أين تذهب الروح عند النوم
أين تذهب الروح عند النوم يخطر هذا السؤال على ذهن الكثيرين مُنذ الصغر وحتى النضوج، ودائمًا ما يبحثون عن إجابة شافية له، لكن كيف يُمكن ذلك والروح هي في الأصل من الغيبيات التي يختص الله وحده بالعلم عن كل شيء يخصها، لذا فإن أي شيء سوف يذكر في هذا الصدد فهو تخمين، أو اجتهاد في تفسير بعض الظواهر أو الأقوال لإشباع غريزة الفضول لدى الإنسان وليس أكيدًا كل ذلك نعرفه عبر موقع وميض.
أين تذهب الروح عند النوم
بدايةً للتعرف على الروح من خلال القرآن الكريم الذي أنزل فيه الله – عز وجل – إجابات عديدة لكثيرِ من الأسئلة بما فيها ماهية الروح، حيث يقول تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً}.
من الآية الكريمة نستطيع أن نُدرك بسهولة أن مقدار علم البشر عن الروح قليل جدًا مقارنةً بالله – عز وجل -.
فلن نستطيع معرفة حقيقتها ولا كيف تتصل بالجسم، أو حتى تنفصل عنه، لكن من خلال التفسيرات الشرعية نستطيع أن نعرف أنها تُغادر الجسد عند النوم، وتنفصل عنه جزئيًا بحيث تكون قريبة منه.
يستطيع الجسم التنفس والحركة، لكنه يغوص في عالم من الأحلام، وقيل على لسان بعض العلماء، مثل عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه – حين قال (الأرواح تعرج في منامها إلى السماء فتؤمر بالسجود عند العرش فمن كان طاهرًا سجد عند العرش ومن ليس بطاهر سجد بعيدًا عن العرش).
بذلك نستطيع أن نُفسر أن الروح المؤمنة تمر على السماء وصولًا إلى عرش الرحمن، حتى تسجد أمام العرش، لهذا كان النوم على وضوء من السُنن المُحبب اتباعها.
بينما تتجول روح الشخص العاصي أو الكافر مع الشياطين في الأرض، ثم تعود مرة أخرى إلى الجسد عند الاستيقاظ.
يوضح لنا الله – عز وجل – من خلال الآية الكريمة أن الروح تخرج من الجسد أثناء النوم، فيقول {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
تفسير الآية الكريمة يُستدل منه على أن الله عز وجل قادرًا على أن يقبض الروح في الحالتين أما في الميتة الكبرى وهي الموت ويحدث عند انقضاء أجل الإنسان.
أما الميتة الصغرى فتحدث عند خروج الروح من الجسد بشكل جزئي حيث أنها لا تنقطع كليًا عن الجسد عند النوم، لكنها تعود له بشكل كامل عند الاستيقاظ مرة أخرى.
اقرأ أيضًا: طرق تساعد على النوم بسرعة
هل الموت يشبه النوم
أين تذهب الروح عند النوم هو أمر يختلف عليه الكثير سواء كانوا علماء نفس، أو رجال دين من مختلف الأديان ويتساءل الكثيرون هل الموت يشبه النوم.
من خلال الأخذ بما ورد في الدين الحنيف دين الإسلام فإن خروج الروح أثناء النوم يُشبه قليلًا الموت، لذلك سُمي بالميتة الصغرى، لأن الروح تخرج من الجسد بشكل جزئي، فيقول الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى}.
كذلك يمكن أن نستدل من خلال الحديث الشريف الذي نُقل عن أبي هريرة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – حين قال “إذا أوى أحَدُكُمْ إلى فِراشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِراشَهُ بداخِلَةِ إزارِهِ، فإنَّه لا يَدْرِي ما خَلَفَهُ عليه، ثُمَّ يقولُ: باسْمِكَ رَبِّ وضَعْتُ جَنْبِي وبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وإنْ أرْسَلْتَها فاحْفَظْها بما تَحْفَظُ به عِبادَكَ الصَّالِحِينَ”
إن الروح يُمكن أن تنفصل عن الجسد بطريقة جزئية، لكنها تظل متصلة به بطريقة ما، وتذهب إلى حيث يريد لها الله تعالى أن تذهب.
يقول الله – عز وجل – أيضًا أن الشهداء حتى وإن فُنيت أجسادهم فهم أحياء عند ربهم يرزقون، وبذلك فيكون جل الأمر راجع إلى الله – عز وجل -، ويقول أيضًا ابن مسعود أن أرواح الشهداء قد سُئل عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فقال (أرواحهم في جوف طير خضر تسرح في الجنة أينما شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل).
كذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – أن أرواحهم تصعد إلى السماوات العلى.
اقرأ أيضًا: علاج الخوف من الموت وما الأسباب المؤدية لذلك
الفرق بين الموت والنوم
توجد الكثير من الاختلافات بين أين تذهب الروح عند النوم وعند الموت، ومنها ما يلي:
- الموت يعني خروج الروح بشكل نهائي وكلي من الجسد وبالتالي تتوقف كل أجهزة الجسم عن العمل.
- النوم يعني خروج الروح من الجسد لفترة مؤقتة، وقيل أن الله يُخرجها ويردها عند الاستيقاظ، وخروج الروح عند النوم لا يُعرض أجهزة الجسم إلى التوقف، بل فقط يتسبب في فقدان الوعي والمعرفة.
- يُمكن أن نستدل على ذلك من الآية الكريمة في سورة الأنعام “وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.
- كذلك الآية الـ 55 في سورة آل عمران التي تقول “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ”.
- يُعرف الموت بالميتة الكبرى، بينما يعرف النوم بالميتة الصغرى.
- قيل في كتب التراث على لسان ابن كثير أن “الأرواح تُقبض في حالتين عند الموت، تُقبض أرواح الأحياء عند النوم، وذلك لأن المعرفة والإدراك هم أهم مظاهر الحياة”.
- قال القرطبي أيضًا إن “ما يجمع بين الموت والنوم هو انقطاع الاتصال بين الروح والجسد”، لذلك كان يقول على الموت إنه “أخو النوم، والنوم قرين الموت”.
- كان أيضًا في بعض الأحيان يطلق على النوم الموت كتعبير مجازي بسبب شدة التشابه بينهما.
اقرأ أيضًا: أسرار سورة البقرة الروحانية
معنى الروح
الروح هي النفس الإلهية التي يمُن الله بها على عباده أجمعين، من أول مرحلة تكوين النطفة، حتى تكون الأجنة، حتى الموت عن طريق قبض هذه الروح بأمر من الله عز وجل، كذلك تختلف روح الإنسان عن روح الحيوان وذلك بسبب جزء الوعي والإدراك الذي يتميز به الإنسان عن بقية المخلوقات.
الروح مُرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالإنسان حين يكون جنينًا، لكن مُنذ لحظة الولادة تنفصل عنه انفصالًا جزئيًا، وتتميز الروح بقدرتها السريعة على الحركة، والتي يكون الجسد أقل حركة منها، ويوجد من الروح عدة أنواع منها الروح القُدس، وروح الإيمان، وروح البدن، وروح الشهوة، روح القوة.
أين تذهب الروح عند النوم أمر يصعب الاتفاق عليه من قبل جميع الأديان والمعتقدات، لذلك فهو يُعد من الغيبيات في ديننا الحنيف، وبشكل عام فإن السعي الدائم لمعرفة مثل هذه الأشياء بخلاف دافع الفضول لن يزيد لنا شيئًا وعدم داريتنا الكاملة بها لن يُنقصنا شيئًا أيضًا.