فضل آخر ليلة من رمضان
فضل آخر ليلة من رمضان عظيم، حيث إن شهر رمضان قد فضله الله تعالى عن غيره وخصّه بالمدح، كما أن العشر الأواخر بالأخص آخر ليلة من رمضان يغفل بعض الناس عن فضلها.
فيتكاسلون فيها عن أداء العبادات رغبةً في التحضير للأعياد أو تنظيف المنازل، لذا سوف نتطرق إلى عرض فضل آخر ليلة من رمضان من خلال منصة وميض.
فضل آخر ليلة من رمضان
قال تعالى في كتابه الكريم:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة البقرة: الآية رقم 185].
قد فضّل الله تعالى شهر رمضان عن غيره من الأشهر الهجرية بنزول القرآن الكريم فيه، وقد جعل في أيامه العديد من النفحات والفضل الذي يحصل عليه المسلم بالصيام والتعبد لله عز وجل فيها، والتي لها جزاء عظيم لا يراه المسلم في بقية الأشهر.
حيث إن الله تعالى يُصفد الشياطين في ذلك الشهر الكريم، وينتشر الكرم والجود بين الناس وتزداد عبادة الله تعالى، وفيه ليلة القدر التي خصّها الله تعالى بالخير والعفو عن الناس.
كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد أوضح في سيرته النبوية أهمية ليالي شهر رمضان الكريم وفضله على المسلمين في حديثه الشريف، والتي جمعها في بعض النقاط الهامة التي تتمثل في:
- استغفار الملائكة للعبد الصائم.
- تصفد الشياطين فيها ويكون المسلم محصن من أذاهم ووسوستهم.
- أخذ الأجر والجزاء والعفو في ليالي شهر رمضان يكون كبير.
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام قال: “أُعطيَتْ أمتي خمسُ خِصالٍ في رمضانَ لم تُعطَه أمةٌ قبلَهم: خُلوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عندَ اللهِ من ريحِ المِسكِ وتَستَغفِرُ له الملائكةُ حتى يُفطِرَ ويُزَيِّنُ اللهُ كلَّ يومٍ جنتَه ثم يقولُ: يوشِكُ عبادي الصالحونَ أنْ يُلقوا عنهمُ المؤنَةَ والأذى ويَصيروا إليك وتُصفَّدُ فيه مردةُ الشياطينِ فلا يَخلُصونَ فيه إلى ما كانوا يَخلُصونَ إليه في غيرِه ويُغفَرُ لهم في آخرِ ليلةٍ قيل: يا رسولَ اللهِ! أهي ليلةُ القدْرِ؟ لا ولكنَّ العاملَ إنما يُوَفَّى أجرَه إذا قضى عملَه.” [حديث صحيح كشف اللثام].
ففيما يلي سوف نتطرق في الفقرات التالية إلى عرض فضل آخر ليلة من رمضان المتواجدة في الحديث الشريف بالتفصيل، بأدلة من السنة النبوية والقرآن الكريم:
1ـ المغفرة في ليالي رمضان
إن الله تعالى يغفر لعباده طيلة الأيام ولكنه قد أرشدنا في كتابه الكريم لزيادة التعبد والحرص على صيام أيام رمضان والعمل الصالح فيه، حيث إن أبواب السماء تكون مفتوحة ويستجيب الدعاء، كما أن الله تعالى تزداد مغفرته لعباده في تلك الأيام، ومن ضمنها آخر ليلة من رمضان.
كما أن ذلك ما أوضحه نبي الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ في حديثه الشريف في قوله: “ وتَستَغفِرُ له الملائكةُ حتى يُفطِرَ”، فما لنا أن نضيع أجر مثل تلك الليلة بسبب الإنشغال في تحضير الملابس أو الطعام للعيد، ونترك مثل ذلك الأجر وفضل آخر ليلة من رمضان!
اقرأ أيضًا: هل يستجاب الدعاء في ليلة القدر؟
2ـ العتق من النار في آخر ليلة من رمضان
فضل آخر ليلة من رمضان عظيم، فقد علّمنا رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام أن كل ليلة في رمضان يعتق الله رقاب من النار، ويعفو عن عباده الصالحين الذين يحاولون أن يقوموا بعبادتهم على أكمل وجه، فمن كرم الله علينا أنه يجعل من الصائمين معافين من دخول النار رزقنا الله وإياكم العتق.
فعن جابر بن عبد الله وأبو أمامة ـ رضي الله عنهما ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “ إنَّ للهِ تعالى عند كلِّ فطرٍ عُتَقاءَ من النارِ، وذلك في كلِّ ليلةٍ” [حديث صحيح الجامع]، نرى هنا أن الحديث قد جمع ذلك الفضل لكل ليالي شهر رمضان الكريم، وأن نفحاته لا تنتهي حتى آخر ليلة فيه، فيا عبد الله احرص على الحصول على فضل تلك الليلة.
فالعتق من أعظم العطايا التي يمنحها الله تعالى للعبد المسلم، فمعناه هو الخروج من الشيء وعدم عودته إليه مرة أخرى بكرم الله تعالى، فالعبد عندما يُعتق لا يعود إلى العبودية مرة ثانية أبدًا، وذلك من فضل البشر فما بالنا بفضل رب العالمين.. حاشاه فهو رب الكرم والعفو.
3ـ فضل آخر ليلة في رمضان من السبع الأواخر
من إحدى العطايا التي وهبها سبحانه وتعالى لعباده في شهر رمضان الكريم هي فضل ليلة القدر، التي يعفو ويغفر فيها الله تعالى للإنسان الكثير من الأخطاء التي ارتكبها في حق نفسه أو حق ربه، كما أن الله تعالى يُبدل الأقدار فيها إلى الأفضل بصدق الدعاء، وتعد آخر ليلة في رمضان من السبع الأواخر.
اقرأ أيضًا: دعاء القنوت في رمضان مكتوب مختصر
4ـ قبول الدعاء في آخر ليلة من رمضان
من أحد أفضال آخر ليلة من رمضان هي أن الله عز وجل يقبل الدعاء من المسلم فيها، وذلك ما يحدث في كل ليالي رمضان فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال:
“ ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ، الإِمَامُ العَادِلُ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الغَمَامِ، وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ” [حديث صحيح الترمذي].
ذلك ما يجعل من المهم تحري آخر ليلة من رمضان، فقد نصحنا رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بأن للصائم دعوة لا تُرد بإذن الله، فيقبله الله تعالى ويرزقه الخير الذي يرغب به.
من الجدير ذكره في صدد ذلك الأمر هو أن وقت فطره المذكورة في الحديث تشمل الوقت الذي يسبق تناول الإفطار والذي بعده، فلا ضرر من أن يتناول الشخص الماء أو التمر من ثم يدعو بما يشاء، أو أن يدعو بما يشاء قبل تناوله الإفطار.
فضل آخر ساعة في رمضان
في حقيقة الأمر قد اختلف فقهاء الإسلام بخصوص أمر فضل آخر ساعة في آخر ليلة برمضان، حيث إن منهم من قال أن لها فضل كبير وعظيم واستند على ذلك ببعض أحاديث النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولكنها من الأحاديث الغير صحيحة.
لكن من المتفق عليه أن الساعة الأخيرة في آخر ليلة في رمضان هي الساعة التي تسبق الإفطار، والتي يزداد فيها سماع الله تعالى لعباده وطلباتهم، وتُقبل فيها دعوة الصائم التي لا يردها الله عز وجل.
ذلك بالإضافة إلى أنها من الساعات التي فيها فضل عظيم بسبب أنها آخر ليلة في نفحات رمضان الكريم، التي لن يأتي مثلها سوى بعد عام، وعلى المسلم أن يتحراها، ويستغلها كما يستغل طيلة ساعات أيام رمضان المبارك.
اقرأ أيضًا: دعاء آخر يوم في رمضان وفضل الدعاء في العشر الأخيرة من رمضان
فضل شهر رمضان المبارك
قد قال تعالى في كتابه الكريم:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة البقرة:183].
شهر رمضان من أفضل أشهر الله تعالى التي تكون مليئة بالغفران والجود والعتق الذي يحصل عليه العبد المسلم، فهو الشهر الذي تضاعف فيه الحسنات ويزداد فيه قبول الدعاء، ويرتفع فيه درجات الناس بالجنات وتغفر سيئاتهم.
لذا فمن واجب المسلم الحق أن يستغل كافة أيام شهر رمضان الكريم في الصوم والصلاة والقيام بالأعمال الصالحة التي تجعله يزداد في منزلته لدى الله عز وجل، ويحصل على المغفرة وفرصة نفحات ذلك الشهر العظيم.
خاصةً في السبع الأواخر من شهر رمضان الكريم، ففيهما فضل عظيم ومغفرة من الله تعالى، فأكثر من قول “ اللهمَّ إنك عفوٌّ تحبُّ العفو فاعفُ عنِّي”، واطلب من الله تعالى أن يعتقك من النار ويعفو عن سيئاتك، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال:
” أنَّ أُناسًا أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في السَّبْعِ الأواخِرِ، وأنَّ أُناسًا أُرُوا أنَّها في العَشْرِ الأواخِرِ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: التَمِسُوها في السَّبْعِ الأواخِرِ.” [حديث صحيح البخاري].
أي أن العشر الأواخر من شهر رمضان بنفس الأهمية، ومن الأفضل للعبد المسلم أن يظل محافظًا على صلواته وأعماله الصالحة، ويجدد من طاقته في العشر الأواخر من رمضان، ولا يتكاسل أو يتغافل عن العمل من أجل أخذ ذلك الفضل العظيم.
إن فضل آخر ليلة من رمضان عظيم، فلا تترك مثل ذلك الفضل يضيع عليك أخي المسلم دون أن تأخذ نصيبًا منه؛ بسبب الإنشغال في أمور الدنيا الزائلة.