قيام الليل وتحقيق المستحيل
قيام الليل وتحقيق المستحيل هو حديث سطورنا عبر موقع وميض ، حيث أن قيام الليل عبادة عظيمة لمن أدرك قيمتها وداوم عليها، وهناك علاقة وطيدة بين قيام الليل وتحقيق المستحيل نتعرف عليها في هذا المقال.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الاستغفار والرزق
تعريف قيام الليل
- لقيام الليل معنى عام ومعنى خاص، فأما المعنى الخاص فيراد به صلاة الليل وهو المقصود في قوله تعالى:
“قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا” المزمل ٢.
- وكذلك في قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:
“يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ بِمِثْلِ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلَ” متفق عليه.
- وأما المعنى العام لقيام الليل فهو أن يحيي العبد ليله بطاعة الله عز وجل سواء كان ذلك في صلاة أو قراءة للقرآن أو ذكر لله تعالى.
قيام الليل وتحقيق المستحيل
- لأهل الإسلام في كل زمان ومكان حكايات عن قيام الليل وتحقيق المستحيل فالليل هو ميدان السباق في الدعاء.
- كما أن فيه الثلث الآخر الذي ينزل فيه الرب تبارك وتعالى فيقول هل من داع فأستجيب له.
- وقد جاءت آثار كثيرة عن السلف تبين ذلك منها ما جاء عن سعيد بن المسيب أنه قال:
“إن الرجل ليصلي بالليل، فيجعل الله في وجه نورا يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط فيقول إني لأحبُ هذا الرجل.
- كما ذكر التنوخي رحمه الله بخبر رجل وشى به الناس عند الحجاج، فأمر به ليسجن ثم يقتله فأصبح الرجل المسجون قائما في جوف الليل، وصلى لله أربع ركعات، وأتبعها بدعاء يقول فيه:
“اللهم إنك تعلم أني كنت على إساءتي وظلمي وإسرافي على نفسي لم أجعل لك ولدًا ولا شريكًا ولا ندًا ولا كفوًا فإن تعذب فعدل منك وإن تعف فأنت العزيز الحكيم.
اللهم إني أسألك يا من لا يأتي عطاؤه بإلحاح الملحين، ولا يَمُن بعفوه، أن تجعل في ساعتي هذه فرجًا ومخرجًا مما أنا فيه من حيث أرجو ومن حيث لا أرجو وخذ لي بقلب عبدك الحجاج وسمعه وبصره ويده ورجله حتى يخرجني في ساعتي هذه فإن قلبه وناصيته في يدك، يا رب يا رب”.
قال “وقد كثَّر الدعاء فو الذي لا إله غيره ما انقطع دعاؤه حتى ضرب باب السجن وقيل يا فلان فقام الرجل وقال للسجناء يا هؤلاء إن تكن العافية فو الله لا أدع الدعاء لكم، وإن تكن الثانية فجمع الله بيننا وبينكم في مستقر رحمته، فبلغه من الغد أنه خُلي سبيله”. مكان الدعاء للشويعر.
حكم قيام الليل
- اختلف أهل العلم في حكم قيام الليل على قولين أحدهما أرجح من غيره، فالراجح هو أن قيام الليل من العبادات المستحبة.
- وهذا القول هو قول جماهير أهل العلم من السلف والخلف ومن أئمة المذاهب الأربعة وعليه تقوم الأدلة الكثيرة المتواترة.
- إلا أن هناك عددا من أهل العلم قالوا بوجوب قيام الليل مثل الحسن البصري وابن سيرين ولكن قولهم ليس عليه دليل.
- وقد اختلفوا أيضا في حكم قيام الليل في حق النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم بوجوبه عليه صلى الله عليه وسلم.
- وقال آخرون بأنه من المستحبات كذلك واستدلوا بقوله تعالى:
“وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ” الإسراء 79.
وهذا الأرجح لدلالة الآية عليه.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع التسبيح قبل النوم
فضل قيام الليل
- لقيام الليل فضائل عديدة جاءت في كتاب الله عز وجل وكذلك في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
- فمن ذلك أن الله عز وجل مدح أهل الإيمان بكونهم يقومون الليل ويحافظون على هذه العبادة، قال تعالى:
“تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ”
السجدة 16.
- ومن فضائله كذلك أن أهله لهم مكانة عظيمة عند الله عز وجل لا يستوون فيها مع غيرهم ممن لا يقومون الليل.
- حيث قال الله تعالى عنهم:
“أَمْ مَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ”
الزمر 9.
- وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن له فضلا على صلاة النافلة بالنهار فقال:
“أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ”
صحيح مسلم 1163.
أسباب تعين على قيام الليل
- هناك عدة أسباب تعين على قيام الليل وتحقيق المستحيل فيه أهمها الابتعاد عن المعاصي والذنوب.
- فالمعاصي تكون مثل الحجاب الذي يحول بين المرء وربه، وقد قال الحسن البصري رحمه الله تعالى:
“إنَّ الرجل ليذنب الذنب فيُحرم قيام الليل”.
- ومن الأسباب التي تعين على قيام الليل كذلك التقليل من الطعام والشراب وعدم الإفراط فيه كي لا يثقل الجسد ويكسل.
- كذلك من الأسباب الدعاء فكلما رغب العبد في أداء عبادة عليه أن يدعو الله عز وجل بتيسيرها له.
- فالعبد لا حول ولا قوة له إلا بالله عز وجل فهو يحتاج الدعاء في كل شؤونه الدنيوية والدينية.
- كما أنه من الأسباب التي تعين على قيام الليل المطعم الحلال والبعد عن كل ما فيه شبهة حرام كي لا يحرم العبد بذلك.
اقرأ أيضًا: أسرار سورة البقرة الروحانية
ثواب قيام الليل
- ذكرت الآيات التي تمدح المقيمين لليل عظم ثواب القائمين لليل حيث قال تعالى بعد ذكر صفتهم:
“فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” السجدة 17.
- وإخفاء الثواب دليل على عظمته وزيادته، كما جعل النبي صلى الله عليه وسلم قيام الليل من أسباب وقوع رحمة الله عز وجل للعبد.
- حيث دعا بالرحمة المتحققة للرجل الذي يقوم الليل ويوقظ أهله ليقوموا معه وجعل ذلك من أعلى الأعمال أجرا.
- كما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل أيضا من أسباب دخول الجنة والتمتع فيها.
- جاء عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“يا أَيُّها الناسُ! أَفْشُوا السلامَ، وأطْعِمُوا الطعامَ، وصِلُوا الأرحامَ، وصَلُّوا بالليلِ والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلامٍ” صحيح الجامع 7865.
اقرأ أيضًا: متى يبدأ قيام الليل
وهكذا عرفنا علاقة قيام الليل وتحقيق المستحيل وعرفنا عظمة قيام الليل وجزاء المتمسكين به العاملين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عموما.