هل يرتاح الظالم في حياته
هل يرتاح الظالم في حياته؟ وما جزائُه في الدنيا والآخرة؟ يُمكن أن يقوم الشخص بظلم آخر ويقوم بسلب حقوقُه دون أن يدري أن ما فعلهُ من الكبائر وإثمها عظيم عند المولى عز وجل، حيث أكد الدين الإسلامي الحنيف على البُعد عن اقتراف المظالم وإعطاء لكل ذي حق حقه، لذا من خلال منصة وميض يمكن بيان شعور من يقوم بالظلم وما مصيره.
هل يرتاح الظالم في حياته؟
الظلم هو نقل الشيء في غير محلِه، فإذا تم نقل الشيء بالزيادة والنقصان، فبذلك يتم التعدي على الحق بالباطل، وللظلم العديد من الأنواع تتمثل في ظلم الإنسان لنفسه وذلك بما يقوم بفعله من ذنوب وشرك بالله، وظلم العبد لغيرُه وهذا بسلب حقوقهم، والاعتداء على أعراضهم.
أوضح النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- أن نوعين الظلم يجازي الله عليهم، فلا يتهاون في أيًا منهم، حيث قال:
“الظلمُ ثلاثةٌ؛ فظُلمٌ لا يغفرُهُ اللهُ، وظلمٌ يغفرُهُ، وظلمٌ لا يتركُهُ، فأمّا الظلمُ الذي لا يغفرُهُ اللهُ فالشِّركُ، قال اللهُ: إِنَّ الْشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، وأمّا الظلمُ الذي يغفرُهُ اللَّهُ فَظُلْمُ العبادِ أنفسهمْ فيما بينهُمْ وبينَ ربِّهمْ، وأمّا الظلمُ الّذي لا يتركُهُ اللهُ فظُلمُ العبادِ بعضهمْ بعضاً حتى يَدِينَ لبعضِهِمْ من بعضٍ”.
فقد نهت كافة الأديان السماوية عن الظلم، فهو تجاوز للحد، فأسس ممارسة للظلم سوف تؤدي إلى البؤس والشقاء في الحياة، وأكد العديد من الشيوخ أن الظلم للنفس هو من أعلى درجات الشرك، لكن هل يرتاح الظالم في حياته؟
يكون الظالم في حالة من البؤس والشقاء في حياته بالإضافة إلى عقاب الآخرة، فلا يرتاح أبدًا وقد يصل الأمر إلى تدمير حياتُه وحياة أُسرته، فهو لا ينعم بالراحة ولا الهدوء في حياته، لذلك يجب عليه التوبة النصوحة، والرجوع إلى الله.
فقبل أن يحرم الله الظلم على عبادِه حرمه على نفسه، وجاء ذلك في قوله سبحان وتعالى:
“يا عبادي، إنّي حَرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم مُحرَّماً، فلا تظالموا”، فالظلم هو مجاوزة حدود الشرع، مما يدفع صاحبه إلى الهلاك.
اقرأ أيضًا: كلام عن الظلم في الحياة
جزاء الظالم في الدنيا والآخرة
من ضمن الحديث عن إجابة سؤال هل يرتاح الظالم في حياته؟ يُمكن التأكد أن مصيره لا يقتصر على عدم الراحة، فالله لا يغفل عما يفعله الظالم، فلا يُمكن أن يُكمل الظالم في ظلمه دون عقاب ولا حساب، لذا جعل الله -سبحانه وتعالى- العواقب وخيمة لكل من يعتدي، وذلك يكون لسوء فعله، فمن الأمثلة على العقاب كالتالي:
- من المؤكد أن يتعرض الظالم إلى الهلاك، فتكون حياته مليئة بالمحن والصعاب، وذلك بسبب ظلمه، فيتم هلاك كل سور الظلم سواء كانت في أفراد أو جماعات.
- يتم الدعاء على الظالم من قِبل المظلوم، فهو يقذف بالعديد من الدعوات ويحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك حين قال: “اتقِ دعوةَ المظلومِ، فإنها ليس بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ”، وتعهد الله لتلك الدعوات في قوله سبحانه وتعالى: “وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّك ولو بعد حينٍ”، لذلك تصيبه الدعوات.
- إن الظالم يعرض نفسه للعقاب في الدنيا والآخرة، فالله يرى ويسمع كل ما يقوم به العباد، وتوعد الله للظالمين في قولِه: “وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ*سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ*لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ”.
- يقتص الله الحقوق من الظالمين، فلا يغفل عما قام به الظالمين، وأشار لذلك في قوله تعالى: “لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ*الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ”.
- فالظالم بهذه الظلم يحرم نفسه من رحمة الله تعالى، وهدايته وذلك في قول الله سبحانه وتعالى: “يومَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ”، بالإضافة إلى أنه لا ينال الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم.
- اعتبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الظالم كالمفلس يوم القيامة، وذلك لأنه يخسر كل الحسنات التي حصل عليها في الحياة الدنيا، ففي الآخرة تؤخذ كل الحسنات منه وتعطي لمن ظلمهم، فإن انتهت حسناته ولا يظل عليه حقوق تؤخذ من سيئاتهم وتضاف إلى سيئاته.
اقرأ أيضًا: دعاء علي الظالم الحاقد
أشكال الظلم
الظلم من الأشياء المحرمة في الكتاب والسنة، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من الظلم في الورد اليومي وأمر المسلمين بأن يبتعدوا عن الظلم ويستعيذوا منه كلما خرجوا من منازلهم، وهذا يعتبر إشارة كبيرة بخطورة الظلم بكل صوره وأشكاله، وهي كالتالي:
- اعتداء صاحب العمل على الموظفين، فيحدث ذلك بأخذ حقوقهم أو فصلهم دون سبب، بالإضافة إلى التأخر في منحهم مستحقاتهم.
- الحلفان بالكذب، وذلك لأخذ حقوق لا تحل للظالم، وجاء ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن اقتَطعَ أرضًا ظالمًا لَقيَ اللَّهَ وَهوَ علَيهِ غضبانُ”.
- أخذ مال الآخرين بغير حق، والإساءة إليهم بالتطاول.
- ظُلم الصغار بالانشغال عنهم وعدم الاهتمام بهم، فيجب تنميتهم بشكل يساعدهم في المستقبل.
- الظلم في التجارة، حيث يقوم البائع بإنقاص من كمية السلعة التي يريدها المشتري وأخذ حقة كاملًا، فذلك من صور الظلم في الكيل والميزان.
- ظلم الإنسان لنفسه في الدين.
- الكفر بالله فهو من الكبائر فذلك يعتبر من أنواع الظلم الإنسان لنفسه، فهو بذلك يحصل على العقاب الشديد في الآخرة، فإن مات العبد على الشرك بالله مصيره النار وذلك ما أكد عليه صلى الله عليه وسلم: “ من ماتَ لا يشرِكُ باللَّهِ شيئاً دخلَ الجنَّةَ، ومن ماتَ يشركُ باللَّهِ شيئاً دخلَ النَّار”.
- الظلم بعدم اِتباع الفروض التي حددها الله لنا، فمن ستمر في تلك المعصية ولم يهتم بذلك كان ظالمًا لنفسه، وجاء ذلك حين قال الله تعالى: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً”.
- أكل مال اليتيم من أكبر أشكال الظلم للغير، وقد حذرنا الله من ذلك في قوله تعالى: “ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن” [الإسراء: 34]، وقال: “ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً” [النساء: 2].
اقرأ أيضًا: أسرع دعاء مستجاب على الظالم
يجب أن يبتعد المسلم عن الظلم بكل أشكاله، لأنه يقلل من كفة الحسنات يوم القيامة ويزيد كفة السيئات، بالإضافة إلى أنه سبب في عذاب الدنيا.