آيات قرآنية عن اتهام الناس بالباطل
آيات قرآنية عن اتهام الناس بالباطل تحث الناس على الابتعاد عن هذا الفعل المشين الذي يعد جزاؤه شديد في الدنيا والآخرة، فالتكلم في أعراض الخلق التي تخص أخلاقهم وأموالهم وأسرهم ليست من سمات الإسلام التي توجد في كتاب الله وسنة رسولنا الكريم، وسنتطرق في الحديث عن هذا الموضوع بالتفصيل بمنصة وميض.
آيات قرآنية عن اتهام الناس بالباطل
كل الأنفس ليست معصومة من الخطأ لأن الإنسان ولد ليخطئ ويتعلم من كل ما يمر عليه في الحياة ويتوب عن الذنوب التي يفعلها في كل حين، وهناك أمور عديدة أوصانا الله بعدم التقرب منها لأنها تفسد النفس وتؤذي الغير ومنها اتهام الناس بالباطل على الأخص الضعيف الذي لا يعرف كيف يدافع عن نفسه.
ولقد ذكر الله في كتابه هذا فقال تعالى:
{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15].
قد يحسب الفرد أن أفعال بسيطة هي هينة لكنها عند الله عظيمة ويمكن أن تدخل النار إذا لم ينل رحمة الله، فالتسرع في اتهام الغير دون وجود سبب واضح وشرعي ينشأ العداوة والهجر وانقطاع صلة الأرحام.
فلا يمكن نقل كلام عن ألسنة الآخرين عن شخص ما سواء كان قريب أو بعيد دون علم كافٍ بمدى صحته أو خطأه حتى لو كان صحيحًا، فإن نقل أخبار الغير بسبب الفضول تعد من النميمة التي نهانا الله عنها أيضًا.
ونشير إلى أن اتهام الغير بالباطل يمكن أن يكون نتيجة الحسد أو الغل الذي إذا سيطر على المسلم يجعله في حاجة دائمة إلى تشويه صورة الغير ليكون هو الأفضل، لكن عندما يظهر الله الحق يكون هو أشر الناس.
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينً} [الأحزاب: 58].
وهنا إشارة واضحة لنا أن التكلم بالاتهامات الباطلة التي تصدر بقصد أو دون قصد تسبب إيذاء الغير، فالضرر لا يتوقف فقط على الأفعال العنيفة التي تتمثل في القوة البدنية بل في القول الذي يمكن أن يدمر حياة الغير.
وفي هذا الفعل إثم مبين لا يمكن للإنسان أن يتحمله في يوم الحساب الذي يظهر فيه ما يدَون في كتاب المسلم فأما أن يخذه بيمينه أو بشماله لذلك على الإنسان أن يكون حذر فيما يفعله كل يوم وأن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسب.
اقرأ أيضًا: اتهام شخص بتهمة لم يرتكبها
نهي الرسول عن اتهام الناس بالباطل
ما زلنا في إطار موضوعنا آيات قرآنية عن اتهام الناس بالباطل، ومن المعروف أن مصادر المسلم الأولية التي يتبعها في حياته حتى يعرف ما يصح في دينه هو كتاب الله أولًا ثم ما نص عليه رسول الله في أقواله وما فعله في حياته بكل التفاصيل الموثوقة التي تخلو من البدع والتحريفات التي يصدرها البعض.
والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قد أوصانا بعدم اتهام الغير في الحديث الشريف، فعن أبي بكرة نفيع بن الحارث أن النبي قال:
” قالَ: فإنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، ألَا هلْ بَلَّغْتُ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ” [صحيح البخاري].
وهذا عما جاء من ضمن ما قاله سيدنا محمد في حجة الوداع وفيها ذكر الأوامر والنواهي وجميع التوصيات التي يجب أن تظل عليها أمته حتى يعيشوا في صلاح حال ويكتسبوا رضا الله والجنة والفلاح في كل عمل.
ومن ضمن ما حرمه هو التكلم على الغير بالسوء وفي أعراض الغير مثل اتهامه في شرفه أو في سمعته أو في أي أمر بالباطل، فالناس جميعها سوف تقف بين أيدي الله وسوف تسأل عما فعلته في الدنيا ولا يظلم الله أحدًا.
كما نهى عن الكذب فيما يخص الغير وقول عليهم ما ليس فيهم لأن هذه من الذنوب العظيمة التي يفعلها الإنسان، فعن أبي ذر الغفاري أنه سمع رسول الله يقول:
” ليسَ مِن رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أبِيهِ وهو يَعْلَمُهُ إلَّا كَفَرَ، ومَنِ ادَّعَى ما ليْسَ له فليسَ مِنَّا، ولْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، ومَن دَعا رَجُلًا بالكُفْرِ، أوْ قالَ: عَدُوُّ اللهِ وليسَ كَذلكَ إلَّا حارَ عليه” [صحيح].
وهذا الحديث بجانب ذكره لموضوع هام مثل تجنب الانتساب لأب غير أبيه الحقيقي أشار إلى عدم اتهام الغير بالباطل والكفر في الحياة ولا يقول في الناس ما ليس فيهم ومن يفعل ما ذكر يتبوأ مقعده في النار أي يكون مكانه في جهنم وهذا هو الجزاء المنتظر له إلا من استغفر وتاب لله توبة نصوحة.
كما نهى الله في كتابه العزيز عن الكذب بشكل عام في حياته وبشكل خاص في الافتراء على غيره بالكذب والاتهام دون صحة من ذلك فقال الله:
{إنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل: 105].
والآية تنص على الإيمان بما جاء به الإسلام في الفعل والقول فالله يعلم ما يظهره الفرد وما يخفيه.
من يتهمك بما ليس فيك
في مقالنا آيات قرآنية عن اتهام الناس بالباطل نذكر أن هناك بعض الأشخاص تتربص دائمًا لغيرها وتريد أن تحلل أفكارهم وتحكم على ما في نواياهم دون أن تفهم ما هو سبب فعلهم لهذا وما هي الخفايا التي لا يعلمها أحد غير الفرد نفسه والله ـ عز وجل ـ، ومن ثم يذكرون أقاويل تكون غير لائقة بالمرة تسبب مشكلات لا تنتهي.
ولا يعلمون أنه ما دام الشخص لم يصرح بالقول فلا يجب التكلم عليهم بالباطل، ولا يتوقف الأمر معهم على هذا بل هناك من يدخلون في الأعراض وهذا شيء نهى عنه الله فقال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23].
وهنا تذكر واضح أن اتهام السيدات في أعراضها لهم عذاب في الدنيا والآخرة فلا يصح أن يتهم أحد المؤمنات أنها تفعل الفاحشة دون وجود دليل واضح وحتى إذا ثبت فلا يمكن أن يفضح الفرد أخيه لأن من ستر مسلمًا ستره الله.
كما قال الله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12].
وفي هذه الآية الكريمة نهى الله عن الظن السيئ واتهام المقربين وغيرهم بكل ما لا يصح لأن في هذا أثم كبير، كما حرم التجسس على الغير والغيبة والنميمة فالمؤمن حرمة يجب أن تُحترم، وعدم الحفاظ على هذا يؤدي إلى كثير من الأخلاق السيئة فالتوبة واتقاء الله هي الحل حتى يحل الرضا على العبد.
اقرأ أيضًا: اقوال الرسول عن الظلم
ضوابط الحكم على الناس
من خلال حديثنا عن آيات قرآنية عن اتهام الناس بالباطل نشير إلى أن هناك ضوابط معينة في الحكم على الناس، وهي تتمثل في النقاط التالية:
- لا يمكن لأحد أن يحكم على غيره إلا إذا كان على مقدار علم وخبرة في الحياة تؤهله لفعل هذا بالطريقة الصحيحة.
- لا يجب أن يتهم الفرد غيره دون أن يتكلم معه أولًا وحدهما فيما شاهده أو وصل إليه من أشخاص آخرين.
- قيل اتهام الغير يجب التعرف على جميع جوانب حياتهم الشخصية لأنه يمكن ألا يرى شيء معين غائب عنه.
- تذكرة النفس بأن اتهام الغير بالباطل هي إثم سوف يتحمله وأنه سيقع في خطايا أخرى بعدها.
- محاولة إصلاح الشخصية التي يمكن أن تتسم بالغيرة لذلك يجب أن يسأل الفرد ذاته أولًا قبل الحكم على غيره سؤال مهم للغاية ألا وهو (هل أنا أحمل في قلبي ضغينة نحوه؟).
- أن يكون في نية الشخص الذي يوجد عنده اتهام لأحد النصح إلى الخير لا التشهير به وسط الخلق.
- عدم التسرع في الكلام لذلك يجب التأني في معرفة الحقائق دون التطرق إلى التجسس.
- الحرص في القول والعمل بوقت الحكم على الغير لأنه يمكن أن يقال ما يسر الشخص ولا أحبته.
- الحرص على معرفة كل ما ذكر من آيات قرآنية عن اتهام الناس بالباطل والتطرق إلى حفظها وفعل ما نصح الرسول به.
- عدم الحكم على نوايا الخلق لأن الله هو وحده ما يعلم ما في الأنفس.
اقرأ أيضًا: آيات عن سوء الظن بالناس
آيات متنوعة عن اتهام الناس
نشير في موضوعنا آيات قرآنية عن اتهام الناس بالباطل إلى بعض الآيات الأخرى القصيرة التي تتحدث عن هذا وإثمه، وهي تتمثل في التالي:
- {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور:16].
- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69}.
- {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم: 42].
- {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 58].
الحكم واتهام الغير بالباطل من أسوأ الأشياء التي يمكن أن يفعلها الإنسان في أخيه، فنحن جئنا الدنيا حتى نعمر الأرض ونعبد الله، واتهام الغير يمكن أن يؤدي إلى مصائب لا تعد لأن بعض هذه الخلافات تتطور إلى جرائم لا يمكن السيطرة عليها في الدنيا.