من أول جبار في الأرض لعنه الله
من أول جبار في الأرض لعنه الله؟ وما الذي فعله حتى يلعنه الله؟ هناك العديد من الطغاة والظالمين الذين يسعون في الأرض فسادًا لتدمير كل ما خلقه الله من بشر وحيوانات ونباتات، فهو تدمير من منطلق التحكم والسيطرة فقط.
فقد لعن الله كل من يخرب في أرضه ويلحق الضرر بمخلوقاته ولا يكترث إلى الحق وينهمر بارتكاب الباطل، لذا من خلال منصة وميض سوف نتعرف على أول الطغاة الذين لعنهم الله في الأرض، في السطور القادمة.
من أول جبار في الأرض لعنه الله
ذكر بالقرآن الكريم في أكثر من موضع وأكثر من سورة كل ظالم وطاغي ومتكبر، وأوضح (عز وجل) أن مصيرهم هو النار وبئس المصير جزاء لما ارتكبوه في الحياة الدنيا، وأن يد الله هي العليا ويد الظالم هي السفلى.
فقد لقى أهل الأرض الكثير من الطغيان بسبب تجبر كل مالك وكل حاكم، مثل فرعون وهامان والنمرود وغيرهم، وهذا الأخير هو حديثنا اليوم، إذن فإن النمرود هو أول من سعى في الخراب والتدمير وإزهاق الأرواح، وقد لعنه الله وتوعده بأن النار هي مثواه جزاء لأفعاله.
يسمى بالنمرود بن كنعان بن سام بن نوح، أي إنه أحد أحفاد سيدنا نوح (عليه السلام)، كان النمرود هو حاكم العراق وبلاد الرافدين ملك مملكة آشور، وظل حكمه لأكثر من 400 عام من الظلم والفساد والسعي للتدمير والخراب، ذكر اسمه في أكثر من ديانة مثل الإسلام والتوراة، فضلًا عن الثقافات الأخرى التي تطرقت إلى ذكره مثل الثقافة الأرمينية.
اقرأ أيضًا: قصة سيدنا إبراهيم للأطفال
النمرود أول من تجبر في الأرض
من المنطلق السابق، فقد تعرفنا على من أول جبار في الأرض لعنه الله، لذا سوف نتطرق إلى حياة النمرود والأفعال التي كان يقوم بها والتجبر الذي كان يتفاخر به.
ادعى النمرود أنه رب العباد وأن كل ما هو مخلوق على الأرض فهو حقًا مكتسبًا له، كانت حياة النمرود في عهد سيدنا إبراهيم (عليه السلام).
فقد رأى هذا الحاكم الطاغي منامًا له بأنه يصعد عاليًا إلى السماء وكأنه قد التحق بكوكب من الفضاء، حتى رأى أن الشمس يكاد ضوئها يختفي ولم يتمكن من رؤيته، أخبر النمرود أحدًا من المنجمين ليوضح له ما المقصود بهذه الرؤية.
أخبره المنجم بأن هذه الرؤية هي دلالة على قدوم غلامًا صغيرًا وستكون نهاية النمرود على يد هذا الغلام، انزعج النمرود من تفسير المنجم وأمر بقتل كافة الصبية والغلمان الصغيرة المولودة والتي سوف تولد، اعتقادًا منه بأن القتل هو عامل الحماية له.
نبذة عن قصة سيدنا إبراهيم والنمرود
للتعرف على من أول جبار في الأرض لعنه الله، فإن الأمر يقتضي ذكر ما حدث مع سيدنا إبراهيم وهذا الطاغية، فقد تمت ولادة سيدنا إبراهيم (عليه السلام)، وقامت أمه بتربيته في سرية تامة دون أن يعلم أحدًا بوجوده، خشية من جبروت النمرود وتجبره، وأنه إن علم بولادة سيدنا إبراهيم سوف يقدم على قتله.
فقد عاش نبي الله حتى أصبح صبيًا يدرك ما حوله، فلم يؤمن بعبادة الأصنام والأوثان، وكان أبوه آزر هو من يقوم بصناعة تلك الأصنام ويلقب كلًا منها بلقب خاص بها، مما يثير إزعاج سيدنا إبراهيم بأنه كيف لهذه الأوثان التي لا تسمع ولا تتكلم ولا تشعر أن يتم عبادتها وتقديسها.
حاول سيدنا إبراهيم مع أبوه وعشيرته ترك عبادة الأصنام، إلا أن الأمر لم يجدي نفعًا، ومن هنا بدأت أول مواجهة بينه وبين النمرود، والتي تمثلت في جمع سيدنا إبراهيم لبعض من الثمار التي كان يعطيها النمرود لقومه ليقتاتوا منها، فرآه النمرود ودار بينهم الحوار حول سؤال النمرود لنبي الله من هو الإله الذي تعبده أو من هو ربك معتقدًا منه أن نبي الله سيجيبه بأن النمرود هو ربه.
إلا أن كان قول سيدنا إبراهيم بأن الله هو رب العالمين الذي يحيي ويميت، فقال له النمرود أنه هو إله العالمين وهو يتمكن من ذلك، فقال له سيدنا إبراهيم إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها أنت من المغرب إن كنت إله مثلما تدعي.
اقرأ أيضًا: من هم أصحاب الرس ومن هو النبي الذي جاء إليهم
هلاك النمرود وحاشيته
بعد أن تعرفنا على من أول جبار في الأرض لعنه الله، فإن ذلك الطاغية الملقب بالنمرود لم يتمكن من الإجابة على سؤال سيدنا إبراهيم بأن يأتي الشمس من المشرق.
رغم ذلك فقد تمسك بكفره وعصيانه وأمر حاشيته بجمع الحطب وإشعال النار حتى يتم إلقاء سيدنا إبراهيم فيها لحرقه، إلا أن الله أمر النار بأن تكون بردًا وسلامًا عليه وألا تصيبه بأي مكروه، وبالفعل نجى نبي الله منها وخرج سليمًا معافى.
الأمر الذي جعل دهشة النمرود في زيادة لما يراه، وما زاد الأمر هو أن الله أرسل البعوض إلى النمرود وإلى قومه ليدمرهم البعوض تدميرا، وبالفعل هذه الحشرات الصغيرة تمكنت من تدمير العديد من حاشية النمرود.
حتى جاء أمر الله بإزهاق روح النمرود من خلال بعوضة صغيرة دخلت إلى أنف النمرود وجعلته يضرب نفسه من شدة الألم حتى أدت إلى هلاكه وموته، وقيل أيضًا أن أحد حاشيته أشار عليه بأن يقطعوا رأسه ويصنعوا له رأسًا من ذهب فهو إله ولن يموت، ووافق على ذلك، وعلى أي حال فقد جعل الله نهايته على يد بعوضة.
النمرود في القرآن الكريم
نتابع معكم الإجابة على سؤال من أول جبار في الأرض لعنه الله، لم يأتي اسم النمرود بشكل صريح في القرآن فقد ذكره الله تعالى في سورة البقرة الآية 258:
“أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”.
تشير الآية الكريمة إلى المناظرة التي أجريت مع سيدنا إبراهيم ومع النمرود، وما فعله الله ليهلك هذا الطاغية ويقضي عليه.
النمرود في التوراة
نستأنف حديثنا حول من أول جبار في الأرض لعنه الله، فقد تطرقنا إلى حياة النمرود وتعرفنا على أنه أكثر الطغاة ظلمًا وتدميرًا في الأرض، فقد ذكرته الكتب اليهودية في العديد من النصوص الخاصة بها.
قد ورد في التوراة أن النمرود هو من قام بمتابعة بناء برج بابل الموجود بالعراق، وأن هذا البرج هو رمز على أنه الإله، ولكن يشاء الله الواحد أن تكون كافة الأساليب التي اتبعها لبناء البرج خاطئة حتى إنه لم يتم متابعة بناءه.
اقرأ أيضًا: سبب وفاة النبي يوسف
النتائج المستنتجة من حياة النمرود
فإن هناك بعض العبر والعظات التي تحصلنا عليها من خلال التعرف على من أول جبار في الأرض لعنه الله، وتتمثل هذه النتائج فيما يلي:
- المرجع الأول والأخير للتعرف على شتى الأحداث في الماضي هو القرآن الكريم، فهو خير دليل وخير مرشد.
- أجل الله نافذًا لا محال، ليس هناك فرق بين الغني والفقير أو القوي والضعيف، وهو ما تم مع النمرود أن الله أخذه أخذ عزيز مقتدر.
- ما حدث مع النمرود هي نهاية كل من يطغى ويتجبر على عباد الله، فمثلما أهلك العباد بظلمه، فإن الله سوف يهلكه بعدله.
- الثقة بالله واليقين بأن ترتيبات الله عز وجل هي مفتاح النجاة، وهو ما قام به سيدنا إبراهيم فقد تم إلقائه في النار إلا أن ثقته بالله هي من أخرجته سالمًا.
لكل جبار نهاية، يترك الله عز وجل كل ظالم ومتكبر يكمل طغيانه، إلا إنه عند نفاذ أمر الله فلن يفيد الظالم حاشيته ولا ملكه من هلاك الواحد القهار.