حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول
حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول أختلف عليه الفقهاء، وذلك لكون هذا المخلوق الصغير من مخلوقات الله، والتي سينفخ فيها سبحانه من روحه لتصبح شخصًا يبذل كل جهده لطاعته.
لذلك في السطور القادمة عبر منصة وميض سنعرض لكم حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول، وقول أهل العلم في هذه المسألة من دور الإفتاء، ومن أقوال علماء المذاهب الإسلامية، والعلماء المعاصرين.
حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول
الجنين في اللغة العربية هو ما سُتر عن الأعين، وقيل إن الجنين سُمي جنينًا لأنه مستور في داخل بطن أمه، وقيل إن الجنين هو الولد ما دام في رحم أمه، أما علماء الأحياء والأطباء فكان لهم قول آخر في تعريف الجنين.
فيقول الأطباء إن الجنين هو الحمل منذ بدايته حتى الأسبوع الثامن منه “الشهر الثاني”، أما عند علماء الأحياء فإن الجنين هو بداية النبتة، أو الباكورة، وهذه الأسماء اجتمعت في تسمية المضغة “الطول الأول من الحمل” باسم الجنين، لكن هل يجهض الجنين في هذه الفترة لأي سبب؟
أجاب عن هذا السؤال الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، فقال إن حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول من الحمل هو أمر غير جائز شرعًا، والدليل على هذا هو وجود كفارة لمن قام بهذه الفعلة، وكفارتها التوبة النصوحة إلى الله عز وجل، والندم على ما فعلت.
لم تكن دار الإفتاء المصرية هي فقط من أدلى برأيه في هذا الأمر، فكان لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، حيث قال إن الإجهاض بشكل عام هو أمر حرام شرعًا وغير جائز، فهو يساوي قتل نفس بريئة، حتى وإن لم ينفخ الله عز وجل في هذه المضغة الروح.
فإسقاط الجنين ولو كان بالأسبوع الأول يساوي حرمان روح من حقها في الحياة، بناء على هذا فقد أفرد العلماء في مسألة الإجهاض في الأسبوع الأول لمختلف الأسباب، منها عدم الحاجة إلى الولد حاليًا، أو طاعة الزوج، أو عدم القدرة على تحمل نفقتهم وغيرها من الأسباب.
اقرأ أيضًا: مدة بقاء الجنين الميت في الرحم
حكم طاعة الزوج في الإجهاض في الأسبوع الأول
طاعة الزوج من الأمور الواجبة على المرأة تجاه زوجها، لكن هذه الطاعة لا تكون طاعةً عمياء، فعليها أن تحكم عقلها ودينها في الأمر المطلوب منها، ومن أكثر الأمور التي انتشرت في الفترة الأخيرة هو طلب الأزواج من زوجاتهم إجهاض الأجنة في الأسبوع الأول من الحمل.
لذلك في سطور هذه الفقرة سنعرض عليكم حكم الدين الإسلامي في طاعة الزوج في هذا الأمر حسب قول الشيخين البوطي، والقرضاوي.
الشيخ رمضان البوطي رحمه الله، ذكر أن إجهاض الطفل لوجود خطر على حياة الأم في قادم أشهر الحمل، سواء أكان بسبب فقر الدم للأم، أو ضعف في عضلة القلب، أو غيره من الأمور الطبية.
فإنه جائز ما دام في الأسبوع الأول، لكن إن كان بسبب كره الزوج للأولاد، أو عدم الرغبة في الولد حاليًا فهو مما نهى عنه جمهور العلماء بالإجماع، وهو ليس من الضروريات القصوى في الإجهاض، وذلك حتى إن هدد الزوج زوجته بطلاقها.
أما الشيخ يوسف القرضاوي فقال إن الأصل في الإجهاض بوجه عام هو التحريم، ولمرتكبه إثم عظيم في أي طور من الأطوار ما دام دون علة، وارتكاب مثل هذه الفعلة القبيحة ابتغاء في رضا الزوج فهو إثم عليها، وعلى الزوج من قبلها إن كان هو من أمرها.
حتى وإن كان عمر الجنين في رحم الأم أقل من مائة وعشرين يومًا، ومن هذا يتضح لنا حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول من الحمل بناءً على رغبة الزوج، أنه فعل حرام في الدين الإسلامي.
حكم إجهاض الجنين في الأسبوع الأول بسبب الفقر
أحد أشهر الأسباب التي تدعو إلى إجهاض الأم لحملها في الأسبوع الأول، لذلك في سطور هذه الفقرة سنوضح لكم حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول إن كان السبب هو الخوف من عدم توفير المعيشة الكريمة للأولاد بسبب الفقر، أو بسبب التعب من التربية.
إن الدين الإسلامي كفل العيشة الراضية لكل مخلوقات الكون في كل وقت ومكان وزمان، ومن هذه المخلوقات المضغة أو الجنين في الطور الأول من الحمل، وهو ما حرمه الإسلام تحريمًا لا رجعة فيه إلا لأسباب تؤثر على صحة الأم ووليدها.
ورد في الآية الحادية والثلاثين من سورة الإسراء قولاً صريحًا من الله عز وجل بعدم قتل الأبناء خوفًا من المعيشة فقال سبحانه: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا).
الإملاق هو الفقر، وهذه الآية فيها فسر الإمام الحافظ البغوي أن قتل الأولاد خشية من الفقر هو أمر محظور في الإسلام، وأوضح البغوي أن القتل كان في الجاهلية، وقيل إن الإجهاض من القتل.
لم تكن هذه الآية الوحيدة هي التي تنهى عن إجهاض الجنين خشية الفقر، بل في سورة التوبة الآية الثامنة والعشرين فقال سبحانه: (إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
المقصود بالعيلة هو الفقر كما أورده الإمام محمد بن أبي بكر القرطبي في تفسيره للقرآن الكريم، ومن النصين القرآنيين جاء الحكم في الإجهاض خوفًا من الفقر أو التربية هو حرام، لعدم اليقين في تدبير الله لشئون خلقه.
آراء الفقهاء الأربعة في إجهاض الأسبوع الأول
الفقهاء الأربعة هم الإمام محمد بن إدريس الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، والإمام مالك بن أنس، والإمام أبو حنيفة النعمان، ومذاهبهم الأربعة ومدارسهم الفقهية هي المعمول بها في كل البلاد الإسلامية حتى يوم الناس هذا.
لذلك في سطور هذه الفقرة، سنعرض لكم الآراء الفقهية لجمهور علماء هذه المذاهب في مسألة إسقاط الجنين في الأيام الأولى من الحمل.
أجاز جمهور علماء المذاهب الحنفية والشافعية والحنابلة بجواز الإجهاض في الأيام الأولى من حمل، أي قبل أن ينفخ فيه الله عز وجل الروح ليصبح مخلوقًا حيًا، فما عدا ذلك فهو خلية نامية.
فرأي المذاهب الثلاثة السابقة جاء بناءً على قولين، الأول هو أن هذه الخلية جماد لم تدب الروح فيها بعد، والأمر الثاني أنها لم تنعقد بعد ويثبت الحمل، ولكن الإجهاض لا يكون دون سببًا طبيًا يؤثر على الأم أو الجنين من حيث استحالة عيش أحدٍ منهما.
أما علماء المالكية فلم يرد لهم قولٌ في حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول، لكن الثابت في موطأ الإمام مالك أن الإجهاض بصورة عامة حرام.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الإجهاض المنذر
ابن باز وابن جبرين وإجهاض المرأة في الأسبوع الأول
عرضنا لكم في السطور السابقة أقوال العلماء الأقدمين في مسألة إجهاض الجنين في الأسبوع الأول من الحمل، وبالتقدم في الأعوام يتقدم العلم، لذلك ففي هذه الفقرة سنعرض لكم رأيين في هذه المسألة من آراء كبار علماء العالم الإسلامي.
هما رأي الشيخ عبد العزيز بن باز، ورأي الشيخ عبد الله بن جبرين رحمهما الله.
قول الشيخ عبد العزيز بن باز
هو الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، المفتي الأسبق للمملكة العربية السعودية، ومدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، ذكر الشيخ رحمة الله عليه أن الأمر في إجهاض المرأة واسع في الأشهر الأولى.
فإن كان لحاجة مثل وجود أطفال صغار في عمر السنتين إلى الثلاث ولا تقوى على رعايتهم، ولا ضرر على الأم من الناحية الصحية في ذلك فالأمر جائز طالما لم يصل إلى مرحلة اكتمال الجنين.
قول الشيخ عبد الله بن جبرين
هو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد بن جبرين، عالم سعودي، وفقيه، ومحدث على المذهب الحنبلي، قال الشيخ إن الإجهاض يجوز في الأسبوع الأول من الحمل إن كان سيعود على الزوجة بالمشقة أو التعب.
كما أن إسقاط هذا الولد بدواء في الطور الأول من الحمل هو مباح، طالما لم يتم تخليقه، ونفخت الروح فيه بعد.
رأي العلماء المعاصرين في هذه المسألة
في هذه الفقرة سنعرض لكم من آراء كبار علماء العالم الإسلامي المعاصرين في حكم إسقاط الجنين في الأسبوع الأول، مثل الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي، والشيخ شمس الدين الجزائري، والشيخ مصطفى العدوي.
قول الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي
أحد الدعاة المصريين المعروفين في مجال الدعوة الإسلامية، فقد شغل منصب مسؤول الرقابة الشرعية في شبكة الألوكة، وقول الشيخ عند سؤاله عن حكم الدين في إجهاض جنين عمره عشرين يومًا، بسبب صغر سن الأبناء والظروف المعيشية الصعبة.
جاء رد الشيخ أن الأئمة في الإسلام قد اختلفوا في أمر الإجهاض في الشهور الأولى، فمنهم من قال إنه جائز لضرورة، ومنهم من قال إنه محرم مثل تحريم الجنين في عمر أربعة أشهر، والراجح من قول الشيخ في هذه المسألة وما يشابهها هو الجواز للضرورة القصوى.
قول الشيخ شمس الدين الجزائري
الشيخ شمس الدين بوروبي، داعية جزائري عرف عبر أحد البرامج التي تبث عبر فضائية النهار الجزائرية، وقال الشيخ في هذه المسألة، فلا يجوز أن يجهض إلا في حالة واحدة هو التسبب في قتل الأم، وما سوى ذلك فلا يجوز.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الكمون للإجهاض
قول الشيخ مصطفى العدوي
أجاب الشيخ مصطفى العدوي على هذا السؤال عبر برنامجه المذاع عبر فضائية الندى الإسلامية، أن اتفاق رأي الأطباء على الضرر المحقق الواقع على المرأة إثر هذا الحمل يجهض ولا حرج في ذلك.
إجهاض المرأة لطفلها بالمراحل المبكرة من الحمل من الأحكام التي يجب على الأم عدم إهمالها، فمهما كانت أسباب هذا الفعل يجب أن ترجع إلى حكم تطبيقه أولًا.