هل يجوز الصيام بدون نية وأهميتها لصحة العبادة
هل يجوز الصيام بدون نية يمكنكم التعرف على إجابة هذا السؤال وأكثر عبر منصة وميض، هذا من الأسئلة الكثيرة التي تدور في أذهان كثير من المسلمين عند إقدامهم على الصيام، سواء أكان صيام فريضة أو نافلة، ذلك أن النية شرط من شروط قبول العبادة في الإسلام، ويتساءل البعض أيضَا عن مدى صحة الصيام إذا لم يتلفظ المسلم بالنية قبل صيامه، كل ذلك سوف نتعرض له في هذا المقال.
أقرأ أيضاً : كم عدد الأنبياء والرسل عامة الذين ذكروا بالقران والذين لم يذكروا؟ وما أسمائهم؟
فضل النية وأهميتها لصحة العبادة
قبل أن نشرع في الإجابة عن السؤال الحائر : هل يجوز الصيام بدون نية نحب أن نتوقف قليلاً عند فضل النية وأهميتها ودورها في قبول الأعمال عند الله تعالى:
- النية هي القصد بالعبادة وجه الله تعالى، وتعتبر النية في الإسلام من القضايا الهامة والبارزة وهي الشرط الأول من شروط صحة العبادة وقبولها في الإسلام.
- وهي عصب الأعمال وجوهرها، فإذا كانت صحيحة صح ما بعدها من حركات وسكنات وأفعال وأقوال، وقد أكد النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك فقال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته لله ورسوله فهجرته لله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
- ومن أهم شروط النية الصحيحة أن تكون خالصة لله، لا من أجل مصلحة دنيوية، فإذا كانت العبادة مصحوبة بنية الرياء والسمعة والمفاخرة مثلاً فلا قبول لتلك النية، ولا قبول للعمل يقول الله تعالى: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراءون ويمنعون الماعون)، وعن الصيام يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش).
- ومن فضل النية الصالحة الصحيحة أنها تجعل الأعمال العادية الفطرية من مأكل ومشرب ونكاح طاعات وعبادات، إذا كانت النية في كافة تلك الأعمال لله تعالى والتقرب إليه.
أقسام النية
تعتبر النية أول شروط قبول العبادة ومنها بالطبع الصيام، ولما كانت معرفة أقسام النية له دور هام في الإجابة على سؤال: هل يجوز الصيام بدون نية كان لابد من إدراك أقسام النية، والنية في الإسلام على قسمين هما:
1-النية المفروضة
- وهي التي تعتبر شرطًا أساسيًا لصحة العبادة وقبولها، ولا تنفع العبادة ولا تصح إلا بها، وهذا النوع من النية لا يصح إهماله أو تركه، وهو نية الفرائض الأساسية كالوضوء والصلاة والصوم والحج والزكاة.
- وهذا النوع من النية يتحقق بمجرد الشروع في العبادة، فإذا تشمر الإنسان للوضوء من أجل الدخول في الصلاة فقد نوى الوضوء، ومن شرع في الصلاة بتكبيرة الإحرام فقد تحققت نية الصلاة، ومن عزم على أن يصبح صائمًا من طلوع الفجر حتى غروب الشمس فقد حقق نية الصيام، وهكذا في سائر العبادات الأخرى.
- والنية موطنها القلب، ولا يشترط التلفظ بها عند أغلب الفقهاء وهو الرأي الراجح، خلافًا لما ذهب إليه بعض الفقهاء من وجوب التلفظ بالنية، مع عدم الاكتفاء بالنية القلبية، ولكنه رأي مجافٍ لروح الإسلام التي تنفر من التشدد والتنطع، حيث يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فأوغلوا فيه برفق).
أقرأ أيضاً : تفسير حلم حشرات على جسمي وأراء العلماء المختلفة في رؤية الحشرا في المنام
2-النية المستحبة
- وهذا النوع من النية يكون من الشخص بغرض زيادة الفضل والثواب في العمل المباح العادي، كأن ينوي أن يكون طعامه وشرابه من أجل مواصلة القدرة على عبادة الله وطاعته، أو أن ينوي أن يجعل نفقته على زوجته وأبنائه لوجه الله تعالى، حيث يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت عليها حتى ما تجعله من الطعام والشراب في فم امرأتك).
- وهذا النوع من النية موطنه القلب أيضًا بدون شرط التلفظ بها، وهي نية تحول العمل المباح الفطري الذي يقوم به الشخص عادة من تلقاء نفسه إلى عبادة يؤجر عليه ويحصل له كثير من الثواب بسببها.
هل يجوز الصيام بدون نية؟
هناك خلاف بين الفقهاء قديمًا وحديثًا حول الإجابة عن سؤال: هل يجوز الصيام بدون نية وفيما يلي نستعرض تلك الآراء والراجح منها:
- مذهب أكثر الفقهاء من السلف والخلف قديمًا وحديثًا أنه لا يجوز الصيام ولا يصح ولا يقبل عند الله بدون نية، ومذهب الجمهور أيضًا أن النية محلها القلب سواء تلفظ العبد بها بلسانه أو لم يتلفظ بها، ويستوي في ذلك صيام الفرض وصيام النافلة والتطوع، وقد أورد ابن قدامة في كتابه “المغني” أن هذا إجماع الأمة.
- وقول ابن قدامة أن الصيام بدون نية غير صحيح وأن النية شرط لصحة الصيام في الفرض والنافلة هو إجماع الأمة، فهذا محل نظر، إذ ليس هناك إجماع على ذلك، نعم إنه مذهب أكثر أهل العلم من الفقهاء، ولكنه ليس إجماعًا؛ لأن الأحناف من تلامذة الإمام أبي حنيفة والإمام ذفر وغيره خالفوا مذهب الفقهاء في ذلك، وهو رأي له اعتباره ووجاهته؛ إذ لم يشترط هؤلاء أن يبيت المسلم النية من الليل من أجل الصيام وأنه يجوز تأخير انية حتى الصباح في الفريضة أو النافلة.
- أما الحنابلة والشافعية فقد فرقوا في ذلك بين الفريضة والنافلة، فالنية للفريضة وهي صيام رمضان فقد ساروا مع رأي الجمهور القائل بوجوب تبييت النية من الليل، ولا يجوز تأخيرها حتى الصباح، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) وأنه – صلى الله عليه وسلم – كان يقصد بذلك صيام الفريضة، أما إذا كان الصيام نافلة وتطوعًا فلا يشترط ذلك اعتمادًا على حديث النبي – صلى الله عليه وسلم -: (المتطوع أمير نفسه)، أي إن أصبح المتطوع ووجد لديه قدرة على الصيام صام وإلا أفطر.
أقرأ أيضاً : ما هو تعريف الزكاة لغةً واصطلاحًا والأدلة الشرعية لها
الرأي الراجح
- من المعروف أن دين الإسلام يسر لا عسر، وأن الله تعالى لا يريد أن يشق على الناس في عباداتهم وتقربهم إليه، وأن يريد أن يخفف عنهم كما قال – تبارك وتعالى – “يريد الله أن يخفف عنكم” وكما قال أيضًا: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”، لذلك يمكن أن نستشف من الأقوال السابقة ثلاثة أمور للإجابة على سؤال هل يجوز الصيام بدون نية:
1-الأمر الأول
أن النية واجبة في الصيام وأنه شرط من شروط صحته لا ينكر أحد ذلك لما هو ثابت بالنصوص الصحيحة، وأن على الإنسان أن يبيت النية من الليل قبل الفجر بأنه سيصبح صائمًا، ولاسيما صيام فريضة نهار رمضان.
2-الأمر الثاني
فإن علم الإنسان وجوبية النية وكان مستيقظًا منتبهًا لضرورة النية ثم كابر وجادل وعاند أو جحد في ذلك وتذكر ولم ينو حتى بقلبه فصيامه محل شك من ناحية الصحة، والله تعالى يعامله بما في قلبه.
3-الأمر الثالث
إذا نسي الإنسان أن ينوي، أو نام ولم يستيقظ إلى بعد الفجر ففاتته النية قبل الفجر، أو حدث له عذر أو مانع من النية فهذا من باب الحرج الذي رفعه الله تعالى عن المسلمين عندما قل : “ليس عليكم في الدين من حرج”، يجدد نيته ويكمل صيامه ولا حرج عليه.
أقرأ أيضاً : تفسير حلم زواج الزوج على زوجته الحامل في المنام لابن سيرين
وهكذا نكون قد حاولنا الإجابة عن السؤال الحائر الذي بات يشغل بال الكثيرين وهو هل يجوز الصيام بدون نية و أوضحنا الأقوال المختلفة في ذلك مع بيان الرأي الراجح والله تعالى أعلم.