها على الركوع وسجود السهو.
بالإضافة إلى قول الرسول- صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف:” لا يَقْبَل اللهُ صَلاةً بغَيرِ طُهورٍ”، والذي فسره العلماء على أن الرسول الكريم يقول إنه لا يجوز أداء أي صلاة دون وضوء وطهارة.
أما الرأي الثاني، وهو الذي ينص على: أن سجدة التلاوة تجوز دون وضوء، وكان دليلهم على هذا عدم ورود أي نصٍّ صريح يشترط الطهارة عند سماع السجدة، كما لم يرد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر أحدًا بالوضوء عندما كان يتلو السجدة ويسجد معه الناس.
كما قالت دار الإفتاء المصرية إن السجود عقب تلاوة آية من آيات السجود سنةٌ مؤكدةٌ في الصلاة وفي غيرها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ -وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي- أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ” رواه مسلم.
حيث يقول الرسول الكريم في هذا الحديث الشريف، أنه يستحل للعبد أن يسجد في أي وقت وفي أي حالة، فعند سجوده بكى الشيطان، وقال ياويلتي، فيُمكننا أن نستنتج من خلال هذا الحديث أنه من الجائز أن نسجد هذه السجدة دون الحاجة إلى الوضوء، ولكن لا بد من توافر الطهارة.
كما يوجد حديث آخر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ؛ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ” رواه البخاري.
يقول عبد الله بن عمر في هذا الحديث القادم عن الرسول الكريم على لسانه، أن الرسول كان يقرأ عليهم القرآن، فإذا جاءت آية بها سجود، قام الرسول وسجد وسجدوا معه من كانوا في المجلس، ولم يذكر هنا عبد الله بن عمر أنهم كانوا يتوضئون قبل هذه السجدة، فمن خلال هذا الحديث أيضًا نستطيع أن نستنتج أنه من الجائز السجود دون الوضوء.
اقرأ أيضًا: سجود السهو عند المالكية
سجود التلاوة
كما سبق القول في فتوة دار الافتاء المصرية أن سجدة التلاوة من السنن التي نأخذها عن الرسول- صلى الله عليه وسلم-، فهي عبارة عن صلاة دون ركوع، بل يقوم فيها العبد بالسجد على الفور، وتكون سجدة واحدة ثم يعود المصلي إلى حال القيام لإكمال القراءة من الآيات، وإكمال الصلاة إذا كانت الآية التي بها السجود أثناء الصلاة.
كما يُمكن أن يركع دون قراءة باقي الآية، وذلك في حالة إذا كان يُصلي صلاة عادية ويتخللها سجدة التلاوة، أما إذا كانت الصلاة عبارة عن سجدة التلاوة فقط، فهنا یسجدھا قاریٔ القرآن إذا مرّ بآیة فیھا سجدۃ، سواء أکان في صلاۃ أو غیرھا، أو قرأ من المصحف أو قرأ من حفظه، فكل هذه الخيارات جائزة.
شروط سجود التلاوة
تُعد شروط هذه السجدة هي نفس شروط الصلاة العادية، من الطهارة، والملابس المُحتشمة، الخشوع في السجدة، وهكذا، أما عند الحديث عن هل يشترط الوضوء لسجود التلاوة، فيكون هذا محل جدل للعلماء، ولكن في نهاية الأمر توصلوا إلى رأيين، وهما ما عرضناهم عليكم في الفقرات السابقة.
اقرأ أيضًا: كيفية الخشوع في الصلاة
حكم سجود التلاوة
هي من السُنن المؤكدة التي يجب علينا القيام بها، فإذا مرَّ الإنسان بآية سجدة فليسجد سواء كان يقرأ في المصحف، أو عن ظهر قلب، أو في الصلاة، أو خارج الصلاة، فيجب على المرء أن يقوم بهذه السجدة، فهي ليس فرض بل سنة عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- أي من الأمور المُحببة.
أما عند الحديث عما يقال في هذه السجدة، فهو: سبحان ربي الأعلى، أو يقوم بفعل مثلما يفعل في سجود الصلوات العادية.
يستحب القول في سجوده: “سبحان ربي الأعلى، أو يفعل مثلما يفعل في سائر السجود. قال الإمام النووي: ويستحب أن يقول في سجوده: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته. وأن يقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا، وضع عني بها وزرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام. ولو قال ما يقول في سجود صلاته جاز، ثم يرفع رأسه مكبرا كما يرفع من سجود الصلاة”.
اقرأ أيضًا: كيفية الخشوع في الصلاة؟.. 9 طرق تساعد على الخشوع في الصلاة
آيات السجود
يوجد العديد من الآيات القرآنية التي يجب فيها القيام بسجدة التلاوة عقب تلاوتها مباشرةً، والتي يبلغ عددها حوالي خمسة عشر آية، لذلك في إطار حديثنا حول إجابة سؤال هل يشترط الوضوء لسجود التلاوة، وجب علينا أن نعرض لكم هذه الآيات في النقاط التالية:
- (إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)، [سورة الأعراف: الآية 206].
- (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)، [سورة الرعد: الآية 1].
- (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)، [سورة النحل: الآية 49]
- (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا)، [سورة الإسراء: الآية 107].
- (إذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)، “سورة مريم: الآية 58”.
- (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)، [سورة الحج: الآية 18].
- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، [سورة الحج: الآية 77].
- (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا)، [سورة الفرقان: الآية 60].
- (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)، [سورة النمل: الآية 25].
- (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)، [سورة السجدة: الآية 15].
- (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ)، [سورة ص: الآية 24].
- (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [سورة فصلت: الآية 37].
- (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا)، [سورة النجم: الآية 62].
- (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ)، [سورة الانشقاق: الآية 21].
- (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب)، [سورة العلق: الآية 19].
- كما يوجد أربع اعتمدها الجمهور، لكن لم يعتبرها المالكية من آيات السجود، وهي في النجم والانشقاق والعلق وثانية الحج، ووافقهم الحنفية في عدم اعتبار ثانية الحج:
- قال تعالى: (فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا)، [الآية 62 من سورة النجم].
- قال تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ)، [سورة الإنشقاق: الآية 21].
- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، [الآية 77 من سورة الحج].
- قال تعالى: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب)، [سورة العلق: الآية 19].
عند الإجابة عن سؤال هل يشترط الوضوء لسجود التلاوة، لا بد من ذكر أن لهذه السجدة بعض الشروط التي يجب القيام بها، بالإضافة إلى أنها من السُنن المحببة عن الرسول- صلى الله عليه وسلم-.