هل يوجد صلاة في حياة البرزخ
هل يوجد صلاة في حياة البرزخ؟ وما هي الأشياء التي يمكن فعلها هناك؟ يعد البرزخ من الأمور التي تدور حولها الكثير من الأسئلة، وهو الفترة التي بين موت الإنسان ويوم القيامة، فيها تنعم روح المؤمن في الجنة، ويتساءل ما إن كان هناك صلاة في هذه الحياة، وهل يتعبد الإنسان فيها أم لا؟ وما هو شكل النعيم الذي يعيشه؟ كل تلك الأسئلة سنستفيض في إجابتها من خلال منصة وميض.
هل يوجد صلاة في حياة البرزخ؟
البرزخ هي كلمة تشير إلى عالم لا يمكننا كأحياء أن نراه أو نتفحصه، والسبب هو أن من يذهب إليه هم الأموات فقط، حيث يعيش فيه المؤمن منعمًا بروحه حتى يوم القيامة، والعكس تمامًا بالنسبة للكافر، ولكن هل يوجد صلاة في حياة البرزخ؟ هل يمكن للمؤمن أن يتعبد هناك؟
إن جميع الأمور التي نعلمها عن هذا العالم أخبرنا عنها الكتاب والسنة، وما لم يرد فيهما فلا يمكننا أن نجزم بأنه يحدث، فالإنسان يكون موجودًا في هذه الحياة بروحه، وتعود الروح إلى الجسد في أوقات قليلة مثل الوقت الذي يسأله فيه الملكين مثلُا، فيما عدا ذلك فروح الإنسان هي التي تعيش في البرزخ وتنعم، وينال الجسد بعض النعيم أيضًا.
كيف يعيش الإنسان في البرزخ؟
هل يوجد صلاة في حياة البرزخ؟ وكيف يعيش الإنسان هناك؟ إن الليلة الأولى تسمى بفتنة القبر، وسميت بهذا لأن الملكين يأتون للإنسان لسؤاله عمن ربك وما دينك ومن نبيك؟ وقد ورد ذكر هذا الحدث في السنة النبوية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)
أما عن غير المؤمن والموحد بالله فإنه لا يتمكن من الإجابة على هذه الأسئلة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم:
(وإن كانَ منافقًا قالَ سمعتُ النَّاسَ يقولونَ فقلتُ مثلَهُ لا أدري فيقولانِ قد كنَّا نعلمُ أنَّكَ تقولُ ذلِكَ فيقالُ للأرضِ التئِمي عليْهِ فتَلتَئمُ عليْهِ فتختلفُ أضلاعُهُ فلا يزالُ فيها معذَّبًا حتَّى يبعثَهُ اللَّهُ من مَضجعِهِ ذلِكَ )
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا فيما ورد عن أنس بن مالك قال:
(إنّ العبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِه، وتولى عنه أصحابَه، وإنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم، أتاه ملكانِ، فَيُقعَدانِه فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ، لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فأما المؤمنُ فيقولُ: أشهدُ أنه عبدُ اللهِ ورسولُه، فَيُقالُ له: انظرْ إلى مقعدِكَ من النارِ، قد أبدلك اللهُ به مقعدًا من الجنةِ، فيراهما جميعًا. قال قَتادَةُ وذكر لنا: أنه يُفْسحُ في قبرِه، ثم رجع إلى حديثِ أنسٍ، قال: وأما المنافقُ والكافرُ فَيُقالُ له: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقولُ: لا أدري، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ، فَيُقالُ: لا دَريتَ ولا تَليتَ، ويُضْرَبُ بِمَطارِقَ من حديدٍ ضربةً، فيصيحُ صيحةً، يَسمعُها من يليِه غيرَ الثقلين)
اقرأ أيضًا: هل حياة البرزخ أفضل من الدنيا
أينعم ويعذب الإنسان في البرزخ بجسده أم روحه؟
يرى أغلب علماء السنة أن الإنسان في حياة البرزخ ينعم بجسده وروحه وليس بروحه فقط، فالإنسان الذي يلقى العذاب يتعذب بجسده، إذا من البديهي أن ينعم المؤمن بجسده أيضًا، لكن الإمام الغزالي يرى أن العذاب أو النعيم هو شعور داخلي للإنسان مثل الحلم، حيث لا يتأثر جسده مطلقًا بها.
أما الإمام النووي فيرى العكس من هذا تمامًا حيث قال إن الإنسان في حياة البرزخ يشعر بالنعيم أو بالعذاب بجسده دون الروح، وشبه هذا مثال الإنسان الذي يتعرض لحادث فيفقد أحد أطرافه التي يصبح لا يشعر بها.
اقرأ أيضًا: هل الميت يحس عند الغسل
هل يتقابل الموتى في حياة البرزخ؟
لا يمكننا أن نجزم بأي تفصيله من تفاصيل ما يعيشه الإنسان بعد الموت إلا عندما يكون هناك دليل من الكتاب أو السنة، لذا فقد ورد حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(إنَّ المؤمنَ إذا قُبِضَ أتتْه ملائكةُ الرحمةِ بحريرةٍ بيضاءَ، فيقولون اخرُجي إلى رَوْحِ اللهِ، فتخرج كأطيبِ ريحِ المسكِ حتى إنه ليناولَه بعضُهم بعضًا، فيشمّونه، حتى يأتون به بابَ السماءِ، فيقولون: ما هذه الريحُ الطَّيِبةُ التي جاءت من الأرض؟ ولا يأتون سماءً إلا قالوا مثلَ ذلك، حتى يأتون به أرواحَ المؤمنين، فلَهُم أشدُّ فرحًا من أهل الغائبِ بغائبِهم، فيقولون: ما فعل فلان، فيقولون: دَعوه حتى يستريحَ، فإنه كان في غمِّ الدنيا فيقول: قد مات، أما أتاكم؟ فيقولون: ذُهِبَ به إلى أمِّه الهاويةِ. وأما الكافرُ، فتأتيه ملائكةُ العذابِ بمِسحٍ، فيقولون: اخرُجي إلى غضبِ اللهِ، فتخرج كأنتنِ ريحِ جيفةٍ، فيُذْهَبَ به إلى بابِ الأرضِ)
اقرأ أيضًا:ما هي لغة أهل الجنة
هل ينقطع عمل الإنسان عندما يدخل للبرزخ؟
عادةً ما يسأل الكثير من الأشخاص هل يوجد صلاة في حياة البرزخ؟ رغبة منهم في استمرار العبادة لله سبحانه وتعالى، لكن لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يمكنه إثبات هذا، ولكن حقيقة الأمر أنه على الرغم من عدم إثبات وجود الصلاة إلا أن العمل لا ينقطع، فكيف هذا؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته قبل موته علماً علمه، ونشره، وولداً صالحاً يدعو له ومصحفاً ورثه ومسجداً بناه وبيتاً لابن السبيل بناه ونهراً أجراه وصدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته).
وهذا يعني أن الإنسان إذا فعل خيرًا فإنه يظل يأخذ عليه حسنات حتى بعد مماته مادام هذا العمل مستمر، وإذا ترك مصحفًا فإنه يكون له ثواب من كل من يقرأ منه، وكل عمل عمله نفع به الناس يجزى عليه وهو في قبره.
إضافة إلى العلم النافع، فعن كل إنسان ينهل من هذا العلم يأخذ صاحبه الثواب، ولا يجب أن ننسى أن الإنسان إن ترك خلفه أبنًا بارًا دعا له أو تصدق عنه أو قرأ القرآن على روحه أو حج عنه فإن ثواب هذه الأعمال كلها يصل للميت بإذن الله.
في حقيقة الأمر أنه لم يثبت إمكانية الصلاة في البرزخ، لكن عمل الإنسان لا ينقطع في حال ترك خلفه سيرة عطرة مليئة بطيب الأعمال.